تفسير سورة الحجرات الآية ( 13 و 14 ) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد :
فهذا هو اللقاء الخامس والعشرون بعد المائة من اللقاء المسمى بلقاء الباب المفتوح الذي يتم في كل خميس من كل أسبوع وهذا الخميس هو الثالث عشر من شهر محرم عام 1417 نتكلم فيه على قول الله تبارك وتعالى من سورة الحجرات : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا الخطاب هنا مصدر بنداء الناس عموما يَا أَيُّهَا النَّاسُ مع أن أول السورة وجه الخطاب فيه للذين آمنوا وسبب ذلك أن هذا الخطاب في الآية التي نحن بصدد الكلام عليها موجه لكل إنسان لأنه يقع التفاخر بالأنساب والأحساب من كل إنسان فيقول عز وجل : يَا أَيُّهَا النَّاسُ والخطاب للمؤمن والكافر والبر والفاجر إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مِنْ ذَكَرٍ هو آدم وَأُنْثَى هي حواء هذا هو المشهور عند علماء التفسير وذهب بعضهم إلى أن المراد بالذكر والأنثى هنا الجنس يعني أن بني آدم خلقوا من هذا الجنس من ذكر وأنثى وهذا دليل يعني في الآية دليل على أن الإنسان يتكون من أبيه وأمه أي : يخلق من الأم والأب ولا يعارض هذا قول الله تعالى : فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ وذلك لأنا إن قلنا : إن المراد بالصلب صلب الرجل والترائب ترائب المرأة فلا إشكال وإن قلنا بالقول الراجح إن الصلب والترائب وصفان للرجل لأن الماء الدافق هو ماء الرجل أما المرأة فلا يكون ماؤها دافقا وعلى هذا فيكون الإنسان مخلوقا من ماء الرجل لكن ماء الرجل وحده لا يكفي لا بد أن يتصل بالبويضة التي يفرزها رحم المرأة فيزدوج هذا بهذا ويكون الإنسان مخلوقا من الأمرين جميعا أي : من أبيه وأمه خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى إذن ذكر وأنثى يحتمل أن يكون المراد بهما شخصين معينين وهما من ؟ آدم وحواء أو أن المراد الجنس أي : الذكر من بني آدم والأنثى من بني آدم وعلى هذا التقدير أي : على التفسير الثاني يشكل أن الله تعالى ذكر في آيات أخرى أن الإنسان خلق من ماء دافق وهو ماء الرجل والجواب عنه : أن يقال إيش ؟ إن هذا الماء الدافق لا يمكن أن يتكون منه جنين لوحده بل لا بد أن يتصل بالبويضة التي يفرزها رحم المرأة وحينئذ يكون مخلوقا من ذكر وأنثى طيب
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً أي : صيرناكم شعوبا وقبائل فالله جعل بني آدم شعوبا وهم أصول القبائل وَقَبَائِلَ وهم ما دون الشعوب فمثلا بنو تميم يعتبرون شعبا وأفخاذ بني تميم المتفرعون من الأصل يسمون نعم يسمون قبائل وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ
