تفسير الآية ( 7 ) من سورة الحديد .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد خاتم النّبيّين وإمام المتّقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين .
أمّا بعد :
فهذا هو اللّقاء الثاني عشر بعد المائتين من اللّقاءات التي تسمّى لقاء الباب المفتوح التي تتمّ كلّ يوم خميس، وهذا الخميس هو الرّابع والعشرون من شهر ربيع الأوّل عام عشرين وأربعمئة وألف، وقبل البدء في الدّرس أحبّ أن أبيّن للإخوان أنّنا سنؤجّل اللّقاء بعد هذا اليوم إلى وقت يعيّن فيما بعد استئناف هذه الجلسات المباركة
نبتدأ هذه الجلسة بما اعتدناه من تفسير القرآن الكريم وإنّي أقول لكم أيّها الإخوة إنّ القرآن الكريم نزل على محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ووصفه الله تعالى بأنّه مبارك وبيّن الحكمة من إنزاله فقال جلّ وعلا: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياته وليتذكّر أولوا الألباب كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياته وهذا يعني أنّه لا بدّ للمسلمين من أن يتدبّروا القرآن ويتفهّموا معناه وإلاّ لكانوا كالذين لا يقرأون، لأنّ الذي لا يفهم المعنى كالذي لا يفهم اللّفظ، قال الله عزّ وجلّ: ومنهم أمّيّون لا يعلمون الكتاب إلاّ أمانيّ فوصف هؤلاء الذين لا يعلمون الكتاب إلاّ أمانيّ أي إلاّ قراءة وصفهم بأنّهم إيش؟ أمّيّون يعني كالذي لا يقرأ ولا يكتب، لذلك أحثّكم أيّها الإخوة ومن بلغه كلامي هذا على تدبّر القرآن وتفهّم معناه لكن لا يقول فيه أحد برأيه بدون علم لأنّ من قال برأيه في القرآن فليتبوّأ مقعده من النّار وقد أخطأ ولو أصاب، والحمد لله كتب التّفسير موجودة، لكن المراد الكتب التي يوثق بها وبمؤلّفيها، لأنّ الذين تناولوا تفسير القرآن لهم مناهج ولهم مذاهب، كلّ منهم يحمل الآيات على مذهبه الذي كان يتّبعه فتجد تفسير المعتزلة يوافق منهج المعتزلة وآراءهم وعقائدهم، وكذلك الخوارج وكذلك غيرهم من أهل الأهواء والبدع، لكن عليكم بالكتب الموثوق بها كتفسير ابن كثير ،وتفسير الشّيخ عبد الرّحمن السّعدي رحمه الله فإنّهما خير ما نعلم ممّا يتداوله النّاس بينهم اليوم.
الآية التي نريد أن نفسّرها هي قول الله تعالى: آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه آمنوا الخطاب للعباد كلّهم، بالله ربّ العالمين، ورسوله محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، والأمر هنا للوجوب الذي هو أشدّ أنواع الوجوب تحتّما، الإيمان بالله: أن تؤمن بأنّه ربّ العالمين، أن تؤمن بأنّه الإله المعبود حقّا الذي لا يستحقّ العبادة حقّا إلاّ هو، أن تؤمن بأنّ له الأسماء الحسنى والصّفات العليا، أن تؤمن بأنّه الفعّال لما يريد، أن تؤمن بأنّه لا معقّب لحكمه وهو السّميع العليم، أن تؤمن بأنّ مرجع الخلائق إليه في الأحكام الشّرعيّة وفي الأحكام الكونيّة، فمن يدبّر الخلق؟ من؟
الطالب : الله.
الشيخ : لا يدبّر الخلق إلاّ الله عزّ وجلّ، يدبّر أمرهم، من الذي يحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون؟ الله عزّ وجلّ، رسوله محمّد عليه الصّلاة والسّلام، أرسله الله تعالى إلى جميع الخلق الإنس والجنّ، وختم به النّبوّات فلا نبيّ بعده، والدّليل؟ أخصّك بالسّؤال أنت، الدّليل على أنّ الرّسول خاتم النّبيّين؟ أعوذ بالله يعني واحد من المسلمين لا يعرف أنّ نبيّه خاتم النّبيّين! مصيبة كبرى.
الطالب : ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النّبيّين .
