تم نسخ النصتم نسخ العنوان
معلوم أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قب... - الالبانيالسائل : ... حديث يقول أنُّو لا يجوز الصلاة في مسجد يكون في قبر أو أكثر من قبر .الشيخ : لا يجوز إيش ؟السائل : لا يجوز الصلاة في مسجد فيه قبر .الشيخ : إي...
العالم
طريقة البحث
معلوم أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر ؛ فما الدليل على ذلك ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : ... حديث يقول أنُّو لا يجوز الصلاة في مسجد يكون في قبر أو أكثر من قبر .

الشيخ : لا يجوز إيش ؟

السائل : لا يجوز الصلاة في مسجد فيه قبر .

الشيخ : إي نعم .

السائل : فهذا الحديث صحيح أو غير صحيح ؟

الشيخ : هذا أحاديث .

السائل : علمًا بأن قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - داخل للحرم الشريف ؟

الشيخ : إي نعم .

السائل : والأموي في قبر كمان .

الشيخ : كيف كيف ؟

السائل : والمسجد الأموي في قبر .

الشيخ : المسجد الأموي ، إي .

سائل آخر : وشعيب وأبو عبيدة .

السائل : يعني المقامات كثيرة يوجد فيها قبور وتوجد فيها الصلاة والإقامة ؟

الشيخ : الجواب ، سؤالك فيه شُعَب ؛ يعني ممكن تقسيمه إلى أسئلة ؛ فالجواب عن السؤال الأول : أنَّ الحديث الوارد في النهي عن الصلاة في المساجد المبنية على القبور ليس فقط صحيحًا ، بل هو صحيح متواتر ، فلعلكم تعلمون المقصود من لفظة متواتر ؟ الحديث الصحيح هو يأتي من طريق من إسناد واحد صحيح عند علماء الحديث ، هذا حديث صحيح ، لكن الحديث إذا جاء من أسانيد متعددة وعن جماعة من الصحابة كُثُر يُقال في هذا الحديث : حديث صحيح متواتر ، والحديث الصحيح المتواتر يعني من حيث الثبوت يكون في قوَّة القرآن الكريم ، فالحديث اللي ينهى عن الصلاة في المساجد المبنية على القبور ليس حديثًا فردًا صحيحًا ، بل هو مجموعة أحاديث أكثر من عشرة أحاديث ، وأنا كنت تتبَّعت في زماني هذه الأحاديث تجاوزت العشرة أحاديث عن عشرة من الصحابة وأكثر ، كلُّ هذه الأحاديث تدندن وتدور حول النهي عن الصلاة في المسجد أو المساجد المبنية على القبور .
لا بأس من أن نذكر شيئًا من هذه الأحاديث مما يحضرنا ، من ذلك - مثلًا - ما أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : " لما رجعت أمُّ سلمة وأمُّ حبيبة من الحبشة " كانوا من المهاجرات إلى الحبشة ورجعوا إلى المدينة . " ذكرتا لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم كنيسةً رَأَتَاها في الحبشة ، وذكرتا من حُسْنٍ وتصاوير فيها " . فقال - عليه الصلاة والسلام - : أولئكَ - يعني النصارى - كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا ... شرار الخلق عند الله يوم القيامة .
= -- أهلين ، يا شيخ ... الحديث -- =
يقول الرسول في آخر الحديث : أولئكَ يعني النصارى . كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بَنَوا على قبره مسجدًا وصوَّروا يعني نقشوا فيه تلك النقوش ، يعني الزخارف . أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة هذا حديث .
