كيف التوفيق بين حديث : ( تداوَوْا عباد الله ؛ فإن الله قد أنزل لكل داءٍ دواءً ) ، وحديث : ( الذين لا يرقون ، ولا يسترقون ، وعلى ربِّهم يتوكلون ) ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
عيد عباسي : سؤال آخر - أيضًا - فيه عن التوفيق حديث : تداوَوْا عباد الله ؛ فإن الله قد أنزل لكل داءٍ دواءً ، وحديث آخر : الذين لا يرقون ، ولا يسترقون ، وعلى ربِّهم يتوكلون .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
عيد عباسي : كيف نفهم الحديثين والتوفيق بينهما ؟ أفيدونا .
التوفيق بين الحديثين وكيف نفهمهما ؟
الشيخ : الحديث الأول حديث معروف لدى جميع الإخوان ، تداوَوْا عباد الله ؛ فإن الله لم يُنزِلْ داءً إلا وأنزل له دواءً ، وفي بعض الأحاديث الصحيحة الأخرى : عَلِمَه مَن عَلِمَه هذا الدواء الذي أنزله عَلِمَه مَن عَلِمَه ، وجَهِلَه مَن جَهِلَه ، ففي هذا الحديث حضُّ للمسلمين أن يتداووا من أمراضهم التي تصيبهم أو قد تصيبهم ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، لكن يبدو أن البعض قد توهَّم أن هذا الحديث وما في معناه معارض لحديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - الصحيح - أيضًا - الذي فيه يقول : يدخل الجنة من أمَّتي سبعون ألفًا بغير حساب يوم القيامة ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، تحدَّث الرسول - عليه السلام - بهذا الحديث في مسجده ، ثم رجع إلى بيته ، فأخذ أصحابه يتداولون التحزير ويحاولون معرفة مَن يكون هؤلاء السبعون ألف الذين يدخلون الجنة " ترانزيت " بدون حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر ، فبعضهم يقول : مَن يكون هؤلاء غير نحن - معشر المهاجرين - الذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في ساعات عسرة ؟ وطائفة تقول : مَن هؤلاء إلا الأنصار الذين نصروه ؟ وآخرون يقولون : لا هؤلاء ولا هؤلاء ، وإنما هم أولادنا الذين يأتون من بعدنا ولم يروا نبيَّنا - عليه الصلاة والسلام - ثم هم يؤمنون به ويصدِّقونه ، كل هذا تظنُّن ، ثم سرعان ما خرج الرسول عليهم ليتمَّ لهم الحديث حيث قال : هم الذين لا يسترقون ، ولا يكتوون ، ولا يتطيَّرون ، وعلى ربِّهم يتوكلون ، قام رجل من الصحابة اسمه عُكَاشة فقال : يا رسول الله ، ادعُ الله أن يجعلَني منهم . قال : أنت منهم . فقام آخر فقال كما قال الأول : ادع الله أن يجعلَني منهم . فقال - عليه السلام - : سبقك بها عُكَاشة .
ففي هذا الحديث أن من صفات أولئك السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يكتوون ، ولا شك أن الاكتواء نوع من الدواء ، ومن هنا عرضت الشبهة لبعض الناس ، فجاء ذاك السؤال : كيف يقول : تداوَوْا عباد الله ثم هنا يقول أن من صفات السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يتداوون ؟
الجواب : لا تعارض بين الحديث الأول والحديث الآخر ، وذلك من وجوه :
الوجه الأول : أن نُراجع قاعدة أصولية فقهية أصولية ، تقول : أنه إذا جاء نصَّان متعارضان في موضوع واحد كموضوع التداوي الذي نحن فيه الآن فيجب أن نستثني المعنى الأقل في أحد الحديثين من المعنى الأكثر في الحديث الآخر ، فنحن نجد في الحديث الأول : تداوَوْا عباد الله هذا نص عام ، يعني تداووا لكل الأمراض ؛ لأنه يقول : فإن الله ما أنزل داءً ما إلا وأنزل له دواءً ؛ إذًا تداووا بكل الأمراض وبكل الأدوية . ثم جاء الحديث الثاني فأشار إلى كراهة التداوي بماذا ؟ بالكي ، فهذا تداوي من نوع واحد ، وهناك تداوي بشتى الأنواع والأدوية ؛ إذًا نستثني الأقل من الأكثر .
ونأخذ بهذا التوفيق الخلاصة الآتية : تداوَوْا بكلِّ علاج إلا الكي ، انتهت المشكلة ، ولم يبقَ هناك تعارض ، فالتعارض يكون تداوى ولا تداوى ؛ هذا هو التعارض ، ليس مثل هذا التعارض له وجود بين الحديثين السابقين ، الحديث الأول يقول : تداوَوْا مطلقًا ، الحديث الآخر يكره التداوي بالكي ، ويجعل من صفات أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يتداوون بالكي .
إذًا التداوي بالكي نستطيع أن نقول : إنه منهيٌّ عنه ليس من هذا الحديث ، هذا الحديث يُفيدنا عدم استحباب التداوي بالكي ، ولا يفيدنا النهي عن الكي ، ولولا أن هناك حديث صريح في النهي عن التداوي بالكي ... يفيد كراهة التداوي بالكي لا النهي ، لكن جاء الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في " صحيح البخاري " يقول .
نعم ؟
عيد عباسي : ... .
الشيخ : ... خير ما تداويتم به الحجامة والعسل والكي ، وأنهى أمتي عن الكي ؛ وأنهى أمتي عن الكي لماذا ؟ لأن في تعذيب بالنار ، ولا يجوز التعذيب بالنار إلا لمن خلق النار ، فظهر بأنه لا تعارض بين الحديثين ، والحمد لله رب العالمين .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
عيد عباسي : كيف نفهم الحديثين والتوفيق بينهما ؟ أفيدونا .
التوفيق بين الحديثين وكيف نفهمهما ؟
الشيخ : الحديث الأول حديث معروف لدى جميع الإخوان ، تداوَوْا عباد الله ؛ فإن الله لم يُنزِلْ داءً إلا وأنزل له دواءً ، وفي بعض الأحاديث الصحيحة الأخرى : عَلِمَه مَن عَلِمَه هذا الدواء الذي أنزله عَلِمَه مَن عَلِمَه ، وجَهِلَه مَن جَهِلَه ، ففي هذا الحديث حضُّ للمسلمين أن يتداووا من أمراضهم التي تصيبهم أو قد تصيبهم ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، لكن يبدو أن البعض قد توهَّم أن هذا الحديث وما في معناه معارض لحديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - الصحيح - أيضًا - الذي فيه يقول : يدخل الجنة من أمَّتي سبعون ألفًا بغير حساب يوم القيامة ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، تحدَّث الرسول - عليه السلام - بهذا الحديث في مسجده ، ثم رجع إلى بيته ، فأخذ أصحابه يتداولون التحزير ويحاولون معرفة مَن يكون هؤلاء السبعون ألف الذين يدخلون الجنة " ترانزيت " بدون حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر ، فبعضهم يقول : مَن يكون هؤلاء غير نحن - معشر المهاجرين - الذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في ساعات عسرة ؟ وطائفة تقول : مَن هؤلاء إلا الأنصار الذين نصروه ؟ وآخرون يقولون : لا هؤلاء ولا هؤلاء ، وإنما هم أولادنا الذين يأتون من بعدنا ولم يروا نبيَّنا - عليه الصلاة والسلام - ثم هم يؤمنون به ويصدِّقونه ، كل هذا تظنُّن ، ثم سرعان ما خرج الرسول عليهم ليتمَّ لهم الحديث حيث قال : هم الذين لا يسترقون ، ولا يكتوون ، ولا يتطيَّرون ، وعلى ربِّهم يتوكلون ، قام رجل من الصحابة اسمه عُكَاشة فقال : يا رسول الله ، ادعُ الله أن يجعلَني منهم . قال : أنت منهم . فقام آخر فقال كما قال الأول : ادع الله أن يجعلَني منهم . فقال - عليه السلام - : سبقك بها عُكَاشة .
