تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير سورة هود - الفوزانسؤال: يقول الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ...
العالم
طريقة البحث
تفسير سورة هود
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
سؤال: يقول الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود: ١٠٦-١٠٨] ، ما معنى هاتين الآيتين، وما المقصود بدوام السماوات والأرض، وبالاستثناء في قوله: إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ في الآيتين.

الجواب: هاتان الآيتان وما قبلهما في وصف مشهد يوم القيامة، قال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ [هود ١٠٣-١٠٦] الآيتين.

بين سبحانه وتعالى أن الناس ينقسمون في هذا اليوم العظيم إلى قسمين: شقي وسعيد، ثم بين جزاء الأشقياء وجزاء السعداء فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، فقيل: إن هذا جرى على أساليب العرب، وأن العرب إذا أرادوا أن يصفوا شيئًا بالدوام، قالوا: هذا دائم ما دامت السماوات والأرض، والمراد هنا مطلق الدوام، كما هو عادة العرب في أساليبها.

وقيل: إن المراد جنس السماوات والأرض؛ لأن الآخرة أيضًا فيها سماء وفيها أرض، لكنها غير هذه السماء، وغير هذه الأرض الموجدتين الآن؛ لأن الله تعالى يقول: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [إبراهيم: ٤٨] ، فالمراد هنا بالأرض وبالسماء الجنس، وإن كان العين مختلف، والمعنى: أن هؤلاء الكفار لا يخرجون من هذه النار أبد الآباد، وأنهم مخلدون فيها.

أما الاستثناء في قوله تعالى: إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ في الآيتين المراد بالاستثناء في الآية الأولى في حق الأشقياء خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ، الذي عليه أكثر المفسرين: أن المراد بهذا الاستثناء
عصاة الموحدين الذين يدخلون النار بمعاصيهم، فإنهم لا يخلدون فيها، وهم مستثنون من الخلود، وينفرد بالخلود الكفار والمشركون، أما عصاة الموحدين فإنهم وإن دخلوا النار فإنهم يستثنون من الخلود فيها إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ بأن يخرجوا منها إما بشفاعة الشافعين، بإذن الله عز وجل أو بعفو الله - عز وجل - عنهم، فالمراد بالاستثناء هنا أهل التوحيد، العصاة الموحدون.

وأما الاستثناء في قوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ، ففيه قولان للمفسرين:

القول الأول: أن المراد أيضًا عصاة الموحدين، فإن عصاة الموحدين الذين دخلوا النار لهم شيء من البقاء في الجنة في أول الأمر، فاتهم شيء من الخلود، لبقائهم في النار فترة قبل دخولهم الجنة.

القول الثاني: قيل المراد بالاستثناء هنا: بيان أن خلودهم فيها ليس واجبًا، وإنما هو راجع إلى مشيئة الله عز وجل فهم يخلدون فيها بمشيئة الله، وليس خلودهم هذا من باب الوجوب.

سؤال: بالنسبة لمن وجبت عليه النار ولكنه لا يحكم بخلوده فيها، الذي يكون آخر الاثنين هو العذاب أو النعيم؟

الجواب: يدخلون النار أولًا، ويمكثون فيها ما شاء الله أن يمكثوا، ثم يخرجون منها بعد ذلك وقد احترقوا وصاروا فحمًا ثم يلقون في نهر يقال له: (نهر الحياة) فتنمو أجسادهم، ثم بعد ذلك إذا هذبوا ونقوا، أذن لهم في دخول الجنة، آخر أمرهم الخلود في الجنة.

Webiste