ما شروط القصر في الصلاة ؟ وهل المسافة محدَّدة ؟ ومتى يصح للمسافر القصر ومتى لا يصح ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : ... والسلام على عبده ورسوله محمد .
معنا فضيلة الشَّيخ ناصر الدين الألباني ، وهناك بعض الأسئلة من الإخوة .
السؤال الأول : بيسأل السَّائل فيه يقول : ما شروط القصر في السفر ؟ وهل هناك مسافة محدَّدة ؟ ومتى يصحُّ للمسلم أن يقصر ومتى لا يصح له أن يقصر ؟
الشيخ : الحقيقة أن هذه المسألة من جملة المسائل التي كَثُرَ البحث فيها ، وتعدَّدت الأقوال حولَها ، والذي يُلاحظه الباحث في أقوال الأئمة وأدلَّتهم لا يجد أقرب إلى الصواب مما ذهب إليه بعض المتقدِّمين وكثير من المتأخِّرين - كابن تيمية وابن قيم الجوزية - من أن السفر مطلق ليس له قيود وحدود من حيث قصر المسافة أو طولها ، ويستدلون على ذلك بأدلة واضحة من الكتاب والسنة ؛ هذه الأدلة مطلقة كمثل قوله - تبارك وتعالى - : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ "" فلا جناح عليكم "" أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا . هكذا الآية ؟
السائل : فيها شوية .
الشيخ : صح ، أنا أقول هذا لأني أشك في .
السائل : فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ .
الشيخ : كيف ؟
السائل : فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ مش فلا عليكم .
الشيخ : أيوا ، فليس .
وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا .
الشاهد في الآية : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ، والضَّرب في الأرض هو كناية عن السفر ، فأطلَقَ الله - عز وجل - الضَّرب في السفر الذي رَبَطَ به جواز القصر ، وإن كان في الآية شَرَطَ ربُّنا - عز وجل - في جواز هذا القصر شرطًا واضحًا في قوله : إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، إلا أن هذا الشرط مما تفضَّل الله - عز وجل - بعدَه على المؤمنين به ، فرَفَعَه فضلًا منه ورحمة بعباده .
كما دَلَّ على ذلك حديث مسلم في " صحيحه " أن رجلًا قال لبعض الصحابة : لو أني أدركتُ النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَسألته . قال له : تسأله عن ماذا ؟ قال : أسأله : ما بالنا نقصر والله - عز وجل - يقول : إِنْ خِفْتُمْ ، ونحن الآن مطمئنُّون ولا نخاف ؟! قال : قد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت له : ما بالنا نقصر وقد أمنَّا ؟ ؛ أي : إن الله يقول : إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ؛ فهذا شرط ؛ فأجاب - عليه الصلاة والسلام - بقوله : صدقةٌ تصدَّق الله بها عليكم ؛ فاقبلوا صدقته .
كأنَّ جواب الرسول - عليه السلام - يتضمَّن شيئين اثنين :
الشيء الأول : أنه يقرُّ السَّائل على فهمه ، وأن هذا الشرط من ربِّه لجواز القصر ، لكنه يرى المسلمين لا يزالون صحابة وتابعين مستمرِّين على القصر حيث لا خوف ؛ فكيف ربُّنا يقول : إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ؟ الصحابي سأل هذا السؤال ، فأقرَّه الرسول على فهمه أنُّو هذا شرط صحيح ، لكنه أجاب بما لا علم عنده ، فقال : الأمر كما فهمْتَ ، ولكن الله - عز وجل - زاد بعد ذلك فضلًا على عباده فرفع هذا الشرط وتصدَّق عليكم فلا شرط بعد ذلك ؛ فاقبلوا صدقة الله - عز وجل - ، صدقةٌ تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته .
