تفسير الآيات ( 16 - 21 ) من سورة الحديد .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس وهذا الخميس هو الخامس من شهر رجب عام عشرين وأربعمائة وألف
نبتدئ هذا اللقاء بما اعتدنا أن نبتدئ اللقاءات به وهو الكلام اليسير على أو في تفسير القرآن الكريم.
قال الله تعالى: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق يعني: ألم يحق لهؤلاء المؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله؟ أي أن تذل وتنقاد غاية الانقياد لذكر الله تعالى في القلوب واللسان والجوارح وما نزل من الحق يعني: القرآن الكريم وهو من ذكر الله لكنه ذكره بخصوصه لأهميته ولا يكونوا يعني: وألا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون الذين أوتوا الكتاب من قبل هم اليهود والنصارى فطال عليهم الأمد يعني: طال بهم الزمن ونسوا حظا مما ذكروا به فقست قلوبهم والعياذ بالله وكثير منهم فاسقون وبعضهم مستقيمون، ففي هذه الآية الكريمة يبين الله تبارك وتعالى أنه قد حق للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله ولكتاب الله، وألا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم لبعدهم عن زمن الرسالات، وفي هذا إشارة إلى أن أول الأمة خير من آخرها وأخشع قلوبًا، وذلك لقربهم من عهد الرسالة وقد صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم .
وفي هذا التنديد التام باليهود والنصارى لأنها قست قلوبهم لما طال عليهم الأمد.
وفيه العدالة التامة في حكم الله عز وجل حيث قال: وكثير منهم فاسقون ولم يعمم وهذا هو الواجب على من تحدث عن قوم أن يبين الواقع، لأن بعض الناس إذا رأى من قوم زيغًا في بعضهم عمّم الحكم على الجميع، والواجب العدل إن كان الأكثر هم الفاسقون قال أكثرهم إن كان كثيرًا منهم فاسقون دون الأكثر عبر بكثير على حسب ما تقتضيه الحال، لأن الواجب أن يقول الإنسان بالعدل ولو على نفسه أو الوالدين والأقربين.
ثم قال عز وجل: سابقوا إلى مغفرة من ربكم سابق أمر بالمسابقة وقد جاء الأمر في آية أخرى بالمسارعة فيجمع الإنسان بين المسابقة -وهي شدة العدو في حال السير- وبين المسارعة وهي المبادرة إلى فعل الخير إلى مغفرة من ربكم، وذلك بفعل أسباب المغفرة، من أسباب المغفرة أن تسأل الله المغفرة تقول اللهم اغفر لي أو تقول استغفر الله وأتوب إليه، ومن أسباب المغفرة فعل ما تكون به المغفرة كقول النبي صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وكقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيمن توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين لا يحدث بهما نفسه: غفر الله له ما تقدم من ذنبه وكقوله صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر والأمثلة على هذا كثيرة.
المهم أن المسابقة إلى المغفرة يعني أجيبوا يعني ما تحصل به المغفرة من طلب المغفرة مباشرة كقولك اللهم اغفر لي أو فعل ما تحصل به المغفرة مثل الأخ أنت اللي تحصل به المغفرة مثل إيش ؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم صيام رمضان إيمانًا واحتسابًا من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه الصدقة أيضًا تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
وجنة عرضها الجنة هي دار النعيم التي أعدها الله عز وجل للمتقين فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيها فاكهة ونخل رمان فرش عسل لبن وغير ذلك، لكن هل تظن أن ما فيها يشابه ما في الدنيا؟ الجواب: لا، لا تظن هذا، لأن الله يقول: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين وليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء فقط اسم رمان لكن يختلف عن رمان الدنيا، فاكهة تختلف عن فاكهة الدنيا، فرش تختلف عن فرش الدنيا وهلم جرًّا، انتبه لهذا لا تظن أن ما ذكر في الجنة من الأسماء توافق مسمياته ما في الدنيا هذا لا يمكن لما سمعت من الآية: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين وفي الحديث القدسي: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
جنة عرضها كعرض السماء والأرض وفي سورة آل عمران: عرضها السماوات والأرض ولا منافاة، لأن الأول عرضها كعرض السماء تشبيه والثاني: عرضها السماوات والأرض أيضًا تشبيه، لكن يسميه أهل البلاغة تشبيه بليغ.
