تم نسخ النصتم نسخ العنوان
هل تُثار المسائل الخلافية مثل صيام يوم السبت ب... - الالبانيالسائل : يا شيخ ، القضايا المُختلف فيها بين العامة ؛ مثل صيام يوم السبت - مثلًا - ؛ هل يجوز لنا - مثلًا - أن نقول هذا بين العامة نقول لهم : لا تصومون يو...
العالم
طريقة البحث
هل تُثار المسائل الخلافية مثل صيام يوم السبت بين العامة ؛ نرجو التفصيل في ذلك ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : يا شيخ ، القضايا المُختلف فيها بين العامة ؛ مثل صيام يوم السبت - مثلًا - ؛ هل يجوز لنا - مثلًا - أن نقول هذا بين العامة نقول لهم : لا تصومون يوم السبت إلا في الفرض ، كما قيل لنا بعض الناس قال : لا تثيروا هذه القضايا بين الناس ؛ ما دام علماء هذه البلاد يفتون بكذا ، لا تخالفوا علماء هذه البلاد أو كذا ؟

سائل آخر : هو الحديث حتى لا يُؤخذ به هناك .

السائل : يقولون : تشوِّشون على الناس وكذا ، فالرَّدُّ على هؤلاء الناس ، نحن نعرف - إن شاء الله - أنه يجب علينا أن .

سائل آخر : أنا - شيخنا - نصحت أحد الأخوة الأفاضل الدعاة وهو ملتزم بالفكر السلفي ، مدرِّس في الجامعة الإسلامية ، فكان يوم عاشوراء أعتقد تاسوعاء كان هذه المرَّة كان في يوم سبت ، تاسوعاء أظن كان يوم سبت ، فذكَّر الناس في خطبة الجمعة ذكَّرهم بصيام تاسوعاء وعاشوراء ، وكان تاسوعاء يوم سبت ، بعد الصلاة جيت عليه أنا بيَّنت له : وقلت له : لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرِضَ عليكم ، ثم قلت له : هنا نهي ، ثم تخصيص بالفرض فقط ، ثم لو لم يجد أحدكم إلا عود .

الشيخ : لحاء شجرة .

سائل آخر : لحاء شجر أو عود عنب فليمضَغْه ، يعني أمره يؤكِّد القضية ، فقال : يا أخ أبا معاذ ، أوَّلًا : الإمام مالك رفض الحديث ، ثانيًا : هذا الحديث يخصِّصه ما بعده ، طيب ، هل صمت يومًا قبله أو يوم بعده ؟ ، وبدأ يعني يلفّ القضية في الموضوع هذا ، فحقيقةً أقول : جزاك الله خير ، هذا الموضع يحتاج إلى شيء من التفصيل - شيخنا - فيه لإخواننا في السعودية ، يحتاج إلى شيء من التفصيل .

السائل : وقضايا كثيرة شيخنا ، والرد عليها .

سائل آخر : ... .

السائل : خاصَّة - مثلًا - إذا كان علماء هناك أفتوا بشيء يقول : لا تخالفهم ... .

سائل آخر : والعلماء طبعًا لا يأخذون بالحديث إطلاقًا ؛ يعني إجماعًا ، يقولون : هذا حديث مخصَّص بحديث : هل صمت يومًا بعده ؟ ، واليوم بعده يوم السبت كان ... سيكون يوم سبت ، بعد الجمعة السبت .

السائل : حديث جويرية ... .

سائل آخر : إي نعم ... أكيد بس قصدي منشان إخواننا في السعودية .