ما هي الحكمة ؟ هل الحكمة من هذا الجعل أن يتفاخر الناس بعضهم على بعض فيقول هذا الرجل : أنا من قريش وهذا يقول : أنا من تميم وهذا يقول : أنا من كذا أنا من كذا ؟ لا ليس هذا المراد المراد التعارف أن يعرف الناس بعضهم بعضا إذ لولا هذا الذي صيره الله عز وجل ما عرف الإنسان من أي قبيلة هو ولهذا كان من كبائر الذنوب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه - يرحمك الله - لأنه إذا انتسب إلى غير أبيه غير هذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها وهو أنهم شعوب وقبائل من أجل التعارف فيقال : هذا فلان بن فلان بن فلان إلى آخر الجد الذي كان أبا للقبيلة لِتَعَارَفُوا يعني لا لتفاخروا بالأحساب والأنساب إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ليس الكرم بأن يكون الإنسان من القبيلة الفلانية أو من الشعب الفلاني الكرم هو التقوى وليس الكرم الذي هو كرم حقيقة إلا الكرم عند الله عز وجل كرم الإنسان عند بني جنسه كرم لا شك ويحمد عليه الإنسان إذا ابتغى به وجه الله لكن الكرم الحقيقي النافع هو الكرم عند من ؟ عند الله وبأي شيء يكون ؟ بالتقوى كلما كان الإنسان أتقى لله كان عند الله أكرم فإذا أحببت أن تكون كريما عند الله عز وجل فعليك بالتقوى عليك بتقوى الله عز وجل فكلها خير كلها البركة كلها السعادة في الدنيا والآخرة أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ وما أكثر ما ترد على أسماعنا كلمة التقوى فما هي التقوى ؟ هل هي لفظ يجري على الألسن ويمر بالآذان ؟ لا يجب أن يكون لفظا عظيما موقرا معظما محترما
التقوى أن تقوم بطاعة الله عز وجل هذه التقوى فتش هل أنت قائم بطاعة الله ؟ فأنت متقي هل أنت مخالف ؟ فأنت غير متقي ويفوت الإنسان من التقوى بقدر ما خالف فيه أمر الله ورسوله التقوى إذن طاعة الله بفعل الأوامر واجتناب النواهي فإذا رأينا إنسانا يتقدم إلى المسجد ويصلي مع الجماعة ويخشع في صلاته ويؤديها بكل فضيلة وآخر بالعكس يصلي في بيته وصلاة يقتصر فيها على الواجب أيهما أتقى لله ؟ الأول أتقى إذن فهو أكرم عند الله حتى لو كان مولى من الموالي أو مولى الموالي والآخر من أرفع الناس نسبا فإن الأتقى لله هو الأكرم عند الله عز وجل كل إنسان يحب أن يحظى عند السلطان في الدنيا وأن يكون أقرب الناس إليه فكيف لا نحب أن نكون أقرب الناس إلى الله عز وجل وأكرمهم عنده ؟ المسألة هوى وشيطان وإلا لكان الأمر واضحا عليك بتقوى الله عز وجل لتنال الكرم عند الله نستغفر الله ونتوب إليه
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ عَلِيمٌ بكل شيء لأنه هنا مطلق ولم يقيد بحال من الأحوال خَبِيرٌ والخبرة هي العلم ببواطن الأمور العلم بالظواهر لا شك أنه صفة مدح وكمال لكن العلم بالبواطن أبلغ فيكون عليم بالظواهر خبير بإيش ؟ بالبواطن فإذا اجتمع العلم والخبرة صار هذا أبلغ أبلغ في الإحاطة وقد يقال : إن الخبرة لها معنى زائد على العلم لأن الخبير عند الناس هو العليم بالشيء الحاذق فيه بخلاف الإنسان الذي عنده علم فقط ولكن ليس عنده حذق فإنه لا يسمى خبيرا فعلى هذا يكون الخبير متضمنا لمعنى زائد على العلم ثم قال الله تعالى : قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا من الأتقى يا ... عند الله ؟ من الأكرم عند الله ؟ الدليل .
السائل : ... .
