تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح أثر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " إني... - الالبانيالشيخ : وعن عابس بن ربيعة قال : رأيتُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقبِّل الحجر - يعني الأسود - ، ويقول : " إني لَأعلَمُ أنك حجر لا تضرُّ ولا تنفع ، و...
العالم
طريقة البحث
شرح أثر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " إني لَأعلَمُ أنك حجر لا تضرُّ ولا تنفع ، ولولا أني رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك " .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : وعن عابس بن ربيعة قال : رأيتُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقبِّل الحجر - يعني الأسود - ، ويقول : " إني لَأعلَمُ أنك حجر لا تضرُّ ولا تنفع ، ولولا أني رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك " .
هذا الحديث عن ابن عمر أشهر من أن يُذكر .

السائل : ... .

الشيخ : عن عمر - رضي الله عنه - أشهر من أن يُذكر ، ولكن - مع الأسف الشديد - قليل من الناس جدًّا مَن يستفيد منه الفائدة التي رمى إليها عمر - رضي الله عنه - من هذه الكلمة حين قالها بين يدي الحجر الأسود ، ما يستفيدون الفائدة التي أرادَها عمر - رضي الله عنه - ؛ مع كونها صريحة في هذه الكلمة ، لما وقف عمر بن الخطاب في حجَّة من حجَّاته في خلافته أمام الحجر الأسود لِيُقبِّلَه قال : " إني لَأعلَمُ أنك حجر لا تضرُّ ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك " . إن كلمة عمر هذه لَتمثِّل مبدأ الدعوة السلفية التي نسمِّيها نحن .
= -- وعليكم السلام -- =
كلمة عمر هذه هي في الحقيقة منهاج دعوتنا التي ندعو الناس إليها ، وهي اتباع الرسول - عليه السلام - فعلًا وتركًا ، ما فَعَلَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلناه من الطاعات والعبادات ، وما تركَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما نظنُّه نحن أنه من الطاعات والعبادات تركناه ، مافعله فعلناه ، وما تركه تركناه ؛ لأن عمر - رضي الله عنه - يقول صراحةً : يا حجر ؛ لولا أنِّي رأيت رسول الله يقبِّلك ما قبَّلتك ، ليه ؟ لأنه إيش معنى التقبيل ؟ شيء الرسول - عليه السلام - ما شرعه لنا إلا أننا نشبِّه أنفسنا بالمشرِّع ، وهو الله الذي يشرع للناس ما يشاء ، فنحن نشرِّع من عند أنفسنا ما نشاء ، وهذا لا يجوز ، أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ، لا فرق أبدًا بين رجل يقبِّل شيئًا يتقرَّب به إلى الله - عز وجل - لم يشرَعْه لنا رسول الله كما يفعل بعض الناس من القبوريين الذين يقبِّلون الأعتاب والأبواب والنوافذ والشبابيك على قبور الأولياء والصالحين ؛ لا فرق أبدًا بين هذا التَّقبيل الذي لم يشرَعْه الرسول - عليه السلام - وبين رجل اتَّخذ للناس بيتًا وكلَّفَهم أن يطوفوا حوله ، أو هو طاف بنفسه حوله ، لا فرق بتاتًا ، اللهم إلا فرق واحد ؛ وهو اعتادَ كثير من الناس أن يقبِّلوا الأبواب الأعتاب عند الأولياء والصالحين ، فاستساغوا ذلك واستسهلوه ولم يستصعبوه ، وما وُجِد حتى اليوم - والحمد لله - شيخ من المشايخ بنى بيتًا وزخرَفَه وجمَّلَه ثم أخذ يطوف حوله هو وأصحابه ؛ هذا لم يقع ، لكنه لو وقع فهو وهذا التقبيل الذي يفعلونه اليوم سواء ؛ لماذا ؟ لأنُّو هذا الذي شرعَه رسول الله وذاك الذي شرعَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
اليوم نقبِّل أشياء كثيرة لم يفعَلْها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فلماذا لا نقول نحن كما قال عمر : ما دام أنُّو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قبَّلك فأنا لا أقبِّلك ؟ وحينما قبَّل نقول : ما دام أن الرسول قبَّلك فنحن نقبِّلك ؛ لماذا لا نسلك طريقة عمر في هذا ؟ لأننا انحرفنا عن الإسلام ، وانحرفنا عن سنة الخلفاء الراشدين ، ونحن نزعم بأننا نتَّبع الخلفاء الراشدين .
