الشيخ : جرى نقاش حول هذه المسألة مع ذاك العالم الأزهري كان بزمانه بالجمعية الشرعية المسمين السُّبكيين أو الخطابيين ، قلت له : الـ ... أو هذا الكون محدود أم لا أم ليس بمحدود ؟ قال : لا ، محدود . قلت له : المكان وجودي أم عدمي ؟ قال : لا ، أمر وجودي ما هو عدمي . نفترض وجودي ؛ يعني له ثبوت يعني في هذا الكون .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أهلًا .
ليس - مثلًا - كأيِّ خيال يتخيَّله الإنسان ... كلٌّ منَّا ، إي نعم ، كلٌّ منَّا ... كلٌّ منَّا يستطيع يتخيَّل إنسان له ... هذا خيال ليس له ... ليس له وجود ، فهذا المقصود المكانُ أمر وجودي أم عدمي ؟ قال : لا ، المكان أمر وجودي وليس عدمي . قلت : أنا ما أستطيع ... ولكن احفظ ما اتَّفقنا عليه ، الكون محصور ، والمكان أمر وجودي ؛ نحن على هذا ؟ قال : نعم .

السائل : ... .

الشيخ : قلت له : هل ... الأولى كون ؟ قال : نعم ، والثانية والثالثة والرابعة والسابعة ، وماذا فوق السماء السابعة ؟ قال : العرش . قلت : وماذا فوق العرش ؟ قال : الكروبيون . قلت : ما هو هالكروبيون ؟ أنا أعرف هذا ، لكن أحببت التنبيه من جهة ، وتنبيه الحاضرين ... الرسول يتكلم علماء الأزهر ، قلت : ما هؤلاء الكروبيون ؟ قال : هؤلاء ملائكة . قلت له : هؤلاء الملائكة فوق العرش ؟ قال : إي نعم ، قلت : ما الدليل على ذلك ؟ فهل عندك آية أو حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ صفن هيك ... قال : هكذا مشايخنا درَّسونا . قلت : يا عجبًا ... أنُّو العقيدة لا تثبت حتى من حديث صحيح ، لا بد أنُّو يكون حديث متواتر ، هكذا يقولون ، ولنا رسالة طُبِعَت حديثًا وربما تطَّلعون عليها قريبًا ... لكن أنا ... يعتقد ويدين به ؛ فَهُم لا يثبتون عقيدة بحديث صحيح إلا حتى يكون تواتر ؛ فكيف أنت تعتقد بالكروبيون وأنهم فوق العرش ؟ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لا ، الكروبيون على العرش ، وأنت ما عندك لا آية ولا حديث ، قلت هذه بما ذكرنا ... ، لا نقف ههنا ؛ لأنُّو هذا ليس بيت القصيد من كلامنا ، بيت القصيد ... والحديث ، أنا لا أعتقد بأن هناك فوق العرش شيء من المخلوقات إطلاقًا ؛ لأنه ما جاءنا لا آية ولا حديث ، ولو حديث آحاد ، ولكن عندنا في الشام ... يقولون : " هاللي ما بيجي معك تعال معه " .
أنا الآن لا أستطيع أن أجبرك معي ، تعتقد معي هناك الكروبيون فوق العرش ؛ لا سيما أنه ... أنا أمشي معك الآن ، أفترض أنُّو فوق العرش كروبيون فوق خلق الله - عز وجل - ؛ فهل فوق الكروبيون خلق آخر ؟ " وقف حمار الشَّيخ عند العقبة " !! ما درى ... أن الكون مخلوق ، فلا بد ما تقول إذا قلت - مثلًا - أنت كما قلت : فوق العرش كروبيون ؛ فإذًا فوق الكروبيون إيش ؟ ... في شيء آخر ، وفي ... لأنُّو اتَّفقنا أنُّو الكون محدود ، هذا الكلام صحيح ، قلنا له : إذًا مهما سلسلت الموضوع فتضع حدًّا أنُّو هذا العرش هو نهاية الكون ، أو الكروبيون ، أو ما فوق الكروبيون ؛ انتهى الكون ؛ أليس كذلك ؟ قال : إي . قلت : نأتي بقى إلى المكان ، وقد اتفقنا أنه وجودي ليس عدميًّا ، فبعدما تحدَّد الكون إما بالعرش وإما بشيء آخر ؛ فماذا فوق هذا المخلوق أو العرش مثلًا ؟ هل هناك مكان ؟ قال : لا . قلت له : سبحان الله ! فإذًا لماذا تتَّهمون السلفيين الذين يقولون بأن الله فوق المخلوقات كلها ... وجعلوا له مكان ، وأنت اعتقدت معي أنُّو ليس هناك مكان ؟!
فالحقيقة أنه هؤلاء علماء الكلام يتوهَّمون من إثبات ... لله أنُّو حصرناه في مكان ، والحقيقة أن لا مكان ، والذي يؤكد لنا هذا عقيدة متَّفق عليها بين جميع الطوائف المسلمة : كان الله ولا شيء معه ... إذًا حينما كان الله هل كان في مكان ؟ فهو كذلك الآن ليس في مكان ؛ لأن الله غنيٌّ عن العالمين ، فالغفلة من نقطة أو من قضية تؤدِّي إلى قضية أخرى ... حتى وصل الأمر إلى تأويل الآيات التي نزلت ... تأويل مطلقًا ، ولكن لما وقعوا في مثل تلك الخطيئة ، وتصوَّروا أنُّو إذا قيل : الله في السماء يعني في العلوِّ المطلق على التفسير الصحيح ، وبمكان جعلناه ، ونسوا أو تناسَوا أنُّو وراء الخلق ليس ثمَّة مكان ... .