الشيخ : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ طيب قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا الأعراب اسم جمع لأعرابي والأعرابي هو ساكن البادية كالبدوي تماما الأعراب افتخروا فقالوا : آمنا افتخروا بإيمانهم فقال الله عز وجل : قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ قيل : إن هؤلاء من المنافقين لقول الله تعالى : وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ والمنافق مسلم ولكنه ليس بمؤمن مسلم لأنه مستسلم ظاهرا إذ أن حال المنافق أنه كالمسلمين ولهذا لم يقتلهم النبي عليه الصلاة والسلام مع علمه بنفاقهم لأنهم مسلمون ظاهرا لا يخالفون وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وقيل : إنهم أعراب غير منافقين لكنهم ضعفاء الإيمان ضعفاء الإيمان يمشون مع الناس في ظواهر الشرع لكن قلوبهم ضعيفة إيمانهم ضعيف فعلى القول الأول يكون قوله : وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ أنه لم يدخل أصلا هذا على القول بأنهم إيش ؟ منافقون وعلى الثاني : أي : لما يدخل الإيمان الدخول الكامل المطلق فيهم إيمان لكن لم يصل الإيمان إلى قلوبهم على وجه الكمال والقاعدة عندنا في التفسير : أن الآية إذا احتملت معنيين فإنها تحمل عليهما جميعا ما لم يتنافيا فإن تنافيا طلب المرجح قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ يعني طاعة في الظاهر يحمل عليها الإيمان في الباطن لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً لا يَلِتْكُمْ أي : لا ينقصكم من أعمالكم شيئا لأن الله تعالى لا يظلم أحدا فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ أي شيء فإنه موفّى للإنسان لكن سبحان الله رحمة الله سبقت غضبه فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ويثاب عليه وإلا لا ؟ أجيبوا يثاب عليه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ وهل يثاب هل يعاقب قصدي هل يعاقب ؟ قد يعاقب وقد يعفو الله عنه قد يعفو الله عنه فالسيئات يمكن أن تمحى والحسنات لا يمكن أن تنقص ولهذا قال : لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً بعدها إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وسبق معنا هذين الاسمين الكريمين ونقتصر على هذا القدر ويأتي إن شاء الله ما يستفاد من هذه الآية لأن الآن قد حان وقت الأسئلة .
وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد :
فهذا هو اللقاء الخامس والعشرون بعد المائة من اللقاء المسمى بلقاء الباب المفتوح الذي يتم في كل خميس من كل أسبوع وهذا الخميس هو الثالث عشر من شهر محرم عام 1417 نتكلم فيه على قول الله تبارك وتعالى من سورة الحجرات : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا الخطاب هنا مصدر بنداء الناس عموما يَا أَيُّهَا النَّاسُ مع أن أول السورة وجه الخطاب فيه للذين آمنوا وسبب ذلك أن هذا الخطاب في الآية التي نحن بصدد الكلام عليها موجه لكل إنسان لأنه يقع التفاخر بالأنساب والأحساب من كل إنسان فيقول عز وجل : يَا أَيُّهَا النَّاسُ والخطاب للمؤمن والكافر والبر والفاجر إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مِنْ ذَكَرٍ هو آدم وَأُنْثَى هي حواء هذا هو المشهور عند علماء التفسير وذهب بعضهم إلى أن المراد بالذكر والأنثى هنا الجنس يعني أن بني آدم خلقوا من هذا الجنس من ذكر وأنثى وهذا دليل يعني في الآية دليل على أن الإنسان يتكون من أبيه وأمه أي : يخلق من الأم والأب ولا يعارض هذا قول الله تعالى : فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ وذلك لأنا إن قلنا : إن المراد بالصلب صلب الرجل والترائب ترائب المرأة فلا إشكال وإن قلنا بالقول الراجح إن الصلب والترائب وصفان للرجل لأن الماء الدافق هو ماء الرجل أما المرأة فلا يكون ماؤها دافقا وعلى هذا فيكون الإنسان مخلوقا من ماء الرجل لكن ماء الرجل وحده لا يكفي لا بد أن يتصل بالبويضة التي يفرزها رحم المرأة فيزدوج هذا بهذا ويكون الإنسان مخلوقا من الأمرين جميعا أي : من أبيه وأمه خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى إذن ذكر وأنثى يحتمل أن يكون المراد بهما شخصين معينين وهما من ؟ آدم وحواء أو أن المراد الجنس أي : الذكر من بني آدم والأنثى من بني آدم وعلى هذا التقدير أي : على التفسير الثاني يشكل أن الله تعالى ذكر في آيات أخرى أن الإنسان خلق من ماء دافق وهو ماء الرجل والجواب عنه : أن يقال إيش ؟ إن هذا الماء الدافق لا يمكن أن يتكون منه جنين لوحده بل لا بد أن يتصل بالبويضة التي يفرزها رحم المرأة وحينئذ يكون مخلوقا من ذكر وأنثى طيب
