تم نسخ النصتم نسخ العنوان
رد الشيخ على من يفوض أسماء الله وصفاته . - الالبانيالسائل :  شيخنا فيه بعض العلماء يقول إن مذهب السلف  الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى   ، الرحمن على العرش استوى فقط لا تقول علا ، وهكذا لا تقل نزل ب...
العالم
طريقة البحث
رد الشيخ على من يفوض أسماء الله وصفاته .
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : شيخنا فيه بعض العلماء يقول إن مذهب السلف الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ، الرحمن على العرش استوى فقط لا تقول علا ، وهكذا لا تقل نزل بذاته ، فما جوابكم على ذلك ؟

الشيخ : أعد عليّ

السائل : بعض العلماء يقول أن مذهب السلف في الصفات أن تقول الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ولا تقول استوى بذاته ، ينزل ربنا إلى السماء فلا تقول بذاته ، فقط استوى ، فقط ينزل ، دون تفكير بالمرة ، فما جوابكم ؟

الشيخ : أي نعم ، جوابي كما قال إمام دار الهجرة الإمام مالك : " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة ، اخرجوا الرجل " ، نحن نقول لهؤلاء الذين حكيت عنهم ما ذكرت ، وهم يسمون بجماعة التفويض ، فهؤلاء ليسوا من السلف من قريب أو بعيد ، نقول لهؤلاء : حين تقولون لا تقل الرحمن على العرش استوى بذاته ، وإنما نقول الرحمن على العرش استوى ، هكذا يقولون ، نسألهم بفهم أم بغير فهم ، نقول لهم : نوافق معكم مبدئيًا ، نقول : الرحمن على العرش استوى ، بدون قيد " بذاته " ، لكن حين نقول نحن وأنتم: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى بفهم أم بغير فهم ؟ فإن قال : بغير فهم . سقط وانكشف وعرفنا منه أنه معطل ، يتستر وراء ما كان يدعيه كثيرون من قبل ومن بعد أنهم يقصدون التنزيه ، نحن أيضًا نقصد التنزيه ، ولكن مع الفهم ، فما معنى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ؟ لعلك فهمت إلى هنا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كما تقول : سبحان ربي الأعلى . وكما تقول : أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ إلى آخر الآية ، فالله - عزَّ وجلّ - فوق عرشه ، كما قال الإمام عبد الله بن المبارك : " الله -تبارك وتعالى- فوق عرشه بذاته ، وهو معكم بعلمه -ثلاثة أشياء- ، الله -تبارك وتعالى- فوق عرشه بذاته ، بائن من خلقه ، وهو معهم بعلمه " . فحينما يقول الإمام عبد الله بن المبارك هذه الكلمة إنما يقولها تفقهًا منه ؛ لأن الرحمن من الأسماء التي يُسمى بها ربنا - عزَّ وجلّ - ، كاسم الإله فهو من أسماء الذات ، فلو قال عليم بصير فهذا اسم صفة ، لكن الله والرحمن اسم ذات ، فكلمة بذاته ليست إضافة من عندنا وإنما هو ما يفهمه كل إنسان فمثلًا : الله خلق السموات والأرض . إذا قلنا : بذاته خلق السموات والأرض ، هذا ليس معنى ذلك أننا أضفنا معنًا لا يؤخذ من كلمة الله ، خلق الله السموات والأرض أي خلق الله بذاته لم يشاركه في ذلك أحد سواه ، هذا التأويل أي التفسير لا يعني أننا نحن أولنا كما يريد أن يقول ذلك الناصح خطأ : قولوا الرحمن على العرش استوى ولا تقولوا بذاته . نحن إذا قلنا الرحمن على العرش استوى بفهمٍ ، فمعناه بذاته ، وإذا قلنا الرحمن على العرش استوى كلام لا ندري ما معناه ، فقد خالفنا السلف الصالح كما هو الشأن في كل الصفات التي نؤمن بها معهم دون تشبيه ودون تعطيل ، دون تشبيه لقوله -تعالى- : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، دون تعطيل لقوله : وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ . فبعض الفرق القديمة من المعتزلة كانوا يعطلون الله عن هاتين الصفتين ، صفة السمع والبصر ، فيقولون : هو -يعني عليم- الله عليم ، ثابت وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ، لكن هنا يقول : وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ فعطلوا هاتين الصفتين ، وأنكروهما ، لماذا ؟ لأنهم يتوهمون أننا إذا آمنا بما جاء في كتاب ربنا بدون تشبيه ، مع ذلك بظنهم أننا نشبهه ، فهذا بحثٌ يطول ونهايته أن يؤدي بهؤلاء المعطلة إلى إنكار وجود الله -تبارك وتعالى- من الأصل ، وقد أشار إلى ذلك الإمام ابن قيم الجوزية -رحمه الله- حين قال : " المجسم إنما يعبد صنمًا ، والمعطل إنما يعبد عدمًا " ، كلاهما ضال ، لكن أيهما أشد ضلالًا ؟ الذي نفى نفيًا مطلقًا ؛ لأنه يقولون وهذا ذكرناه في بعض مجالسنا القديمة حينما يتحدثون عن الله - عزَّ وجلّ - وأنه على العرش استوى ، يقولون : لا ، لا يوصف ربنا ، لا يقال فيه - عزَّ وجلّ - -عندهم- فالله فوق ، لا يقال فوق ، لا هو فوق ولا هو تحت ، ولا هو يمين لا هو يسار ، لا هو داخل العالم ولا خارجه ، إذًا رجعوا إلى العدم . لذلك قال ابن القيم -بحق- : " المعطل يعبد عدمًا " -محضًا- . فإذا لم يكن لا داخل العالم ولا خارجه ، لو قيل لأفصح الناس بيانًا : صف لنا المعدوم ، ما هو ؟ فقال لك : لا هو فوق ولا هو تحت ، لا يمين لا يسار ، لا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجه . نقول له : صدقت ، هذا هو المعدوم . فقد وصفوا ربهم بأنه ايش ؟ معدوم ، لما عطلوه من الصفات ، فالمعطل إذًا يعبد عدمًا ، نحن يجب أن نقف عند حدود الشرع ولا نستعمل الأقيسة ؛ لأن الله - عزَّ وجلّ - إذا كان سميعًا بصيرًا فسمعه ليس كسمعنا وبصره ليس كبصرنا ، كما أن وجوده ليس كوجودنا ، فنحن نقول الآن : الله موجود وأنا موجود . فهل معنى ذلك أن نقول حتى ما نقع فيما يزعمون فيه من التشبيه في أحد شيئين ننكر حقيقة من حقيقتين ، الله موجود وأنا وأنت والمخلوقات أيضًا موجودة ، فلابد من إنكار حقيقة من حقيقتين ، وأيهما أنكر فقد ايش ؟ قرمطت ، إذا قلت : أنا موجود ، الله موجود . لا ، صار فيه اشتراك ، صار فيه تشبيه ، إذًا الله ما موجود ؛ لأنه صار فيه تشبيه للخالق بالمخلوق ، كيف ما موجود ، لا موجود ، إذًا أنا مش موجود -يضحك الإخوة والشيخ - أحلاهما مُر ، لا ، إذًا الله موجود وأنا موجود ، لكن وجوده كما يقولون ايش ؟ وجود بدون ايش ؟ موجد ، واجب الوجود ، أما أنا ممكن الوجود ؛ لأن الله - عزَّ وجلّ - هو الذي أوجدني ، وإن شاء أعدمني ، ولذلك قال تحقيقًا لهذه الفارقة العظيمة : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ، فإذًا نحن نثبت ما أثبت وننفي ما نفى ، نفى ؛ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ، أثبت ، فسمعه وبصره حقيقتان صفتان ثابتتان ولكن لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ . وعلى كل حال طرد كل الصفات فتستريح ، ولا تقع لا فيه التشبيه ولا في التعطيل ، هذا جواب ما سألت من السؤال . تفضل

السائل : قال لي هذا القائل : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ، استوى : علا . هذا فهمك لاستوى ، فماذا تقول فهمك ليد يد الله ، فماذا تقول معناها ؟ فماذا أقول له ؟

الشيخ : اليد التي يعطي بها ، أقول وهي ليست كيدي ، شو المشكلة الكبيرة هذه ؟ وماذا يقول هو ؟

السائل : هو يقول : ما دام أن اليد لا تستطيع أن تفسرها ..

