تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الكلام على حقوق النبي صلى الله عليه و سلم مع ذ... - الالبانيالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم، عن عبد الله بن الشخّير قال انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم فقلنا أنت سيدنا، فقال عليه السلام  ا...
العالم
طريقة البحث
الكلام على حقوق النبي صلى الله عليه و سلم مع ذكر بعض الأحاديث التي فيها آداب معاملته صلى الله عليه وسلم.
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم، عن عبد الله بن الشخّير قال انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم فقلنا أنت سيدنا، فقال عليه السلام السيد الله تبارك وتعالى ، قلنا وأفضلنا فضلاً وأعظمنا قولًا، فقال قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينّكم الشيطان ، رواه أبو داود بسند جيد.
ماذا يقصد الرسول صلى الله عليه وأله وسلم بقوله قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ؟ يعني الرسول عليه السلام بقوله قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ، أي لما قالوا للرسول عليه السلام أنت سيدنا قال لهم عليه الصلاة والسلام السيد الله ، يعني السيد الحقيقي هو الله ولما قالوا له أنت أفضلنا وأنت أعظمنا قولًا أو أفضلنا فضلاً قال لهم عليه الصلاة والسلام قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ، أي لا تفتحوا على أنفسكم باب الانحراف عن الصراط المستقيم بالغلو في مدح الرسول صلى الله عليه وأله وسلم وتعظيمه فيجرّكم الشيطان إلى الطرق المنحرفة عن الصراط المستقيم، كما قاله عليه الصلاة والسلام لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ، كذلك يشير الرسول عليه السلام بقوله ولا يستجرينكم الشيطان ، إلى الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود قال كنا جلوسًا مع النبي صلى الله عليه وأله وسلم فخطّ على الأرض خطًا مستقيمًا ثم خط من حوله خطوطًا قصيرة ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم وهو يمدّ أصبعه على الخط المستقيم وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام: 153]، المبالغة في مدح الأنبياء والصالحين هي من الطرق التي يجر الشيطان المبالغين في المدح إلى طرق خطيرة ويُخرجهم بها عن الصراط المستقيم الذي هو طريق واحد ليس له ثانٍ، هذا هو المقصود من قوله عليه السلام ولا يستجرينكم الشيطان ، وبعبارة أصولية إن الرسول عليه السلام بهذه الجملة بقوله لا يستجرينكم الشيطان ، وضع باب سد الذريعة فهو ينهى عن المبالغة في المدح خشية أن يؤدي إلى ما لا يجوز من الكلام كما فعل النصارى.
نرجو البيان بالتفصيل حكم استعمال كلمة سيّد مثلاً، سيدنا محمد صلى الله عليه وأله وسلم وذلك بالنسبة للحديث السيد الله؟
الجواب السيد الله هو حديث بلا شك حديث صحيح، وكذلك هناك أحاديث صحيحة أطلَق فيها الرسول عليه السلام السيادة لنفسه بحق فهو قال في صحيح مسلم أنا سيد الناس يوم القيامة ، أتدرون مما ذاك؟ ثم ذكر حديث الشفاعة وهو حديث طويل جدًا، كذلك قال عليه الصلاة والسلام أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، أدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة ، فالسيادة سيادتان سيادةٌ لا تليق إلا لله عز وجل، فهي التي عناها الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الأول حينما قال السيد الله ، السيادة المطلقة هي التي عناها الرسول عليه السلام في قوله السيد الله ، والمناسبة التي ذُكِر هذا الحديث فيها تؤيّد ذلك، فقد جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له أنت سيدنا وابن سيدنا وأنت كذا وكذا ذكروا أيضا أوصاف أخرى، فقال في الحديث هذا السيد الله ، وفي حديث أخر قال لهم قولوا قولكم هذا أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ، أيضًا نفهم من مجموع الروايتين أن قوله عليه السلام السيد الله ، هو تنبيه إلى أن السيادة الحقيقة إنما هي لله عز وجل، فخشِيَ عليه الصلاة والسلام من مبالغتهم في وصفه أن يؤدي بهم ذلك الوصف إلى الإشراك للرسول عليه السلام مع الله ولو في اللفظ، لأنه من الفقه في التوحيد الذي يخفى على كثير من أهل العلم فضلا عن غيرهم أن الشرك له أقسام كثيرة والذي عُمِل الأن هو التفصيل الأتي، شركٌ اعتقادي وشركٌ لفظي، فهنا نهى الرسول عليه السلام أولئك وقال لهم السيد الله ، خشِيَ أن يقعوا في الشرك اللفظي يعني أن يقولوا لفظًا ممكن أن يُطلق على الرسول عليه السلام لكن المعنى الحقيقي له إنما هو لله تبارك وتعالى، فبيانًا لهذه الحقيقة قال السيد الله ، وبيانًا للسيادة اللائقة به عليه الصلاة والسلام التي هي طبعًا بين وبيه وبين وكرر ملايين بين سيادة الله الحقيقية هي هذه السيادة التي قال عنها أنا سيد الناس يوم القيامة أنا سيد ولد أدم ، فإذا بناءً على هذا التفصيل، إذا قال المسلم في بعض الأحيان قال سيدنا رسول الله وهو إنما يعني السيادة اللائقة به كنبي مصطفى مخلوق، فهذا جائز بلا شك لأنه سيد حقًا، لكن إذا قال سيّدنا وضمّن هذه اللفظة معنى فوق مستوى البشر فحين ذاك يقال له السيد الله، السيادة الحقيقة هي لله عز وجل.