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً أي : صيرناكم شعوبا وقبائل فالله جعل بني آدم شعوبا وهم أصول القبائل وَقَبَائِلَ وهم ما دون الشعوب فمثلا بنو تميم يعتبرون شعبا وأفخاذ بني تميم المتفرعون من الأصل يسمون نعم يسمون قبائل وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ
ما هي الحكمة ؟ هل الحكمة من هذا الجعل أن يتفاخر الناس بعضهم على بعض فيقول هذا الرجل : أنا من قريش وهذا يقول : أنا من تميم وهذا يقول : أنا من كذا أنا من كذا ؟ لا ليس هذا المراد المراد التعارف أن يعرف الناس بعضهم بعضا إذ لولا هذا الذي صيره الله عز وجل ما عرف الإنسان من أي قبيلة هو ولهذا كان من كبائر الذنوب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه - يرحمك الله - لأنه إذا انتسب إلى غير أبيه غير هذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها وهو أنهم شعوب وقبائل من أجل التعارف فيقال : هذا فلان بن فلان بن فلان إلى آخر الجد الذي كان أبا للقبيلة لِتَعَارَفُوا يعني لا لتفاخروا بالأحساب والأنساب إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ليس الكرم بأن يكون الإنسان من القبيلة الفلانية أو من الشعب الفلاني الكرم هو التقوى وليس الكرم الذي هو كرم حقيقة إلا الكرم عند الله عز وجل كرم الإنسان عند بني جنسه كرم لا شك ويحمد عليه الإنسان إذا ابتغى به وجه الله لكن الكرم الحقيقي النافع هو الكرم عند من ؟ عند الله وبأي شيء يكون ؟ بالتقوى كلما كان الإنسان أتقى لله كان عند الله أكرم فإذا أحببت أن تكون كريما عند الله عز وجل فعليك بالتقوى عليك بتقوى الله عز وجل فكلها خير كلها البركة كلها السعادة في الدنيا والآخرة أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ وما أكثر ما ترد على أسماعنا كلمة التقوى فما هي التقوى ؟ هل هي لفظ يجري على الألسن ويمر بالآذان ؟ لا يجب أن يكون لفظا عظيما موقرا معظما محترما
التقوى أن تقوم بطاعة الله عز وجل هذه التقوى فتش هل أنت قائم بطاعة الله ؟ فأنت متقي هل أنت مخالف ؟ فأنت غير متقي ويفوت الإنسان من التقوى بقدر ما خالف فيه أمر الله ورسوله التقوى إذن طاعة الله بفعل الأوامر واجتناب النواهي فإذا رأينا إنسانا يتقدم إلى المسجد ويصلي مع الجماعة ويخشع في صلاته ويؤديها بكل فضيلة وآخر بالعكس يصلي في بيته وصلاة يقتصر فيها على الواجب أيهما أتقى لله ؟ الأول أتقى إذن فهو أكرم عند الله حتى لو كان مولى من الموالي أو مولى الموالي والآخر من أرفع الناس نسبا فإن الأتقى لله هو الأكرم عند الله عز وجل كل إنسان يحب أن يحظى عند السلطان في الدنيا وأن يكون أقرب الناس إليه فكيف لا نحب أن نكون أقرب الناس إلى الله عز وجل وأكرمهم عنده ؟ المسألة هوى وشيطان وإلا لكان الأمر واضحا عليك بتقوى الله عز وجل لتنال الكرم عند الله نستغفر الله ونتوب إليه
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ عَلِيمٌ بكل شيء لأنه هنا مطلق ولم يقيد بحال من الأحوال خَبِيرٌ والخبرة هي العلم ببواطن الأمور العلم بالظواهر لا شك أنه صفة مدح وكمال لكن العلم بالبواطن أبلغ فيكون عليم بالظواهر خبير بإيش ؟ بالبواطن فإذا اجتمع العلم والخبرة صار هذا أبلغ أبلغ في الإحاطة وقد يقال : إن الخبرة لها معنى زائد على العلم لأن الخبير عند الناس هو العليم بالشيء الحاذق فيه بخلاف الإنسان الذي عنده علم فقط ولكن ليس عنده حذق فإنه لا يسمى خبيرا فعلى هذا يكون الخبير متضمنا لمعنى زائد على العلم ثم قال الله تعالى : قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا من الأتقى يا ... عند الله ؟ من الأكرم عند الله ؟ الدليل .