كعرض السماء والأرض من يستطيع أن يقدر عرض السماء والأرض؟ أجيبوا! لا أحد يستطيع، السماوات بسعتها السماء الدنيا واسعة جدًّا كم بينها وبين الأرض من مسافة وهي محيطة بها، السماء الثانية فوقها وهي أوسع منها، والثالثة أوسع وهلم جرًّا إلى أن تصل إلى الكرسي، الكرسي يقول النبي عليه الصلاة والسلاة: ما السماوات والسبع والأراضين السبع في الكرسي إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض حلقة حلقة المغفر ما هي حلقة الباب الكبيرة حلقة المغفر صغيرة قصدي حلقة الدرع صغيرة جدًّا، ألقها في فلاة من الأرض ماذا تكون بالنسبة للفلاة؟ لا شيء، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة فمن يستطيع أن يدرك عرض السماوات والأرض؟ لا أحد يستطيع، الجنة عرضها كعرض السماء والأرض، ولذلك كان أقل أهل الجنة منزلة من ينظر إلى ملكه مسافة ألفين سنة، ينظر أقصاه كما ينظر أدناه، وإنما ذكر الله تعالى أن عرضها عرض السماوات والأرض من أجل أن نحرص على ملء هذه الأرض أرض الجنة، وفي الحديث أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فاحرص يا أخي على أن تملأ ما تستحقه من هذه الجنة بذكر الله وتلاوة كتابه وغير ذلك مما يقرب إلى الله لمن هذه الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض.
قال الله عز وجل أعدت للذين آمنوا بالله ورسله أعدت، من أعدها؟ أعدها الله عز وجل كما قال عز وجل أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ومعنى الإعداد التهيئة للشيء للذين آمنوا بالله ورسله آمنوا بالله وكل ما أوجب الله الإيمان به، فالإيمان إذن بالله ملائكته كتبه رسله اليوم الآخر القدر خيره وشره.
وقوله: ورسله يشمل جميع الرسل الذين أولهم نوح وآخرهم محمد، لكن إيماننا بالرسل يختلف عن إيماننا بمحمد عليه الصلاة والسلام، إيماننا بالرسل أن نؤمن بأنهم صادقون مبلغون عن الله ونؤمن بكل ما صح من أخبارهم، أما اتباعهم فلا، الاتباع للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهم يشتركون مع الرسول بأن نؤمن بأنهم صادقون وأن كل ما أخبروا به صدق وأن كل ما جاؤوا به فهو عدل ومناسب لأحوال أممهم في وقتهم، أما الاتباع فلا نتبع إلا واحدًا منهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
وقوله: آمنوا بالله ورسله يدل على أن أهل الكتاب اليهود والنصارى ليسوا من أهل الجنة لأنهم لم يؤمنوا برسل الله، الدليل؟ أنهم كفروا بمحمد عليه الصلاة والسلام والكافر برسول من الرسل كافر بالجميع، كيف وقد جاء محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بنسخ جميع الشرائع السابقة؟ ألم تسمعوا قول الله عز وجل: كذبت قوم نوح المرسلين ؟ أجيبوا!
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب هل سبق نوحًا أحد من الرسل كيف يقول: كذبت قوم نوح المرسلين ؟ الجواب: لأن من كذب رسولًا من الرسل فقد كذب جميع الرسل، فكيف بمن كذب محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي نسخت شريعته جميع الشرائع والذي قال الله فيه: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه شف أخذ ميثاق النبيين كلهم، ميثاق النبيين كلهم لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال: أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا من هذا الرسول؟ أجيبوا يا أمة محمد!
الطالب : محمد.
الشيخ : محمد صلى الله عليه وسلم الرسل كلهم لازم يؤمنون بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا في ليلة الإسراء من كان الإمام؟ كان إمامهم في صلاتهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذن اليهود والنصارى ليسوا من أهل الجنة بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، لماذا؟ لم يؤمنوا برسله لأنهم كفروا بمحمد بل هم كفروا برسلهم أيضًا لقوله تعالى: كذبت قوم نوح المرسلين ولأن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام بشرهم بمحمد قال الله عز وجل: وإذ قال عيسى لقومه نعم في سورة الصف: وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم هذا الرسول الذي بشر به عيسى قالوا هذا سحر مبين وكفروا به، إذن هم كفروا بعيسى وردوا بشارته وأنكروها، ولا يجوز لنا أبدًا أن نقول إن أديان اليهود والنصارى اليوم أديان صحيحة أبدًا بل هي أديان باطلة غير مقبولة عند الله، كما قال عز وجل: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه .
أعود إلى الآية قال الله عز وجل: أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ذلك أي: ما أعد الله لهؤلاء المؤمنين بالله ورسله فضل الله، فضل الله في أنهم آمنوا بالله آمنوا برسله اتبعوا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أثيبوا بهذه الجنات فضل الله يؤتيه من يشاء اللهم آتنا من فضلك.
يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم قوله: يؤتيه من يشاء هل تظنون أن هذه المشيئة مجرد مشيئة؟ لا، هي مشيئة مقترنة بالحكمة يعني من كان أهلًا للفضل أتاه الله الفضل، ومن لم يكن أهلًا له لم يؤته، الدليل قول الله تبارك وتعالى: الله أعلم حيث يجعل رسالته فلن يجعل رسالته إلا فيمن هو أهل لها، وقال الله عز وجل: فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم وقال عز وجل: فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرًا من الناس لفاسقون لا تظن أن الله يعطي الفضل من شاء بدون سبب لابد من سبب، فمتى علم الله في قلب الإنسان خيرًا اللهم اجعل قلوبنا ممتلئة بالخير، متى علم الله في قلب الإنسان خيرًا أتاه الخير، قال الله تعالى: يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم أصلح قلبك فيما بينك وبين الله تجد الخير كله. والله ذو الفضل العظيم أي: صاحب الفضل العظيم عز وجل، فلا أحد أعظم منة من الله تعالى، أوجدك من العدم أعدك وأمدك بالنعم يسّر لك الهدى هداك له، من أحد أعظم منة من الله؟ لا أحد ولهذا قال الله عز وجل: يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليّ إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ولما جمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأنصار في غزوة حنين حين قسم الغنائم بين المؤلفة قلوبهم كان يقرر عليهم قال لهم: ألم أجدكم ضلالًا فهداكم الله بي؟ قالوا: الله ورسوله أمن، قال: ألم أجدكم متفرقين فألفكم الله بي؟ قالوا: الله ورسوله أمن كلما قال قولًا قالوا الله ورسوله أمن، يعني: أعظم منة، فالحاصل أن الله تعالى ذو الفضل العظيم ولكنه يعطي فضله من هو مستحق له، كما قال عز وجل: ويؤتي كل ذي فضل فضله اللهم إنا نسألك من فضلك العظيم أن تهدي قلوبنا وتصلح أعمالنا وتختم لنا بخير إنك على كل شيء قدير.
والآن إلى الأسئلة نبدأ باليمين.
نبتدئ هذا اللقاء بما اعتدنا أن نبتدئ اللقاءات به وهو الكلام اليسير على أو في تفسير القرآن الكريم.
قال الله تعالى: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق يعني: ألم يحق لهؤلاء المؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله؟ أي أن تذل وتنقاد غاية الانقياد لذكر الله تعالى في القلوب واللسان والجوارح وما نزل من الحق يعني: القرآن الكريم وهو من ذكر الله لكنه ذكره بخصوصه لأهميته ولا يكونوا يعني: وألا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون الذين أوتوا الكتاب من قبل هم اليهود والنصارى فطال عليهم الأمد يعني: طال بهم الزمن ونسوا حظا مما ذكروا به فقست قلوبهم والعياذ بالله وكثير منهم فاسقون وبعضهم مستقيمون، ففي هذه الآية الكريمة يبين الله تبارك وتعالى أنه قد حق للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله ولكتاب الله، وألا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم لبعدهم عن زمن الرسالات، وفي هذا إشارة إلى أن أول الأمة خير من آخرها وأخشع قلوبًا، وذلك لقربهم من عهد الرسالة وقد صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم .
وفي هذا التنديد التام باليهود والنصارى لأنها قست قلوبهم لما طال عليهم الأمد.
وفيه العدالة التامة في حكم الله عز وجل حيث قال: وكثير منهم فاسقون ولم يعمم وهذا هو الواجب على من تحدث عن قوم أن يبين الواقع، لأن بعض الناس إذا رأى من قوم زيغًا في بعضهم عمّم الحكم على الجميع، والواجب العدل إن كان الأكثر هم الفاسقون قال أكثرهم إن كان كثيرًا منهم فاسقون دون الأكثر عبر بكثير على حسب ما تقتضيه الحال، لأن الواجب أن يقول الإنسان بالعدل ولو على نفسه أو الوالدين والأقربين.
ثم قال عز وجل: سابقوا إلى مغفرة من ربكم سابق أمر بالمسابقة وقد جاء الأمر في آية أخرى بالمسارعة فيجمع الإنسان بين المسابقة -وهي شدة العدو في حال السير- وبين المسارعة وهي المبادرة إلى فعل الخير إلى مغفرة من ربكم، وذلك بفعل أسباب المغفرة، من أسباب المغفرة أن تسأل الله المغفرة تقول اللهم اغفر لي أو تقول استغفر الله وأتوب إليه، ومن أسباب المغفرة فعل ما تكون به المغفرة كقول النبي صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وكقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيمن توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين لا يحدث بهما نفسه: غفر الله له ما تقدم من ذنبه وكقوله صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر والأمثلة على هذا كثيرة.
