تم نسخ النصتم نسخ العنوان
سائل يقول : هل يجوز لشخص أن يطوف ويقول : الل... - ابن عثيمينالسائل : فضيلة الشيخ ، هل يجوز لشخص أن يطوف ويقول : اللهم اجعل ثواب طوافي هذا لأبي أو أمي؟الشيخ : هذا مبني على إهداء القرب، وهو هل يجوز للإنسان أن ينوي ...
العالم
طريقة البحث
سائل يقول : هل يجوز لشخص أن يطوف ويقول : اللهم اجعل ثواب طوافي هذا لأبي أو أمي .؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : فضيلة الشيخ ، هل يجوز لشخص أن يطوف ويقول : اللهم اجعل ثواب طوافي هذا لأبي أو أمي؟

الشيخ : هذا مبني على إهداء القرب، وهو هل يجوز للإنسان أن ينوي القيام عن شخص ميت بقربة من القرب؟
الجواب على هذا : أن نقول ماجاءت به السنة فلا شك في جوازه، ومما جاءت به السنة أن يصوم الإنسان عن ميت مات وعليه صيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من مات وعليه صيام صام عنه وليه ، ولا فرق في ذلك بين صيام رمضان وصيام النذر، فلو مات ميت وعليه أيام من رمضان قلنا لوليه يستحب لك أن تصوم عن هذا الميت، إذا قال : ما الدليل ؟ فالجواب : الدليل قوله : من مات وعليه صيام صام عنه وليه .
فإن قال قائل : هذا في النذر وليس في صيام الفرض؟
فالجواب على ذلك أن نقول : هذا الحديث عام من مات وعليه صيام ، و لم يقل: صيام نذر، ولو أراد النبي صيام النذر لبينه لأمته.
ثم نقول : لا يصح حمل الحديث على النذر لأنك لو حملته على النذر لحملته على معنى لا يقع إلا نادراً بالنسبة لصيام الفرض، فإنك لو سألت أيهما أكثر : أن يموت الإنسان وعليه صيام من رمضان أو أن يموت وعليه صيام نذر؟
لكان الجواب : أن يموت وعليه صيام رمضان، فكيف نحمل الحديث على المعنى النادر وندع المعنى الكثير.
ولهذا لا شك أن هذا الحديث دال على أنه يصام عن الميت ما كان واجباً بأصل الشرع بدون سبب كرمضان، وما كان واجبا بأصل الشرع بسبب كالكفارة، وماكان واجباً بالنذر كالذي ينذر أن يصوم يومين أو ثلاثا نفلا.
أما ما لم ترد به السنة من الأعمال الصالحة فقد اختلف العلماء في جواز إهدائها إلى الميت، فمنهم من قال: إنه جائز، ومنهم من قال: إنه ليس بجائز.
والراجح : أنه جائز، وأن جميع الأعمال الصالحة إذا نوى الإنسان أن تكون للميت وهو من المسلمين فلا بأس بذلك، ولكن يبقى النظر هل هذا من الأمور المشروعة التي ينبغي للإنسان أن يفعلها أو هو من الأمور الجائزة المقبولة؟
الجواب : الثاني أو الأول؟ الثاني يعني أنه من الأمور الجائزة المقبولة، بدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته أن يتطوعوا بالعبادات ويجعلوها للأموات، أبدا، و غاية ما هنالك أن ورد الأمر بالشيء الواجب، كالصيام الذي أشرنا إليه قبل قليل، أما التطوع فلم يأت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث في أن نتطوع بالعبادات لموتانا لا في الأضاحي ولا في الصدقات ولا في الصلاة ولا في قراءهَ القرآن ولا غيرها، غاية ما هنالك أنها جاءت قضايا معينة سئل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يجوز ذلك؟ فأباحها عليه الصلاة والسلام، مثل الرجل الذي قال : يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها ؟ قال : نعم ، وكاستئذان سعد بن عبادة رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل مخرافه أي حائطه لأمه يتصدق به لها، فأذن له، وأما أنه أمر بذلك أمرأ عاماً فلم يرد.
وبناء على ذلك فإني أقول ومن هذا المكان : إن دعاء الإنسان لأمواته أفضل من إهداء القرب لهم، يعني أفضل من إهداء العبادات، فكونك تدعو للميت أفضل من أن تتصدق له، وأفضل من أن تطوف له، وأفضل من أن تعتمر له، لأن هذا هو الذي أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له .
ومن العجب أن كثيراً من الناس ولا سيما في شهر رمضان يقرأ القرآن عدة مرات كل ختمة يجعلها لواحد من أمواته، الختمة الأولى مثلا لأمه، والثانية لأبيه، والثالثة لجدته، والرابعة لجده، والخامسة لعمه أو خاله أو أخيه، ولا يأتي ولو بواحدة لنفسه، ولاشك أن هذا عمل مخالف لما كان عليه السلف الصالح، فلم يكن السلف الصالح يعتادون مثل هذا، وأنت يا أخي ستفتقر إلى الأعمال الصالحة وستتمنى أن يكون في صحيفة حسناتك زيادة حسنة واحدة، فافعل ما أرشدك إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء لأمواتك، واجعل العبادات لنفسك، ولا تعد بذلك عاقأ ولا قاطع رحم.

Webiste