الشيخ : لا ، لا ، هو ماذا يقول ، ما المقصود باليد عنده ؟

السائل : هو مفوض ... .

الشيخ : هذا هو معطل إذًا ، إذًا ما هو الله ؟ موجود ؟ بنرجع لنفس الموضوع ، والا مفقود ؟

السائل : موجود .

الشيخ : موجود وأنا موجود ، إذًا أنكر إحدى الحقيقتين وحينئذ نحكم عليك بأنه سقط التكليف عنك ، -يضحك الإخوة نفع الله بهم- .
الحلبي : شيخنا في نفس المسألة معليش .

الشيخ : تفضل .
الحلبي : أستاذي هم في الحقيقة متأخرة الأشاعرة أو متأخرو الأشاعرة ، نفوا لفظ موجود كما أشرت في آخر كلامك أستاذنا ، فقالوا : لأن لفظ موجود يقتضي موجدًا ، فهو واجب الوجود ، فهربوا في شرح البيجوري وكذا ، هربوا من لفظ الموجود ، وقالوا : لا نقول موجود ؛ لأن الموجود يثبت موجدًا ، والله واجب الوجود .

الشيخ : آه ، هذه مناقشة لفظية ، لكن هذا لا يرد في الأخذ والرد ؛ لأنه ... .
الحلبي : أنا أحب أن توضح لنا هذه الجزئية ، يعني لفظ موجود هل هو في الحقيقة كما يزعمون يقتضي موجدًا ؟

الشيخ : لا ، لا ، لكن هذه مناقشة بيزنطية كما يقولون فعلًا ؛ لأنهم هم يناقشون الآن مناقشة لفظية ، فعلًا اسم موجود اسم مفعول يستلزم عادة بالنسبة للعرف البشري أن يكون له موجدًا ، فهذا الكأس وهذا الإبريق إلى آخره ، موجود أوجده هو الذي صنعه إلى آخره ، لكن الله - عزَّ وجلّ - كما قلنا في أثناء الكلام هو واجب الوجود ، لكن كونه واجب الوجود ما ينفي أن يكون قائمًا وجوده ، فنترك بقى الموجود ، قائمًا وجوده متحققًا وجوده ، فحينئذ هم يفرون من المناقشة تمسكًا بلفظ لا يقدم ولا يؤخر ، محينا هذا الاسم ، اسم موجود ، ألغيناه من قاموس اللغة في هذا البحث ، لكن متحقق وجوده ، ما يستطيعون أن يقولوا لا مفقود ، فإذًا هذا التمسك بهذا اللفظ لا يفيدهم شيئًا ، وأرجوا من إخواننا أن يحفظوا كلمة كنت قرأتها في رسالة لا تزال مخطوطة من كلام الخطيب البغدادي ، وربما نقلت في بعض الكتب " ما يقال في الصفات يقال في الذات سلبًا وإثباتًا " . هل تقول في الله موجود وإلا معدوم ؟ موجود ، إذا قلت أنه موجود وقد أوضحنا المقصود من لفظة الموجود هل يلزم من ذلك مشابهة الخالق بالمخلوق ؟ الجواب لا . كذلك قل في الصفات ما تقول في الذات ، تستريح من كل هذه المناقشات ؛ لأن الحقيقة الدخول في تفاصيل هذه المسائل والتناقش فيها مضلة ، مضلة ليش ؟ لأن كثير من الناس وقد يكون أوتوا منطقًا وأتوا جدلًا ، وناس آخرون لم يُعطوا علمًا ولم يُعطوا جدلًا ، وعندهم ايش ؟ سلامة وعقيدة صحيحة لكن ذلك المجادل قد يتغلب عليه بجدله بسبب سلامة علم هذا الإنسان وقلبه ، ولذلك فعلى كل مسلم أن يحفظ هذه القاعدة ، وهي قائمة على الآية السابقة لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ " يقال في الصفات ما يقال في الذات سلبًا وإثباتًا " ، حينذاك تستريح من أي مناقشة قد تضطر للدخول فيها وأنت غير مستعد لها .
الحلبي : شيخنا ذكرت في كلامك قول الخطيب البغدادي في مقدمة مختصر العلو نقلته أستاذي هذه فائدة لإخواننا .

الشيخ : جزاك الله خير .
الحلبي : الله يبارك فيك .

Webiste