تم نسخ النصتم نسخ العنوان
هل أوامر ولاة الأمر كلها للوجوب أم لا وكيف ي... - ابن عثيمينالسائل : فضيلة شيخنا حفظه الله هل أوامر ولاة الأمور كلها للوجوب أم أن منها ما هو للوجوب ومنها ما هو للاستحباب ؟ وكيف يمكن معرفة ذلك ؟ أثابكم الله تعالى ...
العالم
طريقة البحث
هل أوامر ولاة الأمر كلها للوجوب أم لا وكيف يعرف ذلك.؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : فضيلة شيخنا حفظه الله هل أوامر ولاة الأمور كلها للوجوب أم أن منها ما هو للوجوب ومنها ما هو للاستحباب ؟ وكيف يمكن معرفة ذلك ؟ أثابكم الله تعالى .

الشيخ : أوامر ولاة الأمر تنقسم إلى أقسام : القسم الأول : ما لا يجوز طاعته وذلك فيما إذا أمره بمعصية الله مثل أن يأمره بحلق اللحية أو يأمره بأشياء منكرة فهذا لا يجوز طاعتهم فيه لأن الله تعالى قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فعطف طاعة أولي الأمر على طاعة الله ورسوله بدون إعادة العامل مما يدل على أن طاعة أولِي الأمر على سبيل التبع ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما الطاعة في المعروف أي : فيما ليس بمنكر ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعث رجلا على سرية وأمرهم بطاعته وفي يوم من الأيام أغضبوه فأمرهم أن يجمعوا حطبا فجمعوا حطبا ثم أمرهم أن يشعلوا فيه النار فأشعلوا فيه النار ثم أمرهم أن يلقوا أنفسهم فيها فتوقفوا وقالوا : إننا لم نتبع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا خوفا من النار وأبوا أن يدخلوا النار فلما رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه قال : إنهم لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف هذا واحد
القسم الثاني : أن يأمر بما أمر الله به ورسوله أن يأمر ولي الأمر بما أمر الله به ورسوله من العبادات فهذا إن كان واجبا مثل أن يأمر بصلاة الجماعة ويتفقد الناس عليها فطاعته هنا واجبة واجبة من وجهين :
الوجه الأول : أنها واجبة في الشرع بدون أمر ولي الأمر
والثاني : أنها تزداد تأكيدا إذا أمر بها ولي الأمر
الثالث : أن يأمر بعبادة غير واجبة لكنها مشروعة مثل أن يأمر الناس بالصيام يقول : أيها الناس صوموا غدا فإننا سوف نخرج إلى الاستسقاء نستسقي ودعاء الصائم مستجاب فصوموا غدا فهذا لا تلزم لا تلزم طاعته لأن هذا عبادة بين العبد وبين ربه فلا تلزم طاعته
الرابع : أن يأمر بما فيه حفظ الأمن وصلاح المجتمع فهذا تجب طاعته فيه وإن لم يأمر الله به ورسوله ما لم يكن معصية كأوامره كالأوامر الآن في النظم التي تقرر وهي لا تخالف الشرع فإن طاعة ولي الأمر فيها واجبة ومن عصى وخالف فهو آثم هذا ما يحضرني الآن من أقسام طاعة ولاة الأمور
ولكن هنا مسألة وهي أن بعض الناس لغيرته على دين الله عز وجل إذا رأى هذه المنكرات وأن هذه المنكرات متفشية في الناس مما يوجد في الصحف أو يسمع في بعض الإذاعات أو يشاهد عن طريق الدشوش مثلا ويغار على هذا ويرى أن الحكومة مقصرة في هذا الشيء ثم يذهب يشيع مساوئ الحكومة بين الناس ويوغر الصدور عليها ويلزم من عمله هذا أن يكره الناس ولاة أمورهم والحقيقة أن هذه جادة خاطئة جدا ومخالفة للشرع وخطيرة على المجتمع وسبب للفتن ولو أنه سعى في إصلاح المجتمع نفسه لكان خيرا له فمثلا ما يبث في الإعلام من مقروء ومسموع ومنظور يقول يحذر الناس منه يقول : احذروا مثلا من هذه المجلات احذروا من مشاهدة الأشياء الضارة في الدين وفي الدنيا احذروا من كذا احذروا من كذا احذروا من الربا مثلا احذروا من الرشوة نعم لكان خيرا له والمجتمع إذا صلح فإن ولاة الأمور جزء من المجتمع لا بد أن يصلحوا إما اختيارا وإما اضطرارا أما أن يصب جام غيرته على ولاة الأمور من أجل أن يوغر صدور الناس عليهم فيحصل بذلك الشر والفساد فهذا لا شك أنه خلاف الصواب وحيدة عن الجادة السليمة