نحن إذا قلنا للناس : صلوا التراويح إحدى عشر ركعة فقامت القيامة علينا ، وقالوا : عمر بن الخطاب صلاها عشرين ، وهم في ذلك مخطئون ، وعمر ما صلاها إلا كما صلاها الرسول - عليه السلام - إحدى عشرة ركعة ، ففي الشيء الذي لم يفعَلْه عمر ولم يثبت عنه يتمسَّكون به ويعملون به ، وهو غير ثابت عن عمر ؛ بل هو على خلاف السنة ، وفي الشيء الذي لم يفعله عمر يتمسَّكون به ويقولون : يا أخي ، شو فيها ؟
ونضرب على هذا مثلًا محسوسًا ؛ الآن هذا الكتاب هو حديث الرسول - عليه السلام - ، فإذا أنا عندما افتتحت الدرس به أخذت وفعلت به هكذا ، هذا يفعله كثير من الناس خاصَّة في القرآن الكريم ، فإذا أنكرت على الناس تقبيل القرآن الكريم قاموا عليك قومةً واحدةً ؛ بيقول لك : إي ، هذا تعظيم للقرآن . نحن نقول كما قال عمر بن الخطاب : لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك ؛ فهل قبَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المصحف ؟ هل قبَّل القرآن الكريم ؟ هل قبَّل حديث مكتوب في عهده - عليه السلام - ؟ لا ، هل قبَّل جدران وأعتاب الصالحين من أصحابه من الشهداء الذين كانوا يموتون بين يديه في سبيل الله ؟ كلُّ ذلك لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فإذًا هل يُشرع لنا أن نقبِّل المصحف ؟ ليس ثمَّة ليس هناك كتاب أفضل من كتاب الله - عز وجل - وهو القرآن الكريم ؛ فهل يُشرع تقبيله ؟ الناس كلهم يقبِّلون القرآن ، والناس إذا أُدخِلَ القرآن إلى مجلس فهم يقومون له قيامًا ، هذا شيء تميل إليه النفوس بلا شك ، تستعبده النفوس ؛ لأنَّ لقضية قضية عاطفية جدًّا حسَّاسة ؛ لذلك لا تكاد تجد أحدًا ينكر هذا العمل ؛ ألا وهو القيام للقرآن إذا أُدخِلَ به إلى مجلس ، أو تقبيله إذا استلمه الإنسان ليقرأ فيه . فنحن نمشي على قاعدة عمر : لولا أني رأيت رسول الله يقبِّلك ما قبَّلته ، فعمر كان لا يقبِّل الحجر لو أن الرسول لم يقبِّله ، لكنه رأى الرسول يقبِّله فقبَّله ؛ فهل قبَّل الرسول - عليه السلام - المصحف ؟ الجواب : لا ، فهل ... ونترك البدع لا نقبله ، أما الناس الذين يأخذون الدين بعقولهم وعواطفهم ؛ فهم يقولون : نحن الذين ندعو الناس إلى اتباع الكتاب والسنة ، فنحن لا نفعل شيئًا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأدلتنا على ذلك كثيرة جدًّا ، ولسنا الآن في صدد سَوقها ، وإنما نحن في صدد قراءة ما جاء في هذا الباب في هذا الكتاب المشهور ؛ ألا وهو " الترغيب والترهيب " للمنذري . فهذا قول عمر مخاطبًا الحجر الأسود : " لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك " ، هذا هو مبدأ كل مسلم ، أو يجب أن يكون مبدأ كل مسلم ؛ أن لا يفعل شيئًا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ومما يناسب هذا المكان أن عبد الله بن عباس حجَّ في زمن معاوية مع معاوية ، فلما جاء معاوية إلى الطواف وبدأ كما هو العادة والسنة بالحجر الأسود قبَّلَ الحجر الأسود ، ثم لما مَرَّ بالركن الشامي الأول ، والثاني الركن الثاني الشامي مسحَ يده بهما ، وهكذا بالركن اليماني - أيضًا - مسح يده ، فأنكر ذلك عليه عبد الله بن عباس ، وقال له : امسح فقط الرُّكنين اليمانيين ، فكان جواب معاوية فأقولها صراحةً جواب المبتدعة اليوم ، ومعاوية ... صحابي ، لكن يخفى عليه شيء من السنة كما سترون ، ونحن ينبغي علينا أن نأخذ عبرة ، كان جواب معاوية لابن عباس حينما أنكر عليه تمسُّحه بالأركان الأربعة من الكعبة ، قال له : " ما من البيت شيء مهجور " ، كله بركة البيت ، ليش حتى ما أتمسَّح أنا بجميع أركانه ؟ قال له : " سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير مما تقول ، لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح الركن اليماني ويقبِّل الحجر الأسود ، وما كان يمسح الركنين الشاميين " . فاحتَجَّ ابن عباس على معاوية بسنة الرسول - عليه السلام - ، قال له : تتبرَّك وتمسَّح بما تمسَّح هو ، واترك ما ترك هو ، السنة خير من قولك هذا .
ونحن يجب أن نصوِّر لكم الآن بالنسبة لمن لم يحجَّ قد يخفى عليه المراد من هذا الكلام .