المهم أن المسابقة إلى المغفرة يعني أجيبوا يعني ما تحصل به المغفرة من طلب المغفرة مباشرة كقولك اللهم اغفر لي أو فعل ما تحصل به المغفرة مثل الأخ أنت اللي تحصل به المغفرة مثل إيش ؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم صيام رمضان إيمانًا واحتسابًا من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه الصدقة أيضًا تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
وجنة عرضها الجنة هي دار النعيم التي أعدها الله عز وجل للمتقين فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيها فاكهة ونخل رمان فرش عسل لبن وغير ذلك، لكن هل تظن أن ما فيها يشابه ما في الدنيا؟ الجواب: لا، لا تظن هذا، لأن الله يقول: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين وليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء فقط اسم رمان لكن يختلف عن رمان الدنيا، فاكهة تختلف عن فاكهة الدنيا، فرش تختلف عن فرش الدنيا وهلم جرًّا، انتبه لهذا لا تظن أن ما ذكر في الجنة من الأسماء توافق مسمياته ما في الدنيا هذا لا يمكن لما سمعت من الآية: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين وفي الحديث القدسي: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
جنة عرضها كعرض السماء والأرض وفي سورة آل عمران: عرضها السماوات والأرض ولا منافاة، لأن الأول عرضها كعرض السماء تشبيه والثاني: عرضها السماوات والأرض أيضًا تشبيه، لكن يسميه أهل البلاغة تشبيه بليغ.
كعرض السماء والأرض من يستطيع أن يقدر عرض السماء والأرض؟ أجيبوا! لا أحد يستطيع، السماوات بسعتها السماء الدنيا واسعة جدًّا كم بينها وبين الأرض من مسافة وهي محيطة بها، السماء الثانية فوقها وهي أوسع منها، والثالثة أوسع وهلم جرًّا إلى أن تصل إلى الكرسي، الكرسي يقول النبي عليه الصلاة والسلاة: ما السماوات والسبع والأراضين السبع في الكرسي إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض حلقة حلقة المغفر ما هي حلقة الباب الكبيرة حلقة المغفر صغيرة قصدي حلقة الدرع صغيرة جدًّا، ألقها في فلاة من الأرض ماذا تكون بالنسبة للفلاة؟ لا شيء، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة فمن يستطيع أن يدرك عرض السماوات والأرض؟ لا أحد يستطيع، الجنة عرضها كعرض السماء والأرض، ولذلك كان أقل أهل الجنة منزلة من ينظر إلى ملكه مسافة ألفين سنة، ينظر أقصاه كما ينظر أدناه، وإنما ذكر الله تعالى أن عرضها عرض السماوات والأرض من أجل أن نحرص على ملء هذه الأرض أرض الجنة، وفي الحديث أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فاحرص يا أخي على أن تملأ ما تستحقه من هذه الجنة بذكر الله وتلاوة كتابه وغير ذلك مما يقرب إلى الله لمن هذه الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض.
قال الله عز وجل أعدت للذين آمنوا بالله ورسله أعدت، من أعدها؟ أعدها الله عز وجل كما قال عز وجل أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ومعنى الإعداد التهيئة للشيء للذين آمنوا بالله ورسله آمنوا بالله وكل ما أوجب الله الإيمان به، فالإيمان إذن بالله ملائكته كتبه رسله اليوم الآخر القدر خيره وشره.
وقوله: ورسله يشمل جميع الرسل الذين أولهم نوح وآخرهم محمد، لكن إيماننا بالرسل يختلف عن إيماننا بمحمد عليه الصلاة والسلام، إيماننا بالرسل أن نؤمن بأنهم صادقون مبلغون عن الله ونؤمن بكل ما صح من أخبارهم، أما اتباعهم فلا، الاتباع للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهم يشتركون مع الرسول بأن نؤمن بأنهم صادقون وأن كل ما أخبروا به صدق وأن كل ما جاؤوا به فهو عدل ومناسب لأحوال أممهم في وقتهم، أما الاتباع فلا نتبع إلا واحدًا منهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
وقوله: آمنوا بالله ورسله يدل على أن أهل الكتاب اليهود والنصارى ليسوا من أهل الجنة لأنهم لم يؤمنوا برسل الله، الدليل؟ أنهم كفروا بمحمد عليه الصلاة والسلام والكافر برسول من الرسل كافر بالجميع، كيف وقد جاء محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بنسخ جميع الشرائع السابقة؟ ألم تسمعوا قول الله عز وجل: كذبت قوم نوح المرسلين ؟ أجيبوا!