الحديث الثاني : أيضًا في " الصحيحين " عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : لَعَنَ الله اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد . قالت عائشة - رضي الله عنها - : " ولولا ذاك أُبرِزَ قبره - عليه الصلاة والسلام - ، ولكن خُشِيَ أن يُتَّخذَ مسجدًا " . الجملة هذه أرجو أن تبقى في ذاكرتكم ؛ لأنَّ لها صلة وثقى بالجواب على الشطر الثاني من السؤال ؛ حيث قلتَ : هَيْ قبر الرسول في مسجد الرسول ! هذا الحديث الثاني .
الحديث الثالث : وهو في " صحيح مسلم " من حديث سمرة بن جُنْدُب - أو جُنْدَب - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال قبل أن يموت - عليه السلام - بخمس ليال أو ثلاث ليال - الشك من عندي - : أَلَا ، شو معنى ألا ؟ انتبهوا أيها السامعون ، أَلَا إن من أَمَنِّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متَّخذًا خليلًا لَاتَّخذْتُ أبا بكر خليلًا ، ولكن الله اتَّخذني خليلًا كما اتَّخذ إبراهيم خليلًا ؛ ألا وإنَّ من كان قبلكم كانوا يتَّخذون قبور أنبيائهم مساجد ؛ أَلَا فلا تتَّخذوها مساجد ؛ إني أنهاكم عن ذلك .
هذا الحديث الثالث يؤكد الحديثَين الأولين ، ويزيد عليهما بيانًا ؛ لأن بعض الناس الذين اعتادوا وعاشوا على خلاف السنة الصحيحة يقول لك : يا أخي ، نحن شو دخلنا بالنصارى ، هدول النصارى ، والرسول عم يحكي عنهم ويقول : أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ، وعم يلعنهم : لعنة الله على اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، نحن شو دخلنا بالموضوع ؟ يأتي هذا الحديث ليؤكِّد معنى معروفًا عند العلماء أن نبيَّنا - عليه الصلاة والسلام - لما يروي لنا أمورًا وقعت قبل الرسول - عليه السلام - ، ويحذِّر من هذه الأمور ؛ فما يحكيها لنا للتسلية ، وإنما لنأخُذَ منها موعظةً وعبرة ، ولذلك جاء الحديث الأول وجاء الحديث الثاني ، ولكن اللي نفى الإشكال قد يقول قائل - كما قلنا آنفًا - : الحديث الأول والثاني ما له علاقة بالأمة المحمدية ، فيأتي الحديث الثالث - وكما يقال اليوم - يضع النقاط على الحروف ، يقول بعد أن يحدِّث عمَّن قبلنا : أَلَا ومن كان قبلكم يعني اليهود والنصارى اللي ذُكروا في الحديثين ، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتَّخذون قبور أنبيائهم مساجد ؛ ألا أنتو بقى معشر الأمة الإسلامية . أَلَا فلا تتَّخذوها مساجد ؛ إني أنهاكم عن ذلك . هذا حديث ثالث .
وأحاديث وأحاديث كثيرة ، منها قوله - عليه الصلاة والسلام - : إنَّ من شرار الناس مَن تدرِكُهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتَّخذون قبور أنبيائهم مساجد . فهذا كمان يشمل غير اليهود والنصارى ؛ لأن الرسول - عليه السلام - يقول في بعض الأحاديث الصحيحة .

