بيان حقيقة الإسلام ، مع شرح حديث جبريل المشهور في الإسلام والإيمان والإحسان .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : وقبل أن ننتقل إلى حديث ثالث - وهو تقريبًا بمعنى الحديثين السابقين - لا بدَّ لي من أن أقف قليلًا عند لفظة الإسلام في الحديث الأول : طوبى لِمَن هُدِيَ للإسلام ، وفي الحديث الثاني : مَن أسلَمَ .
أسلَمَ بمعنى هُدِيَ للإسلام ؛ ففي هذا الحديث بيان واضح أنَّ المرء إذا جَمَعَ بين هاتَين النعمتين النعمة المعنوية الروحية ؛ وهو أن يُهدى إلى الإسلام ، والنعمة الأخرى المادية التي بها يحيا للإسلام ؛ فهنيئًا لهذا الإنسان الذي هُدِيَ للإسلام ورُزِقَ كفافًا ، أو قَنَعَ بما رزقه الله - عز وجل - .
أرى أنه لا بد من الوقوف عند هذه الكلمة " الإسلام " و " أسلَمَ " ؛ فإن كثيرًا من الناس اليوم ممَّن ينتمون إلى الإسلام ويسمَّون بالمسلمين ؛ كثيرون منهم لا يعرفون حتى اليوم حقيقة إسلامهم ، فإذا كان الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يهنِّئك مَن هُدِيَ للإسلام ؛ فمعنى هذا أنه يُشير إلى أنه قد هُدِيَ إلى أكبر نعمة معنوية روحية ، فما هو هذا الإسلام ؟
لا بأس من أن أروي لكم حديثًا هو معروف عند بعضكم ، ومجهول أو على الأقل غير مطروق كثيرًا عند آخرين منكم ؛ وفيه عبرة وفيه موعظة وفيه بيان لهذا الذي نحن في صدده ألا وهو الإسلام ؛ ذلك الحديث هو المعروف عند علماء الحديث بحديث جبريل - عليه الصلاة والسلام - الذي يرويه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - وعن أبيه الذي يرويه عنه حيث قال : حدثني عمر ، ابن عمر يقول : حدثني عمر ؛ يعني أباه ؛ أنه كان في مجلس مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، لما جاء رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يُرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منَّا أحد ؛ حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فأسنَدَ ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفَّيه على فخذيه ، ثم قال : يا محمد ، أخبِرْني عن الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا . قال السَّائل : صدقت . قال عمر : فعجبنا له يسأله ويصدِّقه ! قال : فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : الإيمان أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال : صدقت . قال : فعَجِبْنا له يسأله ثم يصدِّقه ! قال : فأخبرني عن الإحسان ؟ قال : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ؛ فإنه يراك . قال : فأخبرني عن الساعة ؟ قال : ما المسؤول عنها بأعلم من السَّائل . قال : فأخبرني عن أماراتها ؟ قال : أن تلد الأمَةُ ربَّتها ، وأن ترى الحُفاة العراة رعاء الشَّاء يتطاولون في البنيان . قال عمر : ثم لَبِثْنا مليًّا - أي : طويلًا وقتًا مديدًا ، وفي رواية : ثلاثة أيام - ثم قال - عليه الصلاة والسلام - : أتدرون من السَّائل ؟ . قالوا : الله ورسوله أعلم . قال - عليه الصلاة والسلام - : ذاك جبريل جاءكم يعلِّمكم دينكم .
التعليق على هذا الحديث يطول فيه الكلام فهو شيء هام جدًّا ، ولكننا لَسْنا بهذا الصدد ، وإنما سُقْناه لأمرين اثنين : الأول : تذكيرًا لكم به ، والآخر : ربطًا للجواب على السؤال الأول لِمَا جاء في هذا الحديث مِن ذكر مَن أسلَمَ ومَن هُدِيَ للإسلام ؛ حيث سأل جبريل - عليه الصلاة والسلام - وهو قد تصوَّر بصورة إنسان ، جاء إلى مجلس الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، ويبدو أنه كان في المجلس شيء من الوجوم ومن عدم الانطلاق في البحث والعلم ؛ ذلك لأن قوله - عليه الصلاة والسلام - في آخر الحديث من الرواية السابقة : هذا جبريل جاءكم يعلِّمكم دينكم ، قد جاء في رواية أخرى في " صحيح مسلم " - أيضًا - ولكن من رواية أبي هريرة وليس رواية عمر ، قال : هذا جبريل أتاكم يريد أن تعلَّموا إذ لم تسألوا .
