هل الكفار أيضا مكتوب لهم من الأزل أنهم كفار ولماذا يعذبون في المكتوب عليهم قديما إذا كان كل شيء يجري على ما سبق في الأزل ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : هل الكفار أيضا مكتوب لهم من الأزل أنهم كفار ، ولماذا يعذبون في المكتوب عليهم قديما إذا كان كل شيء يجري على ما سبق في الأزل ؟
الشيخ : نقول نعم الكفار كذلك مكتوب عملهم في الأزل ، ويكتب كذلك عمل الإنسان عند تكوينه في بطن أمه كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن ابن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله عمله وشقي أم سعيد فأعمال الكفار مكتوبة عند الله عز وجل معلومة عنده والشقي شقي عند الله عز وجل في الأزل ، والسعيد سعيد عند الله عز وجل في الأزل ، ولكن يقول قائل كما أورد هذا السائل : كيف يعذبون وقد كتب الله عليهم ذلك في الأزل ؟
فنقول : إنهم يعذبون لأنهم قد قامت عليهم الحجة وبين لهم الطريق فأرسلت الرسل وأنزلت الكتب وبين لهم الهدى من الضلال ، ورغبوا في سلوك طريق الهدى ، وحذروا من سلوك طريق الضلال ، ولهم عقول ولهم إرادات ولهم اختيارات ، ولهذا نجد هؤلاء الكفار وغيرهم أيضاً يسعون إلى مصالح الدنيا بإرادة واختيار ولا تجد أحداً منهم يسعى إلى شيء يضره في دنياه ويقول إن هذا مكتوب عليه أبداً ، كل يسعى إلى ما فيه المنفعة فكان عليهم أن يسعوا أيضاً إلى ما فيه المنفعة في أمور دينهم كما يسعون إلى ما فيه المنفعة في أمور دنياهم ولا فرق بينهما ، بل إن بيان الخير والشر في أمور الدين في الكتب المنزلة على الرسل عليهم الصلاة والسلام أكثر وأعظم من بيان الأمور الضارة في أمور الدنيا ، فكان عليهم أن يسلكوا الطرق التي فيها نجاتهم والتي فيها سعادتهم دون أن يسلكوا الطرق التي فيها هلاكهم وشقاؤهم .
ثم نقول : هذا الكافر حين أقدم على الكفر لا يشعر أبداً أن أحداً أكرهه بل هو يشعر أنه فعل ذلك بإرادته واختياره ، فهل كان حين إقدامه على هذا الكفر هل كان عالماً بما كتب الله له ؟
والجواب : لا ، لأننا نحن لا نعلم بأن الشيء قد كتب إلا بعد أن يقع ، أما قبل أن يقع فإننا لا نعلم ماذا كتب لأنه من علم الغيب .
فنقول لهذا الكافر : لماذا لم تقدر أن الله سبحانه وتعالى كتب لك السعادة وتؤمن ؟ فإلى الآن أنت قبل أن تقع في الكفر أمامك شيئان هداية وضلال ، فلماذا لا تسلك طريق الهداية مقدراً أن الله كتبه لك ؟ لماذا تسلك طريق الضلال ، ثم بعد أن تسلكه تحتج بأن الله تعالى كتبه ، لأننا نقول لك قبل أن تدخل في هذا الطريق هل عندك علم أنه مكتوب عليك ؟ سيقول لا ، ولا يمكن أن يقول نعم ، فإذا قال لا ، قلنا إذاً لماذا لم تسلك طريق الهداية وتقدر أن الله تعالى كتب لك ذلك ؟
ولهذا يقول الله عز وجل : فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ويقول عز جل : فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ولما أخبره النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه بأن : ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ، قالوا : يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب قال : لا ، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ قوله تعالى : فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى فهذا جوابنا على هذا السؤال الذي أورده هذا السائل .
وما أكثر من يحتج به من أهل الضلال وهو عجب منهم ، لأنهم لا يحتجون بمثل هذه الحجة على مسائل الدنيا أبداً ، بل تجدهم يسلكون في مسائل الدنيا ما هو أنفع لهم ولا يمكن لأحد أن يقال له هذا الطريق الذي أمامك طريق وعر صعب فيه لصوص وفيه سباع وهذا الطريق الثاني طريق سهل ميسر آمن ، لا يمكن لأحد أن يسلك الطريق الأول ويدع الطريق الثاني ، مع أن هذا نظير الطريقين طريق النار وطريق الجنة ، فالرسل بينت طريق الجنة وقالت هو هذا ، وبينت طريق النار وقالت هو هذا ، وحذرت من الثاني ورغبت في الأول ، ومع ذلك فإن هؤلاء العصاة يحتجون بقضاء الله وقدره وهم لا يعلمونه على معاصيهم .
