الرَّدُّ على شبهة المؤوِّلين في صفات الله - تعالى - .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : هذه الشبهة تتلخَّص بأنهم ينظرون إلى أن الله - عز وجل - إذا وَصَفْناه بما وصف به نفسه فقد شبَّهناه بخلقه ، ونحن لا يجوز لنا أن نشبِّهَه بخلقه ، هذه الشبهة الرَّدُّ عليها باختصار وبسهولة بالغة أن يُقال :
إن الله - عز وجل - لما أثبَتَ لنفسه السمع والبصر قدَّمَ بين يدي ذلك قوله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، فالله - عز وجل - بنصِّ هذه الآية نزَّهَ نفسه أن يُشابه أحدًا من خلقه في شيء من صفاته ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، فبعدَ أن نزَّهَ ونفى أن أحدًا من خلقه يُشبِهُه - تبارك وتعالى - في شيء من صفاته أثبت لنفسه - تبارك وتعالى - صفة السمع والبصر ، فقال : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، فطريقة الرَّدِّ على هؤلاء المؤوِّلة أن يُقال لهم : إذا قلنا : إن الله سميع ؛ نقول : ليس كمثل سمعه شيء ، وإذا قلنا : بصير ؛ ليس كمثل بصره شيء ، كذلك حينما نقرأ : وَجَاءَ رَبُّكَ نقول : مجيئه لا يُشبه مجيء البشر ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ .
وإلا إذا اطَّرد هؤلاء المؤولة في تأويل آيات الصفات أدَّى التأويل بهم إلى إنكار وجود ذات الله ، والسبب في هذا لأننا نقول ببساطة لهؤلاء المؤوِّلة : الله موجود ؟ لا ؛ وجود حقيقي أم هو عدم ؟ لا شك سيقول : هو موجود . سَيُقال لهم : الخلق الذي خلقَه الله كبشر وحيوان وشجر وحجر موجود أم عدم ؟ سنضطرُّ أن نقول : موجود ؛ إذًا هنا وجودان ؛ وجود خالق المخلوقات كلها ، ووجود المخلوقات نفسها ؛ فهل إذا قلنا : إن المخلوقات موجودة ، والله موجود ؛ معنى ذلك أننا شبَّهنا الله بمخلوقاته ، أو شبَّهنا مخلوقات الله به نفسه ؟
الجواب : لا ؛ لأننا سنقول : الله موجود منذ الأزل ، أول بلا بداية ، وآخر بلا نهاية ، والإنسان ليس كذلك ؛ إذًا لمَّا أثبتنا لله وجودًا أثبتنا له وجودًا يُنافي وجود البشر ؛ كذلك إذا أثبتنا لله سمعًا وبصرًا ومجيئًا واستواءً ونزولًا ويدًا إلى آخر ما هنالك من صفات كثيرة منصوص عليها في الكتاب والسنة ؛ فإنما نثبت له صفات لا تُشبه صفات المخلوقات .