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب هل سبق نوحًا أحد من الرسل كيف يقول: كذبت قوم نوح المرسلين ؟ الجواب: لأن من كذب رسولًا من الرسل فقد كذب جميع الرسل، فكيف بمن كذب محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي نسخت شريعته جميع الشرائع والذي قال الله فيه: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه شف أخذ ميثاق النبيين كلهم، ميثاق النبيين كلهم لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال: أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا من هذا الرسول؟ أجيبوا يا أمة محمد!
الطالب : محمد.
الشيخ : محمد صلى الله عليه وسلم الرسل كلهم لازم يؤمنون بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا في ليلة الإسراء من كان الإمام؟ كان إمامهم في صلاتهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذن اليهود والنصارى ليسوا من أهل الجنة بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، لماذا؟ لم يؤمنوا برسله لأنهم كفروا بمحمد بل هم كفروا برسلهم أيضًا لقوله تعالى: كذبت قوم نوح المرسلين ولأن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام بشرهم بمحمد قال الله عز وجل: وإذ قال عيسى لقومه نعم في سورة الصف: وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم هذا الرسول الذي بشر به عيسى قالوا هذا سحر مبين وكفروا به، إذن هم كفروا بعيسى وردوا بشارته وأنكروها، ولا يجوز لنا أبدًا أن نقول إن أديان اليهود والنصارى اليوم أديان صحيحة أبدًا بل هي أديان باطلة غير مقبولة عند الله، كما قال عز وجل: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه .
أعود إلى الآية قال الله عز وجل: أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ذلك أي: ما أعد الله لهؤلاء المؤمنين بالله ورسله فضل الله، فضل الله في أنهم آمنوا بالله آمنوا برسله اتبعوا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أثيبوا بهذه الجنات فضل الله يؤتيه من يشاء اللهم آتنا من فضلك.
يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم قوله: يؤتيه من يشاء هل تظنون أن هذه المشيئة مجرد مشيئة؟ لا، هي مشيئة مقترنة بالحكمة يعني من كان أهلًا للفضل أتاه الله الفضل، ومن لم يكن أهلًا له لم يؤته، الدليل قول الله تبارك وتعالى: الله أعلم حيث يجعل رسالته فلن يجعل رسالته إلا فيمن هو أهل لها، وقال الله عز وجل: فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم وقال عز وجل: فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرًا من الناس لفاسقون لا تظن أن الله يعطي الفضل من شاء بدون سبب لابد من سبب، فمتى علم الله في قلب الإنسان خيرًا اللهم اجعل قلوبنا ممتلئة بالخير، متى علم الله في قلب الإنسان خيرًا أتاه الخير، قال الله تعالى: يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم أصلح قلبك فيما بينك وبين الله تجد الخير كله. والله ذو الفضل العظيم أي: صاحب الفضل العظيم عز وجل، فلا أحد أعظم منة من الله تعالى، أوجدك من العدم أعدك وأمدك بالنعم يسّر لك الهدى هداك له، من أحد أعظم منة من الله؟ لا أحد ولهذا قال الله عز وجل: يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليّ إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ولما جمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأنصار في غزوة حنين حين قسم الغنائم بين المؤلفة قلوبهم كان يقرر عليهم قال لهم: ألم أجدكم ضلالًا فهداكم الله بي؟ قالوا: الله ورسوله أمن، قال: ألم أجدكم متفرقين فألفكم الله بي؟ قالوا: الله ورسوله أمن كلما قال قولًا قالوا الله ورسوله أمن، يعني: أعظم منة، فالحاصل أن الله تعالى ذو الفضل العظيم ولكنه يعطي فضله من هو مستحق له، كما قال عز وجل: ويؤتي كل ذي فضل فضله اللهم إنا نسألك من فضلك العظيم أن تهدي قلوبنا وتصلح أعمالنا وتختم لنا بخير إنك على كل شيء قدير.
والآن إلى الأسئلة نبدأ باليمين.
الفتاوى المشابهة
- تفسير الآيات ( 10 - 12 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير آيات من سورة الحديد - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 26 - 27 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 2 - 4 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 20 - 23 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 8 0 ــ 10 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 19 - 20 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 16 - 19 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 24 - 25 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 28 - 29 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين
- تفسير الآيات ( 16 - 21 ) من سورة الحديد . - ابن عثيمين