نصيحة من فضيلة الشيخ في بيان ما يجب علينا فعله إزاء ما نسمع مما ينقل من الأخبار.؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الأول في شهر جمادى الأولى، من عام أربعة عشر وأربعمائة وألف ه، والذي يتم كل خميس من كل أسبوع .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثيب الجميع على ما يقدمونه من بحث عن العلم والتعلم، ونبشركم جميعًا بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من سلك طريقًا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقًا إلى الجنة ، فنسأل الله أن ييسر لنا ولكم ذلك بمنه وكرمه.
في هذا اليوم نتكلم بشيء يسير، ثم نعتذر إليكم لأن لدينا شغلًا خارج البلد، فنقول: إن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ : والأفَّاك هو ذو الإفك، والإفك هو الكذب، ويروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع : يعني: معنى ذلك أن الإنسان الذي يحدث بكل ما سمع فإنه سيثقل كاهله بالكذب، لأنه ليس كل ما قيل وكل ما ينقل يكون صدقاً، بل كثير من الأخبار ولاسيما مع الانفعالات والعواطف يكون كذباً ويزاد فيه وينقص، لهذا يجب على الإنسان إذا سمع عن شخص شيئاً أن يتأكد أولاً من صحة النقل، فقد يكون النقل خطأ وهذا يقع كثيرًا، كثيرًا ما نسمع مما ينسب إلى المشايخ أو إلى الأمراء أو إلى غيرهم من الناس، ونسمع الكثير ثم إذا تحققنا عنه وجدنا أنه كذب، وأنه لا أصل له، وربما يكون له أصل لكن يزاد فيه، وهذه محنة عظيمة فيجب أولاً: أن نتحقق من صحة النقل.
فإذا صح النقل وأن فلانا قال كذا من أمير أو عالم أو وزير أو رجل عادي، أنه قال كذا، فإننا نتأمل قبل أن نتحدث معه، نتأمل هل لكلامه وجهة نظر؟
هل هو اجتهاد يخطئ فيه ويصيب، وقد نكون نحن مخطئين وهو المصيب؟ نتأمل قبل أن نتجاسر على الكلام معه بإنكار ما نسب إليه أو ما أشبه ذلك.
وكثيرًا ما ينقل الشيء ويكون النقل صحيحًا ونعلم أن هذا الرجل قاله أو فعله ثم إذا تأملنا وجدنا أن له مبررًا وأن له مسوغًا، وإذا كان له مبرر أو مسوغ وإن كان يجهله كثير من الناس فإنه ليس أهلا للملامة أو أهلا للإنكار، لأنه قاله عن اجتهاد.
وليس الواحد منا ينزل عليه الوحي بحيث يكون ما قاله حقًّا أو ما فعله حقًّا فإن الوحي انقطع بوفاة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
فإذا تأملنا ما صح به النقل عنه ووجدنا أن لقوله أو لفعله مساغًا ومبررًا فإننا نقتصر، لا نتكلم معه.
فإذا تبين لنا أنه لا مساغ لقوله ولا مبرر له، أو لا مساغ لفعله ولا مبرر له حينئذ نتكلم.
ولكن كيف الكلام ؟
هل الكلام أن نشهِّر بهذا الرجل عند الناس ونقول : هذا فلان فيه أو ما فيه؟!
لا، الواجب النصيحة بالحكمة، بأن نذهب إليه ونقول: فعلت كذا أو قلت كذا وهذا ليس بصحيح، لأنه يخالف قول الله عز وجل كذا وكذا، أو قول الرسول صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، أو إجماع العلماء على كذا وكذا، فكيف تفعل هذا.
ولا يجوز إطلاقا أن نشهِّر به لاسيما إن كان من العلماء أو كان من الأمراء يعني أو الوزراء، أو السلطان الأكبر في البلد فإنه لا يجوز أن يشهَّر به، لأنك إذا شهَّرت بخطأ عالم من العلماء فأنت في الحقيقة أسأت إليه شخصيًا كما تسيء إلى سائر الناس، ولكنك أضفت إلى هذه الإساءة إساءة إلى العلم الذي يحمله والشريعة التي يتكلم بها، فإن العلماء إذا سقطوا من أعين الناس لم يبق لقولهم ميزان، ولم يثق الناس بقولهم، وحينئذ يذهب جزء من الشريعة على يد هذا العالم الذي أخطأ مرة واحدة ولا أحد معصوم من الخطأ، فيضيع بالتشهير به مصالح كثيرة، وهذا جناية عظيمة ليس على الشخص نفسه بل على الشخص وعلى ما يحمله من شريعة الله عز وجل كما هو معلوم.