باختصار : لله صفة الوجود وللمخلوق صفة الوجود ؛ فهذا الإثبات للوجودَين ليس معناه إثبات وجود مشابه لوجود ، فوجود الله يليق بأزليَّته وبخالقيَّته ، ووجود الإنسان يليق بضعفه وعجزه ، وكونه كان عدمًا فأوجَدَه الله - تبارك وتعالى - ، فإثبات إذًا كون هناك مباينة في الصفة الإلهية عن صفة المخلوقات هذه المباينة هي التي تنفي المشابهة ، وهي التي تجعلنا نؤمن بالصفات كما جاءت في الكتاب والسنة دون تشبيه للمخلوقات ؛ لأنَّ الله يقول : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، ودون تعطيل - أي : إنكار للصفات - ؛ لأن الله أثبت لنفسه الصفات ، منها : وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
وما أحسن ما يقول ابن القيم - رحمه الله - في هذه المناسبة : " المعطِّل يعبد عدمًا ، والمجسِّم يعبد صنمًا " . المعطِّل يعبد عدمًا ؛ لماذا ؟ لأنه يقول : الله يقول : جَاءَ رَبُّكَ . يقول لك : ما جاء ! ينزل إلى السماء الدنيا في آخر كلِّ ليلةٍ فيقول : أَلَا هل من داعٍ . يقول : ما ينزل ! استوى على العرش . ما استوى على العرش ! له يد ، ليس له يد ! هذا هو الإنكار ؛ لماذا تقول : ما استوى ، وما يجيء ؟ في مشابهة لِمَن يجيء من مخلوقات . طيب ؛ سميع بصير فيه مشابهة ؛ إذًا ليس سميعًا وليس بصيرًا ، إذًا هو موجود إن قال : موجود ؛ كمان أنا موجود ؛ فيه مشابهة ؟ فالخلاص من هذا أن نقول : وجوده ليس كوجودنا ، وبصره ليس كبصره ، و و كل الصفات ليست كصفات المخلوقات ، فالمؤوِّل وفي مقدَّمتهم المعتزلة ثم يليهم من بعدهم الأشاعرة يصل بهم الأمر أنهم إذا قالوا : نحن نعبد الله ؛ فإنما يعبدون عدمًا ؛ لأنُّو ما صفات هذا الإله ؟ لا نعرف الله إلا بما وصفَ به نفسه ، فإذا جئنا إلى الصفات التي وصف بها نفسه تأوَّلناها أي : أخرجناها عن معانيها الواضحة بحجَّة أنُّو إذا قلنا : جاء ؛ الإنسان يجيء ، إذا قلنا : سميع ؛ الإنسان سميع . قال علماء السلف : هذا هو التعطيل ، الله - أيضًا - له ذات ، ولكلٍّ منَّا له ذات ؛ إذًا نقول : لا ذات لله - عز وجل - رجع إيمانهم بالله إلى العدم ؛ لذلك قال ابن القيم : " المعطِّل يعبد عدمًا " ؛ لأنه لا يثبت لله صفة ؛ حتى صفة السمع والبصر أوَّلها إلى صفة العلم ، لكن هو سيضطرُّ إلى تأويل العلم - أيضًا - ؛ لأننا نقول : الله عالم . طيب ؛ وفلان عالم ، الله قال في القرآن الكريم : هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ؛ إذًا الله عالم والإنسان عالم ، كمان نقول أنُّو الله ليس بعالم ؛ ليه ؟ لأنُّو صار اشتراك في زعمهم بين الإنسان العالم وبين الرَّبِّ العالم ؛ على طريقتهم ليس لهم جواب إطلاقًا .
أما على طريقة السلف نقول : الله عالم علمًا ليس كعلم البشر ، ومن الواضح أنَّ علم الله ذاتي ، أما علم الإنسان اكتسابي ؛ يعني كان جاهلًا الإنسان فتعلَّم ، أما الله - عز وجل - فإذا صح التعبير في طبيعة ذاته - تبارك وتعالى - هو عالم ، فلم يكتسب العلم بعد أن كان جاهلًا كما هو الإنسان ، فإذًا الاشتراك في الاسم لا يضرُّ ؛ أي : إذا قلنا : إن الله سميع ، وقلنا : الإنسان سميع ؛ فهذا ليس تشبيهًا ؛ لأنه مجرَّد اشتراك في الاسم . نحن نقول - مثلًا - : الإنسان موجود والحيوان موجود ... نقول أنُّو حينما قلنا : الإنسان موجود والحيوان موجود أننا إما رفَعْنا الحيوان إلى صفِّ الإنسان ، أو نزلنا بالإنسان من مرتبته التي وضعَه الله فيها إلى مرتبة الحيوان ؛ مجرَّد الاشتراك في الوجود ليس كذلك ، وإنما نقول : وجود الإنسان تتناسب مع إنسانيَّته ، ووجود الحيوان تتناسب مع حيوانيته ؛ كذلك يُقال : الجماد موجود فعلًا ؛ فهل وجود الجماد كوجود الحيوان الصامت أو الناطق ؟ الجواب : لا . إذًا هذا يسمِّيه العلماء باشتراك لفظي ؛ وجود الحيوان في الجماد ووجود الإنسان ووجود خالق الموجودات كلها هذا كله اشتراك لفظي ، أما الحقيقة فلا اشتراك فيها أبدًا ، فوجود الجماد غير وجود الحيوان حقيقةً ، ووجود الحيوان الأعجم الذي لا ينطق غير وجود الإنسان الناطق حقيقةً ، ووجود هذا الإنسان غير وجود الملائكة ، غير وجود الجن ، ووجود هذه المخلوقات كلها غير وجود واجب الوجود - سبحانه وتعالى - .
