تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ذكر الأساليب في النصيحة، وشرح حديث معاوية بن ا... - الالبانيالشيخ : وشيء أخر، النصيحة كما ذكرنا في الدرس الماضي غير بعيد، يجب أن تكون بالأسلوب الحسن كما ذكرنا لكم قصة ابن عمر مع ذاك الذي عطس وحمِد الله ولكنه زاد ...
العالم
طريقة البحث
ذكر الأساليب في النصيحة، وشرح حديث معاوية بن الحكم قال : بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه ما شأنكم ؟ تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن... ) .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : وشيء أخر، النصيحة كما ذكرنا في الدرس الماضي غير بعيد، يجب أن تكون بالأسلوب الحسن كما ذكرنا لكم قصة ابن عمر مع ذاك الذي عطس وحمِد الله ولكنه زاد في حمده مالم يشرعه الله على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام حين قال الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، قال ابن عمر وأنا أقول معك الحمد لله والصلاة على رسول الله ولكن ما هكذا علّمنا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم، ففي هذا الأسلوب الذي جاء به ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه عمر هو أسلوب منتهى اللطف ومنتهى التأثير في المُنْصح، لذلك هذه النصيحة التي أمر بها الرسول عليه السلام في هذا الحديث بصورة خاصة عند الإستنصاح، وفي ذاك الحديث بصورة عامة فينبغي دائما وأبدا أن تقترن بالأسلوب الحسن كما قال الله عز وجل ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ولكن يجب أن نضمّ إلى هذه القاعدة شيئا، كثيرا من الناس تغلب عليهم هذه القاعدة فيُحاولون طردها، طردها واستمرار بها دائما أبدا ولو أنه وُجِد هناك ما يقتضي أن يتغيّر الأسلوب، أقول هذا بيانا للحقيقة وتفقّها في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحاديثه التي جمعت الأسلوبين، ليس أسلوبا واحد.
الأسلوب الأول هو الذي ذكرناه في أول هذا الكلام وفي الدرس الماضي وهو التلطّف مع الناس الذين يُراد نصحهم، أما الأسلوب الأخر فأحيانا يقتضي الأمر التشديد وربما يتطلّب النهر، ليس دائما بكلام هيّن ليّن، هذا هو الأصل، وهذا هو القاعدة، ولكن كما قال علماء الأصول " ما من عامّ إلا وقد خصّ " هذا المبدأ العام هو الحكمة واللين ولكن لا تكون الحكمة دائما وأبدا مقرونة باللين، نحن نذكر مثلا مما يؤيد الأسلوب الأول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وأله وسلم الشيء الكثير والكثير، ولا نريد أن نُفيض في هذا مادام أن كل الناس يعرفون هذه الحقيقة ويحبّذونها بل ولا يستثنون شيئا منها، لكن أذكر قصة من باب التذكير والتعليم لمن قد لا يعلم ذلك، لقد روى الإمام مسلم في صحيحه تلك القصة البديعة الطريفة والتي فيها توضيح للمسلمين كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعامل الناس باللين، هذه القصة يَرويها معاوية بن الحكم السلمي ولا أريد أن أسوق الحديث كما جاء وإنما آخذ منه الشاهد، أنه صلّى يوما وراء النبي صلى الله عليه وسلم فعطس رجل بجانبه فقال له يرحمك الله، رجل وقف بجانبه معاوية بن الحكم السلمي كلاهما في الصلاة، ذاك الرجل عطس فقال معاوية له يرحمك الله وهو يصلي مثله، فنظر إليه من حوله تسكيتا له، فازداد ضيقا وتضجّرا لأنه لم يكن على علم وفقْه فنادى بأعلى صوته وا ثكل أمّياه مالكم تنظرون إليّ فلم يجدوا وسيلة لإسكاته لأنهم في الصلاة وقوموا لله قانتين ساكتين تالين للقرأن ذاكرين لله، لم يجدوا وسيلة سوى الضرب على أفخاذهم، يقولون له اسكت ليس هذا مجال التشميت لأنه هذا كلام، الشاهد يقول هو يُحدّث عن نفسه أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم لما قضى الصلاة أقبل إليّ، تتصوّروا حالة الإنسان الذي عرف بعد لَأْيٍ أنه كان مخطئا، ماذا يتصوّر أنه الرسول عليه السلام وهو قادم عليه سيفعل به؟ نحن في زماننا لو وقع مثل هذا شوفنا الشيخ جاء نحونا طبعا بدو يبهدلنا وبدو يشتمنا وينسبنا للجهل و و إلى أخره، أما الرسول صلوات الله وسلامه عليه فبطبيعة الحال لم يكن منه شيء من ذلك إطلاقا، وهذا ما يصفه به صاحب القصة فيقول فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليّ فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي تسبيح وتكبير وتحميد حينما فوجئ بهذا اللطف وبهذا التعليم طمِع الرجل في أن يتعلّم منه في تلك الجلسة، فأخذه يسأل، أخذ يسأل الرسول السؤال تلو السؤال ورسول الله صلى الله عليه وأله وسلم يجيبه عن كل سؤال دون أي تململ أو تضجّر، ولا أطيل عليكم كما قلت لا سيما وقد ذكرت الحديث أكثر من مرة.

Webiste