الشيخ : نعم، ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله يعني كان رسول الله وخاتم النّبيّين فلا نبيّ بعده، فمن ادّعى النّبوّة بعده فهو كافر يجب أن يقصّ عنقه إلاّ أن يتوب ويرجع، آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه الإنفاق البذل، وممّا جعلكم مستخلفين فيه، يعني المال لأنّ الله جعلنا مستخلفين في هذا المال فهو الذي ملّكنا إيّاه أليس كذلك؟ هو الذي ملّكنا إيّاه فلا منّة لنا على الله بما ننفق بل المنّة لله علينا بما أعطى، والمنّة له علينا بما شرع لنا من الإنفاق، ولولا أنّ الله شرع لنا أن ننفق لكان الإنفاق ضياعا وبدعة، لكن شرع لنا أن ننفق، إذن له المنّة أوّلا بإيش؟ بما ملّكنا من المال، وله المنّة ثانيا بما شرع لنا من إنفاقه وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير الذين آمنوا بمن؟ بالله ورسوله، لأنّه قال آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا أي ممّا جعلهم مستخلفين فيه، لهم أجر كبير، والآيات كما تعلمون لهم أجر كبير، ولهم أجر عظيم، ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها إذن أجر كثير، فوصف الله عزّ وجلّ الأجور على العمل بهذه الأوصاف: كبير، عظيم، كثير، الكثير مأخوذ من قوله من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وبهذا تعرف منّة الله عزّ وجلّ علينا والحمد لله، الحمد لله، يأمرنا بالعمل ونعمل به ويأجرنا عليه أجرا كثيرا، أجرا عظيما، أجرا كبيرا، منّة عظيمة كبيرة، فعلينا أن نشكر الله وأن ننفق ممّا جعلنا مستخلفين فيه
وهل ننفق كلّ ما نملك أو بعضه؟ نعم أنفقوا ممّا جعلكم، من هذه هل هي للتّبعيض أو هي للبيان؟ بيان ما ينفق منه، إذا كانت للتّبعيض فالمعنى أنفقوا بعض ما جعلكم ما هو كلّه، وإذا جعلناها للبيان فالمعنى أنفقوا ممّا جعلكم حسب ما تقتضيه المصلحة إمّا الكلّ وإمّا البعض، فأيّهما أحسن أن نجعل من للتّبعيض أو نجعل من للبيان؟ الثاني، إذا جعلناها للبيان صار الإنسان مخيّرا أن ينفق كلّ ماله أو بعض ماله، أكثره أو أقلّه، حسب ما تقتضيه المصلحة، ومعلوم أنّه كلّما كان المعنى أوسع كان أولى بالأخذ به والقرآن الكريم العظيم معانيه واسعة عظيمة، ولذلك حثّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرّة على الصّدقة وكان الصّحابة رضي الله عنهم يتسابقون إلى الخير، كلّ واحد يحبّ أن يكون هو السّابق، فقال عمر رضي الله عنه اليوم أسبق أبا بكر لأنّ هذين الرّجلين هما أخصّ الصّحابة بالرّسول عليه الصّلاة والسّلام وأحبّ الصّحابة إلى الرّسول، إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحبّ أبا بكر أشدّ من حبّ عليّ بن أبي طالب مع أنّ عليّ بن أبي طالب ابن عمّه وزوج ابنته لكنّ أبا بكر يحبّه أشدّ وأكثر
فقد سئل من أحبّ النّاس إليك قال أبو بكر ، هذا كلامه وكلامه صدق وإلاّ فيه شكّ؟ صدق ولا شكّ في ذلك يقول: لو كنت متّخذا من أمّتي خليلا لاتّخذت أبا بكر
المهمّ عمر كان هو وأبو بكر كفرسي رهان يحبّ أن يسبقه لا حسدا لأبي بكر ولكن حبّا للفضل لنفسه، قال اليوم أسبق أبا بكر فجاء بنصف ماله لينفقه ، نصف ماله يعني لو كان عنده مائتين جاب؟
الطالب : مائة.
