دخلت في عدة طرق من الطرق المتعددة وخرجت منها وسؤالي هل ما ضاع من عمري في هذه الفترة والسيئات التي وقعت فيها محسوبة علي أم تمحى عني بتوبتي، ثانيا هل كل ما حصل علي من الدخول في هذه الطرق الباطلة قبل هذا كان مكتوبا علي من الأزل وكان الله عالما بهذا، نرجو بهذا إفادة ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : المستمع يقول : بأنه دخل في عدة طرق من الطرق المتعددة وخرج منها ، سؤاله يقول : هل ما ضاع من عمري في هذه الفترة والسيئات التي وقعت فيها محسوبة علي أم تمحى عني بتوبتي ؟.
ثانيا يقول : وهل كل ما حصل علي من الدخول في هذه الطرق الباطلة قبل هذا كان مكتوبا علي من الأزل وكان الله عالما بهذا ، نرجو بهذا إفادة ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
قبل الإجابة على هذا السؤال أحب أن أهنئ الأخ الذي منّ الله عليه بالاستقامة ولزوم الصراط المستقيم بعد أن كان منحرفاً في متاهات البدع والضلال ، فإن هذا من نعم الله بل هو أكبر نعمة ينعم الله تعالى بها العبد أن يتوب الله عليه فيتوب إلى ربه ، ويقلع عن غيه إلى رشده ، يقول الله عز وجل ممتناً على المؤمنين بمثل ذلك : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا ويقول تعالى : لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ويقول جل وعلا : بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين فالهداية للإيمان من أكبر النعم ، بل هي أكبر نعمة أنعم الله بها على العبد ، فأسل الله تعالى أن يثبتني وإخواني المسلمين على دينه المستقيم إنه جواد كريم .
أما بالنسبة للجواب على سؤاله فإني أقول له : إذا تاب الإنسان من أي ذنب كان فإن الله يتوب عليه ويمحو عنه سيئاته ، لأن الإسلام يهدم ما قبله والتوبة تجب ما قبلها قال الله عز وجل : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وقال تعالى : فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم وقال تعالى : والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً والنصوص في هذا كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كلها تدل على أن الله إذا من على العبد بالتوبة النصوح فإن الله يتوب عليه ويبدل سيئاته حسنات إذا تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً ، فكل ما جرى عليك من اعتناق الطرق والمذاهب الهدامة والزيغ والضلال فإنه يمحى برجوعك إلى الحق .
وأما الفقرة الثانية في السؤال وهو أن هذا الذي عمله هل كان مكتوباً عليه في الأزل وبعلم من الله عز وجل ؟
فنقول : نعم هو مكتوب عليه في الأزل مكتوب عليه العمل السيئ السابق ، ومكتوب له التوبة الأخيرة التي منّ الله بها عليه ، وكل ذلك بعلم من الله سبحانه وتعالى يقول الله عز وجل : ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ويقول جل ذكره : وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين فعلم الله سبحانه وتعالى محيط بكل شيئ جملة وتفصيلاً ، وهذا أمر متفق عليه بين علماء المسلمين والحمد لله ، وهو أحد مراتب الإيمان بالقضاء والقدر ، فإن للإيمان بالقضاء والقدر مراتب أربعة :
الأولى : الإيمان بعلم الله بكل شيئ جملة وتفصيلاً بمعنى أن تؤمن بأن الله تعالى عالم بكل شيئ جملة وتفصيلاً ما كان وما لم يكن .
والمرتبة الثانية : أن تؤمن بأن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى أن تقوم الساعة ، فإن الله سبحانه وتعالى يقول : ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير .
ولما خلق الله القلم قال له : اكتب ، قال : وماذا أكتب ، قال : أكتب ما هو كائن ، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة .
أما المرتبة الثالثة : فهي الإيمان بعموم مشيئة الله ، أي أن تؤمن بأن كل ما في الكون فهو واقع بمشيئة الله لا يخرج عن مشيئته شيء لا من فعله ولا من فعل عباده ، والنصوص في هذا كثيرة ، ومنها قوله تعالى : ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد فبين الله عز وجل أن اقتتال هؤلاء المختلفين كان بمشيئته ، وقال سبحانه وتعالى : لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين وأجمع المسلمون على هذه الكلمة العظيمة : " ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن " فما في الكون شيء يحدث عدماً أو وجوداً إلا وهو بمشيئة الله سبحانه وتعالى .
