تم نسخ النصتم نسخ العنوان
باب : ما جاء في الوضوء ، وقول الله تعالى : (... - ابن عثيمينالقارئ : بسْم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين .قال البخاري رحمه الله في كتاب الوضوء ...
العالم
طريقة البحث
باب : ما جاء في الوضوء ، وقول الله تعالى : (( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين )) . قال أبو عبدالله : وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن فرض الوضوء مرة مرة ، وتوضأ أيضاً مرتين وثلاثاً ، ولم يزد على ثلاث ، وكره أهل العلم الإسراف فيه ، وأن يجاوز فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : بسْم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
قال البخاري رحمه الله في كتاب الوضوء : بسم الله الرّحمن الرحيم :
باب ما جاء في الوضوء وقول الله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين قال أبو عبد الله : " وبين النبي صلى الله عليه وسلّم أن فرض الوضوء مرة مرة ، وتوضأ أيضا مرتين وثلاثة ، ولم يزد على ثلاث ، وكره أهل العلم الإسراف فيه ، وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله علَيه وسلم ".

الشيخ : بسم الله الرحمن الرّحيم، قال المؤلف : " كتاب الوضوء "، والوضوء مشتق من الوضاءة وهو الحُسن ، ومنه وجه وضيئٌ أي حسن، ووجه الاشتقاق أن في الوضوء تطهيراً للأعضاء وتحسيناً لها ، وفيه تطهير لها من القذر الحسي والقذر المعنوي، فإن الذنوب والخطايا تخرج مع آخر قطرة من قطرات الماء ،كما ثبت ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلم .
ثم صدّر المؤلف هذا الباب بقوله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ، وليته رحمه الله لم يحذف النداء يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة حتى تتم الآية.
إذا قمتم أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة، فاغسلوا وجوهكم ، والأمر هنا للوجوب، والوجه ما تحسن به المواجهة ، وحدّه عرضا من الأذن إلى الأذن وطولا من منحنى الجبهة إلى أسفل الذقن .
وأيديكم إلى المرافق ، أيديكم : جمع يد وليس للإنسان أكثر من يدين، كما أنه ليس له إلا وجه واحد، لكن لما كان الخطاب للجماعة، كان الأمر للجماعة، وقوله : إلى المرافق جمع مرفق : وهو ما يرتفق عليه الإنسان أي يتكئ، وهو المفصل الذي بين العضد والذراع، وقيد الآية هنا بالمرافق لأنه لو أطلقها لكانت الكف فقط ،كما في قوله تعالى في التيمم : فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ، فإنه لما لم يقل إلى المرافق صار العضو الخاص بالتيمم هو الكف.
وامسحوا برؤوسكم ولم يقل اغسلوا ; وذلك لأن الرأس لا يجب غسله بل ولا يستحب بل ولا يباح بل هو مكروه ، وربما نقول أن من غسل رأسه تعبدا فإنه يبطل وضوؤه ; لأنه أتى بغير ما أُمر به، وقوله : وامسحوا برؤوسكم قلنا أنه يدل على عدم وجوب الغسل ; وذلك لأن الله تعالى لو فرض غسل الرأس لكان في ذلك مشقة شديدة ، لأنه إذا غسله بقي الماء فيه فلحق الإنسان بذلك أذى ، وربما يلحقه الضرر كما لو كان ذلك في أيام الشتاء، ولأنه يلحقه الأذى من تسرب الماء من الرأس إلى الجسم فيحصل بذلك الأذى أو الضرر، فلهذا كان من الحكمة أن الله أوجب مسحه فقط.
وأرجلكم إلى الكعبين عندي مكسورة أرجلِكم بالكسر، وفي نسخة أرجلَكم وهي كذلك قراءتان : أرجلَكُم و أرجلِكُم ،فأخذ الرافضة بقراءة الجر وأرجلِكم ، وقالوا إن الرجل لا تغسل وإنما تمسح ، لأنها معطوفة على رؤوس فيكون العامل فيهما واحداً وهو المسح، قال ابن كثير: " وقد خالفت الرافضة أهل السنة في هذا الموضع في ثلاثة أمور:
الأول : أنهم جعلوا الكعب هو العظم الناتئة في ظهر القدم ، والكعب هو عظم ناتئ في أسفل الساق.
والثاني : أنهم جعلوا فرض الرِّجل المسح، وفرضها الغسل.
والثالث : أنهم منعوا المسح على الخفين في الرجل مع أن السنة في ذلك متواترة "
.
وأما على قراءة النصب وأرجلَكم فهي معطوفة على ماذا ؟ على وجوهكم، معطوفة على وجوهكم، يعني واغسلوا أرجلكم.
والذين قالوا بوجوب غسل الرجل، اختلفوا كيف يخرجون قراءة الجر : وأرجلِكم ، فقيل أنه على سبيل المجاورة، على سبيل المجاورة، كما تقول العرب : هذا جحر ضب خربٍ. والصواب: خرِبٌ ، لأن الخراب وصف للجحر لا للضب ، لكن جروه على سبيل المجاورة ، فكما أن النعت يتأثر بالجوار فكذلك العطف يتأثر بالجوار، لكن هذا الحمل أو هذا الوجه غير صحيح ، لأن الأشياء الشاذة لا يجوز أن يحمل القرآن عليها ، والله تعالى يقول : بلسان عربي مبين .
وقيل إنه من باب المبالغة في تسهيل الغسل ، يعني اغسلوا أرجلكم غسلا يكون كالمسح ، وذلك لأن العادة الغالبة جرت بأن الإنسان يبالغ في غسل الرجل أكثر مما يبالغ في غسل بقية الأعضاء، نظرا لأنها تباشر الأذى والقذر وما أشبه ذلك .
وقيل وهو الصواب : أن القراءتين تتنزلان على معنيين أو على حالين، تتنزلان على حالين، بينت ذلك السنة، ففي حال ستر الرجل بالخف والجورب تكون معطوفة على : رؤوس ، أي وامسحوا بأرجلكم ، أي عليها فيما إذا كانت مستورة بالخف والجورب.
وعلى قراءة النصب تكون فيما إذا كانت الرجل مكشوفة ، فإن فرضها الغسل ، فتكون معطوفة على : وجوهكم، وهذا القول هو الصحيح وهو المتعين، لأن السنة تفسر القرآن، وإذا كان النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم فسر ذلك بفعله بل وبقوله عليه الصلاة والسلام تعيّن المصير إليه.
وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان في سفر مع أصحابه ، فأرهقتهم صلاة العصر فجعلوا يغسلون أرجلهم، منهم من يمسح ومنهم من يغسل بعض الرجل، فنادى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأعلى صوت : ويلٌ للأعقاب من النار .
ثم ذكر المؤلف رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم توضأ مرة مرة، ومرتين وثلاثة ولم يزد على ثلاثة.

Webiste