كلام الشيخ عن كيفية معالجة العقائد المنحرفة كالغلو في إثبات القدر وتعطيل الصفات عند المعتزلة وغيرهم .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : نحن اليوم يا مشايخ مصابون في نشء جديد ، فصحيح أنه يحب أن ينطلق على الكتاب والسنة لكنهم لا يقدرون العلم حق قدره , ويتوهمون أن أحدهم يستطيع أن يصبح عالما بمعنى الكلمة بالكتاب والسنة ما بين عشية وضحاها ، يتوهمون الأمر هكذا ، ثم يصابون بكثير من العلم والغرور , وبحب الظهور ؛ وقديما قال بعض الحكماء كما تعلمون : " حب الظهور يقطع الظهور " ولذلك يتكلم بعضهم بما قام في نفسه متوهما أنه هو العالم بعينه , وكثيرا ما ينطلقون في هذا المجال المدعى أنه علم , وهو في الحقيقة جهل ردا لبعض العقائد المنحرفة عن الكتاب والسنة , ولكن تكون النتيجة أنهم يعالجون الأمر على طريقة أبي نواس : " وداوني بالتي كانت هي الداء " .
فمثلا هذه المسألة التي رددت علي فيها , هم يزعمون أن الطريق في رد عقيدة الجبر التي نشأت عند الجبرية من غلوهم في الإيمان بالقضاء والقدر , وفهمهما أو فهمهم لهذه العقيدة فهما خاطئا , استلزموا من هالعقيدة الجبر , فقالوا بلازمه في زعمهم أنه كما جاء في بعض أشعارهم :
" ألقاه في اليم مكتوفا ثم قال له إياك إياك أن تبتل بالماء "
هذا يصور عقيدة الجبرية ؛ فمن أين جاءت الجبرية من الإيمان بالقضاء والقدر مع الفهم الخاطئ , مع الفهم الخاطئ , فعالج هذا الخطأ الفريق الآخر وهو المعتزلة , قالوا لا سبيل لنا إلى إبطال الجبر إلا بما اتكؤوا عليه من الإيمان وهو القدر , إذا لا قدر ؛ كلاهما على طرفي نقيض ، وكلاهما على مذهب أبي نواس : " وداوني بالتي كانت هي الداء " .
فأنا أرى أن كثيرا من العقائد يساء فهمها , فتعالج على هذا المذهب المنحرف عن الحق ، وقد يقع في مثل هذا كثير من كبار العلماء المشهورين وعذرهم في ذلك إساءة العامة وربما بعض الخاصة معهم للعقيدة الصحيحة , فيضربون سوء الفهم بضرب العقيدة الصحيحة . لاشك أنكم تعلمون أن من العقائد الصحيحة التي توارثها الخلف عن السلف الإيمان بنزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان , ويقترن معه الإيمان بخروج المهدي ...
نعود إلى أصل المسألة القدر ؛ فكيف عالجت المعتزلة الجبر معالجة سيئة , وذلك لما لم يستطيعوا أن يفهموا القدر الإلهي فهما لا يستوجب الجبر , بل هم شاركوا الجبريين في فهمهم للقدر بأنه يستلزم الجبر ؛ والجبر باطل , وما لزم منه باطل فهو باطل ؛ وإذا لم يجدوا وسيلة ـ أعني بطبيعة الحال المعتزلة ـ بمحاربة الجبر إلا بنسف عقيدة القدر , وهم بلا شك ما يستطيعون وإن كانوا ضلالا فهم مؤمنون بكتاب الله عز وجل ؛ فهم لا يستطيعون أن ينكروا القدر كلفظ مذكور في القرآن الكريم في غير ما آية ، ما يستطيعون أن ينكروا ذلك وإلا خرجوا من الدين ؛ لكنهم ـ وهكذا شأن كل الفرق الضالة الذين انحرفوا عن الكتاب والسنة ـ أنهم يؤمنون بألفاظ الكتاب ولا يؤمنون بمعانيها ، فهم آمنوا بالقدر , ولكنهم تأولوا القدر بما يساوي العلم , كما فعلوا في كثير من الآيات المتعلقة بالصفات الإلهية .