ولا يخفى عليكم جميعا ما حصل من الفتن العظيمة من زمن علي بن أبي بل من زمن عثمان رضي الله عنه فيما حصل من الشر والفساد واستحلال النفوس والأموال بسبب هذا لأن مستعظم النار من مستصغر الشرر فلذلك نحن نرى أن مثل هذا المسلك مسلك خاطئ ومحرم ولا يجوز إذا كان في الإنسان غيرة حقيقة فليوجه الشعب إلى الخير
والعجب أن بعض الناس تجده يصب جام غيرته على ولاة أموره وهو يجد في شعبه من يشرك بالله عز وجل ولا يتكلم والشرك أعظم مما حصل من المعاصي من ولاة الأمور أو يذهب يحاول أن ينزل الآيات على ما يهواه هو من المعاني التي يقول مثلا : وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ثم يقول : كل نظام أو كل قانون يخالف الشرع فهو كفر وهذا أيضا من الخطأ وإذا فرضنا على التقدير البعيد أن ولي الأمر كافر فهل يعني ذلك أن نوغر صدور الناس عليه حتى يحصل التمرد والفوضى والقتال ؟ لا غلط هذا لا شك أنه من الغلط المصلحة غير مرجوة في مثل هذا الطريق المصلحة التي يريدها هذا لا يمكن أن تحصل بهذا الطريق بل يحصل بذلك مفاسد عظيمة لأنه مثلا إذا قام طائفة من الناس على ولي الأمر في البلاد وعند ولي الأمر من القوة والسلطة ما ليس عند هذا ما الذي يكون ؟ هل يغلب هذه الفئة القليلة ؟ لا تغلب بل بالعكس يحصل الشر والفوضى والفساد ولا تستقيم الأمور والإنسان يجب أن ينظر أولا بعين الشرع ولا ينظر أيضا إلى الشرع بعين عوراء إلى النصوص من جهة دون الجهة الأخرى بل يجمع بين النصوص
ثانيا : ينظر أيضا بعين العقل والحكمة ما الذي يترتب على هذا الشيء ؟ لذلك نحن نرى أن مثل هذا المسلك مسلك خاطئ جدا وخطير ولا يجوز للإنسان أن يؤيد من سلكه بل يرفض هذا رفضا باتا ونحن لا نتكلم على حكومة بعينها لكن نتكلم على سبيل العموم
أما فيما يتعلق بهذه الحكومة ولله الحمد فالبلاد كما تعلمون بلاد تحكم بالشريعة الإسلامية والقضاة لا يحكمون إلا بالشريعة الإسلامية والصيام قائم والحج قائم والدروس في المساجد قائمة إلا من حصلت منه مخالفة أو خشي منه فتنة فهذا لا بد أن يمنع الشر وأسباب الشر
ثم إذا نظرنا والحمد لله إلى بلادنا وإذا هو ليس هناك بناء على القبور ولا طواف بالقبور ولا بدع صوفية أو غيرها ظاهرة قد يكون عند الناس بدعة صوفية أو ما أشبه ذلك خفية الخفية هذه كل مجتمع لا بد أن يكون فيه شيء من الفساد إذا نظرنا إلى هذا وقارنا والحمد لله بين هذه المملكة والبلاد الأخرى القريبة منا وجدنا الفرق العظيم يوجد في بعض البلاد القريبة منا جرار الخمر علنا في الأسواق تباع والمطاعم تفتح في نهار رمضان يأكل الإنسان ويشرب على ما يريد بل يوجد البغايا علنا حتى حدثني بعض الناس أن الذين يأتون إلى بعض البلاد للسياحة من حين ينزل من المطار يجد عنده الفتيات والفتيان والعياذ بالله يقول : ماذا تختار ؟ أفتى أم فتاة ؟ علنا سبحان الله الإنسان يجب أن ينظر إلى واقع حكومته وواقع بلاده ولا يذهب ينشر المساوي التي قد يكون الحاكم فيها معذورا لسبب أو لغيره ثم يعمى عن المصالح والمنافع عماية تامة ولا كأن الحكومة عندها شيء من الخير إطلاقا هذا ليس من العدل يقول الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
فإذا قال قائل : ما الذي يجعل هذا واقعا ؟ نقول :
أولا : الغيرة التي لا حدود لها لا تتقيد بشرع ولا بعقل ثانيا وهذا يعود إلى الجهل
ثانيا : الهوى فهذا سببه أمران إما الجهل بالشرع أو بالحكمة وإما الهوى يكون الإنسان يعرف أن هذا غلط لكن لشيء في نفسه على ولاة الأمور يريد أن ينفس عنه عن نفسه بنشر مثل هذه الأشياء التي توجب أن ينفر الناس من ولاة أمورهم وأن يوغر صدورهم عليهم نعم الضيوف الضيوف جزاك الله خير .

Webiste