الشيخ : فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا فلما ذكر الله منّته عليه بتنزيل القرآن أمره أن يصبر لحكم الله وقد يرد على الإنسان سؤال في نفسه حيث يقول من المتوقّع أنه لما قال إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا أن يقول فاشكر نعمة الله لأن تنزيل القرآن عليه نعمة فكان من المتوقع أن يقول فاشكر لنعمة الله فلماذا قال الله عزّ وجلّ فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا نقول لأن تنزيل القرآن عليه عهد وميثاق أن يبلغه إلى الأمة وتبليغه إلى الأمة يحتاج إلى صبر ومعاناة لأنه سوف يكذّب وسوف يؤذى على هذا الوحي فيحتاج إلى صبر ولهذا نقول لكل من منّ عليه بعلم اصبر على ما أعطاك الله من العلم ابذل هذا العلم تعليما ودعوة وخُلقا وأدبا وعبادة لأن الله لم يحمّلك هذا العلم إلا سيسألك عنه يوم القيامة وقوله: فاصبر لحكم ربك هل المراد الحكم الكوني أو القدري أو هما جميعا؟ هما جميعا اصبر لحكم الله الشرعي حيث ألزمه الله يأن يبلغ ما أنزل إليه من ربه بإذن ربه ولحكمه الكوني إذا جرى عليه من عباد الله ما يكره ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم جرى عليه من الأذية ما وصل به أو بالصبر عليه إلى قمّة الصابرين فقد أوذي عليه الصلاة والسلام إيذاء شديدا حتى أنه كان ذات يوم ساجدا تحت الكعبة فجاء ملأ قريش فجاؤوا بسلا جزور سلاها يعني فرثها وما في بطنها جاؤوا به فوضعوه عليه وهو ساجد عليه الصلاة والسلام كل هذا إغارة له وإلا فمن المعلوم أن قريشا تكرم من يأتي إلى هذا البيت حتى أنهم يسقون الحجاج الماء المنقع به الزبيب ويخدمون الحجاج ورسول الله صلى الله عليه وسلم أحق الناس بالتكريم يؤذونه هذا الإيذاء فأمر أن يصبر لحكم الله فقوله: فاصبر لحكم ربك الحكم الكوني والحكم الشرعي ولا تطع منهم آثما أو كفورا الآثم العاصي، والكفور الكافر، يعني لا تطع لا هؤلاء ولا هؤلاء، وأما المؤمنون فقد أمر الله تعالى نبيه أن يخفض جناحه لمن اتّبعه من المؤمنين.