تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير سورة الحجرات الآيات ( 15- 16 ) وآيات ا... - ابن عثيمينالشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .أما بعد :فهذا هو اللقاء السابع والعشرون بعد...
العالم
طريقة البحث
تفسير سورة الحجرات الآيات ( 15- 16 ) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فهذا هو اللقاء السابع والعشرون بعد المائة من اللقاءات الأسبوعية المعبر عنها بـلقاء الباب المفتوح والتي تكون في كل يوم خميس وهذا الخميس هو السابع والعشرون من شهر محرم عام 1417نسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يحب ويرضى
لقاؤنا هذا يفتتح بالكلام في تفسير آخر سورة الحجرات قال الله تعالى : قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وبينا فيما سبق أن هذا أن هؤلاء القوم لم يتحقق فيهم كمال الإيمان أي : معهم أصل الإيمان فقالوا : آمنا والإيمان المطلق لا يعطى لمن لم يتم إيمانه ولهذا قال الله عز وجل : وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ أي : لم يدخل الإيمان الكامل في قلوبكم ولكنه قريب لأن لما تفيد قرب مدخولها
قال الله عز وجل : وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً أي : إن قمتم بطاعة الله ورسوله بامتثال أوامر الله ورسوله واجتناب نهي الله ورسوله فإن الله لن ينقصكم من أعمالكم شيئا سيعطيكموها تامة بلا نقص وقد تقرر أن من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وأن من جاء بالسيئة فإنه لا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون
ثم قال عز وجل : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا إنما أداة حصر تفيد إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه أي : ما المؤمنون إلا هؤلاء والمراد من المؤمنون حقا الذين تم إيمانهم إلا هؤلاء الذين آمنوا بالله ورسوله آمنوا أقروا إقرارا مستلزما للقبول والإذعان وليس مجرد الإقرار كافيا بل لا بد من قبول وإذعان والدليل على أن مجرد الإقرار ليس بكاف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن عمه أبي طالب أنه في النار مع أنه مؤمن بالرسول عليه الصلاة والسلام مصدق به يقول في لاميته المشهورة:
" لقد علموا أن ابننا لا مكذب *** لدينا ولا يعنى بقول الأباطل "
ويقول عن دين الرسول يقول :
" ولقد علمت بأن دين محمد *** من خير أديان البرية دينا "
لكنه والعياذ بالله لم يقبل هذا الدين ولم يذعن به وكان آخر ما قال أنه على الشرك على ملة عبد المطلب فالذين آمنوا بالله ورسوله هم الذين أقروا إقرارا تاما بما يستحقه الله عز وجل وبما يستحقه الرسول عليه الصلاة والسلام وقبلوا ذلك وأذعنوا له ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا كلمة ثم هنا في موقع من أحسن المواقع ثم تدل على الترتيب بمهلة يعني ثم استقروا وثبتوا على الإيمان مع طول المدة ولم يرتابوا أي : لم يلحقهم شك بالإيمان بالله ورسوله
وهنا ننبه إلى مسألة يكثر السؤال عنها في هذا الوقت وإن كان أصلها موجودا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وهي الوساوس التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان يلقي الشيطان في قلب الإنسان أحيانا وساوس وشكوك في الإيمان في القرآن في الرسول في الرب عز وجل وساوس يحب الإنسان أن يمزق لحمه ويكسر عظمه ولا يتكلم بذلك فما موقف الإنسان من هذا ؟ موقف الإنسان من هذا أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وينتهي يعرض عن هذا ولا يفكر فيه إطلاقا وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن مثل هذه الوساوس صريح الإيمان أي : خالص الإيمان هذا إنما كان صريح الإيمان لأن الشيطان لا يأتي لإنسان شاك يشككه في دينه وإنما يأتي لإنسان ثابت مستقر ليشككه في دينه فيفسده عليه وأما المؤمن الذي استقر الإيمان في قلبه واطمأن قلبه بالإيمان نعم فإنه هو الذي يأتيه الشيطان ليفسد عليه أما من ليس بمؤمن فإن الشيطان لا يأتيه بمثل هذه الوسواس لأنه منته منه والمهم أن قوله : ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا يدل على أنهم ثبتوا على الإيمان ولو طالت بهم المدة