وإذا كان هذا مع الأمير وشهَّرت به فأنت أسأت إليه شخصياً كما تسيء إلى سائر الناس إلى عامة الناس، وأسأت إلى الأمن مرة أخرى وذلك لأن حفَّاظ الأمن هم الأمراء ومن جعل لهم سلطة العقوبة والتنفيذ فإذا شهَّرت بهم قلت هيبتهم في نفوس الناس، وصاروا كعامة الناس لا أحد يهتم بهم لا بأوامرهم ولا بنواهيهم، وحينئذ يختل الأمن، ويحصل التمرد.
فكان الآن التشهير بالعلماء يستلزم التمرد على الشريعة التي يحملها هذا العالم ويتكلم بها هذا العالم.
والتشهير بالأمراء يستلزم التمرد عليهم وانقضاض البنية التي يبنى عليها المجتمع من الأمن ، وانفلات الأمر ، وهذه جناية عظيمة كبيرة .
ولهذا قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فمن هم أولو الأمر ؟
أولو الأمر طائفتان من الناس : العلماء هم أولو الأمر في شريعة الله وتبيينها للخلق .
والأمراء هم أولو الأمر في تنفيذ الشريعة وحفظ الأمن ، أوجب الله طاعة هؤلاء لأجل حفظ الشريعة وحفظ الأمن وانتظام الناس ، لأن الناس لو تمردوا عليهم وجعلوا أمر الأمير أو أمر العالم كأمر زيد وعبيد لم يكن لأمرهم سلطة على القلوب ولا على النفوس، وصاروا كعامة الناس إن قالوا فالإنسان بالخيار إن شاء قبل ما قالوا وإن شاء ردَّه وإن أمروا فالإنسان بالخيار إن شاء أطاع وإن شاء عصى، وإن نهوا فله الخيار إن شاء انتهى وإن شاء فعل، وهذه من كبرى المسائل، ولهذا قال : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ما قال : وليطع بعضكم بعضًا، قال : وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فخص ولاة الأمور نعم إذا أمروا بمعصية الله مثلا قالوا للناس : لا تصلوا مع الجماعة أو قالوا للناس : اشربوا الخمر افعلوا كذا من الأشياء المحرمة أو من الأشياء الواجبة وقالوا : اتركوها فهؤلاء لا يطاعون ولا سمع لهم ولا طاعة ، فإذا أمرونا بالمعصية قلنا : لا ، لكن لو فعلوا المعصية هل لهم أمر علينا ؟
الجواب : نعم ، لهم أمر علينا وإن فعلوا المعصية ، لو كانوا يعصون فلهم أمر علينا ولهم طاعة علينا ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بطاعة ولاة الأمور حتى وإن رأينا منهم ما نكره ، وأمر بطاعة ولاة الأمور حتى وإن ضربوا الظهر وأخذوا المال.
وكونهم يعصون الله معصيتهم عليهم ليس علينا منها شيء.
لكن إذا أمرونا مباشرة قال : افعل هذه المعصية أو اترك هذا الواجب قلنا: لا سمع ولا طاعة.
وما يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بأمر فقال بلال رضي الله عنه : " لا سمع ولا طاعة لأن عليك ثوبا جديدا أو ثوبين " ، فإن هذا لا أظنه يصح لأن عمر له من الهيبة ما لا يمكن لبلال أن يتكلم بمثل هذا أمام الناس، ثم إن بلالا رضي الله عنه له أو عنده من احترام عمر ما لا يمكن أن يتكلم بمثل هذا أمام الناس، ثم لو فرضت صحته مثل الشمس فلعلَّ بلالا قال ذلك لأن من الناس من انتقد عمر بهذا الفعل فأراد بلال أن يبين عمر رضي الله عنه السبب الذي جعله يكون عليه ثوبا جديدا أو ثوبين حتى يزول الإشكال الذي وقع في قلوب بعض الناس.
أما أن يعلن إنكاره أمام الملأ وعمر من؟ من هو عمر ومن بلال ؟ فهذا بعيد جدا ، ولكن إن صح فوجهه ما قلت: أنه لعله سمع من يتكلم بهذا الكلام فأراد أن يبرأ ساحته مما يتكلم الناس به.
على كل حال يجب علينا إزاء ما نسمع من الأخبار يجب علينا أمور ثلاثة مرتبة :
الأمر الأول ما هو يا إخوان، ما هوالأمر الأول ؟
الأمر الأول : التثبت .
والأمر الثاني : التأمل .
الأمر الأول : التثبت. ثم التأمل، هل لما صح عن هذا وجه ومبرر؟!