كذلك يُقال تمامًا عن كلِّ الصفات التي تأتي أو يأتي ذكرها في الكتاب والسنة ، فالله يجيء قطعًا ؛ لأن النَّصَّ صريح : وَجَاءَ رَبُّكَ ، لكن مش ضروري بقى نتصوَّر نحن أنُّو هو يجي على رجلين ، أو يجي على سيارة أو دبابة أو طيارة إلى آخره ممَّا هو من طبيعة الإنسان ، هنا نقول : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ . فالمذهب السلفي هو الجمع بين التنزيه وبين الإثبات ؛ نثبت وننزِّه ، أما مذهب المعتزلة ومَن تأثَّر بمذهبهم من الأشاعرة وغيرهم فهو لمَّا ضاقت عقولهم عن أن يعقلوا أنَّ هناك وجودًا لله - عز وجل - حقيقي ينافي وجود المخلوقات فهم اضطرُّوا أن يقولوا : لا ، لا يجيء ، لا يستوي على العرش ، أو ما استوى على العرش ، ولا ينزل ، وليس له يد ، ولا يتكلَّم حتى قالوا !! هذه مشكلة أكبر وأكبر كثيرًا جدًّا ، الله - عز وجل - كلُّ المسلمين يشتركون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم أنه حقيقة وليس معنًى قائمًا في الذِّهن ؛ يعني هو له وجود خارج الكون وجود حقيقي ، وليس هو معنى يتخيَّله الإنسان ، فكلُّ موجود له صفات ولا شك ، وإلا يكون خيال ، فالله - عز وجل - وجوده حقيقي وأزلي .
ما هي صفات هذا الموجود الأزلي ؟ العقل قد يدرك شيئًا منها ، ولكن لا يستطيع أن يستقصي الصفات كلها إلا بطريق النقل الذي هو عبارة عن الكتاب والسنة ، فإذا جئنا إلى هذه النصوص التي وردت في الكتاب والسنة تصف هذا الموجود الحقيقي وهو واجب الوجود - سبحانه وتعالى - بصفات ؛ فكان موقفنا تجاه تلك الصفات تأويلها وتعطيل معانيها بقي وجود الله وجودًا خيالي ليس حقيقي ؛ لأنَّنا قلنا : إن الوجود الحقيقي له صفاته المناسبة له ، فإذا جئنا إلى كلِّ صفة فتأوَّلناها بضدِّ ما يدل عليه النَّصُّ ؛ حينئذٍ كأننا آمنَّا بوجود خيالي لا حقيقة له ، فكما قلنا آنفًا وأكرِّر وأقول : الله - عز وجل - وصف نفسه بصفات كثيرة ، فهو يقول : يجيء ، ويسمع ، ويرى ، و و إلى آخره . فإذا قلنا : لا يسمع ، لا يرى ، لا ، لا ، لا ؛ معناها ما وصفنا هذا الوجود الحقيقي الغائب عنَّا ، ما وصفناه ، وإذ لم نصِفْه ما حكمنا بوجوده إلا حكمًا ذهنيًّا .