السائل : ... .

الشيخ : هذا - يا سيدي - في الغالب في " صحيح مسلم " .

السائل : ... .

الشيخ : نعم ؟

السائل : ... .

الشيخ : نعم .
الكعبة هي بناء ضخم مكعَّب ؛ يعني له أربعة أركان ، هذا ركن وهذا ركن ، ومربَّعة هي ، هنا ركن وهنا ركن .

السائل : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الركنين هدول ها ، الكعبة تقريبًا ارتفاعها تقريبًا خمسة عشر متر عالي ، هي مكعَّبة تقريبًا ؛ يعني الإرتفاع بقدر الطول هذا ، نحو شبر هكذا ، فهدول ركنين ، واحد اثنين ثلاثة أربعة ، ركنان منهما نحو الجنوب ؛ أي : نحو اليمن ، وركنان منها نحو الشام نحونا ، فالركنين نحو الشام يسمَّيان ويعرفان بالركنين الشاميين ، والركنين هدول هاللي نحو اليمن يُسمَّيان بالركنين اليمانيين ، هذا واحد وهذا الثاني ، هذا الركن الذي هو إلى جهة الشرق جنوب شرقي ، وهذا ركن جنوب غربي ، هدول ركنين ... الركن هاللي هو الركن الجنوبي الشرقي ... الحجر الأسود في هالزاوية هَيْ ، فحينما يستأنس ويتَّكئ الطائف طوافه يبدأ من هنا من عند الحجر الأسود .

السائل : حجر شمالي شرقي ولَّا جنوب شرقي ؟

الشيخ : جنوب شرقي ، هذا هو كما هو .

السائل : الجهات الأربعة .

الشيخ : كما هو يا أخي .
...

الشيخ : أنا أمثِّل لك الواقع ، أنا حججت - والحمد لله - أربع مرات ، فأصف لك كما رأيت .

السائل : ميزاب الرحمة بين الركنين الشاميين .

الشيخ : ميزاب الرحمة هو ما عرفته ... قلنا لك : صحيح ؛ لأنُّو هذا ما له أصل .

السائل : لا يعني في ... .

الشيخ : ما اختلفنا ، هدول الركنين اليمانيين الشاميين .

