باب فضل الوضوء: قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم )) إلى قوله تعالى: (( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن يريد ليطهركم، وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل الوضوء :
قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق إلى قوله تعالى : ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أمتي يدعون يوم القيامة غُرًا مُحجَّلين من آثار الوضوء ، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ، متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل الوضوء " : الوضوء في اللغة العربية مأخوذ من الوضاءة ، وهي الحسن والنظافة ، وأما في الشرع : " فهو تطهير الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة " : الأعضاء الأربعة هي : الوجه واليدان والرأس والرجلان ، والوضوء من نعمة الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة ، حيث أمرهم به ورتب عليه الثواب الذي سيُذكر في هذا الباب إن شاء الله .
قال : وقول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ، يا أيها الذين آمنوا : إذا سمعت الله يقول : يا أيها الذين آمنوا فانتبه وارعها سمعك ، فإما خير تؤمر به ، وإما شر تُنهى عنه ، وإما خبر صادق تنتفع به ، فالأقسام ثلاثة : إما خير تؤمر به ، وإما شر تنهى عنه ، وإما خبر صادق تنتفع به : كلما قال الله : يا أيها الذين آمنوا .
هنا يقول : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة أي : إذا أردتم القيام إلى الصلاة الفريضة أو النافلة ، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق : اغسلوا وجوهكم ، اغسلوا وجوهكم ولم يذكر الله تعالى غسل الكفين لأن غسل الكفين قبل الوجه سنة وليس بواجب ، والوجه من الأذن إلى الأذن عرضًا ، ومن منحنى الجبهة إلى أسفل اللحية طولا ، ويدخل فيه المضمضة والاستنشاق ، المضمضة في الفم والاستنشاق في الأنف ، وأيديكم إلى المرافق : يعني واغسلوا أيديكم إلى المرافق ، والمرفق هو المفصل الذي بين الذراع والعضد وهو داخل في الغسل ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : كان إذا غسل يديه أشرع في العضد وأدار الماء على مرفقيه .
وامسحوا برؤوسكم : الرأس يمسح ولا يجب غسله ، وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده ، لأن الرأس فيه شعر فلو فُرِض غسله لكان فيه مشقة على الناس ، لبدأ الماء يسرب على الثياب ، ولَلحق الناس مشقة في أيام الشتاء ولكن من رحمة الله أن الرأس يمسح ولا يغسل ، ومن الرأس الأذنان يمسحان أيضاً ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يمسح بأذنيه .
وأرجلكم إلى الكعبين يعني : واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين ، والكعبان هما العظمان الناتئان في أسفل الساق ، وهما داخلان في الغسل ، هذه أربعة أعضاء ، وهذه هي أعضاء الوضوء ، ثم قال عز وجل : وإن كنتم جنباً فاطَّهروا وفي الآية الثانية : فاغتسلوا : يعني إذا كان الإنسان عليه جنابة وجب عليه أن يطهر جميع بدنه من رأسه إلى أخمص قدميه ، ومنه المضمضة والاستنشاق ، فإن المضمضة والاستنشاق يجبان في الوضوء وكذلك الغسل ، وإن كنتم جنبا فاطهروا والجنب : " هو الذي حصلت عليه الجنابة " ، والجنابة إما إنزال المني بشهوة ، وإما الجماع وإن لم ينزل ، فإذا جامع الإنسان زوجته وجب عليه أن يغتسل سواء أنزل أم لم ينزل ، وإذا أنزل وجب عليه الغسل سواء جامع أو لم يجامع حتى لو فكر وأنزل وجب عليه الاغتسال .
وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا يعني معناه : أن الإنسان إذا وجب عليه الوضوء أو الغسل ولم يجد ماء أو كان مريضا يتضرر باستعمال الماء فإنه يتيمم ، يضرب الأرض بكفيه ويمسح وجهه وكفيه ، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج : يعني فيما فرض علينا ، لم يرد أن يحرجنا ويلحقنا المشقة ، بل هو أرحم بنا من أنفسنا وأولادنا وأمهاتنا ، والدليل أنه أرحم منا بأنفسنا قوله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم : فالذي يوصيك ألا تقتل نفسك هو أرحم بك من نفسك ، فهو لا يريد منا بهذا الفرض أن يشق علينا أو يلحقنا الحرج ، ولكن يريد ليطهركم : هذا الذي أراد الله منا بالوضوء والغسل أن يطهر ظواهرنا بالماء وأن يطهر بواطننا بالتوحيد ، ولهذا يُسن إذا فرغت من الوضوء : أن تتشهد تقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين .
وليتم نعمته عليكم : وذلك بهذا الوضوء الذي يحصل به تكفير السيئات ورفعة الدرجات ، فإن من توضأ وأسبغ الوضوء ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ، فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء .
وقوله : لعلكم تشكرون أي: لأجل أن تشكروا الله عز وجل على نعمه ، فالواجب على المرء أن يشكر الله على نعمه ، لأن نعم الله لا تُحصى ولاسيما النعم الدينية ، لأن النعم الدينية بها سعادة الدنيا والآخرة ، والشكر : " هو القيام بطاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه يعني باللسان والأركان والقلوب " ، الشكر يكون بالقلب واللسان والجوارج ، نسأل الله أن يرزقنا شكر نعمته وحسن عبادته ، إنه على كل شيء قدير .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل الوضوء :
قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق إلى قوله تعالى : ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أمتي يدعون يوم القيامة غُرًا مُحجَّلين من آثار الوضوء ، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ، متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل الوضوء " : الوضوء في اللغة العربية مأخوذ من الوضاءة ، وهي الحسن والنظافة ، وأما في الشرع : " فهو تطهير الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة " : الأعضاء الأربعة هي : الوجه واليدان والرأس والرجلان ، والوضوء من نعمة الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة ، حيث أمرهم به ورتب عليه الثواب الذي سيُذكر في هذا الباب إن شاء الله .