فهم مثلا ينكرون أن يكون الله تبارك وتعالى له صفة السمع والبصر , وهم يعلمون مثل قول رب العالمين : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فهم لا يستطيعون أن ينكروا هاتين الصفتين أنه سميع وبصير , إلا بالطريقة ذاتها التي أنكروا فيها القدر ألا وهو التأويل بل هو التعطيل , فقالوا السميع البصير يعني العليم ؛ فكذلك أولوا القدر بمعنى أيش ؟ العلم , مع أنه كما لا يخفاكم العلم صفة ذاتية ، أما التقدير الإلهي فصفة فعل , من صفات الأفعال ؛ فهم خلطوا بين هذه الصفة الذاتية وبين الصفة العلمية ؛ لماذا هذا الخلط ؟ ليضربوا الجبر ، لكن أصابهم كما يقول المثل في بعض البلاد : " كانوا تحت المطر وصاروا تحت المزراب " معروف هذا عندكم ؟ .
السائل : نعم.
الشيخ : والشاعر العربي القديم كما تعلمون يقول :
" أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل "
فيجب الجمع بين الصفات الإلهية كلها والمشتقة من كتاب الله وأحاديث رسول الله ، ولا يجوز ضرب بعضها ببعض أو إنكار بعضها على حساب البعض ؛ وما أحسن ما قال ابن القيم رحمه الله في هذه المناسبة :
" العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها حذرا من التعطيل والتشبيه "
وهذا هو الموقف العدل لا تعطيل ولا تشبيه , وإنما هو الإيمان على ما أراد الله عز وجل بهذه الآيات وأحاديث الرسول عليه السلام التي تثبت الصفات الإلهية .
الشاهد أعود إلى ما كنت انتهيت إليه أن كثيرا من العلماء حينما يريدون أن يعالجوا بعض الانحرافات التي أصابت الجماهير قديما وحديثا , إنما يعالجونها بانحراف مثله أو بأخطر منه ، وضربت على ذلك مثلا عقيدة نزول عيسى عليه السلام .
فمثلا هذه المسألة التي رددت علي فيها , هم يزعمون أن الطريق في رد عقيدة الجبر التي نشأت عند الجبرية من غلوهم في الإيمان بالقضاء والقدر , وفهمهما أو فهمهم لهذه العقيدة فهما خاطئا , استلزموا من هالعقيدة الجبر , فقالوا بلازمه في زعمهم أنه كما جاء في بعض أشعارهم :
" ألقاه في اليم مكتوفا ثم قال له إياك إياك أن تبتل بالماء "
هذا يصور عقيدة الجبرية ؛ فمن أين جاءت الجبرية من الإيمان بالقضاء والقدر مع الفهم الخاطئ , مع الفهم الخاطئ , فعالج هذا الخطأ الفريق الآخر وهو المعتزلة , قالوا لا سبيل لنا إلى إبطال الجبر إلا بما اتكؤوا عليه من الإيمان وهو القدر , إذا لا قدر ؛ كلاهما على طرفي نقيض ، وكلاهما على مذهب أبي نواس : " وداوني بالتي كانت هي الداء " .
فأنا أرى أن كثيرا من العقائد يساء فهمها , فتعالج على هذا المذهب المنحرف عن الحق ، وقد يقع في مثل هذا كثير من كبار العلماء المشهورين وعذرهم في ذلك إساءة العامة وربما بعض الخاصة معهم للعقيدة الصحيحة , فيضربون سوء الفهم بضرب العقيدة الصحيحة . لاشك أنكم تعلمون أن من العقائد الصحيحة التي توارثها الخلف عن السلف الإيمان بنزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان , ويقترن معه الإيمان بخروج المهدي ...
