تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات) - ابن عثيمين[تفسير قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات)]ثم قال الله عز وجل: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [الحديد:١٢] أي: اذكر للأمة يوم ترى أيها...
العالم
طريقة البحث
تفسير قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات)
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
[تفسير قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات)]

ثم قال الله عز وجل: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [الحديد:١٢] أي: اذكر للأمة يوم ترى أيها الإنسان المؤمنين والمؤمنات يوم القيامة يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يكون من الأمام ومن اليمين، أما من الأمام فلأجل أن يقتدي الإنسان به، لأن النور إذا كان أمام الإنسان تبعه، وأما عن اليمين فتكريماً لليمين، يكون بين أيديهم وبأيمانهم.

وقوله: ((يَسْعَى نُورُهُمْ)) يفيد أن هذا النور على حسب الإيمان؛ لأن الحكم إذا علق بوصف كان قوياً بقوة ذلك الوصف وضعيفاً بضعفه.
إذاً نورهم على حسب إيمانهم.

قال تعالى: بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تقوله الملائكة لهم: (بشراكم) أي: ما تبشرون به (اليوم) يعني يوم القيامة جَنَّاتٌ وهذه الجنات فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ [الزخرف:٧١] فيها ما يشاءون كما قال الله عز وجل: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:٣٥] وجمعها بأنها جنات متعددة متنوعة درجات مختلفة حسب قوة الإيمان والعمل.

وقوله: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أي: تسير والأنهار جمع نهر، وقد بين الله تبارك وتعالى في سورة القتال أنها أربعة أنواع أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً [محمد:١٥] وهذه الأنهار لا تحتاج إلى حفر ساقية ولا إلى جدولة، تسير على سطح الأرض حيث شاء أهلها، قال ابن القيم رحمه الله:
أنهارها من غير أخدود جرت سبحان ممسكها عن الفيضانِ
لا تذهب يميناً ولا شمالاً إلا حيث أراد أهلها، وقوله: مِنْ تَحْتِهَا إشارة إلى علو قصورها وأشجارها، يعني: تكون هذه الأنهار من تحت هذه القصور العالية والأشجار الرفيعة خَالِدِينَ فِيهَا أي: ماكثين فيها، وقد جاءت آيات متعددة بأن هذا المكث دائم، ليس فيه زوال ولا انقطاع ولا تغير ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (ذلك) المشار إليه ما وعدهم الله به، الجنات التي تجري من تحتها الأنهار (هو الفوز العظيم) (هو) ما يسميه العلماء ضمير فصل، وهو مفيد للتوكيد والاختصاص، أي: هذا الذي ذُكر هو الفوز العظيم، لأنه لا فوز مثله كما أنه لا فوز أعظم منه، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهله إنه على كل شيء قدير.

Webiste