قال : وقول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ، يا أيها الذين آمنوا : إذا سمعت الله يقول : يا أيها الذين آمنوا فانتبه وارعها سمعك ، فإما خير تؤمر به ، وإما شر تُنهى عنه ، وإما خبر صادق تنتفع به ، فالأقسام ثلاثة : إما خير تؤمر به ، وإما شر تنهى عنه ، وإما خبر صادق تنتفع به : كلما قال الله : يا أيها الذين آمنوا .
هنا يقول : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة أي : إذا أردتم القيام إلى الصلاة الفريضة أو النافلة ، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق : اغسلوا وجوهكم ، اغسلوا وجوهكم ولم يذكر الله تعالى غسل الكفين لأن غسل الكفين قبل الوجه سنة وليس بواجب ، والوجه من الأذن إلى الأذن عرضًا ، ومن منحنى الجبهة إلى أسفل اللحية طولا ، ويدخل فيه المضمضة والاستنشاق ، المضمضة في الفم والاستنشاق في الأنف ، وأيديكم إلى المرافق : يعني واغسلوا أيديكم إلى المرافق ، والمرفق هو المفصل الذي بين الذراع والعضد وهو داخل في الغسل ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : كان إذا غسل يديه أشرع في العضد وأدار الماء على مرفقيه .
وامسحوا برؤوسكم : الرأس يمسح ولا يجب غسله ، وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده ، لأن الرأس فيه شعر فلو فُرِض غسله لكان فيه مشقة على الناس ، لبدأ الماء يسرب على الثياب ، ولَلحق الناس مشقة في أيام الشتاء ولكن من رحمة الله أن الرأس يمسح ولا يغسل ، ومن الرأس الأذنان يمسحان أيضاً ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يمسح بأذنيه .
وأرجلكم إلى الكعبين يعني : واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين ، والكعبان هما العظمان الناتئان في أسفل الساق ، وهما داخلان في الغسل ، هذه أربعة أعضاء ، وهذه هي أعضاء الوضوء ، ثم قال عز وجل : وإن كنتم جنباً فاطَّهروا وفي الآية الثانية : فاغتسلوا : يعني إذا كان الإنسان عليه جنابة وجب عليه أن يطهر جميع بدنه من رأسه إلى أخمص قدميه ، ومنه المضمضة والاستنشاق ، فإن المضمضة والاستنشاق يجبان في الوضوء وكذلك الغسل ، وإن كنتم جنبا فاطهروا والجنب : " هو الذي حصلت عليه الجنابة " ، والجنابة إما إنزال المني بشهوة ، وإما الجماع وإن لم ينزل ، فإذا جامع الإنسان زوجته وجب عليه أن يغتسل سواء أنزل أم لم ينزل ، وإذا أنزل وجب عليه الغسل سواء جامع أو لم يجامع حتى لو فكر وأنزل وجب عليه الاغتسال .
وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا يعني معناه : أن الإنسان إذا وجب عليه الوضوء أو الغسل ولم يجد ماء أو كان مريضا يتضرر باستعمال الماء فإنه يتيمم ، يضرب الأرض بكفيه ويمسح وجهه وكفيه ، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج : يعني فيما فرض علينا ، لم يرد أن يحرجنا ويلحقنا المشقة ، بل هو أرحم بنا من أنفسنا وأولادنا وأمهاتنا ، والدليل أنه أرحم منا بأنفسنا قوله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم : فالذي يوصيك ألا تقتل نفسك هو أرحم بك من نفسك ، فهو لا يريد منا بهذا الفرض أن يشق علينا أو يلحقنا الحرج ، ولكن يريد ليطهركم : هذا الذي أراد الله منا بالوضوء والغسل أن يطهر ظواهرنا بالماء وأن يطهر بواطننا بالتوحيد ، ولهذا يُسن إذا فرغت من الوضوء : أن تتشهد تقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين .
وليتم نعمته عليكم : وذلك بهذا الوضوء الذي يحصل به تكفير السيئات ورفعة الدرجات ، فإن من توضأ وأسبغ الوضوء ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ، فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء .
وقوله : لعلكم تشكرون أي: لأجل أن تشكروا الله عز وجل على نعمه ، فالواجب على المرء أن يشكر الله على نعمه ، لأن نعم الله لا تُحصى ولاسيما النعم الدينية ، لأن النعم الدينية بها سعادة الدنيا والآخرة ، والشكر : " هو القيام بطاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه يعني باللسان والأركان والقلوب " ، الشكر يكون بالقلب واللسان والجوارج ، نسأل الله أن يرزقنا شكر نعمته وحسن عبادته ، إنه على كل شيء قدير .
الفتاوى المشابهة
- معنى قوله تعالى:" ولكن يريد ليطهركم وليتم نع... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ق... - ابن عثيمين
- هل يجوز للإنسان أن يزيد في غسل الأعضاء في ال... - ابن عثيمين
- قوله تعالى:" إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا وجو... - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى:" ما يريد الله ليجعل عليكم م... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (فاغسلوا وجوهكم) - ابن عثيمين
- كتاب الغسل ، وقول الله تعالى : (( وإن كنتم ج... - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى:" فاغسلوا وجوهكم ". - ابن عثيمين
- باب : ما جاء في الوضوء ، وقول الله تعالى : (... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا... - ابن عثيمين
- باب فضل الوضوء: قال الله تعالى: (( يا أيها ا... - ابن عثيمين