إن الله - عز وجل - لما أثبَتَ لنفسه السمع والبصر قدَّمَ بين يدي ذلك قوله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، فالله - عز وجل - بنصِّ هذه الآية نزَّهَ نفسه أن يُشابه أحدًا من خلقه في شيء من صفاته ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، فبعدَ أن نزَّهَ ونفى أن أحدًا من خلقه يُشبِهُه - تبارك وتعالى - في شيء من صفاته أثبت لنفسه - تبارك وتعالى - صفة السمع والبصر ، فقال : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، فطريقة الرَّدِّ على هؤلاء المؤوِّلة أن يُقال لهم : إذا قلنا : إن الله سميع ؛ نقول : ليس كمثل سمعه شيء ، وإذا قلنا : بصير ؛ ليس كمثل بصره شيء ، كذلك حينما نقرأ : وَجَاءَ رَبُّكَ نقول : مجيئه لا يُشبه مجيء البشر ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ .
وإلا إذا اطَّرد هؤلاء المؤولة في تأويل آيات الصفات أدَّى التأويل بهم إلى إنكار وجود ذات الله ، والسبب في هذا لأننا نقول ببساطة لهؤلاء المؤوِّلة : الله موجود ؟ لا ؛ وجود حقيقي أم هو عدم ؟ لا شك سيقول : هو موجود . سَيُقال لهم : الخلق الذي خلقَه الله كبشر وحيوان وشجر وحجر موجود أم عدم ؟ سنضطرُّ أن نقول : موجود ؛ إذًا هنا وجودان ؛ وجود خالق المخلوقات كلها ، ووجود المخلوقات نفسها ؛ فهل إذا قلنا : إن المخلوقات موجودة ، والله موجود ؛ معنى ذلك أننا شبَّهنا الله بمخلوقاته ، أو شبَّهنا مخلوقات الله به نفسه ؟
الجواب : لا ؛ لأننا سنقول : الله موجود منذ الأزل ، أول بلا بداية ، وآخر بلا نهاية ، والإنسان ليس كذلك ؛ إذًا لمَّا أثبتنا لله وجودًا أثبتنا له وجودًا يُنافي وجود البشر ؛ كذلك إذا أثبتنا لله سمعًا وبصرًا ومجيئًا واستواءً ونزولًا ويدًا إلى آخر ما هنالك من صفات كثيرة منصوص عليها في الكتاب والسنة ؛ فإنما نثبت له صفات لا تُشبه صفات المخلوقات .
باختصار : لله صفة الوجود وللمخلوق صفة الوجود ؛ فهذا الإثبات للوجودَين ليس معناه إثبات وجود مشابه لوجود ، فوجود الله يليق بأزليَّته وبخالقيَّته ، ووجود الإنسان يليق بضعفه وعجزه ، وكونه كان عدمًا فأوجَدَه الله - تبارك وتعالى - ، فإثبات إذًا كون هناك مباينة في الصفة الإلهية عن صفة المخلوقات هذه المباينة هي التي تنفي المشابهة ، وهي التي تجعلنا نؤمن بالصفات كما جاءت في الكتاب والسنة دون تشبيه للمخلوقات ؛ لأنَّ الله يقول : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، ودون تعطيل - أي : إنكار للصفات - ؛ لأن الله أثبت لنفسه الصفات ، منها : وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