أما المرتبة الرابعة : فهي الإيمان بعمون خلق الله ، أي أن تؤمن بأن كل ما في الكون فهو مخلوق لله عز وجل لا في أعيانه ولا في أوصافه كما قال الله تعالى : وخلق كل شيء فقدره تقديراً وقال تعالى : الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل حتى العبد مخلوق لله تعالى بعينه وشخصه وبأوصافه وقواه الظاهرة والباطنة وبما ينشأ عن تلك القوى ، فأفعال العبد مثلاً مخلوقة لله باعتبار أن هذه الأفعال ناشئة عن قدرة في العبد وإرادة ، والقدرة والإرادة من صفات العبد ، والعبد مخلوق لله فأوصافه كذلك مخلوقة له أي لله ، فكما أن الأوصاف الخلقية الظاهرة مخلوقة لله فكذلك الأوصاف الخُلقية والفكرية الباطنة مخلوقة لله كذلك .
وهذه المراتب الأربع يؤمن بها أهل السنة والجماعة جميعها فعلينا أن نؤمن بها ، علينا أن نؤمن بها ونصدق ، لكن مع ذلك نعلم علم اليقين أن للإنسان إرادة وقدرة ، فهو يريد الشيء فعلاً وتركاً أي يريد أن يفعل فيفعل إذا كان له قدرة ، ويريد أن يترك فيترك ، ولكن خالق القدرة وخالق الإرادة هو الله عز وجل ، فهو ينسب أي فعل العبد ينسب إلى الله تعالى خلقاً وإرادة ، وإلى العبد فعلا ًوكسباً مع أنه داخل تحت إرادة العبد وقدرته ، فلولا أن الله تعالى أقدر العبد علىى الفعل ما فعل لعجزه عنه ، ولولا أن الله خلق فيه الإرادة ما فعل لعدم وجود الإرادة .
ثانيا يقول : وهل كل ما حصل علي من الدخول في هذه الطرق الباطلة قبل هذا كان مكتوبا علي من الأزل وكان الله عالما بهذا ، نرجو بهذا إفادة ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
قبل الإجابة على هذا السؤال أحب أن أهنئ الأخ الذي منّ الله عليه بالاستقامة ولزوم الصراط المستقيم بعد أن كان منحرفاً في متاهات البدع والضلال ، فإن هذا من نعم الله بل هو أكبر نعمة ينعم الله تعالى بها العبد أن يتوب الله عليه فيتوب إلى ربه ، ويقلع عن غيه إلى رشده ، يقول الله عز وجل ممتناً على المؤمنين بمثل ذلك : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا ويقول تعالى : لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ويقول جل وعلا : بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين فالهداية للإيمان من أكبر النعم ، بل هي أكبر نعمة أنعم الله بها على العبد ، فأسل الله تعالى أن يثبتني وإخواني المسلمين على دينه المستقيم إنه جواد كريم .
أما بالنسبة للجواب على سؤاله فإني أقول له : إذا تاب الإنسان من أي ذنب كان فإن الله يتوب عليه ويمحو عنه سيئاته ، لأن الإسلام يهدم ما قبله والتوبة تجب ما قبلها قال الله عز وجل : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وقال تعالى : فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم وقال تعالى : والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً والنصوص في هذا كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كلها تدل على أن الله إذا من على العبد بالتوبة النصوح فإن الله يتوب عليه ويبدل سيئاته حسنات إذا تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً ، فكل ما جرى عليك من اعتناق الطرق والمذاهب الهدامة والزيغ والضلال فإنه يمحى برجوعك إلى الحق .