الشيخ : ألفين؟ مليونين؟ مليون، نصف ماله، أتى به إلى النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام قال يا عمر ماذا تركت لأهلك؟ قال تركت لهم الشّطر يعني النّصف، جاء أبو بكر قال ما تركت لأهلك؟ قال تركت لهم الله ورسوله! كل ماله فقال عمر والله لا أسابقك على شيء بعدها أبدا ، عرف أنّه يعجز أن يسبق أبا بكر، الشّاهد من هذا الحديث ايش؟ أنّ أبا بكر تصدّق بجميع ماله فإذا رأى الإنسان المصلحة التّصدّق بجميع ماله وأنّه عنده من قوّة التّوكّل والاعتماد على الله واكتساب الرّزق ما يمكنه أن يستردّ شيئا من المال لأهله ونفسه حينئذ نقول إيش؟ تصدّق بجميع مالك أنفق جميع مالك، إذا كان الأمر بالعكس كان رجلا أخرق لا يعرف أن يكتسب وليس هناك داعٍ أن ينفق كثيرا فهنا نقول الأولى أن تنفق بعض المال، إذن يا جماعة أنفقوا ممّا جعلكم هل من للتّبعيض أو للبيان؟ للبيان، يعني أنفقوا من هذا المال ما يكون فيه المصلحة
في هذه الآية دليل على أنّه ينبغي للإنسان أن يحقّق إيمانه ويثبّته وكلّما رأى فيه تزعزعا استعاذ بالله من الشّيطان الرّجيم ومضى في سبيله وأن ينفق من المال
وهنا سؤال هل المال محبوب للنّفوس؟
الطالب : نعم.
الشيخ : وش الدّليل؟ قال الله تعالى: وتحبّون المال حبّا جمّا ، وقال عزّ وجلّ: وإنّه لحبّ الخير لشديد يعني المال، لا يمكن أن يبذل الإنسان شيئا محبوبا إليه إلاّ لما هو؟ أجيبوا؟
الطالب : ...
الشيخ : لما هو أحبّ، فإذا بذل الإنسان المحبوب إليه ابتغاء رضوان علمنا أنّ الرّجل يحبّ رضوان الله أكثر من محبّة المال وبذلك يتحقّق الإيمان، أسأل الله تعالى أن يجعلني وإيّاكم من ذوي العلم الرّاسخ والإيمان الثابت إنّه على كلّ شيء قدير وإلى الأسئلة، ونبدأ باليمين ولكلّ واحد سؤال ولا تقولوا السّؤال يكوّن من شقّين، ليس عندنا سؤال إلاّ من شقّ واحد، التّوأم ممنوع... لا لا ما لها داعي ما لها داعي ... نعم
أمّا بعد :
فهذا هو اللّقاء الثاني عشر بعد المائتين من اللّقاءات التي تسمّى لقاء الباب المفتوح التي تتمّ كلّ يوم خميس، وهذا الخميس هو الرّابع والعشرون من شهر ربيع الأوّل عام عشرين وأربعمئة وألف، وقبل البدء في الدّرس أحبّ أن أبيّن للإخوان أنّنا سنؤجّل اللّقاء بعد هذا اليوم إلى وقت يعيّن فيما بعد استئناف هذه الجلسات المباركة
نبتدأ هذه الجلسة بما اعتدناه من تفسير القرآن الكريم وإنّي أقول لكم أيّها الإخوة إنّ القرآن الكريم نزل على محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ووصفه الله تعالى بأنّه مبارك وبيّن الحكمة من إنزاله فقال جلّ وعلا: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياته وليتذكّر أولوا الألباب كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياته وهذا يعني أنّه لا بدّ للمسلمين من أن يتدبّروا القرآن ويتفهّموا معناه وإلاّ لكانوا كالذين لا يقرأون، لأنّ الذي لا يفهم المعنى كالذي لا يفهم اللّفظ، قال الله عزّ وجلّ: ومنهم أمّيّون لا يعلمون الكتاب إلاّ أمانيّ فوصف هؤلاء الذين لا يعلمون الكتاب إلاّ أمانيّ أي إلاّ قراءة وصفهم بأنّهم إيش؟ أمّيّون يعني كالذي لا يقرأ ولا يكتب، لذلك أحثّكم أيّها الإخوة ومن بلغه كلامي هذا على تدبّر القرآن وتفهّم معناه لكن لا يقول فيه أحد برأيه بدون علم لأنّ من قال برأيه في القرآن فليتبوّأ مقعده من النّار وقد أخطأ ولو أصاب، والحمد لله كتب التّفسير موجودة، لكن المراد الكتب التي يوثق بها وبمؤلّفيها، لأنّ الذين تناولوا تفسير القرآن لهم مناهج ولهم مذاهب، كلّ منهم يحمل الآيات على مذهبه الذي كان يتّبعه فتجد تفسير المعتزلة يوافق منهج المعتزلة وآراءهم وعقائدهم، وكذلك الخوارج وكذلك غيرهم من أهل الأهواء والبدع، لكن عليكم بالكتب الموثوق بها كتفسير ابن كثير ،وتفسير الشّيخ عبد الرّحمن السّعدي رحمه الله فإنّهما خير ما نعلم ممّا يتداوله النّاس بينهم اليوم.