الشاهد هنا : أتاكم يريد أن تعلَّموا ؛ أي : أن تتعلَّموا إذ لم تسألوا ؛ فما دام أنتم واجمون وساكتون ولا تسألون فقد بَعَثَ الله - عز وجل - رسوله جبريل - عليه السلام - إليكم ليعلِّمكم بطريقة السؤال والجواب ، وهذا الحديث الصحيح من أدلة كثيرة على أنَّ من طرق تعليم العلم في الإسلام هو طريقة السؤال والجواب ، وليس كما يتوهَّم الكثيرون اليوم الذين لا علمَ عندهم بالإسلام أن هذه الطريقة من السؤال والجواب هي طريقة أوروبية أجنبية ، بل هي طريقة إسلامية شَرَعَها الله - عز وجل - بواسطة جبريل - عليه الصلاة والسلام - حين أرسله إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ويجلس بين يديه جلوس المتعلِّم أمام المعلِّم قد ألصَقَ ركبتيه لركبتيه ، ووضع كفَّيه على فخذي الرسول على ركبتي الرسول يَظهر للناس الحاضرين اهتمامه بالعلم وما به من حاجةٍ إلى علم ، ولكنه يريد أن يعلِّم أولئك الذين لم يسألوا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عمَّا هم بحاجة إليه من علم .
أسلَمَ بمعنى هُدِيَ للإسلام ؛ ففي هذا الحديث بيان واضح أنَّ المرء إذا جَمَعَ بين هاتَين النعمتين النعمة المعنوية الروحية ؛ وهو أن يُهدى إلى الإسلام ، والنعمة الأخرى المادية التي بها يحيا للإسلام ؛ فهنيئًا لهذا الإنسان الذي هُدِيَ للإسلام ورُزِقَ كفافًا ، أو قَنَعَ بما رزقه الله - عز وجل - .
أرى أنه لا بد من الوقوف عند هذه الكلمة " الإسلام " و " أسلَمَ " ؛ فإن كثيرًا من الناس اليوم ممَّن ينتمون إلى الإسلام ويسمَّون بالمسلمين ؛ كثيرون منهم لا يعرفون حتى اليوم حقيقة إسلامهم ، فإذا كان الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يهنِّئك مَن هُدِيَ للإسلام ؛ فمعنى هذا أنه يُشير إلى أنه قد هُدِيَ إلى أكبر نعمة معنوية روحية ، فما هو هذا الإسلام ؟
لا بأس من أن أروي لكم حديثًا هو معروف عند بعضكم ، ومجهول أو على الأقل غير مطروق كثيرًا عند آخرين منكم ؛ وفيه عبرة وفيه موعظة وفيه بيان لهذا الذي نحن في صدده ألا وهو الإسلام ؛ ذلك الحديث هو المعروف عند علماء الحديث بحديث جبريل - عليه الصلاة والسلام - الذي يرويه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - وعن أبيه الذي يرويه عنه حيث قال : حدثني عمر ، ابن عمر يقول : حدثني عمر ؛ يعني أباه ؛ أنه كان في مجلس مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، لما جاء رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يُرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منَّا أحد ؛ حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فأسنَدَ ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفَّيه على فخذيه ، ثم قال : يا محمد ، أخبِرْني عن الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا . قال السَّائل : صدقت . قال عمر : فعجبنا له يسأله ويصدِّقه ! قال : فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : الإيمان أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال : صدقت . قال : فعَجِبْنا له يسأله ثم يصدِّقه ! قال : فأخبرني عن الإحسان ؟ قال : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ؛ فإنه يراك . قال : فأخبرني عن الساعة ؟ قال : ما المسؤول عنها بأعلم من السَّائل . قال : فأخبرني عن أماراتها ؟ قال : أن تلد الأمَةُ ربَّتها ، وأن ترى الحُفاة العراة رعاء الشَّاء يتطاولون في البنيان . قال عمر : ثم لَبِثْنا مليًّا - أي : طويلًا وقتًا مديدًا ، وفي رواية : ثلاثة أيام - ثم قال - عليه الصلاة والسلام - : أتدرون من السَّائل ؟ . قالوا : الله ورسوله أعلم . قال - عليه الصلاة والسلام - : ذاك جبريل جاءكم يعلِّمكم دينكم .