الشيخ : نحن نقول : هذا الموقف يعود بالمسلمين إلى عصور التعصُّب المذهبي ، وهذا التعصُّب بالصحوة الإسلامية القائمة الآن بث ، قد قُضِيَ عليه إن شاء الله عند كثير من طلاب العلم فضلًا عن العلماء ؛ ولذلك فقولهم هذا معناه معاكسة ما انتهى إليه العلم الصحيح القائم على نصوص الكتاب والسنة التي منها قوله - تبارك وتعالى - : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ، ونحو ذلك من الآيات والأحاديث التي تأمر المسلم باتباع السنة وليس باتباع مخالفي السنة ؛ ولهذا فلا ينبغي لطالب علم فضلًا عن عالم من علماء المسلمين أن يعود بالمسلمين القهقرى ، فيُوجب عليهم اتباع علمائهم وفي بلدهم ، والإسلام كما نعلم جميعًا بلد واحد ؛ فلا ينبغي إذا كان - مثلًا - بلد يغلب عليه التمسُّك بمذهب ، وأراد أحدُ أفرادِ هذا البلد أن يأخذ برأي مذهب آخر ، لكن هذا المذهب ليس معروفًا ولا مشهورًا في ذلك البلد ؛ فلا ينبغي أن يُقال لمثل هذا : لا تخالف العلماء ، كلمة " لا تخالف العلماء " لها محلٌّ غير هذا المحل ، لا تخالف علماء المسلمين في بلاد الإسلام ؛ أي : لا تخالف إجماعهم ، أما لا تخالف علماء في بلد ما ، وهناك علماء في بلد آخر يقولون بخلاف قول البلد الأول ؛ هذه نعرة مذهبية جديدة لا ينبغي أن تصدر من بعض طلاب العلم فضلًا عن أن يصدر من عالم موثوق بعلمه .
الحقيقة أنَّ هذه الكلمة تعود بنا إلى المؤلفات وإلى البحوث والمقالات التي أُلِّفت في الرَّدِّ على المقلِّدة ، وعلى الذين اتَّخذوا التقليد دينًا ، وأعرضوا بذلك عن التمسُّك بالكتاب والسنة ؛ ممكن أن يُقال : يا فلان ، ادع بالتي هي أحسن ؛ لا تقول : هذا الرأي هو الذي يجب أن يأخذ به كلُّ مسلم ، وإنما نقتدي - أيضًا - بالسلف الصالح الذين كان أحدهم يقول : هذا ما عندي ، فمَن كان عنده خير ممَّا عندي فليقدِّمه لنا ، ومسألتنا هذه ليست مسألة اجتهادية حتى يُقال أن الرأي مختلف ، لو أن الأمر كذلك فالأمر سهل جدًّا ، لكن نحن نحتجُّ بهذا الحديث الصحيح .
والذين يقولون بأن الإمام مالكًا رَفَضَ هذا الحديث فإنما أُتُوا من الجهل بالحديث ؛ لأن هذا الحديث كما كنت تكلَّمتُ عليه بتفصيل في كتابي " إرواء الغليل " له ثلاثة طرق ، فحديثٌ يُروى من طرقٍ ثلاثة لو افتُرِضَت هذه الطرق أنها كلها ضعيفة لَطُبِّقت عليها قاعدة : " الحديث الضعيف يتقوَّى بكثرة الطرق " ؛ فكيف وبعضها صحيح لذاته ؟ فإن صح النقل عن الإمام مالك بردِّه لهذا الحديث ، وأنا أذكر هذا أنهم نقلوا عنه أنه قال : حديث كذب . طيب ؛ كيف حديث كذب ورُوِي بثلاثة أسانيد وبعضها صحيح ؟