سائل آخر : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض مَن يقول : لا إله إلا الله . لا تقوم الساعة معنى الحديث : لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض موحِّدين لله لا يشركون به شيئًا ؛ لذلك جاء في الحديث الآخر قوله - عليه السلام - : لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق . فإذًا من شرار الخلق أولئك الذين يتَّخذون قبور أنبيائهم مساجد ، هؤلاء سيكونون بعد الرسول - عليه السلام - .
منلاقي هذه الأحاديث وغيرها يحرم بناء المسجد على القبر ، ويحرم بالتالي اتِّخاذ ذلك المسجد مصلى ؛ ليه ؟ الجواب مع الأسف معروف عمليًّا ؛ لأن هذا القبر سيُدعى من دون الله - تبارك وتعالى - ، ومعنى يُدعى من دون الله أنه يُعبد من دون الله ، وهذا بحث طويل الآن نؤجِّله إلى مناسبة أخرى إن شاء الله لندخل في الجواب عن السؤال الثاني أو الشِّقِّ الثاني من السؤال الواحد ؛ فنقول : صحيح أن قبر الرسول اليوم في مسجد الرسول ، لكن هل حينَما مات الرسول - عليه السلام - دُفِنَ في مسجده ؟
الجواب : لا ، وحديث عائشة الذي لفتُّ نظركم إليه هو دليل صريح في ذلك ؛ حيث قال : " لولا ذاك أُبرِزَ قبره ، ولكن خُشِيَ أن يُتَّخذ مسجدًا " . أي : لولا تحدُّث الرسول - عليه السلام - عن اليهود والنصارى وأنهم لُعِنوا بسبب اتِّخاذ قبور أنبيائهم مساجد ؛ لولا هذا كان قبر الرسول - عليه السلام - يُدفن في أرض بارزة ، أرض مثل الأرض اللي قدامكم هنا ، لكن لم يُفعل بقبره - عليه السلام - ذلك ؛ لماذا ؟ خشيةَ أن يُتَّخذ مسجدًا ؛ إذًا أين دفن الرسول - عليه السلام - ؟
هنا قصة ؛ لما مات - عليه الصلاة والسلام - : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ اختلفَ أصحابه في مكان دفنه ، أكثرهم كان لا علمَ عنده أين يدفن النبي - عليه السلام - ، وهم في هذا التشاور أين ندفنه - عليه السلام - دخل عليهم أبو بكر الصديق ، قال لهم : الجواب عندي ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ما من نبيٍّ إلا دُفِن في الموضع الذي مات فيه . أين مات الرسول - عليه السلام - ؟ في بيته ، في بيت السيدة عائشة ؛ ولذلك الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا أحرصَ الناس على إطاعة الله وإطاعة رسوله ، لم يكونوا أمثالنا ، نحن نسمع الحديث نسمع السنة وأكثرنا لا يهتمُّ بها ، ما كادوا يسمعون هذا الحديث إلا سحبوا السرير اللي مات عليه الرسول وحفروا تحته منه ، وذ لك في بيت عائشة ، وبيت عائشة كان بجنب مسجد الرسول - عليه السلام - ؛ لذلك تواترت الأحاديث أن الرسول - عليه السلام - كان يخرج من بيته إلى المسجد ، حتى يوم الجمعة كان إذا أذَّن بلال يوم الجمعة أو قبل ما يؤذِّن بلال يوم الجمعة كان الرسول يخرج من البيت إلى المنبر فورًا ، وبس بلال ... .
... وقع شيء مؤسف ، في زمن أحد ملوك بني أمية أو خلفاء بني أمية رأوا من الضَّرورة توسعة المسجد النبوي ؛ علمًا أنه كان عمر بن الخطاب قد أدخل توسعةً على المسجد النبوي ، وكذلك من بعده عثمان بن عفان ، انظروا الفرق الآن بين الصحابة وعملهم وبين من جاؤوا بعدهم ، توسعة عمر بن الخطاب وتوسعة عثمان لم تكُنْ على حساب حجرات أمهات المؤمنين التي منها حجرة السيدة عائشة ، وإنما كانت في الجهة الجنوبية اللي يقولوا إلى اليوم زيادة عمر هناك ، وزيادة عثمان في جهة أخرى لا تحضرني الآن ، لكن في زمن بني أمية وجدوا حاجةً لتوسعة المسجد فوسَّعوه من جهة قبر الرسول - عليه السلام - ؛ رفعوا الجدار الفاصل بين بيت عائشة وبيوت سائر أمهات المؤمنين وبين القبر - عفوًا - وبين المسجد ، فصار القبر في المسجد حيث ترونه اليوم فتظنُّون أن الرسول - عليه السلام - دُفِنَ في مسجده فيشكل عليكم الأمر حينما تسمعون هذه الأحاديث وتسمعون ما يدلُّ عليها من تحريم الصلاة في المساجد المبنية على القبور .
يبقى جواب ثالث وأخير ؛ هل حكم الصلاة في المسجد النبوي كحُكم الصلاة في المساجد كلها ، ومنها ما ذكرت أنت أو غيرك مسجد بني أمية عندنا في الشام ؟
نقول : مسجد الرسول - عليه السلام - ليس كذلك ؛ لماذا ؟ لأن مسجد الرسول له فضيلة خاصة ؛ حيث قال : صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة ممَّا سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، هذه الفضيلة ستستمرُّ إلى يوم القيامة ، لكن الذين أدخلوا القبر في المسجد أخطؤوا السنة ، والواجب حين ذاك أن المسلم ما يقصد يصلي تجاه القبر ، وإنما يصلي في الروضة والنواحي الأخرى .
وبهذا القدر كفاية .

Webiste