تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة فوائد الحديث : ( فقلت لعروة : ما بال عا... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمان الرحيمقبل أن نبدأ، فيه قول عروة رحمه الله في قوله إنها تأولت كما تأول عثمان، دليل على العفو عن المتأول، والعفو عن المتأول ثابت ...
العالم
طريقة البحث
تتمة فوائد الحديث : ( فقلت لعروة : ما بال عائشة تتم في السفر قال : إنها تأولت كما تأول عثمان ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمان الرحيم
قبل أن نبدأ، فيه قول عروة رحمه الله في قوله إنها تأولت كما تأول عثمان، دليل على العفو عن المتأول، والعفو عن المتأول ثابت في أصول الدين وفروع الدين وفي كل شيء، ودل عليه القرءان في قول الله تعالى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلّا وُسعَها وقوله رَبَّنا وَلا تُحَمِّلنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ فكل إنسان متأوّل قد بذل جهده في الوصول إلى الحق ولكن لم يوفق فإنه معذور، حتى في أصول الدين ويدل لهذا قصة الرجل الذي كان مسرفا على نفسه فقال لأهله إذا مت فأحرقوني واذروني في اليم يعني يخشى إن الله تعالى يعذّبه، قال لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين، فظن هذا الظن فلما فعل أهله به ذلك جمعه الرب عز وجل بقدرته ثم قال ما حملك على هذا؟ قال خشيتك يا رب فغفر له، مع أن الرجل شاك في قدرة الله عز وجل والشك في قدرة الله كفر، لكنه كان متأولا.
وكذلك أيضا إذا جرى الكفر على اللسان بلا قصد فإنه لا يؤاخذ به لعدم الإرادة، ودليله حديث التوبة إن الله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل كان في فلاة من الأرض ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه ففقدها فطلبها فلم يجدها فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بناقته قد حضرت فأخذ بخطامها وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك، وهذه الكلمة كلمة؟ إيش؟ كفر، لا شك، ادعى أنه الرب وادعى إن الرب عز وجل هو العبد، وهذا وصف لله بالنقص ووصف لنفسه بما لا يستحق من الربوبية ومع ذلك لم يؤاخذ، لماذا؟ لعدم القصد، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلّم: أخطأ من شدّة الفرح .
كذلك المكره إذا أكره على الكفر قولا كان الكفر أم فعلا فإنه إذا فعل ذلك لدفع الإكراه لا مطمئنا بما أكره عليه فإنه لا يلحقه حكم ذلك الفعل، لقول الله تعالى مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعدِ إيمانِهِ إِلّا مَن أُكرِهَ وَقَلبُهُ مُطمَئِنٌّ بِالإيمانِ وَلكِن مَن شَرَحَ بِالكُفرِ صَدرًا فَعَلَيهِم غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُم عَذابٌ عَظيمٌ والأية عامة، عامة لجميع أنواع الكفر القولية والفعلية، وبهذا نعرف ضعف حديث دخل النار رجل في ذبابة ودخل الجنّة رجل في ذبابة ، فإن هذا ضعيف ولئن صح فإنه من شرائع من قبلنا لكنه لا يصح، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم ساقه على سبيل العِبرة والإتعاظ به، ولكن نقول إذا أكره الإنسان على الكفر القولي أو الفعلي فإنه لا إثم عليه ولا يخرج بذلك من الإسلام، حتى لو أكرهه إنسان قال اسجد لي من دون الله فسجد خوفا من القتل الذي ينفّذه هذا المُكْرِه فإنه ليس كافرا، لكن هنا ثلاث مسائل: المسألة الأولى أن يسجد مطمئنا بهذا السجود فهذا إيش؟ يكفر لأن قلبه مطمئن بالكفر والعياذ بالله.
الثانية، المسألة الثانية أن يفعله لدفع الإكراه فقط ولا نوى السجود ولا شيئا فهذا لا يكفر والأمر فيه واضح.
الثالث أن يسجد لا يقصد السجود لهذا الإنسان تعظيما له أو ذلا له لكن لأنه أكرهه فهذا مختلف فيه فقيل إنه يلحقه حكم الكفر لأنه لم ينو دفع الإكراه وإنما سجد امتثالا لهذا الأمر، والصحيح أنه لا يكفر لأنه لم يسجد لهذا الإنسان ذلا ولا تعظيما وكون الإنسان يستحضر أنه فعل ذلك دفعا للإكراه بعيد ولاسيما من العوام الذين لا يفقهون، الحاصل أن هذه الأمة ولله الحمد عفى الله عنها إذا فعلت الشيء على وجه التأويل بل والأمم السابقة لأن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها ولأن رحمته سبقت غضبه، نعم. نعم.

Webiste