إذا ما ذكَّرنا المسلمين بهذه الآية فأظنُّ أن الأمر لا يحتاج إلى كبير شرح وبيان ، وإنما هو فقط التذكير ، والذِّكرى تنفع المؤمنين . كلُّنا يعلم - إن شاء الله - أن قوله - تبارك وتعالى - : { إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ } شرطٌ جوابه : { يَنْصُرْكُمْ } ، إن تأكل إن تشرب إِنْ إِنْ ؛ الجواب : تحيا ، إن لم تأكل إن لم تشرب ماذا ؟ تموت ! كذلك تمامًا المعنى في هذه الآية : { إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ } ، المفهوم - وكما يقول الأصوليون - مفهوم المخالفة : إن لم تنصروا الله لم ينصركم ، هذا هو واقع المسلمين اليوم . توضيح هذه الآية جاءت في السنة في عديد من النُّصوص الشرعية ، وبخاصَّة منها الأحاديث النبوية ، { إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ } معلومٌ بداهةً أن الله لا يعني أن ننصُرَه على عدوِّه بجيوشنا وأساطيلنا وقواتنا المادية ؛ لا ، إن الله - عز وجل - غالب على أمره ، فهو ليس بحاجة إلى أن ينصُرَه أحدٌ نصرًا مادِّيًّا ، هذا أمر معروف بدهيًّا ؛ لذلك كان معنى : { إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ } ؛ أي : إن تتَّبعوا أحكام الله فذلك نصرُكم لله - تبارك وتعالى - .
والآن هل المسلمون قد قاموا بهذا الشرط ؟ قد قاموا بهذا الواجب أوَّلًا ؟ ثم هو شرط لتحقيق نصر الله للمسلمين ثانيًا ؟ الجواب عند كلِّ واحد منكم : ما قام المسلمون بنصر الله - عز وجل - .
وأريد أن أذكر هنا كلمة - أيضًا - من باب التذكير وليس من باب التعليم ، على الأقل بالنسبة لبعض الحاضرين :
إن عامة المسلمين اليوم قد انصرفوا عن معرفتهم أو عن تعرُّفهم على دينهم ، عن تعلُّمهم لأحكام دينهم ؛ فأكثرهم لا يعلمون الإسلام ، وكثير أو الأكثرون منهم إذا ما عرفوا من الإسلام شيئًا عرفوه ليس إسلامًا حقيقيًّا ، عرفوه إسلامًا منحرفًا عمَّا كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه ؛ لذلك فنصرُ الله المَوعود به مَن نَصَرَ الله يقوم على معرفة الإسلام أوَّلًا معرفة صحيحة كما جاء في القرآن والسنة ، ثم على العمل به ثانيًا ، وإلا كانت المعرفة وبالًا على صاحبها كما قال - تعالى - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } ؛ إذًا نحن بحاجة إلى تعلُّم الإسلام وإلى العمل بالإسلام .