نعود إلى أصل المسألة القدر ؛ فكيف عالجت المعتزلة الجبر معالجة سيئة , وذلك لما لم يستطيعوا أن يفهموا القدر الإلهي فهما لا يستوجب الجبر , بل هم شاركوا الجبريين في فهمهم للقدر بأنه يستلزم الجبر ؛ والجبر باطل , وما لزم منه باطل فهو باطل ؛ وإذا لم يجدوا وسيلة ـ أعني بطبيعة الحال المعتزلة ـ بمحاربة الجبر إلا بنسف عقيدة القدر , وهم بلا شك ما يستطيعون وإن كانوا ضلالا فهم مؤمنون بكتاب الله عز وجل ؛ فهم لا يستطيعون أن ينكروا القدر كلفظ مذكور في القرآن الكريم في غير ما آية ، ما يستطيعون أن ينكروا ذلك وإلا خرجوا من الدين ؛ لكنهم ـ وهكذا شأن كل الفرق الضالة الذين انحرفوا عن الكتاب والسنة ـ أنهم يؤمنون بألفاظ الكتاب ولا يؤمنون بمعانيها ، فهم آمنوا بالقدر , ولكنهم تأولوا القدر بما يساوي العلم , كما فعلوا في كثير من الآيات المتعلقة بالصفات الإلهية .
فهم مثلا ينكرون أن يكون الله تبارك وتعالى له صفة السمع والبصر , وهم يعلمون مثل قول رب العالمين : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فهم لا يستطيعون أن ينكروا هاتين الصفتين أنه سميع وبصير , إلا بالطريقة ذاتها التي أنكروا فيها القدر ألا وهو التأويل بل هو التعطيل , فقالوا السميع البصير يعني العليم ؛ فكذلك أولوا القدر بمعنى أيش ؟ العلم , مع أنه كما لا يخفاكم العلم صفة ذاتية ، أما التقدير الإلهي فصفة فعل , من صفات الأفعال ؛ فهم خلطوا بين هذه الصفة الذاتية وبين الصفة العلمية ؛ لماذا هذا الخلط ؟ ليضربوا الجبر ، لكن أصابهم كما يقول المثل في بعض البلاد : " كانوا تحت المطر وصاروا تحت المزراب " معروف هذا عندكم ؟ .
السائل : نعم.
الشيخ : والشاعر العربي القديم كما تعلمون يقول :
" أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل "
فيجب الجمع بين الصفات الإلهية كلها والمشتقة من كتاب الله وأحاديث رسول الله ، ولا يجوز ضرب بعضها ببعض أو إنكار بعضها على حساب البعض ؛ وما أحسن ما قال ابن القيم رحمه الله في هذه المناسبة :
" العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها حذرا من التعطيل والتشبيه "
وهذا هو الموقف العدل لا تعطيل ولا تشبيه , وإنما هو الإيمان على ما أراد الله عز وجل بهذه الآيات وأحاديث الرسول عليه السلام التي تثبت الصفات الإلهية .
الشاهد أعود إلى ما كنت انتهيت إليه أن كثيرا من العلماء حينما يريدون أن يعالجوا بعض الانحرافات التي أصابت الجماهير قديما وحديثا , إنما يعالجونها بانحراف مثله أو بأخطر منه ، وضربت على ذلك مثلا عقيدة نزول عيسى عليه السلام .
الفتاوى المشابهة
- هل المعتزلة متَّفقون على ما ذهبوا إليه من تعطي... - الالباني
- رد الشيخ على المعتزلة إنكارهم صفة الكلام لله ع... - الالباني
- حديث الشيخ على فرقة الجبرية عن إيمانهم بالقدر. - الالباني
- معنى قول السلف في الصفات: أمروها كما جاءت. وال... - الالباني
- معنى قول السلف في الصفات : " أمرُّوها كما جاءت... - الالباني
- كلام الشيخ عن أهل السنة في ردهم على المعتزلة ا... - الالباني
- الرد على المعتزلة و الجبرية في مسائل القدر . - الالباني
- الرد على المعتزلة و الجبرية في القدر وبيان معن... - الالباني
- حديث الشيخ عن المعتزلة في إيمانهم بالقدر. - الالباني
- ما هي عقيدة الجبرية والمعتزلة والقاديانية في ا... - الالباني
- كلام الشيخ عن كيفية معالجة العقائد المنحرفة كا... - الالباني