السائل : الشاميين .

الشيخ : وهدول الركنين اليمانيين .

سائل آخر : إي نعم .

الشيخ : الركن الجنوبي الشرقي هو اللي فيه الحجر الأسود ، فلما يبتدئ الإنسان الطواف يقف هنا تجاه الحجر الأسود ، ويمشي منطلقًا إلى جهة الشمال ، فيمرُّ بهذا الركن ، هذا الركن الشامي الأول ، وهذا الركن الشامي الثاني ، هذا الركن اليماني الثاني ؛ لأن الأول هو اللي فيه الحجر الأسود ، وهذا الثاني اللي بيكون غرب جنوبي ، معاوية ماذا فعل ؟ لما وقف مبتدئًا الطواف عند الحجر الأسود قبَّلَ الحجر وهذا سنة ، لما جاء إلى الركن الشامي الأول تمسَّح به تبرَّك به ، ثم لما جاء إلى هنا - أيضًا - تمسَّح به وتبرَّك به ، ولما جاء إلى هنا - أيضًا - تمسَّح به ، ابن عباس يلاحظه فأنكر عليه ذلك ، وقال : إن الرسول - عليه السلام - ما تمسَّح إلا بالركنين اليمانيين ، هذا قبَّله ، وهذا مسحه بيده ، وهذا لا يُشرع تقبيله ، إنما يُشرع التمسُّح به فقط ، شو كان جواب معاوية ؟
أنُّو كل البيت بركة ، فما فيه شيء مهجور . قال له : سنة الرسول - عليه السلام - خيرٌ مما تقول . يعني ألا يعلم الرسول - عليه السلام - اللي منه نحن علمنا آداب الطواف والكعبة وسننها وواجباتها وأركانها ؛ ألا يعلم هو أنُّو البيت كله بركة ؟ بلا شك هو يعلم ، فلماذا قبَّلَ هذا ومسح بيده هذا ، وترك هذا وهذا ؟! لأن الله - عز وجل - هو الذي شَرَعَ له ذلك ، وأعلَمَه بأنه يُشرع هذا تقبيله ، وهذا التمسُّح به ، أما هذا وهذا فلا يُشرع تقبيله ؛ فلذلك لم يفعل الرسول - عليه السلام - ، فلو كان تقبيل الركنين الشاميين يُشرع ومن السنة كان الرسول - عليه السلام - شرع ذلك للأمة ، فلما ترك ذلك كان من السنة علينا ترك ذلك .
وقد ذكر العلماء السِّرَّ في ترك الرسول - عليه السلام - للتمسُّح بالركنين الشاميين ، ما هو السِّرُّ ؟ قال : السر أنُّو هدول الركنين الشاميين هدول مو على وضع إبراهيم - عليه السلام - ، الوصف اللي وصفت لكم إياه الركنين هدول يوجد جدار قدر ارتفاعه متر ، يشكِّل نصف دائرة .