وأما الفقرة الثانية في السؤال وهو أن هذا الذي عمله هل كان مكتوباً عليه في الأزل وبعلم من الله عز وجل ؟
فنقول : نعم هو مكتوب عليه في الأزل مكتوب عليه العمل السيئ السابق ، ومكتوب له التوبة الأخيرة التي منّ الله بها عليه ، وكل ذلك بعلم من الله سبحانه وتعالى يقول الله عز وجل : ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ويقول جل ذكره : وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين فعلم الله سبحانه وتعالى محيط بكل شيئ جملة وتفصيلاً ، وهذا أمر متفق عليه بين علماء المسلمين والحمد لله ، وهو أحد مراتب الإيمان بالقضاء والقدر ، فإن للإيمان بالقضاء والقدر مراتب أربعة :
الأولى : الإيمان بعلم الله بكل شيئ جملة وتفصيلاً بمعنى أن تؤمن بأن الله تعالى عالم بكل شيئ جملة وتفصيلاً ما كان وما لم يكن .
والمرتبة الثانية : أن تؤمن بأن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى أن تقوم الساعة ، فإن الله سبحانه وتعالى يقول : ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير .
ولما خلق الله القلم قال له : اكتب ، قال : وماذا أكتب ، قال : أكتب ما هو كائن ، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة .
أما المرتبة الثالثة : فهي الإيمان بعموم مشيئة الله ، أي أن تؤمن بأن كل ما في الكون فهو واقع بمشيئة الله لا يخرج عن مشيئته شيء لا من فعله ولا من فعل عباده ، والنصوص في هذا كثيرة ، ومنها قوله تعالى : ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد فبين الله عز وجل أن اقتتال هؤلاء المختلفين كان بمشيئته ، وقال سبحانه وتعالى : لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين وأجمع المسلمون على هذه الكلمة العظيمة : " ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن " فما في الكون شيء يحدث عدماً أو وجوداً إلا وهو بمشيئة الله سبحانه وتعالى .
أما المرتبة الرابعة : فهي الإيمان بعمون خلق الله ، أي أن تؤمن بأن كل ما في الكون فهو مخلوق لله عز وجل لا في أعيانه ولا في أوصافه كما قال الله تعالى : وخلق كل شيء فقدره تقديراً وقال تعالى : الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل حتى العبد مخلوق لله تعالى بعينه وشخصه وبأوصافه وقواه الظاهرة والباطنة وبما ينشأ عن تلك القوى ، فأفعال العبد مثلاً مخلوقة لله باعتبار أن هذه الأفعال ناشئة عن قدرة في العبد وإرادة ، والقدرة والإرادة من صفات العبد ، والعبد مخلوق لله فأوصافه كذلك مخلوقة له أي لله ، فكما أن الأوصاف الخلقية الظاهرة مخلوقة لله فكذلك الأوصاف الخُلقية والفكرية الباطنة مخلوقة لله كذلك .
وهذه المراتب الأربع يؤمن بها أهل السنة والجماعة جميعها فعلينا أن نؤمن بها ، علينا أن نؤمن بها ونصدق ، لكن مع ذلك نعلم علم اليقين أن للإنسان إرادة وقدرة ، فهو يريد الشيء فعلاً وتركاً أي يريد أن يفعل فيفعل إذا كان له قدرة ، ويريد أن يترك فيترك ، ولكن خالق القدرة وخالق الإرادة هو الله عز وجل ، فهو ينسب أي فعل العبد ينسب إلى الله تعالى خلقاً وإرادة ، وإلى العبد فعلا ًوكسباً مع أنه داخل تحت إرادة العبد وقدرته ، فلولا أن الله تعالى أقدر العبد علىى الفعل ما فعل لعجزه عنه ، ولولا أن الله خلق فيه الإرادة ما فعل لعدم وجود الإرادة .
الفتاوى المشابهة
- الواجب على من تاب من أكل أموال الناس - ابن باز
- لا يوجد في الإسلام طرق متعددة - اللجنة الدائمة
- كثرت الفرق الضالة في زماننا هذا ومن هذه الفر... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : باب ما جاء في منكري القدر و... - ابن عثيمين
- من طرق تحصيل العلم. - الالباني
- ما حكم الإيمان بالقضاء والقدر .؟ - ابن عثيمين
- قال المصنف رحمه الله تعالى : وهذه المراتب ال... - ابن عثيمين
- ما حكم الإيمان بالقدر و كيف يكون ؟ - ابن عثيمين
- هل الكفار أيضا مكتوب لهم من الأزل أنهم كفار... - ابن عثيمين
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- دخلت في عدة طرق من الطرق المتعددة وخرجت منها... - ابن عثيمين