بعض العلماء الآخرين كأبي داود - مثلًا - وهو ممَّن أخرج هذا الحديث ما استطاع أن يرفضه ، لكنه قال : " إنه منسوخ " ، ومعلوم من قواعد علم أصول الفقه أن الحديث لا يُصار إلى ادِّعاء نسخه إلا إذا لم يمكن التوفيق بينه وبين مُعارِضِه ، وهنا لا يوجد حديث يعارض معارضة لا يمكن التوفيق بينهما ، فيُصار حينَ ذاك إلى ادِّعاء النسخ ، أما حديث جويرية حينما أمَرَها الرسول - عليه السلام - أن تتغدَّى معه ، قالت : إني صائم . قال : هل صمتِ الخميس ؟ . قالت : لا . هل تريدين أن تصومي غدًا ؟ . قالت : لا . قال : فأفطري . هذا الحديث لا يُعتبر قاعدة ، وإنما هي تُعالج واقعة بعينها ؛ أي : هذه المرأة الفاضلة التي صامت يوم الجمعة ؛ هذه التي صامت يوم الجمعة ولم تكن قد صامت يوم الخميس تُؤمَر أن تضُمَّ إلى يوم الجمعة يوم السبت ، أما أن تأتي أنت ابتداءً وتصوم يوم الجمعة بقصد أن تصوم يوم السبت ؛ فهنا تُخالف الحديث حديثنا هذا : لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرِضَ عليكم ؛ فإذًا هنا التوفيق واسع جدًّا ، أنا الآن وكلُّ الحاضرين يعلمون أن الرسول نهى عن صوم يوم الجمعة ، فنحن ما نصوم يوم الجمعة إلا إذا صُمْنا يوم الخميس ؛ لأن صيام يوم الخميس مستحب ومشروع ، لكن أنا ما صمت يوم الخميس ؛ فهل أبتدئ الصيام يوم الجمعة لِأُتبِعَه بصيام يوم السبت ؟ لا ؛ لأن الحديث الذي ذكرناه آنفًا إنما هو بالنسبة للتي صامت يوم الجمعة وهي لا تدري هذا الحكم ، فكفارة هذا الصيام ليوم الجمعة إتباعه بصيام يوم السبت ، هذا الجواب رقم واحد .
الجواب رقم اثنين : ماذا يعني كل هذه العملية صيام يوم الجمعة وبعده صيام يوم السبت لعامة الناس ؛ هل هو أمر واجب ؟ الجواب : لا ، طيب ؛ هل هو أمر جائز ؟ الجواز بلى ، هل هو أكثر من ذلك ؟ نعم ، الاستحباب . جميل جدًّا ، هنا قاعدة وهي : " إذا تعارض حاظرٌ ومبيحٌ ما الذي يُقدَّم ؟ يُقدَّم الحاظر على المبيح ، لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرِضَ عليكم ، طيب ، أنا بدي أصوم الجمعة والسبت ؛ ما حكم هذا الصيام ؟ واجب ؟ الجواب : لا ؛ إذًا الحاظر يُقدَّم على المبيح .
لذلك فَمِن حيث ما ذكرت فلا مجال أبدًا لصيام يوم عاشوراء وصيام يوم عرفة إذا صادَفَ يوم السبت ، ثم إن كثيرًا من الناس يقعون في الوهم أشبه ما يكون بتوهيم التلامذة الصغار بعضهم لبعض ؛ حينما يقول أحدهم مفاجئًا لزميله : قنطار قطن أثقل ولَّا رصاص ؟ فيقول له : رصاص ، وغفل عن كلمة قنطار ، قنطار قطن أثقل ولَّا قنطار رصاص ؟ هداك يُفاجئ غافلًا يقول : لا ، رصاص . يا أخي ، القضية قنطار ، قنطار قطن يملأ الدار كلها ، قنطار رصاص يمكن جانب من الدار ، لكن هو قنطار . فالشاهد من هذا المثال هو كثير من الناس يتوهَّمون أنهم إذا صادف يوم عرفة يوم السبت فلا يصوم فيخسر ، الحقيقة هو الرابح ؛ لِمَ ؟ لقوله - عليه الصلاة والسلام - : مَن تَرَكَ شيئًا لله عوَّضَه الله خيرًا منه ، الذي لا يصوم يوم السبت ائتمارًا بأمر الرسول - عليه السلام - في يوم عاشوراء أو في يوم عرفة هذا خير من الذي صامه وهو يعلم أن نبيَّه قد نهاه عن صيام يوم السبت إلا في الفرض .
وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

السائل : جزاك الله خير .

الشيخ : يا الله ، في أحد ؟
السلام عليكم .

Webiste