وما أحسن ما يقول ابن القيم - رحمه الله - في هذه المناسبة : " المعطِّل يعبد عدمًا ، والمجسِّم يعبد صنمًا " . المعطِّل يعبد عدمًا ؛ لماذا ؟ لأنه يقول : الله يقول : جَاءَ رَبُّكَ . يقول لك : ما جاء ! ينزل إلى السماء الدنيا في آخر كلِّ ليلةٍ فيقول : أَلَا هل من داعٍ . يقول : ما ينزل ! استوى على العرش . ما استوى على العرش ! له يد ، ليس له يد ! هذا هو الإنكار ؛ لماذا تقول : ما استوى ، وما يجيء ؟ في مشابهة لِمَن يجيء من مخلوقات . طيب ؛ سميع بصير فيه مشابهة ؛ إذًا ليس سميعًا وليس بصيرًا ، إذًا هو موجود إن قال : موجود ؛ كمان أنا موجود ؛ فيه مشابهة ؟ فالخلاص من هذا أن نقول : وجوده ليس كوجودنا ، وبصره ليس كبصره ، و و كل الصفات ليست كصفات المخلوقات ، فالمؤوِّل وفي مقدَّمتهم المعتزلة ثم يليهم من بعدهم الأشاعرة يصل بهم الأمر أنهم إذا قالوا : نحن نعبد الله ؛ فإنما يعبدون عدمًا ؛ لأنُّو ما صفات هذا الإله ؟ لا نعرف الله إلا بما وصفَ به نفسه ، فإذا جئنا إلى الصفات التي وصف بها نفسه تأوَّلناها أي : أخرجناها عن معانيها الواضحة بحجَّة أنُّو إذا قلنا : جاء ؛ الإنسان يجيء ، إذا قلنا : سميع ؛ الإنسان سميع . قال علماء السلف : هذا هو التعطيل ، الله - أيضًا - له ذات ، ولكلٍّ منَّا له ذات ؛ إذًا نقول : لا ذات لله - عز وجل - رجع إيمانهم بالله إلى العدم ؛ لذلك قال ابن القيم : " المعطِّل يعبد عدمًا " ؛ لأنه لا يثبت لله صفة ؛ حتى صفة السمع والبصر أوَّلها إلى صفة العلم ، لكن هو سيضطرُّ إلى تأويل العلم - أيضًا - ؛ لأننا نقول : الله عالم . طيب ؛ وفلان عالم ، الله قال في القرآن الكريم : هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ؛ إذًا الله عالم والإنسان عالم ، كمان نقول أنُّو الله ليس بعالم ؛ ليه ؟ لأنُّو صار اشتراك في زعمهم بين الإنسان العالم وبين الرَّبِّ العالم ؛ على طريقتهم ليس لهم جواب إطلاقًا .
أما على طريقة السلف نقول : الله عالم علمًا ليس كعلم البشر ، ومن الواضح أنَّ علم الله ذاتي ، أما علم الإنسان اكتسابي ؛ يعني كان جاهلًا الإنسان فتعلَّم ، أما الله - عز وجل - فإذا صح التعبير في طبيعة ذاته - تبارك وتعالى - هو عالم ، فلم يكتسب العلم بعد أن كان جاهلًا كما هو الإنسان ، فإذًا الاشتراك في الاسم لا يضرُّ ؛ أي : إذا قلنا : إن الله سميع ، وقلنا : الإنسان سميع ؛ فهذا ليس تشبيهًا ؛ لأنه مجرَّد اشتراك في الاسم . نحن نقول - مثلًا - : الإنسان موجود والحيوان موجود ... نقول أنُّو حينما قلنا : الإنسان موجود والحيوان موجود أننا إما رفَعْنا الحيوان إلى صفِّ الإنسان ، أو نزلنا بالإنسان من مرتبته التي وضعَه الله فيها إلى مرتبة الحيوان ؛ مجرَّد الاشتراك في الوجود ليس كذلك ، وإنما نقول : وجود الإنسان تتناسب مع إنسانيَّته ، ووجود الحيوان تتناسب مع حيوانيته ؛ كذلك يُقال : الجماد موجود فعلًا ؛ فهل وجود الجماد كوجود الحيوان الصامت أو الناطق ؟ الجواب : لا . إذًا هذا يسمِّيه العلماء باشتراك لفظي ؛ وجود الحيوان في الجماد ووجود الإنسان ووجود خالق الموجودات كلها هذا كله اشتراك لفظي ، أما الحقيقة فلا اشتراك فيها أبدًا ، فوجود الجماد غير وجود الحيوان حقيقةً ، ووجود الحيوان الأعجم الذي لا ينطق غير وجود الإنسان الناطق حقيقةً ، ووجود هذا الإنسان غير وجود الملائكة ، غير وجود الجن ، ووجود هذه المخلوقات كلها غير وجود واجب الوجود - سبحانه وتعالى - .