إذًا الآية أطلقت جواز القصر في السفر ولم تقيِّده بمسافة ، وهذا نصُّ في القرآن مطلق لا يجوز تقييده إلا بنصٍّ إما من كتاب الله أو من حديث رسول الله ، ولا يوجد لا هذا ولا هذا ، كذلك حينما ذكر ربُّنا - عز وجل - بعضَ الأسباب التي يُرخَّص لِمَن التبس بها وتحقَّقت فيه أن لا يصوم شهر رمضان كان من تلك الأسباب السفر ، فقال - عز وجل - : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ، كذلك هنا كما ترون قال : على سفر ، وهذه بصيغة إيش ؟ التنكير ؛ أي : أيَّ سفر كان طويلًا أم قصيرًا ، فمن سافر هذا السفر جاز له الإفطار في رمضان بشرط طبعًا أن يقضي أيامًا أخر .
وهكذا نجد أنه ليس هناك في كتاب الله - عز وجل - ولا في أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يقيِّد هذين النَّصَّين القرآنيين ، فينبغي أن ندع النَّصَّ المطلق على إطلاقه ولا يجوز أن نقيِّدَه باجتهادات من عندنا ، ومن القواعد الأصولية الفقهية أنه لا يجوز تقييد ما أُطلِق ، كما أنه لا يجوز إطلاق ما قُيِّد ، وكذلك لا يجوز تخصيص العام ، وكذلك العكس ؛ لا يجوز تعميم الخاصِّ ، فالنَّصُّ يُوقف عنده ولا يُزاد عليه إلا بنصٍّ من مثله يجب الخضوع له ، وليس هناك شيء يجب الخضوع له كما تعلمون إلا القرآن وإلا سنة الرسول - عليه الصلاة والسلام - .
معنا فضيلة الشَّيخ ناصر الدين الألباني ، وهناك بعض الأسئلة من الإخوة .
السؤال الأول : بيسأل السَّائل فيه يقول : ما شروط القصر في السفر ؟ وهل هناك مسافة محدَّدة ؟ ومتى يصحُّ للمسلم أن يقصر ومتى لا يصح له أن يقصر ؟
الشيخ : الحقيقة أن هذه المسألة من جملة المسائل التي كَثُرَ البحث فيها ، وتعدَّدت الأقوال حولَها ، والذي يُلاحظه الباحث في أقوال الأئمة وأدلَّتهم لا يجد أقرب إلى الصواب مما ذهب إليه بعض المتقدِّمين وكثير من المتأخِّرين - كابن تيمية وابن قيم الجوزية - من أن السفر مطلق ليس له قيود وحدود من حيث قصر المسافة أو طولها ، ويستدلون على ذلك بأدلة واضحة من الكتاب والسنة ؛ هذه الأدلة مطلقة كمثل قوله - تبارك وتعالى - : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ "" فلا جناح عليكم "" أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا . هكذا الآية ؟
السائل : فيها شوية .
الشيخ : صح ، أنا أقول هذا لأني أشك في .
السائل : فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ .
الشيخ : كيف ؟
السائل : فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ مش فلا عليكم .
الشيخ : أيوا ، فليس .
وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا .
الشاهد في الآية : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ، والضَّرب في الأرض هو كناية عن السفر ، فأطلَقَ الله - عز وجل - الضَّرب في السفر الذي رَبَطَ به جواز القصر ، وإن كان في الآية شَرَطَ ربُّنا - عز وجل - في جواز هذا القصر شرطًا واضحًا في قوله : إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، إلا أن هذا الشرط مما تفضَّل الله - عز وجل - بعدَه على المؤمنين به ، فرَفَعَه فضلًا منه ورحمة بعباده .
كما دَلَّ على ذلك حديث مسلم في " صحيحه " أن رجلًا قال لبعض الصحابة : لو أني أدركتُ النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَسألته . قال له : تسأله عن ماذا ؟ قال : أسأله : ما بالنا نقصر والله - عز وجل - يقول : إِنْ خِفْتُمْ ، ونحن الآن مطمئنُّون ولا نخاف ؟! قال : قد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت له : ما بالنا نقصر وقد أمنَّا ؟ ؛ أي : إن الله يقول : إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ؛ فهذا شرط ؛ فأجاب - عليه الصلاة والسلام - بقوله : صدقةٌ تصدَّق الله بها عليكم ؛ فاقبلوا صدقته .
كأنَّ جواب الرسول - عليه السلام - يتضمَّن شيئين اثنين :
الشيء الأول : أنه يقرُّ السَّائل على فهمه ، وأن هذا الشرط من ربِّه لجواز القصر ، لكنه يرى المسلمين لا يزالون صحابة وتابعين مستمرِّين على القصر حيث لا خوف ؛ فكيف ربُّنا يقول : إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ؟ الصحابي سأل هذا السؤال ، فأقرَّه الرسول على فهمه أنُّو هذا شرط صحيح ، لكنه أجاب بما لا علم عنده ، فقال : الأمر كما فهمْتَ ، ولكن الله - عز وجل - زاد بعد ذلك فضلًا على عباده فرفع هذا الشرط وتصدَّق عليكم فلا شرط بعد ذلك ؛ فاقبلوا صدقة الله - عز وجل - ، صدقةٌ تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته .
إذًا الآية أطلقت جواز القصر في السفر ولم تقيِّده بمسافة ، وهذا نصُّ في القرآن مطلق لا يجوز تقييده إلا بنصٍّ إما من كتاب الله أو من حديث رسول الله ، ولا يوجد لا هذا ولا هذا ، كذلك حينما ذكر ربُّنا - عز وجل - بعضَ الأسباب التي يُرخَّص لِمَن التبس بها وتحقَّقت فيه أن لا يصوم شهر رمضان كان من تلك الأسباب السفر ، فقال - عز وجل - : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ، كذلك هنا كما ترون قال : على سفر ، وهذه بصيغة إيش ؟ التنكير ؛ أي : أيَّ سفر كان طويلًا أم قصيرًا ، فمن سافر هذا السفر جاز له الإفطار في رمضان بشرط طبعًا أن يقضي أيامًا أخر .
وهكذا نجد أنه ليس هناك في كتاب الله - عز وجل - ولا في أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يقيِّد هذين النَّصَّين القرآنيين ، فينبغي أن ندع النَّصَّ المطلق على إطلاقه ولا يجوز أن نقيِّدَه باجتهادات من عندنا ، ومن القواعد الأصولية الفقهية أنه لا يجوز تقييد ما أُطلِق ، كما أنه لا يجوز إطلاق ما قُيِّد ، وكذلك لا يجوز تخصيص العام ، وكذلك العكس ؛ لا يجوز تعميم الخاصِّ ، فالنَّصُّ يُوقف عنده ولا يُزاد عليه إلا بنصٍّ من مثله يجب الخضوع له ، وليس هناك شيء يجب الخضوع له كما تعلمون إلا القرآن وإلا سنة الرسول - عليه الصلاة والسلام - .
الفتاوى المشابهة
- ما هي المسافة التي يقصر فيها المسافر الصلاة ؟ - الالباني
- قصر الصلاة - الفوزان
- إذا خرج الرجل للنزهة مسافة 70 كيلو فهل يقصر... - ابن عثيمين
- جواز الجمع والقصر لمن مكان عمله مسافة قصر - ابن باز
- ما حكم القصر في الصلاة ؟ - الالباني
- ما هي المسافة التي يقصر الصلاة فيها في السفر ؟ - الالباني
- المسافة التي تقصر فيها الصلاة - اللجنة الدائمة
- يقول أسأل من القصر في الصلاة ومتي يكون وفي أ... - ابن عثيمين
- مشروعية القصر للمسافر والمسافة التي تقصر فيها ا... - ابن باز
- أيضاً يقول في سؤاله متى يبدأ الإنسان في قصر... - ابن عثيمين
- ما شروط القصر في الصلاة ؟ وهل المسافة محدَّدة... - الالباني