السائل : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام .
قوس حول الركنين ، لكن طرفَي القوس غير متَّصلين بهالركنين ، في فجوة هنا نحو متر تقريبًا ، فجوة من الركن إلى الطرف الأول من هذا القوس ، ثم فجوة أخرى في الطرف الثاني ؛ بحيث الإنسان يستطيع ... في وسطه هو الذي يُسمَّى بالحِجْر أو يُسمَّى بالحطيم ، فالناس حين يطوفون لا يدخلون في هذه الفجوة ، بل يمرُّون من وراء القوس من وراء الجدار هذا اللي ارتفاعه نحو متر .
الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّنَ لنا ما هو حقيقة هذا المكان الذي أحاط به القوس من الجدار ؛ فإنه لما دخل في حجة الوداع لما دخل الكعبة وصلى فيها أرادت السيدة عائشة - رضي الله عنها - أن تدخل الكعبة وتصلي فيها اتِّباعًا للرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وهذا - أيضًا - حديث جاء عرضًا بمناسبة بابنا هذا في اتِّباع الصحابة للرسول - عليه السلام - ، السيدة عائشة شافت النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل جوف الكعبة فأحبَّت هي أن تفعل كما فعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ولكن الدخول إلى بيت الله ، إلى الكعبة ، إلى جوف الكعبة كان ولا يزال - مع الأسف الشديد - من أصعب الأمور ؛ ذلك لأنه لا يمكن الدخول إليها إلا بدَرَج بسُلَّم ؛ لأنُّو بابه عالي فوق قامة الإنسان ؛ ولذلك اليوم من عادتهم بعد موسم الحجِّ بيجي الأمير أو بيجي الملك نفسه ، أمور طبعًا ليست من الإسلام في شيء ، مظاهر ما أنزل الله بها من سلطان ، فيضعون هذا الدَّرج للباب ، فيأتي الأمير أو الملك فيصعد ويدخل ويصلي في جوف الكعبة ، يُسمح لبعض الوجهاء من الناس ، أما عامة الناس فـ ... يُسمح لهم بالدخول إلا مع المقاتلة والمضاربة لبيت الله الحرام .
هكذا الآن وضع الكعبة لا يمكن الدخول إليها إلا بسُلَّم ، ولا يُسمح بالدخول إليها إلا لوجهاء الناس ، أما الرَّعاع وأما عامة الناس فلا يُمكنهم أن يدخلوا إلى جوف الكعبة ويقتدوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - . هكذا الآن ، وهكذا كان في زمن الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، وهذا بدعة من الأمر ؛ أي : كون أرض الكعبة عالية وباب الكعبة عالي لا يمكن الصعود إليها إلا بسُلَّم ؛ هذا خلاف ما كانت الكعبة عليه حينما بناها أبونا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، هكذا وجد الرسول - عليه السلام - الكعبة حينما صلى فيها ، فأرادت السيدة عائشة أن تصعد وتدخل تصلي بجوف الكعبة ، قال لها - عليه السلام - : صلِّ في الحجر ، شو هو الحجر ؟ المكان اللي هو بين الركنين الشاميين وبين إيش ؟ القوس من الجدار ، هذا اسمه الحجر ، قال - عليه السلام - لعائشة : صلِّ في الحجر ؛ فإنه من البيت ، هذا المكان المكشوف الآن والذي أُحِيطَ بهذا القوس من الجدار هو من البيت ، فليه راح تتعبي حالك أنت وتطلعي لفوق يا يصح لك يا ما يصح لك من الزحام ، وتفوتي تصلي في الكعبة ؟! لا تتعبي حالك ، صلِّ في هاالمكان المكشوف السَّهل الوصول إليه ؛ فإنه من الحجر .

سائل آخر : من البيت .