ونجد أن الصحابة رضي الله عنهم نادرًا ما كانوا يستعملون لفظة السيادة هذه، ذلك لأن الغالب عليهم يقولون قال رسول الله قال رسول الله وإنما جاء في حديث موقوف في سنن ابن ماجة على ابن مسعود أنه ذكر الرسول عليه السلام بلفظ سيد المرسلين، ومع ذلك ففي السند ضعفٌ، فإذا قال المسلم أحيانًا قال سيدنا رسول الله من باب بيان أن للرسول عليه السلام هذه السيادة على جميع البشر كما سمعتم أنفًا فهذا حقٌ لكن الغالب أن يقول قال رسول الله، قال عليه الصلاة والسلام كما جرى عليه السلف الصالح إلا في العبادات، في الأوراد والأذكار التي جاءتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعليمًا منه لنا فلا يجوز أن نُدخل لفظة سيّد في ورد من تلك الأوراد.
ذلك لأن التعليم النبوي للمسلمين ليس فيه نقصٌ حتى يأتي أحدنا فيستدرك هذا النقص عليه، فالله عز وجل حينما أنزل قوله إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، قالوا يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال عليه الصلاة والسلام قولوا اللهم صل على محمد وعلى أل محمد كما صليت على إبراهيم إلى أخره، لم يقل لهم قولوا "اللهم صل على سيدنا"، وهنا أذكر وهما شائعا للتنبيه على خطئه، يقول بعضهم ومع الأسف من أهل العلم، إيش معنى الرسول بيأمر الناس يقولوا قولوا سيدنا، هو رسول الله متواضع ولا يليق بتواضعه أن يأمر الناس أن يسوّدوه وأن يقول قولوا "اللهم صل على سيدنا"، هذه غفلة تشبه غفلة المستبيحين للتصوير الفوتوغرافي بحجة إنه الرسول شو بيعرفوا أنه يصير فيما بعد نسوا أنه هذا الكلام كل مصوّر في النار ، ليس من عنده وإنما هو من الله ونسوا أيضًا هؤلاء أن قول الرسول قولوا اللهم صل على محمد ليس من عنده، إنما هو من وحي السماء، فالله هو الذي أمر الناس أمر سيد الناس أن يأمر الصحابة أصالة وسائر الناس تبعًا بأن يقولوا اللهم صلي على محمد، فلو أن الله عز وجل أراد أن يُشرّع للناس تسييد الرسول في الصلاة الإبراهيمية لكان أمر الرسول أن يقول للناس قولوا اللهم صل على سيدنا محمد، ونُقرِّب هذا تُرى لمّا علُمنا الرسول عليه السلام التحيات وقال إذا جلس أحدكم في التشهّد فليقل التحيات لله، هذا تعظيم لنفسه وإلا تعظيم لربه؟ لاشك أنه تعظيم لربه فهل يجوز لنا أن نقول "التحيات لله تعالى"، "التحيات لله عز وجل" هذا كله تعظيم لله عز وجل، لا يجوز لم؟ لأنه هذا التعليم كامل أولًا ثم هو من الله الذي أمرنا أنه نعظّمه ونبجّله بهذه الألفاظ، " التحيات لله والصلوات والطيبات " ، فلو أراد الله زيادة التبجيل له لزاد هذه الألفاظ وعلّمناها الرسول عليه السلام، فهذا كهذا، فكما أنه لا يجوز للمصلي أن يقول "التحيات لله تبارك وتعالى والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وتحياته وسلاماته" وإلى أخره، كذلك لا يجوز أن يقول "اللهم صل على سيدنا محمد" إلى أخره.
والسر في هذا أن الأذكار توقيفيّة، أي تعاليم من الله للرسول والرسول بدوره للأمة، لذلك لا يجوز أن نقول أنه الرسول تواضعًا منه لم يقل قولوا "اللهم صل على سيدنا"، لأننا نقول إن كان الله أوحى إليه بلفظة سيدنا فما كان لرسول الله أن يكتم وحي السماء بحجّة تواضعًا، وإن كان الله لم يوحي إليه بذلك فأحرى وأحرى أن لا يجوز لنا أن نزيد شيئًا لم يوحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم من السماء.
فهذا جواب السيادة بالنسبة للرسول عليه السلام، فله سيادته اللائقة التي فُضِّل بها على الناس جميعًا ولكن نقول أحيانًا سيدنا رسول الله تحقيقًا لهذه السيادة ولكن لا نزيد هذه اللفظة في الأوراد التي علمناها الرسول عليه الصلاة والسلام.

Webiste