تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الكلام على الصبر أنواعه وصور من صبر الأنبياء... - ابن عثيمينوالصابر اسم فاعل من الصبر وهو في الأصل حبس، والمراد به شرعا: حبس النفس عن محارم الله، وأنواعه ثلاثة: صبر على أقدار الله المؤلمة، وصبر عن معاصي الله، وصب...
العالم
طريقة البحث
الكلام على الصبر أنواعه وصور من صبر الأنبياء والصالحين.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
والصابر اسم فاعل من الصبر وهو في الأصل حبس، والمراد به شرعا: حبس النفس عن محارم الله، وأنواعه ثلاثة: صبر على أقدار الله المؤلمة، وصبر عن معاصي الله، وصبر على طاعة الله عزوجل، ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة . أما الصبر على الطاعة فإن الإنسان يجد منه معاناة عظيمة، معانة عظيمة، لأنه عندما يهم بالطاعة تجد نفسه الأمارة بالسوء والشيطان يحاولان أن يصداه عن طاعة الله، وتجده في عراك مع نفس الأمارة بالسوء حتى إذا أعانه الله عزوجل على ذلك تغلب على هذين العدوين: الشيطان والنفس الأمارة بالسوء وفعل ما أمر الله به، في المعصية لاسيما مع وجود الأسباب المقتضية لها تجد الإنسان في عراك شديد مع نفسه لاسيما مع قوة الداعي لها وعدم المعارض، فإنه إذا قوي الداعي إلى المعصية وعدم المعارض لا ينجوا منها إلا من عصمه الله، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في جملة من يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله قال: "رجل دعته ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله" هذا الرجل صبر هذا الصبر العظيم عن محارم الله مع قوة الداعي وعدم المعارض، لم يقل هذا الرجل: والله ما بشهوة لا، الرجل فيه شهوة، لم تكن المرأة قبيحة لا تشتهى بل هي ذات جمال، لم تكن المرأة من السوقة الذين ليس فيه خير بل هي ذات منصب وشرف ودعته، لم يكن المكان فيه أحد يعارض الوصول إلى المقصود لأنه لم يقل حولنا أحد نخشى منه، لكن فيه شيء واحد وهو: الخوف من الله عزوجل وهذا صبر عن أيش؟ عن معصية الله، صبر عن معصية الله ولاشك إن في هذا مشقة عظيمة ، شاب، في مكان خالي، عنده شهوة، دعته امرأة ذات منصب وجمال هي دعته لنفسه، وكثير من الناس لا يملك نفسه إذا حدثته المرأة الشابة الجميلة فيكف وهي تدعوه؟ ومع ذلك يقول: إني أخاف الله، هذا صبر عظيم، ومنه صبر يوسف عليه الصلاة والسلام عندما دعته امرأة العزيز وهي سيدته، ولاشك أنها تجملت به، وأنها فعلت جميع أسباب المغريات، أو جميع المغريات لتصل إلى مقصودها، ولكنه عليه الصلاة والسلام رأى برهان ربه وإلا فالأمر قد تم { همت به وهم بها لو لا أن رأى برهان ربه } فعند آخر اللحظة عصمه الله عزوجل، وهذا أشد ما يكون من العفة وأقوى ما يكون من العفة. ألم ترى إلى الرجل الإسرائيلي الذي كان يراود ابنة عمه عن نفسها وتأبى عليه فلما ألمت بها سنة جاءت إليه ومكنته من نفسها فلما جلس منها مجلس الرجل من امرأته في أشد ما يكون من التهيأ قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحق، وما الذي حصل؟ قام منها وهي أحب الناس إليه، ما كرها، لم تزل نفسها تطلبها، لكن لما ذكرته بالله عزوجل اتقى الله ، فأقول: هذا من الصبر عن معصية الله . الثالث: الصبر على أقدار الله المؤلمة ، وهذا كثير، ومن ذلك أيوب عليه الصلاة والسلام فإنه صبر صبرا عظيما قال الله تعالى: { إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب } فقد صبر على ما ألم به من الضر صبرا عظيما، وهذا أيضا والصبر أيضا على أقدار الله المؤلمة المترتبة على طاعة الله أعظم أجرا، فصبر الرسل على أذية الناس من أجل الدعوة إلى الله، لأن هؤلاء صبروا على أقدار مؤذية المترتبة على أيش؟ على فعل اختياري منهم وهو طاعة الله بتبليغ رسالته، ونضر مثلا لصبر سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، محمد عليه الصلاة والسلام حيث صبر صبرا عظيما لا يصبر عليه أحد مع الحلم والأناء والعفو والتسامح لما خرج إلى أهل الطائف يدعوهم إلى الله، يدعوهم إلى توحيد الله، يدعوهم إلى الجنة، ينقذهم من النار ماذا حصل؟ اصطفوا صفين، صفوا سفهائهم صفين وقالوا: اضربوا محمدا بالأحجار فجعلوا يضربونه بالأحجار حتى أدموا عقبه، فلم يفق إلا في عليه الصلاة والسلام فجاءه ملك الجبال في هذه الحال التي يمكنها أن ينتقم من أعدائه وقال له إن الله أرسلني إليك وأمرني أن أطبق عليهم الأخشبين إن شئت بإمكانه أن يقول: أطبقها عليهم، لأن الذي أرسله هو الذي يقول للشيء كن فيكون سبحانه وتعالى، لكنه قال: لا، أستأني بهم فلعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا ـ الله أكبر ـ وأظهر الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا، من نصر الله بهم الإسلام وفتح بهم مشارق الأرض ومغاربها، فانظر كيف كان عاقبة الصبر والحلم والأناء، وكان ذات يوم صلى الله عليه وسلم يصلي في آمن مكان على وجه الأرض ساجدا لله عزوجل فجاء سفهاء قومه فأرسلوا واحدا منهم إلى جذور بني فلان فجاء بسلاها فرثها دمها فوضعه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، ساجد لله في آمن مكان في المكان الذي يأمن فيه المشرك الكافر يأمن من شر قريش ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يأمن من أذاهم حتى جاءت ابنته فاطمة صبية فأزالت الأذى عن ظهره ومع ذلك صبر وصابر ولم يخرج من مكة إلا بعد أن أذن له، هاجر قومه ولكنه هو أبى، لم يهاجر أذن له عليه الصلاة والسلام، فكان عبدا لله في الإقامة وعبدا لله في الهجرة عليه الصلاة والسلام، المهم أن الصبر درجة عظيمة يمتدح الله الصابرين ويبين أنه يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، وهو درجة عالية لا تنال إلا بأمر يصبر عليه، لا تظن أن الصبر درجة بسيطة، لابد من شيء تصبر عليه، ولهذا على أهل العلم من المسئولية التي يجب أن يصبروا على أذى الناس فيها ما ليس على غيرهم، كل من حمله الله علما فإن تحميله ذلك العلم عهد وميثاق بينه وبين ربه أن يبلغه إلى الناس وأن يدعوا به الناس قال الله تعالى: { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه } بماذا أخذ؟ هل أحد منكم أنتم الآن أعطاكم الله الكتاب هل أحد منكم شعر بأن الله أخذ عليه العهد والميثاق؟ لا، لكن تعليم الله لكم هو عهد وميثاق، اختصكم الله للعلم من بين سائر الجهلاء هذا هو العهد والميثاق يعني ما هو المبايعة الحسية يشهدها الناس في المساجد أو في الفلواة لكنه نعمة ينعم الله بها على الإنسان فمتى أنعم الله بالعلم على إنسان فهذا هو العهد والميثاق الذي أخذه الله، ولو أن طلبة العلم الآن الموجودين بثوا شيئا من علمهم ليس كل علمهم لوجدت العلم منتشرا بين الناس كثيرا، ولكن أكثر الناس، أكثر طلبة العلم أو كثير من طلبة العلم نسخ الكتب أنفع للناس منهم لأن علمهم لا يتجاوز صدورهم بل إنهم قد يعنونون أحيانا بأفعالهم وأقوالهم عن جهلهم وكأنه لا علم عنده من التقصير في العبادة، والتقصير في المعاملة، وسوء الخلق، وعدم القيام بحقوق الناس، فتجد طالب العلم تجد معاملة الجاهل العامي خيرا منه فهل نقول إن هذا الرجل صبر ؟ لا ما صبر لأنه لو صبر، لأنه متى ين الصبر؟ أن يبث العلم حتى يؤذى فيه، ولو تأملتم الآن لرأيتم أكثر الناس علما وإمامة في الدين هم الذين اشتد أذاء الناس لهم، الإمام أحمد رحمه الله ماذا فعل به؟ يجر بالبغلة في الأسواق ويضرب بالسياق حتى يفيق، إمام أهل السنة، حتى يفيق ومع ذلك لم تثني هذه الأذية عزمه على أن يقول الحق، لم يطلب منه شيء كثير طلب منه أن يقول: القرآن مخلوق بس ومع ذلك أبى، قال: القرآن منزل غير مخلوق، كما قال السحرة: { لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا } الإمام أحمد قال لا أبالي ولأمت في الجهاد في نشر العقيدة السليمة، لو أن إمام أحمد رحمه الله قال ولو بالتأويل إن القرآن مخلوق لضل أمم، ضل أمم، لكنه كما قال بعض العلماء نصر الله به الإسلام يوم المحنة كما نصر الإسلام بأبي بكر يوم الردة. شيخ الإسلام ابن تيمية ما الذي حصل له؟ أوذي، حبس عدة مرات، مات في السجن، كان يكتب وهو في السجن ينشر العلم في السجن فمنع عنه الدواة والقرطاس فجعل يكتب العلم على جدران السجن .

Webiste