بيان حجية الحديث في المعاملات والعقائد و الآداب وغيرها من أبواب الدين.
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : إذا كان السائل في الحقيقة أحسن التعبير عن الشبهة ، ولذلك أنا أتكلم في حدود ما قرأته وما سمعته ، مادام أن السائل يقول إنهم يشكون في بعض الأحاديث فإذًا هو جعل ولو على سبيل الحكاية عن غيره جعل الأحاديث عند هذا البعض قسمين قسم مشكوك في صحته عندهم، وقسم غير مشكوك في صحته عندهم ، تُرى ما الذي جعلهم لا يشكون في القسم الأول، ثم ما الذي حملهم على أن يشكوا في القسم الآخر ؟ فإن كان الحامل لهم على عدم الشك في القسم الأول، هو علم الحديث بأصوله و جرحه و تعديله فنحن حينذاك نتحاكم إلى هذا العلم في القسم الثاني الذي شكّوا فيه ، وإن كان إنما اعتقدوا بصحة القسم الأول هكذا اعتباطًا دون استناد إلى علم له وزنه وله قدره وله خدمته الطويلة المديدة، فلا فرق عندنا في اعتقادهم بصحة مثل هذه الأحاديث التي صححوها بأهوائهم ليس بعلم الحديث ، وبين تلك الأحاديث التي ردوها لأنهم أيضًا إنما ردوها اتباعًا لأهوائهم، فإذًا البعض هذا إما أن يعتقد معنا بحجية الحديث مطلقًا كما سمعتم في المحاضرة في الأحكام وفي العقائد، وإما أن يلتحق بطائفة من الطائفتين الأوليين، القرآنيين زعموا الذين يصرحون بإنكار الحديث مطلقًا وبأن الدين الإسلام زعموا إنما هو القرآن فقط، وإما أن يلتحقوا بالفئة الثانية وهي أخت الأولى وهم الطائفة القادنية مع الفارق اللفظي والسياسي الذي تلجأ إليه هذه الطائفة دون الأولى كما سمعتم، فهم يقولون نأخذ بالكتاب والسنة، والسنة المعيار في معرفة صحيحها من سقيمها هو ما وافق الكتاب فهو صحيح وما لم يوافقه فهو غير صحيح إذًا هدموا علم الحديث من أوله إلى آخره وأريد أن أُذكّر هنا بهذه المناسبة بأمر هام جدًا، هناك أمور تتعلق بالشريعة وتتعلق بحياة الرسول وحياة الصحابة، بل وحياة كل أمة ، تدخل في قسم يمكن أن يقال عنها ليست موافقة للكتاب ولا مخالفة للكتاب هذا القسم ما السبيل إلى معرفته أكان أم لم يكن ؟ القرآن لم يتعرض له لا سلبًا ولا إيجابًا، لا نفيًا ولا إثباتًا، مثلًا مثل بسيط جدًا رسول الله عاش ثلاثًا وستين سنة هل هذا الحديث موافق للقرآن ؟ قولوا معي الموافقة تعرفون أنه ينبغي أن يكون المعنى موجود في القرآن، ليس يقال في مثل هذا الحديث أنه موافق للقرآن كذلك لا يقال إنه مخالف للقرآن لما ذكرته آنفًا أن القرآن لم يتعرض لهذه الجزئية إطلاقًا، وهكذا عشرات الأحاديث بل مئات وألوف الأحاديث تتعلق في صلب الشريعة عقيدة وأحكامًا لا يمكن أن يقال فيها إنها توافق القرآن ولا أنها تخالف القرآن ولذلك المسلم المتفقه في الكتاب وفي السنة الصحيحة يجد نفسه مضطرًا إلى أن يؤمن بأن هناك شيئًا آخر سوى القرآن ويكفي بعض الآيات التي سمعتموها في المحاضرة والأحاديث حتى لا نعود إلى التكرار إذًا ما هو السبيل لمعرفة هذا الشيء الآخر الذي يشعر به كل باحث، يعني الآن سيرة الرسول عليه السلام من أين نأخذها، تفاصيل الغزوات والسرايا وما شابه ذلك من أين تؤخذ ؟ القرآن أولًا لم يتعرض إلا لبعض الغزوات ثم تعرّض حينما تعرض لها بشيء من الإيجاز الكثير، وهناك في الغزوات شرعت أحكام كثيرة تتعلق بالنفل وبالمغانم وبنحو ذلك، من أين تُعرف هذه الأمور كلها وهو من طريق السنة ؟ ما السبيل إلى التعرف على هذه السنة ؟ ليس عندنا طريق بإجماع المسلمين إلا طريق علماء الحديث . حينذاك نقول لهذا السائل ، نسأل كل شاكٍ في أي حديث ما الذي حملك على الشك ؟ فإن كان الشك نابع من عدم إيمانه بالحديث أصلًا فقد سمعتم الرد عليه بما لا رد عليه ، وإن كان الشك من كل إنسان في أي حديثٍ نابعًا لجهله بعلم الحديث فالجواب كالفقه تمامًا فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ، وإن كان الشك حاصل لأنه ما هضم المعنى الذي تضمّنه الحديث نظرًا لثقافته، نظرًا لجهالته، نظرًا نظرًا إلى آخر ما هنالك من أمور أخرى كالعواطف والبيئة وتأثيراتها وما شابه ذلك فحينئذٍ نقول لكل سؤال جواب، أي كل حديث يشك فيه أي إنسان فنحن مستعدون بفضل الله أن نبحث معه حتى نقضي على مشكلته، وفي كثير من الأحيان يكون الحديث مما يقال في لغة العامة هذا الميت لا يستحق هذا العزاء، يعني يكون حديثًا ضعيفًا أو موضوعًا فحينئذٍ نريحه ونريح أنفسنا معه، لكن في كثير من الأحيان يكون الحديث صحيحًا لكن هذا الحديث الصحيح يجب أن يُفهم أيضًا فهمًا أيضاً صحيحًا كالنص القرآني تمامًا وهنا سؤال أريد أن أجيب عنه في طريقي، يعني في الإجابة عن هذا السؤال الأول، سؤال آخر أنه يسأل السائل أنه في بعض الأحاديث التي العلماء اختلفوا فيها أو أنه ما أحاط الناس بها فنحن نجيب القرآن مع أنه محفوظ من حيث الرواية بين الدفتين، لكن يقع فيه أحيانًا اختلاف في فهم بعض النصوص، فالفهم الصحيح نقطع أنه موجود في هذه الأمة، هذا الفهم الصحيح ليس ضائعًا لكن ليس موجودًا مع كل إنسان حتى العلماء فضلًا عن غيرهم، الفهم الصحيح لآية ما مما اختلف فيه الناس هو لابد أنه موجود في طائفة من هذه الأمة وليس ضروريًا أن يكون محفوظًا معروفًا عند كل فردٍ من أفراد هذه الأمة في كل زمان مضى أو يأتي كذلك الأحاديث هكذا، فالأحاديث التي نطق بها الرسول عليه الصلاة و السلام هي محفوظة أيضًا عند الأمة لكن ليس عند كل فردٍ من أفراد الأمة .
الفتاوى المشابهة
- يوجد عندنا فرقة لا يختلفون معنا كثيراً في العب... - الالباني
- هل عبارة "الدين المعاملة" حديث؟ - ابن باز
- بيان أن القول: " الدين المعاملة " ليس على إطلاقه - الالباني
- بيان أن القول" الدين المعاملة " ليس حديثاً عن... - الالباني
- حجِّيَّة أحاديث الآحاد في العقائد والأحكام . - الالباني
- الحديث الحَسَن لغيره هل يُؤخذ به في باب العقائد ؟ - الالباني
- الحديث الحسن لغيره ؛ هل يُؤخذ في باب العقائد ؟ - الالباني
- ما حكم من يشك في بعض أحاديث السنة وفي حجيتها ب... - الالباني
- ما حكم مَن يشكُّ في بعض أحاديث السنة وفي حجِّي... - الالباني
- بيان حجِّيَّة الحديث في المعاملات والعقائد وال... - الالباني
- بيان حجية الحديث في المعاملات والعقائد و الآدا... - الالباني