تم نسخ النصتم نسخ العنوان
في بلدنا عندما يموت شخص يتم دفنه بجوار آخرين... - ابن عثيمينالسائل : في بلدتنا عندما يموت الميت يتم دفنه بجوار أموات آخرين في قبر واحد يضمهم جميعاً فهل إذا دفن شخص صالح بجوار شخص فاجر مات على غير الصلاة وهل يتأذى...
العالم
طريقة البحث
في بلدنا عندما يموت شخص يتم دفنه بجوار آخرين في قبر واحد يضمهم جميعا فهل إذا دفن شخص صالح بجوار شخص فاجر مات على غير الصلاة فهل يتأذى هذا الصالح بعذاب هذا الفاجر و إذا كان كذلك فكيف التوفيق بين هذا و بين قوله تعالى ( و لا تزر وازرة وزر أخرى ) ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : في بلدتنا عندما يموت الميت يتم دفنه بجوار أموات آخرين في قبر واحد يضمهم جميعاً فهل إذا دفن شخص صالح بجوار شخص فاجر مات على غير الصلاة وهل يتأذى الرجل الصالح بعذاب هذا الفاجر؟ وإذا كان يتأذى فكيف نوفق بين ذلك وبين قوله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ؟

الشيخ : من المعلوم أن السنة أن يدفن الميت في قبر وحده ولا يجمع الأموات في قبر واحد إلا عند الحاجة مثل أن يكثر الأموات ويصعب دفن كل واحد في قبر كما صنع في شهداء أحد رضي الله عنهم وكما يحصل في الحروب التي يهلك فيها طائفة كبيرة في آن واحد وما أشبه ذلك وعلى هذا فالعادة التي ذكرها السائل عندهم يجب أن يبحث فيها بين العلماء الموجودين في ذلك البلد حتى يتخذ فيها القرار الموافق للشرع وأما جمعهم في قبر واحد إذا دعت الحاجة إلى ذلك فإنه يقدم الأقرأ للقرآن والأتقى ويقدم إلى القبلة ويكون الثاني وراءه وإذا قدر أن أحدا منهم كان صالحا والآخر كان بالعكس فإن ذلك لا يؤثر على الصالحين لأن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا ولهذا كان الناس يوم القيامة يعرقون أي يصيبهم العرق من الحر فمنهم من يبلغ إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ إلى حقويه، ومنهم من يلجمه وهم في مكان واحد ومع ذلك يختلفون هذا الاختلاف بل أبلغ من هذا أن يوم القيامة خمسون ألف سنه وهو على المؤمنين يسير سهل حتى جاء أنه: يكون بقدر فريضة أداها المؤمن ومنهم من يكون عليه عسيرا شاقا كما قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ فأحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا.
وأما قول السائل : كيف يجمع بين هذا إذا كان يتأذى به كيف يجمع بينه وبين قوله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ؟ فقد علم من جوابي أنه ليس هناك دليل على أنه يتأذى به لأن أحوال الآخرة تختلف عن أحوال الدنيا لكن هناك إشكال في أمر لم يذكره السائل وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أن: الميت يعذب ببكاء أهله عليه يعني إذا مات الميت ودفن فإنه يعذب ببكاء أهله عليه وهذا هو الذي قد يشكل الجمع بينه وبين قوله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى حيث إن الميت يعذب بفعل غيره وقد اختلف العلماء في الجمع بين الحديث وبين الآية فمنهم من قال: إن هذا في الكافر يعذب وأهله يبكون عليه بفراقه ومنهم من قال: إن هذا فيمن أوصى أهله أن ينوحوا عليه ويبكوا عليه فيعذب لأنه أوصى به ومنهم من قال: هذا في حق من رضي به لكون أهله يفعلونه في موتاهم ولم يوص بالنهي عنه ومنهم من قال: إن العذاب ليس عذاب عقوبة ولكنه عذاب تألم وتأذي واستدل لهذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن السفر قطعة من العذاب والمسافر لا يعذب عذاب عقوبة لكنه يعذب عذاب ألم قلبي ويهتم لهذا الشيء أي للسفر وهذا القول هو أرجح الأقوال أي أن الميت يحس بهذا البكاء ويتألم ألما قلبيا لأن أهله وأشفق الناس عليه يتأثرون هذا التأثر ويبكون، والمراد بالبكاء الذي يعذب به الميت ما سوى البكاء الذي يأتي بمقتضى الطبيعة يعني البكاء المتعمد وأما البكاء الذي يأتي بمقتضى الطبيعة فإن هذا لا يعذب عليه لا الباكي ولا المبكي عليه لأنه بغير اختيار الإنسان.
وأما الاجتماع للعزاء وصنع الطعام واجتماع الناس من أطراف البلد بل ومن القرى المجاورة فهذا كله لا أصل له وليس من عمل السلف الصالح بل قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام من النياحة " ولهذا أوجه نصيحتي إلى إخواننا الذين اعتادوا مثل هذا أن يدعوا هذا الشيء وأن يغلقوا الأبواب ومن أراد أن يعزيهم وجدهم في السوق وجدهم بالمسجد والنساء يمكن أن يرخص للنساء القريبات من الميت أن يحضرن إلى أهل الميت ويحصل العزاء لكن بدون اجتماع وبدون طعام وبدون نياحة وبدون ذكر محاسن الميت لأن ذكر محاسن الميت هذا ندب والندب منهي عنه، وأحسن ما يفعل للميت بعد موته الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له .

السائل : شيخ محمد بالنسبة للسفر للتعزية ما رأيكم فيه؟

الشيخ : أرى أن لا يسافر الإنسان ولا سيما مع وجود الهواتف والحمد لله الآن يمكن أن يتصل عليه بالهاتف ويصبره ويقول له: اصبر، احتسب لله ما أخذ وله ما أبقى اللهم إلا أن يكون قريبا جدا كأخ وما أشبه ذلك ويريد أن يسافر إذا رأى أن هذا مما يهون المصيبة على المصاب وليس فيه مشقة ولا ترك وظيفة واجبة فربما يسمح في ذلك على أني أود ألا يكون حتى في هذه الحالة أود ألا يكون يكفي المهاتفة.

السائل : طيب، بارك الله فيكم.

Webiste