الشيخ : وإن قومك : لمَّا قصرَتْ بهم النفقة أخرجوا هذا الحجرَ من الكعبة ، ولولا أنَّ قومك حديثو عهد لَهدمْتُ الكعبة ولَبنيتُها على أساس إبراهيم - عليه السلام - ؛ يعني أدخلت المكان المكشوف اللي أُحِيط بهذا القوس من الجدار ضمِّيته إلى الكعبة ؛ لأنُّو هو أصله من الكعبة ، المشركون حينما هُدِمَ البيت في زمان قبل بعثة الرسول - عليه السلام - أصابه حريق ، فلم يستطيعوا أن يُعيدوا بناء الكعبة على أساس إبراهيم - عليه السلام - ؛ أي : بأن يضمُّوا الحجر إلى جوف الكعبة ، فأخرجوا الحجر عن الكعبة ، فصارت الكعبة قسمين ؛ قسم مبني مكعَّب ، وقسم خارج الكعبة وهو الحجر المُحاط بهذا القوس من الجدار ، ولولا أن قومك حديثو عهد بالشرك لَهدمْتُ الكعبة ، ولَبنيتُها على أساس إبراهيم - عليه السلام - ؛ أي : أدخلت الحِجْر إلى الكعبة ، ولَجعلت له أو لها بابين ، وجعلتُهما مع الأرض ، الارتفاع هذا كله يذهب به - عليه السلام - ويقضي عليه ، ولَجعلتهما من الأرض بابًا يدخلون منه ، وبابًا يخرجون منه .
هذا تنظيم أرادَه الرسول - عليه السلام - لِيُسهِّل على الناس الدخول إلى الكعبة والصلاة فيها ، ثم الخروج منها من الباب الآخر ، وهذا هو من التنظيمات التي يمشي عليها الناس اليوم في بناء بيوتهم فضلًا عن القصور الكبيرة ، لكن الرسول - عليه السلام - لم يهدم الكعبة ، ولم يفعل الذي أراده للناس من التيسير بأن يجعل للكعبة بابين مع الأرض بابًا يدخلون منه وبابًا يخرجون منه ؛ لماذا ؟ خشيةَ أن يتأثَّر بعضُ ضعفاء الإيمان بعملية الهدم ، فيقول هؤلاء : إي ، ما خلَّى لنا شيء إلا هدم لنا إياه وغير لنا إياخ ؛ حتى الكعبة ما خلاها على ما وجدنا عليها آباءنا وأجدادنا هدم لنا إياها ، فالرسول - عليه السلام - كان عنده طبعًا إحساس وكان عنده انتباه شديد ، وحسبنا أنه يُوحى إليه من السماء ، فكان يلاحظ عواطف الناس ويلاحظ وساوس الناس فيُداريهم إلى حدود كبيرة جدًّا ؛ من ذلك أنه أبقى بناء الكعبة على ما وجده عليه ، وقسم كبير منها خارج الكعبة ؛ لماذا ؟ حتى لا يتضعضع إيمان بعض الناس فيما لو هدم الكعبة وجدَّد بنيانها وجعل لها بابين ، بابًا يدخلون منه وبابًا يخرجون منه .
إذا عرفنا هذا وهو ثابت في " الصحيحين " فالرسول - عليه السلام - لم يستلم هذين الركنين ؛ لأنُّو ليس هذان الركنان من بناء إبراهيم - عليه السلام - ، الركنان لازم يكونوا عند الجدار عند القوس من الحجر ، فكانت الحكمة التشريعية تقتضي ترك مسِّ الركنين الشاميين هدول ؛ لأنُّو ليسوا مما بناه إبراهيم - عليه السلام - بخلاف ، نعم هذا السبب ، بخلاف الركنين اليمانيين ؛ فهما على وضع إبراهيم - عليه السلام - ؛ لا سيما والأول فيه الحجر الأسود ، فعمر بن الخطاب حينما وقف ليقبِّل الحجر الأسود قال : " إني لَأعلَمُ أنك حجر لا تضرُّ ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك " . هذا الحديث فيه ضرب مثل كبير جدًّا لنا من ناحيتين ، ناحية إيجابية التي تثبت أن المؤمن خاضع متَّبع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون أن يحكِّم عقله ، والناحية السلبية - أيضًا - متبع للرسول - عليه السلام - في الأشياء التي تركها ولم يفعلها ، فهو تابع متَّبع للرسول - عليه السلام - أتمَّ الاتباع فعلًا وتركًا ، رأى عمر نبيَّه يقبِّل الحجر ، والحجر لا يضرُّ ولا ينفع ، فقبَّله ، وهو يعلم أنه حجر لا يضرُّ ولا ينفع ، لماذا قبَّله ؟ لأنه يعلم أن الرسول - عليه السلام - معصوم عن الخطأ ، وأنه إذا فَعَلَ فعلًا فإنما هو بوحي السماء ، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ، ولماذا لا يقبِّل هذين الركنين الشماليين ؟ لأنه رأى الرسول - عليه السلام - لا يقبِّلهما ، لماذا لا يمسُّهما ؟ لأنه رأى الرسول - عليه السلام - لا يمسُّهما .