الآية التي نريد أن نفسّرها هي قول الله تعالى: آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه آمنوا الخطاب للعباد كلّهم، بالله ربّ العالمين، ورسوله محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، والأمر هنا للوجوب الذي هو أشدّ أنواع الوجوب تحتّما، الإيمان بالله: أن تؤمن بأنّه ربّ العالمين، أن تؤمن بأنّه الإله المعبود حقّا الذي لا يستحقّ العبادة حقّا إلاّ هو، أن تؤمن بأنّ له الأسماء الحسنى والصّفات العليا، أن تؤمن بأنّه الفعّال لما يريد، أن تؤمن بأنّه لا معقّب لحكمه وهو السّميع العليم، أن تؤمن بأنّ مرجع الخلائق إليه في الأحكام الشّرعيّة وفي الأحكام الكونيّة، فمن يدبّر الخلق؟ من؟
الطالب : الله.
الشيخ : لا يدبّر الخلق إلاّ الله عزّ وجلّ، يدبّر أمرهم، من الذي يحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون؟ الله عزّ وجلّ، رسوله محمّد عليه الصّلاة والسّلام، أرسله الله تعالى إلى جميع الخلق الإنس والجنّ، وختم به النّبوّات فلا نبيّ بعده، والدّليل؟ أخصّك بالسّؤال أنت، الدّليل على أنّ الرّسول خاتم النّبيّين؟ أعوذ بالله يعني واحد من المسلمين لا يعرف أنّ نبيّه خاتم النّبيّين! مصيبة كبرى.
الطالب : ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النّبيّين .
الشيخ : نعم، ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله يعني كان رسول الله وخاتم النّبيّين فلا نبيّ بعده، فمن ادّعى النّبوّة بعده فهو كافر يجب أن يقصّ عنقه إلاّ أن يتوب ويرجع، آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه الإنفاق البذل، وممّا جعلكم مستخلفين فيه، يعني المال لأنّ الله جعلنا مستخلفين في هذا المال فهو الذي ملّكنا إيّاه أليس كذلك؟ هو الذي ملّكنا إيّاه فلا منّة لنا على الله بما ننفق بل المنّة لله علينا بما أعطى، والمنّة له علينا بما شرع لنا من الإنفاق، ولولا أنّ الله شرع لنا أن ننفق لكان الإنفاق ضياعا وبدعة، لكن شرع لنا أن ننفق، إذن له المنّة أوّلا بإيش؟ بما ملّكنا من المال، وله المنّة ثانيا بما شرع لنا من إنفاقه وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير الذين آمنوا بمن؟ بالله ورسوله، لأنّه قال آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا أي ممّا جعلهم مستخلفين فيه، لهم أجر كبير، والآيات كما تعلمون لهم أجر كبير، ولهم أجر عظيم، ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها إذن أجر كثير، فوصف الله عزّ وجلّ الأجور على العمل بهذه الأوصاف: كبير، عظيم، كثير، الكثير مأخوذ من قوله من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وبهذا تعرف منّة الله عزّ وجلّ علينا والحمد لله، الحمد لله، يأمرنا بالعمل ونعمل به ويأجرنا عليه أجرا كثيرا، أجرا عظيما، أجرا كبيرا، منّة عظيمة كبيرة، فعلينا أن نشكر الله وأن ننفق ممّا جعلنا مستخلفين فيه
وهل ننفق كلّ ما نملك أو بعضه؟ نعم أنفقوا ممّا جعلكم، من هذه هل هي للتّبعيض أو هي للبيان؟ بيان ما ينفق منه، إذا كانت للتّبعيض فالمعنى أنفقوا بعض ما جعلكم ما هو كلّه، وإذا جعلناها للبيان فالمعنى أنفقوا ممّا جعلكم حسب ما تقتضيه المصلحة إمّا الكلّ وإمّا البعض، فأيّهما أحسن أن نجعل من للتّبعيض أو نجعل من للبيان؟ الثاني، إذا جعلناها للبيان صار الإنسان مخيّرا أن ينفق كلّ ماله أو بعض ماله، أكثره أو أقلّه، حسب ما تقتضيه المصلحة، ومعلوم أنّه كلّما كان المعنى أوسع كان أولى بالأخذ به والقرآن الكريم العظيم معانيه واسعة عظيمة، ولذلك حثّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرّة على الصّدقة وكان الصّحابة رضي الله عنهم يتسابقون إلى الخير، كلّ واحد يحبّ أن يكون هو السّابق، فقال عمر رضي الله عنه اليوم أسبق أبا بكر لأنّ هذين الرّجلين هما أخصّ الصّحابة بالرّسول عليه الصّلاة والسّلام وأحبّ الصّحابة إلى الرّسول، إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحبّ أبا بكر أشدّ من حبّ عليّ بن أبي طالب مع أنّ عليّ بن أبي طالب ابن عمّه وزوج ابنته لكنّ أبا بكر يحبّه أشدّ وأكثر
