الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد زوار مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وحجاج بيت الله الحرام فإنكم في هذه الأيام تنعمون بما منَّ الله به عليكم من أداء مناسك الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي. إنكم في هذه الأيام أديتم ركنا من أركان الإسلام الخمسة لمن لم يكن منكم حج من قبل ذلك أو نافلة تكملون بها فرائضكم وذلك لأن من رحمة الله بعباده ومن حكمته البالغة أن شرع لهم من النوافل ما تكمل به فرائضهم لأن الإنسان مهما كان في الكمال ومهما كان في الشدة في حب الخير فإنه لا بد أن يكون في عمله تقصير ولذلك كانت النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة. حجاج بيت الله زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم في هذه الأيام تودعون عاما هجريا شاهدا عليكم أو شاهدا لكم بما أودعتموه من الأعمال إن خيرا فخير وإن شرا فشر. فمن يعمل مثقال ذرة خير ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره . إن الإنسان التاجر إذا أتم تجارته فإنه لا بد أن يراجع في دفاتر حسابه لينظر ماذا حصل عليه من الخسارة والربح فهل نحن في وداع هذا العام هل نحن ننظر ماذا كسبنا وماذا عملنا في هذا العام الذي انصرم إن الكثير منا تستولي عليه الغفلة وتمضي عليه الأيام وهو لا يدري ماذا كتب له وماذا كتب عليه.
أيها الإخوة المسلمون إنني أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل التي هي وصية الله للأولين والآخرين كما قال الله تعالى : ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله . وإن تقوى الله ليست في الكلام الذي يقال ولكنها عقائد وأقوال وأعمال تنجي الإنسان من عذاب الله وتقيه من النار. فالتقوى أن يتخذ الإنسان ما يتقي به عذاب الله بفعل أوامر الله واجتناب نواهيه هذا أشمل وأجمع ما قيل في معنى التقوى. فمن أضاع الصلاة فليس بمتق لله ومن بخس الزكاة فليس بمتق لله ومن فرط في الصيام فليس بمتق لله ومن فرط في الحج فليس بمتق لله ومن لم يبر والديه فليس بمتق لله ومن لن يصل رحمه فليس بمتق لله ومن لم يصدق في بيع وشرائه فليس بمتق لله ومن لم يؤد واجب الله عليه ومسؤوليته التي حمله الله إياها في أهله في التربية والتوجيه فليس بمتق لله إذن فالتقوى تشمل الدين كله. ولهذا قال بعض العلماء في تفسير التقوى : " أن تجعل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله " نعيدها مرة ثانية " التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله ".
الطالب : ... .

الشيخ : أحسنت أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله وبهذا نعرف أن المتقي لا بد أن يكون لديه علم بالشريعة لأن من اتقى الله على غير علم فإن تقواه وقعت مصادفة لا عن قصد فلا بد من العلم لا بد من العلم قبل العمل ولهذا ترجم البخاري رحمه الله في * صحيحه * ترجمة تبين هذا فقال : " باب العلم قبل القول والعمل " ثم استشهد بقوله تعالى : فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات .
وأن تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله. تترك ما نهى الله عنه من الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق والإشراك بالله على نور من الله تخشى عقاب الله لأن من وقع في معصية الله فقد عرض نفسه لعقوبة الله عز وجل .