فسؤال - مثلًا - الآية : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } تُرى نفاقهم هذا من أيِّ نوع ؟ نفاق قلبي ، وما معنى نفاق قلبي ؟ يُظهِرُون الإسلام ويضمرون الكفر ؛ إذًا هؤلاء في الدرك الأسفل من النار . في نفاق على العكس من هذا ؛ يُظهِر الإيمان ويُظهِر عمل الكفار والفجار ، والدليل على ذلك حديث في " الصحيحين " : "آية المنافق ثلاث : إذا حدَّثَ كذب ، وإذا وَعَدَ أخلَفَ ، وإذا اؤتُمِنَ خانَ" ، هذا المنافق هو من نوعية ذاك المنافق ؟
سائل آخر : لا .
الشيخ : أبدًا ، ذاك مشرك مخلَّد في النار ، هذا مسلم مؤمن موحِّد مع ذلك جعله منافقًا ؛ لم ؟ لأن هذا المؤمن ... يؤمن بما جاءه عن نبيِّه - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ومما جاء عن نبيِّه أنه : "أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك ولا تَخُنْ مَن خانك" ، فإيمانه يُوجب عليه إذا اؤتُمِنَ ألَّا يخون ، وإذا به يخون ، فخيانته فعلٌ وعملٌ ينافي إيمانه أنُّو هذا لا يجوز أن يصدر من مسلم ؛ فلذلك فسمَّى أهلُ العلم هذا النوع من النفاق بالنفاق العملي ، فالنفاق العملي مثل الكفر العملي كلاهما قد يقع من مسلم ولكن لا يكفر به ، أما النفاق الاعتقادي فهو كالكفر الاعتقادي ، هذا الذي لا يغفره ربُّنا - تبارك وتعالى - ويغفر ما دون ذلك لِمَن يشاء .
على وزان "آية المنافق ثلاث" جاء عمر - وهذا من فقهه - : " دَعْني أقتُلْ هذا المنافق " ؛ لماذا ؟ لأنَّ عمله ليس عمل المسلمين ؛ عمل الكافرين ، تولَّى الكافرين ، يرسل إليهم أن الرسول يريد أن يغزوكم إلى آخره ، فلا تفهمنَّ - يا أستاذ - أن قول عمر : " دَعْني أقتُلْ هذا المنافق " أنه يعني أنه نافق نفاقًا قلبيًّا ؛ أي : أن عمر حَكَمَ عليه بأنه من جنس قوله - تعالى - : { إِنَّ } "" الكافرين "" { فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } .
سائل آخر : { الْمُنَافِقِينَ } .
الشيخ : نعم ؟
سائل آخر : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ } .
الشيخ : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } ، ما هذا الذي عَنَاهُ عمر ، وإنما عنى النفاق من نوعية : "آية المنافق ثلاث" ؛ أي : النفاق العملي هو أن يعمل المسلم خلاف ما يعلمه من شرعه ، الشرع يأمره بأداء الأمانة وهو يخون ، إلى آخر الحديث ؛ فإذًا " دَعْني أقتله فإنه منافق " نفاق عملي .
السائل : ... أن ينافق نفاقًا عمليًّا ... .
الشيخ : ... .
السائل : يعني حكمه الذي ينافق نفاقًا عمليًّا كخيانة الأمانة .
الشيخ : نعم .
السائل : "أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك" .
الشيخ : فهمت ، ماذا تسأل عنه ؟
السائل : حكمه .
الشيخ : حكمه ؟
السائل : يُقتل ؟
الشيخ : فاسق ، لا ، لا يُقتل .
السائل : طيب ، وكيف عمر يريد أن يقتل ذلك منافق ؟
الشيخ : أخطأ عمر .
السائل : ممتاز ، إذًا أخطأ ابن القيم لما يقول ... .
الشيخ : وأخطأ ، إذا كان أخطأ عمر وأخطأ ... .
السائل : ليس هذا الكلام جديدًا .
الشيخ : أيُّه ؟
السائل : لا نتَّبع أشخاصًا .
الشيخ : أيوا أيوا .
السائل : اللي قلته أنا إنما هو من كلام علماء الكلام ، هذا علامة هذا قول عمر أنه منافق يُحكم بقتله وكذا ؛ لأنه هو مظاهرة موالاة المشركين ؛ فهو كان كافرًا في هذا ، الآيات صريحة في هذا الموضوع ، فإن كان يعني بُرِّرت أو بُيِّنت ... هذه الصفة ففي آيات كثيرة صريحة في الموضوع .
الشيخ : معليش ، نحن ... .
السائل : ... ما في يعني ... الاعتقاد بدون عمل بالنسبة للمظاهرة وموالاة المشركين مثلًا .
الشيخ : معليش ، نحن خلصنا من هذا الحديث ؟
السائل : نعم ، هذه .
الشيخ : خلصنا ... .
-- ... --
السائل : ... العمل الذي عَمِلَه ... كان ليس ... .
الشيخ : إي نعم ، وأنه كان نفاقًا عمليًّا .
طيب .