فقد سئل من أحبّ النّاس إليك قال أبو بكر ، هذا كلامه وكلامه صدق وإلاّ فيه شكّ؟ صدق ولا شكّ في ذلك يقول: لو كنت متّخذا من أمّتي خليلا لاتّخذت أبا بكر
المهمّ عمر كان هو وأبو بكر كفرسي رهان يحبّ أن يسبقه لا حسدا لأبي بكر ولكن حبّا للفضل لنفسه، قال اليوم أسبق أبا بكر فجاء بنصف ماله لينفقه ، نصف ماله يعني لو كان عنده مائتين جاب؟
الطالب : مائة.
الشيخ : ألفين؟ مليونين؟ مليون، نصف ماله، أتى به إلى النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام قال يا عمر ماذا تركت لأهلك؟ قال تركت لهم الشّطر يعني النّصف، جاء أبو بكر قال ما تركت لأهلك؟ قال تركت لهم الله ورسوله! كل ماله فقال عمر والله لا أسابقك على شيء بعدها أبدا ، عرف أنّه يعجز أن يسبق أبا بكر، الشّاهد من هذا الحديث ايش؟ أنّ أبا بكر تصدّق بجميع ماله فإذا رأى الإنسان المصلحة التّصدّق بجميع ماله وأنّه عنده من قوّة التّوكّل والاعتماد على الله واكتساب الرّزق ما يمكنه أن يستردّ شيئا من المال لأهله ونفسه حينئذ نقول إيش؟ تصدّق بجميع مالك أنفق جميع مالك، إذا كان الأمر بالعكس كان رجلا أخرق لا يعرف أن يكتسب وليس هناك داعٍ أن ينفق كثيرا فهنا نقول الأولى أن تنفق بعض المال، إذن يا جماعة أنفقوا ممّا جعلكم هل من للتّبعيض أو للبيان؟ للبيان، يعني أنفقوا من هذا المال ما يكون فيه المصلحة
في هذه الآية دليل على أنّه ينبغي للإنسان أن يحقّق إيمانه ويثبّته وكلّما رأى فيه تزعزعا استعاذ بالله من الشّيطان الرّجيم ومضى في سبيله وأن ينفق من المال
وهنا سؤال هل المال محبوب للنّفوس؟
الطالب : نعم.
الشيخ : وش الدّليل؟ قال الله تعالى: وتحبّون المال حبّا جمّا ، وقال عزّ وجلّ: وإنّه لحبّ الخير لشديد يعني المال، لا يمكن أن يبذل الإنسان شيئا محبوبا إليه إلاّ لما هو؟ أجيبوا؟
الطالب : ...
الشيخ : لما هو أحبّ، فإذا بذل الإنسان المحبوب إليه ابتغاء رضوان علمنا أنّ الرّجل يحبّ رضوان الله أكثر من محبّة المال وبذلك يتحقّق الإيمان، أسأل الله تعالى أن يجعلني وإيّاكم من ذوي العلم الرّاسخ والإيمان الثابت إنّه على كلّ شيء قدير وإلى الأسئلة، ونبدأ باليمين ولكلّ واحد سؤال ولا تقولوا السّؤال يكوّن من شقّين، ليس عندنا سؤال إلاّ من شقّ واحد، التّوأم ممنوع... لا لا ما لها داعي ما لها داعي ... نعم
الفتاوى المشابهة
- تفسير آيات من سورة الحديد - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 16 - 21 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 28 - 29 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 16 - 19 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير آية من سورة الحديد - ابن عثيمين
- تفسير الآية ( 25 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 10 - 12 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآية ( 4 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 8 0 ــ 10 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير آية من سورة الحديد - ابن عثيمين
- تفسير الآية ( 7 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين