تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما حكم إطلاق كلمة : " شهيد " على مَن يُقتل في... - الالبانيالسائل : أيضًا هناك سؤال آخر - يا فضيلة الشَّيخ - : ما حكم إطلاق كلمة " شهيد " على من يُقتل في أفغانستان مجاهدًا ؟الشيخ : لا أرى جواز ذلك إلا بقيد : " ف...
العالم
طريقة البحث
ما حكم إطلاق كلمة : " شهيد " على مَن يُقتل في أفغانستان مجاهدًا ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : أيضًا هناك سؤال آخر - يا فضيلة الشَّيخ - : ما حكم إطلاق كلمة " شهيد " على من يُقتل في أفغانستان مجاهدًا ؟

الشيخ : لا أرى جواز ذلك إلا بقيد : " فيما نظنُّ فيما نحسب " ، كما جاء في الحديث الذي في " صحيح مسلم " : المدح هو الذبح ، المدح هو الذبح ، المدح هو الذبح ، إذا كان أحدكم لا بد مادحًا أخاه فليقل : أحسبه كذا وكذا ، والله حسيبه ، ولا أزكي على الله أحدًا ، فنحن نظن أنُّو هذا الرجل مات في ساحة الحرب والجهاد في سبيل الله ، فنظنُّ أنه مات شهيدًا ، لكن لا نتألَّى على الله ، ولا نحكم ولا نجزم على الله بأن فلان مات شهيدًا ؛ أي معنى ذلك أنه في الجنة .
يعجبني في هذا الصدد حديث لا نستطيع أن نصحِّحَه على طريقتنا الحديثية ؛ لأن في سنده أو إسناده عبد الله بن لهيعة ، وهو سيِّئ الحفظ لا يُحتَجُّ به ، رواه هو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناده : ربَّ قتيلٍ بين الصَّفَّين الله أعلم بنيَّته ، هذا الحديث نقول نحن علته " ابن لهيعة " ، لكن ليس كل حديث يرويه ضعيفٌ يكون معناه ضعيفًا ، وكم وكم من أحاديث ضعيفة المَبنى صحيحة المعنى ، فإذا قام الدليل على صحَّة معناه قلنا بمعناه ولم نقُلْ بمبناه ؛ أي : لا ننسبه إلى الرسول - عليه السلام - ؛ لأنه لم يصحَّ لدينا على الطريقة الشرعية التي بها تثبت الأحاديث الشرعية عندنا وهي الأسانيد ، وكما قال عبد الله بن مبارك : " الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لَقال مَن شاء ما شاء " .
ربَّ قتيلٍ بين الصَّفَّين الله أعلم بنيَّته من يستطيع ينكر هذا المعنى ؟ لا أقول الحديث .

السائل : نعم .

الشيخ : من ينكر هذا المعنى لا أحد يستطيع ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جاء عنه في " الصحيحين " بالسند الصحيح ، قال - عليه السلام - : إن الرجل لَيعمل بعمل الجنة فيما يبدو للناس ، وهو من أهل النار ، فيما يبدو للناس ، ولا شك أن الجهاد في سبيل الله هو من أفضل أعمال أهل الجنة ، وسبب ورود هذا الحديث الصحيح قصَّة معروفة خلاصَتُها أن رجلًا في إحدى المعارك قاتَلَ قتالًا شديدًا ، حتى عَجِبَ أصحاب الرسول الأبطال الشجعان من شدة قتاله ، وحَمَلَهم ذلك إلى أن ذكروه للرسول - عليه السلام - ، فكان جوابه رهيبًا جدًّا : هو في النار ، رجعوا إليه مرَّة ثانية ذكروا له استبساله وجهاده ؛ قال : هو في النار ، هكذا ثلاث مرات ، في كل مرَّة يقول : هو في النار ، في المرة الثالثة قال الراوي : حتى كِدْنا أن نشكَّ بقوله - عليه السلام - ، قام رجل قال : أنا معه ، فأخذ يتتبَّعه ، وأينما هجم هجم معه ؛ حتى رآه قد كثرت عليه الجراحات فلم يصبِرْ عليها ، فوضع السيف على بطنه واتَّكأ عليه حتى خرج من ظهره فمات ، فأسرع إلى الرجل ، الرجل أسرع إلى الرسول فقال : يا رسول الله ، فلان الذي قلنا لك : كذا وكذا ، وقلت : هو في النار فعل كذا وكذا وقتل نفسه . قال : الله أكبر ! صدق الله ورسوله ، إن الله لَينصُرُ هذا الدين بالرجل الفاجر ، وإن الرجل لَيعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار .

السائل : الله أكبر !

الشيخ : هذا لم يُرَ هذه الرؤية التي رآها ذلك الصحابي رُئِيَ قتيلًا بين القتلى وبين الكفار .

السائل : نعم .

الشيخ : فقيل فيه : شهيد ؛ فإذًا ونحن نعلم جميعًا أنه يُشترط في الشهادة ما يُشترط في كلِّ الأعمال الصالحة ، وههنا أهتَبِلُها فرصةً لأوجِّه كلمةً قصيرةً إلى إخواننا المسلمين المجاهدين في تلك البلاد أذكِّرهم بقوله - تبارك وتعالى - : قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ، قال العلماء وبخاصَّة منهم علماء التفسير : هذه الآية تدلُّ على أن العمل الصالح يُشترط فيه شرطان اثنان ؛ الأول : أن يكون على السنة ؛ لأنه لا يكون صالحًا إلا إذا كان على السنة .

السائل : نعم .

الشيخ : الشرط الثاني : أن يكون خالصًا لوجه الله - تبارك وتعالى - ، وإذا اختلَّ أحد الشرطين لم يكن العمل صالحًا ، إذا كان العمل موافقًا للسنة لكن النيَّة ليست خالصة لوجه الله بطلت ، وعلى العكس ؛ إذا كان العمل خالصًا لوجه الله ولكن هو على خلاف السنة ؛ فليس عملًا صالحًا ، هذا صريح في قوله - عليه السلام - : مَن عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ ؛ أي : مردود على صاحبه ؛ لهذا قال - عليه الصلاة والسلام - : بشِّر هذه الأمة بالسَّناء والمجد والرفعة والتَّمكين في الأرض ، ومن عَمِلَ منهم عملًا للدنيا فليس له في الآخرة مِن نصيب ، فأنا أرجو من المجاهدين أن يخلصوا نواياهم في خروجهم لهذا الجهاد في سبيل الله ، لا لِيُقال : فلان جاهد ، وفلان جاء اسمه في زمرة المجاهدين ، أو أي نية من النوايا الأخرى التي تُحبط عمله كما جاء في " صحيح البخاري " من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن رجلًا قال : يا رسول الله ، الرجل منَّا يقاتل شجاعةً ؛ هل هو في سبيل الله ؟ قال : لا . قال : الرجل منَّا يقاتل حميَّةً ؛ هل هو في سبيل الله ؟ قال : لا . ثالث ورابع ، ما أدري كم كل واحد يسأل سؤال ، قال : لا ، لا . قالوا : فمن في سبيل الله ؟ قال - عليه الصلاة والسلام - : مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله .
هذه نصيحة أوجِّهها ، ولعلها تكون الختام لهذه الجلسة ، ولَّا بعد عندك سؤال آخر ؟

السائل : فيه سؤال يا شيخ .

الشيخ : آ .

السائل : في سؤال يا شيخ مهم شوي بسيط .

الشيخ : تفضل .

Webiste