ففي هذا الحديث أن من صفات أولئك السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يكتوون ، ولا شك أن الاكتواء نوع من الدواء ، ومن هنا عرضت الشبهة لبعض الناس ، فجاء ذاك السؤال : كيف يقول : تداوَوْا عباد الله ثم هنا يقول أن من صفات السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يتداوون ؟
الجواب : لا تعارض بين الحديث الأول والحديث الآخر ، وذلك من وجوه :
الوجه الأول : أن نُراجع قاعدة أصولية فقهية أصولية ، تقول : أنه إذا جاء نصَّان متعارضان في موضوع واحد كموضوع التداوي الذي نحن فيه الآن فيجب أن نستثني المعنى الأقل في أحد الحديثين من المعنى الأكثر في الحديث الآخر ، فنحن نجد في الحديث الأول : تداوَوْا عباد الله هذا نص عام ، يعني تداووا لكل الأمراض ؛ لأنه يقول : فإن الله ما أنزل داءً ما إلا وأنزل له دواءً ؛ إذًا تداووا بكل الأمراض وبكل الأدوية . ثم جاء الحديث الثاني فأشار إلى كراهة التداوي بماذا ؟ بالكي ، فهذا تداوي من نوع واحد ، وهناك تداوي بشتى الأنواع والأدوية ؛ إذًا نستثني الأقل من الأكثر .
ونأخذ بهذا التوفيق الخلاصة الآتية : تداوَوْا بكلِّ علاج إلا الكي ، انتهت المشكلة ، ولم يبقَ هناك تعارض ، فالتعارض يكون تداوى ولا تداوى ؛ هذا هو التعارض ، ليس مثل هذا التعارض له وجود بين الحديثين السابقين ، الحديث الأول يقول : تداوَوْا مطلقًا ، الحديث الآخر يكره التداوي بالكي ، ويجعل من صفات أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يتداوون بالكي .
إذًا التداوي بالكي نستطيع أن نقول : إنه منهيٌّ عنه ليس من هذا الحديث ، هذا الحديث يُفيدنا عدم استحباب التداوي بالكي ، ولا يفيدنا النهي عن الكي ، ولولا أن هناك حديث صريح في النهي عن التداوي بالكي ... يفيد كراهة التداوي بالكي لا النهي ، لكن جاء الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في " صحيح البخاري " يقول .
نعم ؟
عيد عباسي : ... .
الشيخ : ... خير ما تداويتم به الحجامة والعسل والكي ، وأنهى أمتي عن الكي ؛ وأنهى أمتي عن الكي لماذا ؟ لأن في تعذيب بالنار ، ولا يجوز التعذيب بالنار إلا لمن خلق النار ، فظهر بأنه لا تعارض بين الحديثين ، والحمد لله رب العالمين .
الفتاوى المشابهة
- ما حكم تداوي المرأة عند الطبيب؟ - ابن باز
- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول... - الالباني
- حكم وصف الدواء بقاهرالمرض - الفوزان
- شرح حديث ( الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذ... - الالباني
- شرح لفظة: (لا يسترقون) من حديث السبعين ألفا... - ابن عثيمين
- فائدة : ما الجمع بين قوله عليه السلام : ( ما أ... - الالباني
- معنى «لا يرقون ولا يسترقون» في الحديث؟ - ابن باز
- هل في الحديث جواز طلب الدواء من الغير في قول... - ابن عثيمين
- ما حكم إستعمال اسبيرتوا ا للمسلمين ( للتداوى... - الالباني
- تتمة شرح حديث أسمامة بن شريك رضي الله عنه : (... - الالباني
- كيف التوفيق بين حديث : ( تداوَوْا عباد الله ؛... - الالباني