السائل : ... .
الشيخ : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ طيب قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا الأعراب اسم جمع لأعرابي والأعرابي هو ساكن البادية كالبدوي تماما الأعراب افتخروا فقالوا : آمنا افتخروا بإيمانهم فقال الله عز وجل : قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ قيل : إن هؤلاء من المنافقين لقول الله تعالى : وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ والمنافق مسلم ولكنه ليس بمؤمن مسلم لأنه مستسلم ظاهرا إذ أن حال المنافق أنه كالمسلمين ولهذا لم يقتلهم النبي عليه الصلاة والسلام مع علمه بنفاقهم لأنهم مسلمون ظاهرا لا يخالفون وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وقيل : إنهم أعراب غير منافقين لكنهم ضعفاء الإيمان ضعفاء الإيمان يمشون مع الناس في ظواهر الشرع لكن قلوبهم ضعيفة إيمانهم ضعيف فعلى القول الأول يكون قوله : وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ أنه لم يدخل أصلا هذا على القول بأنهم إيش ؟ منافقون وعلى الثاني : أي : لما يدخل الإيمان الدخول الكامل المطلق فيهم إيمان لكن لم يصل الإيمان إلى قلوبهم على وجه الكمال والقاعدة عندنا في التفسير : أن الآية إذا احتملت معنيين فإنها تحمل عليهما جميعا ما لم يتنافيا فإن تنافيا طلب المرجح قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ يعني طاعة في الظاهر يحمل عليها الإيمان في الباطن لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً لا يَلِتْكُمْ أي : لا ينقصكم من أعمالكم شيئا لأن الله تعالى لا يظلم أحدا فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ أي شيء فإنه موفّى للإنسان لكن سبحان الله رحمة الله سبقت غضبه فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ويثاب عليه وإلا لا ؟ أجيبوا يثاب عليه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ وهل يثاب هل يعاقب قصدي هل يعاقب ؟ قد يعاقب وقد يعفو الله عنه قد يعفو الله عنه فالسيئات يمكن أن تمحى والحسنات لا يمكن أن تنقص ولهذا قال : لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً بعدها إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وسبق معنا هذين الاسمين الكريمين ونقتصر على هذا القدر ويأتي إن شاء الله ما يستفاد من هذه الآية لأن الآن قد حان وقت الأسئلة .
الفتاوى المشابهة
- تفسير سورة الحجرات الآيات (3-6) وآيات اخرى م... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الحجرات الآية (11) وآيات اخرى مخت... - ابن عثيمين
- تفسير سورة (ق) الآيات (15- 18) وآيات اخرى مخ... - ابن عثيمين
- تابع تفسير سورة الحجرات الآية (2) وآيات أخرى... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الحجرات الآيات (7-8) وآيات اخرى م... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الحجرات الآية ( 12 ) وآيات اخرى م... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الحجرات الآيات ( 17- 18 ) وآيات ا... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الحجرات الآية (14) وآيات اخرى مخت... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الحجرات الآيات ( 15- 16 ) وآيات ا... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الحجرات الآية (1) وآيات اخرى مختا... - ابن عثيمين
- تفسير سورة الحجرات الآية ( 13 و 14 ) وآيات ا... - ابن عثيمين