تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الانتصارات الإسلامية في رمضان. - ابن عثيمينالشيخ : ومما حصل في هذا الشهر المبارك غزوتان عظيمتان : إحداهما غزوة بدر، كانت في السنة الثانية من الهجرة، وسمى الله تعالى يومها يوم الفرقان. قتل فيها صن...
العالم
طريقة البحث
الانتصارات الإسلامية في رمضان.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ومما حصل في هذا الشهر المبارك غزوتان عظيمتان : إحداهما غزوة بدر، كانت في السنة الثانية من الهجرة، وسمى الله تعالى يومها يوم الفرقان. قتل فيها صناديد قريش، وظهر فيها الحق على الباطل، وانتصر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على عدوه. وفيها يُتأول قوله تبارك وتعالى : كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ . وأما الغزوة الثانية : فهي غزوة الفتح، فتح مكة. فإن رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج من مكة أم القرى وهو أحق الناس بها. خرج منها خائفا على نفسه بما حصل له من أذية قريش حتى اجتمعوا وتشاوروا فيما بينهم ماذا يصنعون بهذا الرجل؟ وفي هذا يقول الله تعالى : وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ليثبتوك بالحبس فلا تتحرك، أو يقتلوك بإزهاق النفس، أو يخرجوك من البلد. ولكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج من البلد بإذن الله عز وجل. خرج مختفيا حتى بقي في غار ثور مختفيا ثلاث ليال، خوفا من أن يدركه طلب قريش ، لأن قريشا بثت البعوث لطلب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى إنهم أخرجوا مائة بعير على من يأتي به، ومائتي بعير على من يأتي به وبصاحبه أبي بكر رضي الله عنه. ولكن الله تعالى من ورائهم محيط، وبما يكيدون لنبيه صلى الله عليه وسلم عليم، كف الله أبصارهم عنه حتى كانوا يقفون على الغار الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ويقول أبو بكر : يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا ، لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا لأنه ليس ثمة حائل، لا عش للعنكبوت، وليس ثمة ما يتروع بالبشر، فلا غصن عليه حمامة كما قاله المؤرخون بغير سند صحيح. بل إن باب الغار مفتوح، وليس فيه ما يمنع الرؤية. ولكن الله أعمى أبصارهم عز وجل، فكان يقول : لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا . فيجيبه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله : لا تحزن إن الله معنا، ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما حتى أنجاه الله. بعد ثمان سنوات رجع هذا الذي خرج من مكة مختفيا خائفا من أهلها، رجع فاتحا، ظافرا، منصورا، مؤيدا بنصر الله عز وجل بعد ثمان سنوات حتى أنه وقف على باب الكعبة وقريش تحته ينتظرون ماذا يفعل. فقال لهم : أي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر قريش ما تُرون أني فاعل بكم؟ ما تُرون أني فاعل بكم؟ أي ما تظنون أن أفعل بكم بعد أن قدرت عليكم؟ قالوا : أخ كريم، وابن أخ كريم، لا نقول شيئا. قال : لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم. اذهبوا فأنتم الطلقاء . انظروا إلى هذا العفو العظيم عند المقدرة لقوم أخرجوه من بلده ، أخرجوه من بلد الله الحرام الذي هو أحق الناس به ، كما قال الله تبارك وتعالى في قريش : وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . هذه مناسبة عظيمة، بعدها ذلّ العرب، وأكمل الله هذا الذل بما حصل من هزيمة ثقيف. ودانت العرب لدعوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

Webiste