تم نسخ النصتم نسخ العنوان
سائل يقول : أقاربي لا يصلون و نحن ننصحهم و ل... - ابن عثيمينالسائل : عندنا ناس في القرية لا يصلون ، ونأمرهم بالصلاة لكنهم لا يفعلون والمشكلة بأنهم أقرباء لي ، فهم أخوالي وأنا أجلس معهم وأحادثهم ، فماذا علي أن أفع...
العالم
طريقة البحث
سائل يقول : أقاربي لا يصلون و نحن ننصحهم و لكن لا يجيبون و أنا أجالسهم علما بأنني لا أستطيع الذهاب إلى أي مكان إلا وهم معي فماذا أفعل ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : عندنا ناس في القرية لا يصلون ، ونأمرهم بالصلاة لكنهم لا يفعلون والمشكلة بأنهم أقرباء لي ، فهم أخوالي وأنا أجلس معهم وأحادثهم ، فماذا علي أن أفعل مع أنني لا أستطيع الذهاب إلى أي مكان لأنهم معي في كل وقت ، فبماذا تنصحونني جزاكم الله خيرا ؟

الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فهذا السؤال يقتضي مني شيئين :
الشيء الأول : توجيه النصيحة إلى هؤلاء القوم الذين ذكر السائل أنهم لا يصلون ، فإن كانوا لا يصلون مطلقا لا في البيوت ولا في المساجد فهم كفار مرتدون خارجون عن دين الإسلام لدلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة على ذلك ، وقد تكلمنا على هذا مرارا ، وكتبنا فيه رسالة صغيرة ، وكتب فيه غيرنا وبينا الأدلة بل الأدلة من القرآن والسنة وأقوال الصحابة ، فنحيل القارئ إلى ما كتبناه في هذا الموضوع .
ونبين أن كل من عارض هذا القول فإنما يعارضه بما لا دليل له فيه ، وأعلى ما يقال في هذا كلمة واحدة هي أن النصوص العامة في أن من قال : لا إله إلا الله ، لا يخلد في النار هي عامة خصصت بالنصوص الدالة على كفر تارك الصلاة ، هذا إذا سلمنا صحة الدليل وصحة الاستدلال ، فإنا نقول : هذا عام ونصوص كفر تارك الصلاة من القرآن والسنة وأقوال الصحابة التي حكى بعض الأئمة إجماعهم على كفر تارك الصلاة مخصصة لهذا العموم ، وحينئذ يتبين ضعف كل احتجاج يحتج به المخالف في هذه المسألة .
فأنصح هؤلاء القوم الذين تحدث عنهم السائل ، أقول : اتقوا الله في أنفسكم ، واتقوا الله في أهليكم لأنهم إذا رأوكم لا تصلون لم يصلوا ، واتقوا الله في قريتكم ، واتقوا الله في عموم المسلمين لأن الله تعالى يقول : { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } .
وإذا أضاع المجتمع المسلم صلاته فما الذي بقي عليه ، إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصف الصلاة بأنها عمود الإسلام ، وعمود البنيان لا يمكن للقيام أن يقوم بدونه ، ثم إنه ما الذي يضيره من الصلاة ؟.
مدتها قليلة بالنسبة للأربع وعشرين ساعة مع ما فيها من نشاط وتطهير للبدن ، وإنابة إلى لله عز وجل ، وخشوع وسلامة قلب وإصلاح عمل : { إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } .
ومع ما فيها من ثواب الآخرة فقد قال الله عز وجل : { إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ } فالمصلي لا يجزع إذا مسه الشر ، بل يقول : هذا من قضاء الله وقدره والحمد لله على كل حال .
والمصلي إذا مسه الخير بذله ونفع به عباد الله ، ونفعه لعباد الله نفع لنفسه في الحقيقة فاستثنى الله المصلين : { إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ } ثم ذكر صفاتهم ثم قال في آخر ذلك : { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } فبدأ بالصلاة وختم بها .
ولا يسع المقام أن أتكلم عن آثار الصلاة في القلب والوجه والاتجاه والعمل لأنها كثيرة ، فليتقوا الله في أنفسهم ، وليكرهوا أنفسهم على ما فيه الخير ، يكرهوا أنفسهم على الصلاة وليتمرنوا عليها لمدة أسبوع ، وأنا واثق أنهم إذا كانوا مقبلين على الله بأداء الصلاة في هذا الأسبوع فسوف يجدون حياة جديدة ، ولذة في العبادة ، وأنسا بالله عز وجل ، فليتقوا الله ربهم .
ثم إذا كانوا يؤدون الصلاة في بيوتهم فهذا لا شك خير لكن قد فاتهم الأجر العظيم في ترك الصلاة مع الجماعة ، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر بأن : "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" .
وهؤلاء القوم فيما أظن لو قيل لهم إنكم ستربحون في هذه السلعة واحد في العشرة ليس سبعة وعشرين في الواحدة واحد في العشرة لتجشموا المصاعب وشدوا الرحال لتحصيل هذا المكسب ، فكيف بمكسب الآخرة الذي هو خير وأبقى ؟.
ثم إنهم إذا فوتوا الصلاة مع الجماعة كانوا متشبهين بالمنافقين كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا" .
ثم إنهم إذا تخلوا عن الجماعة كانوا معرضين أنفسهم للعقاب ، لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم في صلاة الجماعة أنها واجبة وأنه لا يجوز التخلف عنها إلا من عذر ، هذه نصيحتي لهؤلاء القوم الذين تحدث عنهم السائل.
أما الجواب على سؤاله فأقول : إذا كان أقاربه هؤلاء لا يصلون مطلقا وبذل لهم النصيحة تلو النصيحة ولكنهم لم يمتثلوا ، فالواجب عليه هجرهم والبعد عنهم ، فلا يسلم عليهم ولا يجيب دعوتهم ولا يدعوهم إلى بيته ، وليصبر على ذلك فإن الله تعالى سيجعل له فرجا ومخرجا .
لكن مع هذا ، أي مع هجرهم لا ييئس ، يدعوهم ينصحهم إما بالمشافهة أو بالمراسلة ، فلعلهم مع كثرة النصح يهتدون إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم.

السائل : اللهم آمين بارك الله فيكم فضيلة الشيخ.

Webiste