الشيخ : نقول نعم الكفار كذلك مكتوب عملهم في الأزل ، ويكتب كذلك عمل الإنسان عند تكوينه في بطن أمه كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن ابن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله عمله وشقي أم سعيد فأعمال الكفار مكتوبة عند الله عز وجل معلومة عنده والشقي شقي عند الله عز وجل في الأزل ، والسعيد سعيد عند الله عز وجل في الأزل ، ولكن يقول قائل كما أورد هذا السائل : كيف يعذبون وقد كتب الله عليهم ذلك في الأزل ؟
فنقول : إنهم يعذبون لأنهم قد قامت عليهم الحجة وبين لهم الطريق فأرسلت الرسل وأنزلت الكتب وبين لهم الهدى من الضلال ، ورغبوا في سلوك طريق الهدى ، وحذروا من سلوك طريق الضلال ، ولهم عقول ولهم إرادات ولهم اختيارات ، ولهذا نجد هؤلاء الكفار وغيرهم أيضاً يسعون إلى مصالح الدنيا بإرادة واختيار ولا تجد أحداً منهم يسعى إلى شيء يضره في دنياه ويقول إن هذا مكتوب عليه أبداً ، كل يسعى إلى ما فيه المنفعة فكان عليهم أن يسعوا أيضاً إلى ما فيه المنفعة في أمور دينهم كما يسعون إلى ما فيه المنفعة في أمور دنياهم ولا فرق بينهما ، بل إن بيان الخير والشر في أمور الدين في الكتب المنزلة على الرسل عليهم الصلاة والسلام أكثر وأعظم من بيان الأمور الضارة في أمور الدنيا ، فكان عليهم أن يسلكوا الطرق التي فيها نجاتهم والتي فيها سعادتهم دون أن يسلكوا الطرق التي فيها هلاكهم وشقاؤهم .
ثم نقول : هذا الكافر حين أقدم على الكفر لا يشعر أبداً أن أحداً أكرهه بل هو يشعر أنه فعل ذلك بإرادته واختياره ، فهل كان حين إقدامه على هذا الكفر هل كان عالماً بما كتب الله له ؟
والجواب : لا ، لأننا نحن لا نعلم بأن الشيء قد كتب إلا بعد أن يقع ، أما قبل أن يقع فإننا لا نعلم ماذا كتب لأنه من علم الغيب .
فنقول لهذا الكافر : لماذا لم تقدر أن الله سبحانه وتعالى كتب لك السعادة وتؤمن ؟ فإلى الآن أنت قبل أن تقع في الكفر أمامك شيئان هداية وضلال ، فلماذا لا تسلك طريق الهداية مقدراً أن الله كتبه لك ؟ لماذا تسلك طريق الضلال ، ثم بعد أن تسلكه تحتج بأن الله تعالى كتبه ، لأننا نقول لك قبل أن تدخل في هذا الطريق هل عندك علم أنه مكتوب عليك ؟ سيقول لا ، ولا يمكن أن يقول نعم ، فإذا قال لا ، قلنا إذاً لماذا لم تسلك طريق الهداية وتقدر أن الله تعالى كتب لك ذلك ؟
ولهذا يقول الله عز وجل : فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ويقول عز جل : فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ولما أخبره النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه بأن : ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ، قالوا : يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب قال : لا ، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ قوله تعالى : فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى فهذا جوابنا على هذا السؤال الذي أورده هذا السائل .
وما أكثر من يحتج به من أهل الضلال وهو عجب منهم ، لأنهم لا يحتجون بمثل هذه الحجة على مسائل الدنيا أبداً ، بل تجدهم يسلكون في مسائل الدنيا ما هو أنفع لهم ولا يمكن لأحد أن يقال له هذا الطريق الذي أمامك طريق وعر صعب فيه لصوص وفيه سباع وهذا الطريق الثاني طريق سهل ميسر آمن ، لا يمكن لأحد أن يسلك الطريق الأول ويدع الطريق الثاني ، مع أن هذا نظير الطريقين طريق النار وطريق الجنة ، فالرسل بينت طريق الجنة وقالت هو هذا ، وبينت طريق النار وقالت هو هذا ، وحذرت من الثاني ورغبت في الأول ، ومع ذلك فإن هؤلاء العصاة يحتجون بقضاء الله وقدره وهم لا يعلمونه على معاصيهم .
الفتاوى المشابهة
- كثير من الناس إذا فعل المعصية ونصح يقول هذا... - ابن عثيمين
- الرد على الجبرية بأن المعاصي مكتوبة على العباد - ابن باز
- قوله :( هم منهم ) هل فيه أن أطفال الكفار هم... - ابن عثيمين
- هل يجوز للمصلي تغيير النية من صلاة مكتوبة إلى... - الالباني
- قال المصنف رحمه الله تعالى : وللقدر أربع مرا... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : (( فأزلهما الشيطان عنها ف... - ابن عثيمين
- هل كلام الله سبحانه وتعالى تكلَّم به أزلًا؟ - ابن باز
- دخلت في عدة طرق من الطرق المتعددة وخرجت منها... - ابن عثيمين
- مسألة: إذا كان العمل مكتوبا قبل الولادة فلما... - ابن عثيمين
- سؤال حول الكتابة الأزلية ؟ - ابن عثيمين
- هل الكفار أيضا مكتوب لهم من الأزل أنهم كفار... - ابن عثيمين