فإذا قال قائل : ما هي الطريق التي توجب للإنسان ثبوت الإيمان واستقراره ؟ قلنا
أولا : أن يتفكر في مخلوقات الله سبحانه وتعالى وأن هذه المخلوقات العظيمة لم تكن وليدة الصدفة ولم تكن وليدة بنفسها وأن يتفكر أيضا في شريعة الله وكمالها وأن يتفكر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وآياته وما إلى ذلك
وكذلك أيضا يكثر من ذكر الله عز وجل فإن بذكر الله تطمئن القلوب
ويكثر من الطاعات والأعمال الصالحة لأن الطاعات والأعمال الصالحة تزيد في الإيمان كما هو مذهب أهل السنة والجماعة رحمهم الله
وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هذا أيضا معطوف على قوله : آمَنُوا أي : هم الذين مع إيمانهم بالله عز وجل ويقينهم وعدم ارتيابهم يريدون أن يصلحوا عباد الله يريدون أن يصلحوا عباد الله بماذا عبد الرحمن ... ؟ بالجهاد في سبيل الله يجاهدون أعداء الله ليرجِعوا إلى دين الله ويستقيموا عليه لا للانتقام منهم ولا للانتصار لأنفسهم ولكن ليدخلوا في دين الله عز وجل والجهاد في سبيل الله هو القتال لتكون كلمة الله هي العليا لا للانتقام القتال للانتقام ليس إلا مدافعة عن النفس أو أخذ بالثأر فقط لكن الجهاد حقيقة هو أن يقاتل الإنسان لتكون كلمة الله هي العليا أما الجهاد انتصارا للنفس أو دفاعا عن النفس فقط فليس في سبيل الله لكن لا شك أن من قاتل دفاعا عن نفسه فإنه إن قتل فهو شهيد وإن قتل صاحبه فصاحبه في النار كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن أراد أن يأخذ مالك قال : لا تعطه قال : يا رسول الله أرأيت إن قاتلني ؟ قال : قاتله قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : فأنت شهيد قال : أرأيت أن قتلته قال : فهو في النار إذن ما هو الجهاد في سبيل الله ؟ هو إيش ؟ القتال ليش ؟ لتكون كلمة الله هي العليا هذا هو الذي حده النبي عليه الصلاة والسلام وفصله فصلا قاطعا
أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ أولئك هم الصادقون في إيمانهم وعدم ارتيابهم أما الذين قالوا من الأعراب آمنا ولكنهم لم يؤمنوا حقيقة ولكن أسلموا فإنهم ليسوا صادقين ولهذا قال الله تعالى : قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ نعم
الطالب : ...

الشيخ : لا قبلها قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ هذا إنكار لقول الذين قالوا : آمنا يعني أتعلمون الله تعالى بأنكم آمنتم وهو عليم بكل شيء ؟ وتعلمون الله بمعنى تخبرون الله وليس المراد ترفعون جهله عن حالكم لأنه يعلم حالهم عز وجل ويعلم أنهم مؤمنون أو غير مؤمنين لكن تعلمون هنا بمعنى إيش ؟ تخبرون وليس بمعنى ترفعوا الجهل عن الله عز وجل لأن الله ليس جاهلا بحالهم بل هو عالم أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ أي : حينما قلتم : آمنا وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ومنه أي : مما في السموات والأرض حالكم إن كنتم مؤمنين أو غير مؤمنين وفي هذه الآية إشارة إلى أن النطق بالنية في العبادات منكر لأن الإنسان الذي يقول : أريد أن أصلي يعلم الله سبحانه وتعالى بما يريد من العمل والله يعلم والذي يقول : أريد أن أصوم كذلك والذي يقول : نويت أن أتصدق كذلك والذي يقول : نويت أن أحج كذلك أيضا ولهذا لا يسن النطق بالنية في العبادات كلها لا في الحج ولا في الصدقة ولا في الصوم ولا في الوضوء ولا في الصلاة ولا في غير ذلك لماذا ؟ لأن النية محلها القلب والله عالم بذلك لا حاجة أن تخبر الله به
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ما في السموات عام وما في الأرض عام كل شيء يعلمه الله وقد تقدم لنا الكلام مرارا على هذه الصفة العظيمة من صفات الله والتي هي من أوسع صفاته جل وعلا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ بكل شيء خفي أو بين عام أو خاص هو عالم به جل وعلا ثم قال تعالى : يَمُنُّونَ عَلَيكَ أَنْ أَسْلَمُوا إلى آخر السورة ونكملها إن شاء الله في اللقاء القادم لأن الوقت قد حصرنا ولنتفرغ إلى الأسئلة فنبدأ من اليمين تفضل .

Webiste