تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الكلام على حديث النهي عن صيام يوم السبت . - الالبانيالحويني : ...  شيخنا في مسألة بالنسبة لمسألة صيام يوم السبت ...  .الشيخ :  إذن نفتتح أسئلتكم بخطبة الحاجة التي كان نبينا صلوات الله وسلامه عليه يعلمها أ...
العالم
طريقة البحث
الكلام على حديث النهي عن صيام يوم السبت .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الحويني : ... شيخنا في مسألة بالنسبة لمسألة صيام يوم السبت ... .

الشيخ : إذن نفتتح أسئلتكم بخطبة الحاجة التي كان نبينا صلوات الله وسلامه عليه يعلمها أصحابه فكان يقول إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً .
أما بعد: فقد ذكرنا في مناسبات كثيرة، أن من الوسائل العلمية الشرعية لتحصيل العلم، إنما هو الإجابة على أسئلة السائلين، كما قال رب العالمين تبارك وتعالى في القرآن الكريم: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، ونرجو الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل الذكر المتفقهين في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم وعلى منهج السلف الصالح رضي الله عنهم، وها أنتم ترون أن أخانا أبا إسحاق جزاه الله خيرا قد جمع لنا كثيرا من المسائل مما يشعر بالحاجة إليها إخواننا المسلمون في مصر وقد يشاركهم فيها كلها أو في جلها أو في بعضها سائر المسلمين في بلاد الإسلام، ولذلك فإني أرجو الله تبارك وتعالى أن يوفقني الى الإجابة عنها كلها أو جلها أو بعضها على الأقل، ونعتذر عن الإجابة عما لا نعلم، فإن من العلم أن نقول لما لا نعلم: لا نعلم، فهاتها بارك الله فيك.

السائل : بالنسبة لمسألة صيام يوم السبت هذه إنها مسألة تكاد تكون جديدة على الأفهام فاعترضها بعض المنتسبين إلى العلم في مصر فحدث نوع من البلبلة، فنرجوا إفاضة حقيقة هذه المسألة، والإجابة عن الشبهات التي تعترض هذا الحكم، لاسيما أحيانا يوم السبت قد يوافق يوم عرفة وقد يوافق مثلا يوم عاشوراء؟

الشيخ : الحقيقة أن هذه المسألة لكثرة ما سُئلتُ عنها وأجبت عنها تارة بالتفصيل دون مناقشة أو مجادلة، وتارة مع التفصيل مع تلقي الاعتراضات والأسئلة، ومن هذا النوع ما كان في هذه السّفرة الأخيرة في المدينة المنورة، وقد كان في ذلك المجلس بعض أفاضل أهل العلم من الدكاترة وغيرهم من المدرسين في الجامعة الإسلامية، فلا أدري إذا كان من المفيد أن نخوض مرة أخرى في مثل هذه المسألة، وإن كانت النفس لا تنشط عادة لتكرار ما مضى فيه البحث مرارا وتكرارا، وعلى كل حال فأنا أَكِلُ، أقول لعل عند الأخ هنا أشرطة، ومع ذلك فأنا معكم إن رأيتم أن نخوضها مرة أخرى فعلتُ إن شاء الله وأرجو من الله التوفيق. ترى ذلك؟

السائل : نعم جزاك الله خيرا.

الشيخ : ترى ذلك القضية في الواقع كما أشرت إليها في مطلع كلامك أنها مفاجئة بالنسبة لعامة الناس وبخاصة الذين لا يُشغلون أنفسهم بدراسة السنة، وإنما هم قد يراجعون من كتب السنة ما يوافقون فيها مذاهبهم وعاداتهم وتقاليدهم، وهذا الحديث كان في الحقيقة مع أنه قد ورد في بطون كتب السنة التي حفظها الله تبارك وتعالى لنا من باب حفظه للقرآن الكريم، كما قال عز وجل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ، لقد كان هذا الحديث محفوظا في كتب السنة، ولكن لما كان دراسة السنة كادت أن تُصبح نسيا منسيا في آخر الزمان هذا، ولذلك فإذا ما أثير مثل هذا الحديث المحفوظ في بطون الكتب جاء غريبا على أذهان الناس، وبخاصة إذا كان مخالفا لما جاء في بعض المذاهب وما كان مخالفا لما اعتادوا عليه من العبادات سواءً ما كان منها من السنن أو المستحبات. ويعود عهدي للانتباه لهذا الحديث حينما كنت شرعت بتخريج كتاب منار السبيل في الكتاب المعروف لدى طلاب العلم اليوم بإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، فقد مر هذا الحديث في ذاك الكتاب -منار السبيل- وهو في الفقه الحنبلي فوجدت نفسي مضطرا للعناية به خير ... فجريت على تخريجه تخريجا علميا كما هو ديدني بالنسبة للأحاديث التي نتبناها تصحيحا أو تضعيفا، فوجدت هذا الحديث من الناحية الحديثية لا مناص للباحث من تصحيحه؛ لأن له طرقا كثيرة وبعضها صحيح لا إشكال ولا ريب فيه، وذلك كله مشروح في الكتاب المشار إليه إرواء الغليل. وبعد أن اطمأننت لصحة الحديث كان لابد لي من التوجه لدراسة الحديث من الناحية الفقهية، وجدت الحديث صريح الدِّلالة لا يقبل نقاشا ولا جدلا في أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى فيه عن صيام يوم السبت إلا في الفرض فقال عليه الصلاة والسلام -نذكر هذا الحديث تذكيرا للحاضرين، أو تنبيها للغافلين- فقال عليه الصلاة والسلام: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما أفترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه ، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه ،لم يقتصر هذا الحديث على الأمر بإفطار يوم السبت إلا في الفرض؛ بل أضاف إلى ذلك تأكيدا بالغا بقوله عليه الصلاة والسلام ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة ، ولحاء الشجرة هو القشر الذي ليس من عادة الناس أنْ يستفيدوا منه إلا حطبا للنار، بالغ الرسول عليه الصلاة والسلام في الأمر بإفطار يوم السبت فقال: ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فتأملت في هذا الحديث فوجدته نصا صريحا في أنه لا يجوز صيام يوم السبت إلا في الفرض. وكلمة الفرض هنا لا يقتصر - كما توهم بعض الدكاترة - الصوم في رمضان فقط، بل هو أعم من ذلك؛ لأن من الفرض قضاء مما عليه من رمضان، ومن الفرض مثلا صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهدي بالنسبة للمعتمر، وهكذا من الفرض من كان نذر عليه صياما معينا فعليه أن يلتزم ذلك؛ لأنه بالنذر صار فرضا، وهكذا. والشاهد أن هذا نقطة وقفنا عندها لأننا وجدنا بعضهم يتوهم أن هذا الاستثناء ينحصر في رمضان فقط، والأمر أوسع من ذلك؛ ولكنه مع هذه التوسعة فيما يتعلق فيما كان فرضا، فهذا الاستثناء ينفي بكل صراحة ما لم يكن فرضا. على ذلك تأتي الإشكالات التي أشار إليها أخونا أبو إسحاق آنفا .

Webiste