هذا هو مثال المؤمن المتَّبع تمامًا فعلًا وتركًا ، قبَّل الرسول - عليه السلام - الحجر فهو يقبِّله ، ترك الرسول - عليه السلام - تقبيل الركن اليماني الثاني ما قبَّله الرسول - عليه السلام - ؛ فلا يُشرع تقبيله خلاف ما يفعله كثير من الحجاج اليوم بسبب جهلهم بالسنة ، فهم إذا أتوا إلى الركن اليماني هاللي هو هذا قبَّلوه - أيضًا - ؛ مع أن السنة فقط لمسه باليد ، أما الركنان الشاميان فلا يُمسحان باليد ولا يُقبَّلان بالفم ؛ لماذا ؟ لأن الرسول - عليه السلام - لم يفعل ذلك ؛ فإذًا : " ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك " ، هذا هو نهج كل مسلم سلفي يريد أن يعمل كما كان السلف الصالح أن يفعل ما فعلوا وأن يترك ما تركوا .
المصحف ما قبَّله السلف الصالح فلا يُشرع لنا تقبيله ، إذا قال الإنسان : شو علينا إذا قبَّلناه ؟ بيكون هذا الكلام كله ضايع معه ، شو عليه لو قبَّل عمر شيء ما قبَّله الرسول - عليه السلام - من أركان الكعبة الأخرى ؟! عليه أنه خالف الرسول - صلى الله عليه وسلم - . المخالفة للرسول لا تكون فقط بالزنا والسرقة ، بل بالتعبُّد والتقرُّب إلى الله بشيء لم يشرَعْه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
هذا مخالفة للرسول - عليه السلام - ، وحديث عمر هذا بين أيدينا أكبر مثال على ذلك ، فاحفظوا هذه الكلمة من عمر ، ولا تظنُّوا أنُّو هي فقط أنُّو تشرع لنا تقبيل الحجر الأسود ، لا ؛ هي تضع لنا قاعدة ومنهج في الانطلاق في هذه الأعمال التي يفعلها الناس أو يتركونها ؛ نحن إما أن نفعل أو نترك ، ومبدأ الفعل والترك هو سنة الرسول - عليه السلام - ، ما فعله فعلنا ، وما تركه تركناه .
فإذا تركنا تقبيل المصحف وجئنا إلى تقبيل ثوب الرجل العالم أو التمسُّح ببدن الشَّيخ اللي خطب الخطبة ونزل من الخطبة يوم الجمعة وبيجوا الناس ويتبركوا فيه ويتمسَّحوا فيه ، هل كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلون هذا مع - عليه السلام - وهو أطهر إنسان وُجِدَ على الأرض ؟! الجواب : لا ؛ إذًا من هؤلاء الذين يتمسَّح بهم الناس ويتبرَّكون بهم ؟! هذا بدعة من جملة البدع التي ينصُّ كلام عمر على ذلك ، لولا أني رأيت رسول الله يقبِّلك ما قبَّلتك ، طرِّدوا هذا ؛ لولا أني رأيت رسول الله فعل كذا ما فعلته ، لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ كذا ما قرأت ، وهكذا بقى تستطيعون أن تقولوا أن هذه الزيادات قبل الأذان وبعد الأذان ، وبين يدي الإقامة وبعد الإقامة ، بين يدي الإقامة في الصلاة ممَّا يسمونه بالترقية يوم الجمعة وما شابه ذلك ؛ كل هذه الأشياء لم يفعلها الرسول - عليه الصلاة والسلام - ؛ فهل نفعل ذلك نحن ؟ لا ؛ لأن عمر علَّمنا فقال : " لولا أني رأيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك " ، فإذا علمنا أن الرسول ما فعل شيئًا فنحن لا نفعله ؛ لأن عمر لو لم يعلم أن الرسول قبَّل ما كان يقبِّل ؛ لذلك وجدناه قبَّل ما قبَّل الرسول ، وترك ما ترك تقبيله الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

Webiste