كذلك يُقال تمامًا عن كلِّ الصفات التي تأتي أو يأتي ذكرها في الكتاب والسنة ، فالله يجيء قطعًا ؛ لأن النَّصَّ صريح : وَجَاءَ رَبُّكَ ، لكن مش ضروري بقى نتصوَّر نحن أنُّو هو يجي على رجلين ، أو يجي على سيارة أو دبابة أو طيارة إلى آخره ممَّا هو من طبيعة الإنسان ، هنا نقول : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ . فالمذهب السلفي هو الجمع بين التنزيه وبين الإثبات ؛ نثبت وننزِّه ، أما مذهب المعتزلة ومَن تأثَّر بمذهبهم من الأشاعرة وغيرهم فهو لمَّا ضاقت عقولهم عن أن يعقلوا أنَّ هناك وجودًا لله - عز وجل - حقيقي ينافي وجود المخلوقات فهم اضطرُّوا أن يقولوا : لا ، لا يجيء ، لا يستوي على العرش ، أو ما استوى على العرش ، ولا ينزل ، وليس له يد ، ولا يتكلَّم حتى قالوا !! هذه مشكلة أكبر وأكبر كثيرًا جدًّا ، الله - عز وجل - كلُّ المسلمين يشتركون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم أنه حقيقة وليس معنًى قائمًا في الذِّهن ؛ يعني هو له وجود خارج الكون وجود حقيقي ، وليس هو معنى يتخيَّله الإنسان ، فكلُّ موجود له صفات ولا شك ، وإلا يكون خيال ، فالله - عز وجل - وجوده حقيقي وأزلي .
ما هي صفات هذا الموجود الأزلي ؟ العقل قد يدرك شيئًا منها ، ولكن لا يستطيع أن يستقصي الصفات كلها إلا بطريق النقل الذي هو عبارة عن الكتاب والسنة ، فإذا جئنا إلى هذه النصوص التي وردت في الكتاب والسنة تصف هذا الموجود الحقيقي وهو واجب الوجود - سبحانه وتعالى - بصفات ؛ فكان موقفنا تجاه تلك الصفات تأويلها وتعطيل معانيها بقي وجود الله وجودًا خيالي ليس حقيقي ؛ لأنَّنا قلنا : إن الوجود الحقيقي له صفاته المناسبة له ، فإذا جئنا إلى كلِّ صفة فتأوَّلناها بضدِّ ما يدل عليه النَّصُّ ؛ حينئذٍ كأننا آمنَّا بوجود خيالي لا حقيقة له ، فكما قلنا آنفًا وأكرِّر وأقول : الله - عز وجل - وصف نفسه بصفات كثيرة ، فهو يقول : يجيء ، ويسمع ، ويرى ، و و إلى آخره . فإذا قلنا : لا يسمع ، لا يرى ، لا ، لا ، لا ؛ معناها ما وصفنا هذا الوجود الحقيقي الغائب عنَّا ، ما وصفناه ، وإذ لم نصِفْه ما حكمنا بوجوده إلا حكمًا ذهنيًّا .
الفتاوى المشابهة
- توحيد الصفات - الالباني
- نصيحة علمية من الشيخ رحمه الله للطلبة السلفيين... - الالباني
- البحث في صفات الله تعالى . - ابن عثيمين
- ما يقال في ذات الله يقال في صفاته - الالباني
- رد الشيخ على الذين يؤولون صفات الله تعالى بحجة... - الالباني
- الرد على الذين يؤوِّلون صفات الله - تعالى - بح... - الالباني
- رد الشيخ على من يفوض أسماء الله وصفاته . - الالباني
- كلام موسع للشيخ رحمه الله عن التأويل . - الالباني
- صفة الوجود - اللجنة الدائمة
- الرد على شبهة المأولين في صفات الله تعالى . - الالباني
- الرَّدُّ على شبهة المؤوِّلين في صفات الله - تع... - الالباني