تفسير قول الله تعالى : (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ما هذه نافية و كان فعل ماض ناقص وخبرها لمؤمن الجار والمجرور و أن يكون لهم الخيرة هذا هو اسمها مؤخراً يقول الله عز وجل : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ يعني هذا أمر لا يمكن أن يكون فهو نفي للإمكان ولكنه للإمكان الشرعي دون القدري إذ أن المؤمن أوالمؤمنة قد يكون لهم الخيرة من أمرهم فيما قضاه الله ورسوله ولكن شرعاً لا يكون هذه يقول : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أن تكون بالتاء والياء لَهُمُ الْخِيَرَةُ أي الاختيار مِنْ أَمْرِهِمْ خلاف أمر الله ورسوله " وقوله : لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ وكما سبق فيه ذكر الذكور والإناث لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ وقوله إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا المراد بالقضاء هنا القضاء الشرعي إذ أن القضاء الكوني لا يمكن لأحد أن يختار خلافه لا مؤمن ولا كافر أليس كذلك ؟ لأن القضاء الكوني لابد أن يقع فالمراد هنا إِذَا قَضَى اللَّهُ أي قضاء شرعياً وقوله : إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ عطف رسوله بالواو لأن قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم الشرعي من قضاء الله وقوله إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أمراً هنا واحد الأمور أو واحد الأوامر ، واحد الأمور لأن إذا قضى شأناً سواء كان ذلك الشأن أمراً أو نهياً إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أن تكون لهم الخيرة و أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ أما على قراءة التاء فالأمر فيها ظاهر لأن اسمها إيش ؟ مؤنث فأنث الفعل من أجلها أن تكون وأما عن قراء الياء فإن الفعل يكون مذكراًَ مع أن الاسم مؤنث لكن هنا لا يجب التأنيث لوجهين :
الوجه الأول : الفصل بين الفعل وفاعله وهنا بين الفعل واسمه .
والثاني : أن التأنيث في الخيرة تأنيث مجازي وابن مالك يقول
" وإنما تلزم فعل مضمر متصل أو مفهم ذات حر ".
وقوله : الخيرة أي الاختيار أفادنا المؤلف أن الخيرة هنا اسم مصدر بمعنى الاختيار أو بمعنى التخير كالطيرة بمعنى التطير فهي إذاً اسم مصدر بمعنى الاختيار وإن شئت فقل بمعنى التخير وقوله : من أمرهم قد يقول قائل إن المتبادر أن يقول : من أمره لأن لمؤمن ولمؤمنة مفرد والمتبادر أن يقول وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون له الخيرة من أمره ولكنه جمع لأن مؤمن ومؤمنة جاء منكراً في سياق النفي فيكون للعموم فعاد الضمير إليه باعتبار المعنى لا باعتبار اللفظ وقوله : من أمرهم يعني معناه أي من شأنهم ويجوز أن يكون من أمرهم أي من أمر الله إياهم فعلى الأول يكون الإضافة من باب إضافة الشيء إلى فاعله وعلى الثاني من باب إضافته إلى مفعوله وقول المؤلف "خلاف "هذه بالنصب مفعول للخيرة بمعنى الاختيار يعني ما كان لهم أن يختاروا خلاف أمر الله ورسوله فتبين الآن معنى الآية ، معنى الآية أن الله يقول لا يمكن لمؤمن ولا مؤمنة ، لا يمكن شرعاً وإلا قدراً شرعا إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يخالفوا أمر الله ورسوله وأن يختاروا خلاف أمر الله ورسوله لماذا لا يمكن ؟ لأن ما في قلوبهم من الإيمان يمنعهم من المخالفة ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يزني الزاني حين وهو مؤمن لأنه لو كان في قلبه إيمان حين الزنا ما زنا لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن فالإيمان إذا وقر في القلب لا يمكن أن يكون صاحبه مخالفاً لأمر الله ورسوله قال المؤلف : " نزلت في عبد الله بن جحش وأخته زينب خطبها النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة فكره ذلك حين علم بظنهما قبل أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها لنفسه ثم رضي الآية " هكذا ذكر المؤلف أنها نزلت في هذه القصة وهذ القصة ضعيفة لأنها معضلة ومنقطعة فهي ضعيفة ونحن لا يهمنا في الحقيقة سبب النزول ، سبب النزول صحيح أن فيه فائدة وهو أنه يكشف أحياناً المعنى ليبينه ويوضحه لكن المهم الحكم وهو أنه لا يمكن لمؤمن إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يختار خلاف أمر الله ورسوله أن يكون لهم الخيرة من أمرهم لأنهم لابد أن يوافقوا أمر الله ورسوله لما في قلوبهم من الإيمان ولهذا كلما هم المؤمن بمعصية ذكره إيمانه بالله فكف عنه ألا ترى إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظله قال : ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال وهذه الدعوة كانت في محل خالٍ لا يطلع عليهما أحد سوى الله فقال : إني أخاف الله فمنعه إيمانه من أي شيء ؟ من أن يفعل الفاحشة مع سهولة أسبابها وكذلك أحد الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار حين مكنته ابنة عمه من نفسها فلما جلس منها منها مجلس الرجل مع امرأته وأعتقد في هذه الحال أن الرغبة ستكون شديدة وقوية وأنه لا يفصمها إلا إيمان قوي لما جلس منها مجلس الرجل مع امرأته قالت له " يا هذا اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه " فقام منها وهي أحب الناس إليه هذا من الإيمان بلا شك إذاً نحن لا يهمنا أن تكون نزلت في زينب بنت جحش وأخيها عبد الله أو في غيرهم المهم أن حال المؤمن تمنعه من مخالفة أمر الله ورسوله وأما ما ذكره المؤلف فهو يقول " إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش " وقد خطبت كما ذكره غيره خطبت من قبل رجال شرفاء وذوي وجاهة فخطبها النبي عليه الصلاة والسلام فظنوا أنه خطبها لنفسه ثم بعد ذلك بين لهم أنه خطبها لزيد بن حارثة من هو ؟ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حسب ما ذكر أهل السير كان عبداً لخديجة رضي الله عنها فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه لما علم أنه خطبها لزيد امتنع فلما نزلت الآية رضي بذلك وهذا ليس بغريب على الصحابة لو صح الحديث ليس بغريب أن يقدموا أمر الله ورسوله على ما تهواه أنفسهم .
الطالب : خطبها النبي صلى الله عليه وسلم وعنى ايش معنى عنى؟
الشيخ : عنى ما عندي عنى، لما خطبها النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة فكره ذلك...اشطب عليها
الوجه الأول : الفصل بين الفعل وفاعله وهنا بين الفعل واسمه .
والثاني : أن التأنيث في الخيرة تأنيث مجازي وابن مالك يقول
" وإنما تلزم فعل مضمر متصل أو مفهم ذات حر ".
وقوله : الخيرة أي الاختيار أفادنا المؤلف أن الخيرة هنا اسم مصدر بمعنى الاختيار أو بمعنى التخير كالطيرة بمعنى التطير فهي إذاً اسم مصدر بمعنى الاختيار وإن شئت فقل بمعنى التخير وقوله : من أمرهم قد يقول قائل إن المتبادر أن يقول : من أمره لأن لمؤمن ولمؤمنة مفرد والمتبادر أن يقول وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون له الخيرة من أمره ولكنه جمع لأن مؤمن ومؤمنة جاء منكراً في سياق النفي فيكون للعموم فعاد الضمير إليه باعتبار المعنى لا باعتبار اللفظ وقوله : من أمرهم يعني معناه أي من شأنهم ويجوز أن يكون من أمرهم أي من أمر الله إياهم فعلى الأول يكون الإضافة من باب إضافة الشيء إلى فاعله وعلى الثاني من باب إضافته إلى مفعوله وقول المؤلف "خلاف "هذه بالنصب مفعول للخيرة بمعنى الاختيار يعني ما كان لهم أن يختاروا خلاف أمر الله ورسوله فتبين الآن معنى الآية ، معنى الآية أن الله يقول لا يمكن لمؤمن ولا مؤمنة ، لا يمكن شرعاً وإلا قدراً شرعا إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يخالفوا أمر الله ورسوله وأن يختاروا خلاف أمر الله ورسوله لماذا لا يمكن ؟ لأن ما في قلوبهم من الإيمان يمنعهم من المخالفة ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يزني الزاني حين وهو مؤمن لأنه لو كان في قلبه إيمان حين الزنا ما زنا لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن فالإيمان إذا وقر في القلب لا يمكن أن يكون صاحبه مخالفاً لأمر الله ورسوله قال المؤلف : " نزلت في عبد الله بن جحش وأخته زينب خطبها النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة فكره ذلك حين علم بظنهما قبل أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها لنفسه ثم رضي الآية " هكذا ذكر المؤلف أنها نزلت في هذه القصة وهذ القصة ضعيفة لأنها معضلة ومنقطعة فهي ضعيفة ونحن لا يهمنا في الحقيقة سبب النزول ، سبب النزول صحيح أن فيه فائدة وهو أنه يكشف أحياناً المعنى ليبينه ويوضحه لكن المهم الحكم وهو أنه لا يمكن لمؤمن إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يختار خلاف أمر الله ورسوله أن يكون لهم الخيرة من أمرهم لأنهم لابد أن يوافقوا أمر الله ورسوله لما في قلوبهم من الإيمان ولهذا كلما هم المؤمن بمعصية ذكره إيمانه بالله فكف عنه ألا ترى إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظله قال : ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال وهذه الدعوة كانت في محل خالٍ لا يطلع عليهما أحد سوى الله فقال : إني أخاف الله فمنعه إيمانه من أي شيء ؟ من أن يفعل الفاحشة مع سهولة أسبابها وكذلك أحد الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار حين مكنته ابنة عمه من نفسها فلما جلس منها منها مجلس الرجل مع امرأته وأعتقد في هذه الحال أن الرغبة ستكون شديدة وقوية وأنه لا يفصمها إلا إيمان قوي لما جلس منها مجلس الرجل مع امرأته قالت له " يا هذا اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه " فقام منها وهي أحب الناس إليه هذا من الإيمان بلا شك إذاً نحن لا يهمنا أن تكون نزلت في زينب بنت جحش وأخيها عبد الله أو في غيرهم المهم أن حال المؤمن تمنعه من مخالفة أمر الله ورسوله وأما ما ذكره المؤلف فهو يقول " إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش " وقد خطبت كما ذكره غيره خطبت من قبل رجال شرفاء وذوي وجاهة فخطبها النبي عليه الصلاة والسلام فظنوا أنه خطبها لنفسه ثم بعد ذلك بين لهم أنه خطبها لزيد بن حارثة من هو ؟ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حسب ما ذكر أهل السير كان عبداً لخديجة رضي الله عنها فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه لما علم أنه خطبها لزيد امتنع فلما نزلت الآية رضي بذلك وهذا ليس بغريب على الصحابة لو صح الحديث ليس بغريب أن يقدموا أمر الله ورسوله على ما تهواه أنفسهم .
الطالب : خطبها النبي صلى الله عليه وسلم وعنى ايش معنى عنى؟
الشيخ : عنى ما عندي عنى، لما خطبها النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة فكره ذلك...اشطب عليها
الفتاوى المشابهة
- تفسير قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات) - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : (( النبي أولى بالمؤمن... - ابن عثيمين
- العزة للمؤمنين - اللجنة الدائمة
- بيان مسألة أنه يجوز قول " أنا مؤمن إن شاء الله " - الالباني
- باب : قول الله تعالى : (( السلام المؤمن )) . - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : (( وكان بالمؤمنين رحي... - ابن عثيمين
- بيان كيفية أذية المؤمنين والمؤمنات . - ابن عثيمين
- كلام الشيخ على حديث ( إن أمر المؤمن كله خير..... - الالباني
- تابع لتفسير قول الله تعالى : (( إن المسلمين... - ابن عثيمين
- فوائد قول الله تعالى : (( وما كان لمؤمن ولا... - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : (( وما كان لمؤمن ولا... - ابن عثيمين