الشيخ : طيب وقال آخر : يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ، وفي آية أخرى : ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ، فكتموا أو ما كتموا؟ قالوا والله ربنا ما كنا مشركين . ما أقروا بشركهم، كتموا أو لم يكتموا؟
الطالب : كتموا.

الشيخ : وفي الآية الأولى؟ ولا يكتمون الله حديثا .
فيقرأ الإنسان هاتين الآيتين ويقول : كيف قال : ولا يكتمون الله حديثا ، وقال إنهم : قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ، فيقع في وهم الإنسان أن في ذلك تعارضا.
نقول : هذا من المشتبه، هذا من المتشابه الذي ليس واضح المعنى، لكن من يعلمه؟ الراسخون في العلم يعلمون أنه لا تناقض ولا تعارض، كيف نجمع بين هاتين الآيتين ؟ الأخ؟
الطالب : ... .

الشيخ : أي نعم، كيف نجمع بينهما؟
الطالب : ... .

الشيخ : أيوا، بين الآيتين التي ذكرناهما، ما هما الآيتان؟
الطالب : ... .

الشيخ : لا، يمكن من زمان نائم، عرفت الآيتين؟ نعم.
الطالب : يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ، الآية الأولى في سورة النساء قوله تعالى : يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا .

الشيخ : نعم.
الطالب : والآية الثانية في سورة الأنعام، قوله تعالى : ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين .

الشيخ : كيف إيهام التعارض في هذا؟
الطالب : أولا في الآية الأولى قال تعالى : ولا يكتمون الله حديثا وهم الآن مشركون وقالوا والله ربنا ما كنا مشركين .

الشيخ : كتموا الشرك، طيب أحسنت.
كيف نجمع بين هاتين الآيتين؟
نجمع بينهما بأن يوم القيامة ليس وقتا قصيرا بل مقداره خمسون ألف سنة، ففي حال يقولون : والله ربنا ماكنا مشركين ، وفي حال لا يكتمون الله حديثا ، ولو أرادوا أن يكتموا ما استطاعوا اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون . حتى لو أنه كتموا بأفواههم ختم الله عليها وشهدت الجوارح.
فإذن نقول في الجمع : إن يوم القيامة يوم طويل تختلف فيه الأحوال وتختلف فيه الأقوال أيضا بناء على اختلاف الأحوال.
إذن في هذا الجمع صار القرآن محكما أو غير محكم؟ صار القرآن كله محكما، لأننا إذا حملنا المتشابه على المحكم صار الجميع محكما.
والأمثلة على هذا كثيرة لا نطيل بها.