تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمينالشيخ : والشهادة في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدَّين، وكذلك إذا غل الإنسان شيئًا مما غنمه يعني أخفاه وجحده، ففي الحديث الأول  أن نفرًا من أصحاب النبي ص...
العالم
طريقة البحث
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا فلان شهيد وفلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة ) رواه مسلم . وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال فقام رجل فقال يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عن خطاياي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف قلت ؟ قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك ) رواه مسلم ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : والشهادة في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدَّين، وكذلك إذا غل الإنسان شيئًا مما غنمه يعني أخفاه وجحده، ففي الحديث الأول أن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر أقبلوا يعني إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم يقولون: فلان شهيد، فلان شهيد، فلان شهيد، حتى مروا على ذكر رجل فقالوا: فلان شهيد، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كلا يعني: ليس بشهيد لقد رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة البردة نوع من الثياب، والعباءة معروفة غلها يعني كتمها غنمها من أموال الكفار وقت القتال فكتمها يريد أن يختص بها لنفسه والعياذ بالله، فعذب بها في نار جهنم، انتفت عنه هذه الصفة العظيمة وهي الشهادة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: كلا يعني: ليس بشهيد، لأنه غل هذا الشيء البسيط فأحبط جهاده نسأل الله العافية، وصار في النار قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ففي هذا دليل على أنه لا ينبغي لنا أن نحكم على شخص بأنه شهيد وإن قتل في معركة، معركة بين المسلمين والكفار فلا نقول: فلان شهيد لاحتمال أن يكون غل في سبيل الله، لو غل قرشًا واحدًا زال عنه اسم الشهادة والعياذ بالله، ما ندري لعله يجحد لو مسمار واحد فإنه لا يكون شهيدًا، وكذلك أيضًا احتمال أن تكون نيته غير صواب بأن ينوي بذلك الحمية أو أن يرى مكانه، ولهذا سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل في سبيل الله أي ذلك يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله والنية أمر باطني في القلب لا يعلمه إلا الله، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ما من مكلوم يكلم في سبيل الله أي ما من مجروح يجرح في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله انتبه لهذه النقطة الله أعلم يعني قد نظن أنه يقاتل في سبيل الله ونحن لا نعلم والله أعمل بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا اللون لون الدم والريح ريح المسك ولهذا ترجم البخاري رحمه الله في * صحيحه * فقال : " باب لا يقال فلان " يعني ما تعين تقول: فلان شهيد إلا إذا عينه الرسول عليه الصلاة والسلام أو ذكر عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأقره، فحينئذ يحكم بشهادته بعينه وإلا فلا تشهد لشخص بعينه، ونحن الآن في عصرنا هذا أصبح لقب الشهادة سهلًا ويسيرًا كل يعطى هذا الوسام حتى لو قتل ونحن نعلم أنه قتل أنه قتل حمية وعصبية، لأنا نعلم عن حاله أنه رجل بذاك الرجل المؤمن ومع ذلك يقولون: فلان شهيد، فلان شهيد، استشهد فلان، وقد نهى عمر رضي الله عنه عن أن يقال فلان شهيد، قال: إنكم تقولون: فلان شهيد فلان قتل في سبيل الله ولعله أن يكون كذا وكذا يعني غل ولكن قولوا: من قتل في سبيل الله أو مات فهو شهيد عمم من قتل أو مات فهو شهيد أما تقول فلان شهيد فهو وإن كان في المعركة يتشحط بدمه فلا تقل شهيد علمه عند الله، قد يكون في قلبه شيء لا نعلمه، ثم نحن شهدنا أو لم نشهد إن كان شهيدًا عند الله فهو شهيد وإن لم نقل إنه شهيد، وإن لم يكن شهيدًا عند الله فليس بشهيد وإن قلنا إنه شهيد، إذًا نقول: نرجو أن يكون فلان شهيدًا أو نقول عمومًا من قتل في سبيل الله فهو شهيد وما أشبه ذلك، أما الحديث الثاني ففيه دليل على أن الشهادة إذا قاتل الإنسان في سبيل الله صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر فإن ذلك يكفر عنه خطيئاته وسيئاته إلا الدَّين، إذا كان عليه دين فإنه لا يسقط بالشهادة، لأنه حق آدمي وحق الآدمي لا بد من وفائه، وفي هذا دليل على عظم الدَّين وأنه لا ينبغي للإنسان أن يتساهل به، ومع الأسف أننا في عصرنا الآن يتساهل الكثير منا بالدَّين، تجده يشتري الشيء وهو ليس في حاجة إليه بل هو من الأمور الكمالية يشتريه في ذمته بالتقسيط أو ما أشبه ذلك، ولا يهمه هذا الأمر تجده فقيرًا يشتري سيارة بثمانين ألف، تسعين ألف، مئة ألف وهو يمكنه يشتري سيارة بعشرين ألف، كل هذا من قلة الفقه في الدِّين وضعف اليقين، احرص على ألا تأخذ شيئًا بالتقسيط وإن دعتك الضرورة إلى ذلك فاقتصد على أقل ما يمكن، نسأل الله أن يحمينا وإياكم مما يغضبه وأن يقضي عنا دينه ودين عباده إنه جواد كريم.
سبحان الله سبحان الله.
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Webiste