التعليق على هذا الحديث يطول فيه الكلام فهو شيء هام جدًّا ، ولكننا لَسْنا بهذا الصدد ، وإنما سُقْناه لأمرين اثنين : الأول : تذكيرًا لكم به ، والآخر : ربطًا للجواب على السؤال الأول لِمَا جاء في هذا الحديث مِن ذكر مَن أسلَمَ ومَن هُدِيَ للإسلام ؛ حيث سأل جبريل - عليه الصلاة والسلام - وهو قد تصوَّر بصورة إنسان ، جاء إلى مجلس الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، ويبدو أنه كان في المجلس شيء من الوجوم ومن عدم الانطلاق في البحث والعلم ؛ ذلك لأن قوله - عليه الصلاة والسلام - في آخر الحديث من الرواية السابقة : هذا جبريل جاءكم يعلِّمكم دينكم ، قد جاء في رواية أخرى في " صحيح مسلم " - أيضًا - ولكن من رواية أبي هريرة وليس رواية عمر ، قال : هذا جبريل أتاكم يريد أن تعلَّموا إذ لم تسألوا .
الشاهد هنا : أتاكم يريد أن تعلَّموا ؛ أي : أن تتعلَّموا إذ لم تسألوا ؛ فما دام أنتم واجمون وساكتون ولا تسألون فقد بَعَثَ الله - عز وجل - رسوله جبريل - عليه السلام - إليكم ليعلِّمكم بطريقة السؤال والجواب ، وهذا الحديث الصحيح من أدلة كثيرة على أنَّ من طرق تعليم العلم في الإسلام هو طريقة السؤال والجواب ، وليس كما يتوهَّم الكثيرون اليوم الذين لا علمَ عندهم بالإسلام أن هذه الطريقة من السؤال والجواب هي طريقة أوروبية أجنبية ، بل هي طريقة إسلامية شَرَعَها الله - عز وجل - بواسطة جبريل - عليه الصلاة والسلام - حين أرسله إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ويجلس بين يديه جلوس المتعلِّم أمام المعلِّم قد ألصَقَ ركبتيه لركبتيه ، ووضع كفَّيه على فخذي الرسول على ركبتي الرسول يَظهر للناس الحاضرين اهتمامه بالعلم وما به من حاجةٍ إلى علم ، ولكنه يريد أن يعلِّم أولئك الذين لم يسألوا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عمَّا هم بحاجة إليه من علم .
الفتاوى المشابهة
- الإسلام - ابن عثيمين
- شرح أثر عمر رضي الله عنه ( نحن قوم أعزنا الله... - الالباني
- شرح قطعة من حديث جبريل وهو قوله : ( الإسلام :... - الالباني
- شرح أحاديث من الترغيب والترهيب للمنذري من كتاب... - الالباني
- الفرق بين الإيمان والإسلام - الفوزان
- الفرق بين الإيمان والإسلام - ابن باز
- حقيقة الإسلام - اللجنة الدائمة
- باب : سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن... - ابن عثيمين
- الكلام على جبريل وذكر قصة حديث جبريل في سؤال... - ابن عثيمين
- بيان حقيقة الإسلام ومعنى قوله صلى الله عليه وس... - الالباني
- بيان حقيقة الإسلام ، مع شرح حديث جبريل المشهور... - الالباني