فهذا القرآن هو أحسن الحديث بلا شك لفظا ومعنى، قصصا وخبرا وأحكاما.
وفي هذه الآية الكريمة وصف الله القرآن بأنه منزل { نزل أحسن الحديث }، فاستدل العلماء بذلك على أن القرآن كلام الله عز وجل، ولا شك في هذا، لأن الله يقول : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه }.
وهل هو كلام الله لفظا ومعنى أو هو كلام الله معنى والألفاظ مخلوقة لتعبر عن ذلك المعنى القائم بنفس الله عز وجل؟ نقول : الأول أو الثاني؟
الطالب : الأول.
الشيخ : الأول، هو كلام الله لفظا ومعنى، كلام الله تعالى مسموع سمعه جبريل ونزل به على محمد صلى الله عليه وسلم، وليس هو المعنى القائم بنفس الله المعبر عنه بالأصوات المخلوقة التي سمعها جبريل، لأنه لو كان المراد به ذلك لم يكن كلام الله بل كان كلاما مخلوقا، وكلام الله عز وجل صفة من صفاته وليس بمخلوق.
وهذا الذي نقوله هو مذهب السلف الذين هم أهل السنة والجماعة.
وفي هذا أيضا دليل على أن القرآن غير مخلوق لأن الله قال : { نزل أحسن الحديث }، وقلنا إن الحديث كلام الله عز و جل فهو غير مخلوق.
فإذا قال قائل : كيف يكون غير مخلوق والله تعالى يقول : { نزل }، والتنزيل يكون في المخلوقات كما قال الله تعالى : { وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد }، وقال تعالى : { أنزل من السماء ماء }، وقال : { هو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا }، وكل هذه الأشياء مخلوقة، فالحديد مخلوق، والغيث مخلوق، والماء الذي ينزل من المطر مخلوق، وكذلك الأنعام { أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج } مخلوقة، فكيف تقول إن القرآن غير مخلوق وهو منزل؟
فالجواب : لأن القرآن وصف، كلام، والكلام وصف المتكلم، والله عز وجل من صفاته هو الخالق وما سواه مخلوق، ولأن المخلوق شيء بائن عن الخالق، لأنه مفصول، والمفصول بائن من الصانع، ومنفصل منه.
ولهذا إذا صنع الحداد ... مثلا فهل يكون منفصل عنه أو من أوصافه؟ منفصل عنه. وكذلك البناء إذا بنى القصر، فالقصر منفصل عنه، فالمخلوق شيء منفصل عن الخالق بائن منه بخلاف الكلام، فإن الكلام وصف المتكلم، والخالق عز وجل بصفاته كامل، ليس شيء من صفاته مخلوقا.
الطالب : ... .
الشيخ : ... .
الطالب : ... .
الشيخ : أقول المهندس ... .