الأمر الثالث : المواجهة والنصيحة دون التشهير والإعلان ، ولاسيما إذا كان الإنسان من ولاة الأمور من عالم أو أمير أو نحو ذلك ، وبهذا نسلك سبيل السلف الصالح رضي الله عنهم ، ويحصل الخير الكثير ، وهذا لا يفوت شيئا ، يعني بدلا من أنك تنكر اليوم أنكر غدا أو بعد غد ، نحن لا نقول : لا تتحرك تحرك لكن بهدوء وخطوات ثابتة متزنة مبنية على المنقول والمعقول، وبهذا تتم الأمور وتصلح الأحوال.
نسأل الله تعالى أن يجمع قلوبنا على طاعته وتقواه، وأن يوحد كلمتنا في الحق إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، إن شاء الله، تقبل منا ومنكم .
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الأول في شهر جمادى الأولى، من عام أربعة عشر وأربعمائة وألف ه، والذي يتم كل خميس من كل أسبوع .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثيب الجميع على ما يقدمونه من بحث عن العلم والتعلم، ونبشركم جميعًا بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من سلك طريقًا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقًا إلى الجنة ، فنسأل الله أن ييسر لنا ولكم ذلك بمنه وكرمه.
في هذا اليوم نتكلم بشيء يسير، ثم نعتذر إليكم لأن لدينا شغلًا خارج البلد، فنقول: إن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ : والأفَّاك هو ذو الإفك، والإفك هو الكذب، ويروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع : يعني: معنى ذلك أن الإنسان الذي يحدث بكل ما سمع فإنه سيثقل كاهله بالكذب، لأنه ليس كل ما قيل وكل ما ينقل يكون صدقاً، بل كثير من الأخبار ولاسيما مع الانفعالات والعواطف يكون كذباً ويزاد فيه وينقص، لهذا يجب على الإنسان إذا سمع عن شخص شيئاً أن يتأكد أولاً من صحة النقل، فقد يكون النقل خطأ وهذا يقع كثيرًا، كثيرًا ما نسمع مما ينسب إلى المشايخ أو إلى الأمراء أو إلى غيرهم من الناس، ونسمع الكثير ثم إذا تحققنا عنه وجدنا أنه كذب، وأنه لا أصل له، وربما يكون له أصل لكن يزاد فيه، وهذه محنة عظيمة فيجب أولاً: أن نتحقق من صحة النقل.
فإذا صح النقل وأن فلانا قال كذا من أمير أو عالم أو وزير أو رجل عادي، أنه قال كذا، فإننا نتأمل قبل أن نتحدث معه، نتأمل هل لكلامه وجهة نظر؟
هل هو اجتهاد يخطئ فيه ويصيب، وقد نكون نحن مخطئين وهو المصيب؟ نتأمل قبل أن نتجاسر على الكلام معه بإنكار ما نسب إليه أو ما أشبه ذلك.
وكثيرًا ما ينقل الشيء ويكون النقل صحيحًا ونعلم أن هذا الرجل قاله أو فعله ثم إذا تأملنا وجدنا أن له مبررًا وأن له مسوغًا، وإذا كان له مبرر أو مسوغ وإن كان يجهله كثير من الناس فإنه ليس أهلا للملامة أو أهلا للإنكار، لأنه قاله عن اجتهاد.
وليس الواحد منا ينزل عليه الوحي بحيث يكون ما قاله حقًّا أو ما فعله حقًّا فإن الوحي انقطع بوفاة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
فإذا تأملنا ما صح به النقل عنه ووجدنا أن لقوله أو لفعله مساغًا ومبررًا فإننا نقتصر، لا نتكلم معه.
فإذا تبين لنا أنه لا مساغ لقوله ولا مبرر له، أو لا مساغ لفعله ولا مبرر له حينئذ نتكلم.
ولكن كيف الكلام ؟
هل الكلام أن نشهِّر بهذا الرجل عند الناس ونقول : هذا فلان فيه أو ما فيه؟!
لا، الواجب النصيحة بالحكمة، بأن نذهب إليه ونقول: فعلت كذا أو قلت كذا وهذا ليس بصحيح، لأنه يخالف قول الله عز وجل كذا وكذا، أو قول الرسول صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، أو إجماع العلماء على كذا وكذا، فكيف تفعل هذا.
ولا يجوز إطلاقا أن نشهِّر به لاسيما إن كان من العلماء أو كان من الأمراء يعني أو الوزراء، أو السلطان الأكبر في البلد فإنه لا يجوز أن يشهَّر به، لأنك إذا شهَّرت بخطأ عالم من العلماء فأنت في الحقيقة أسأت إليه شخصيًا كما تسيء إلى سائر الناس، ولكنك أضفت إلى هذه الإساءة إساءة إلى العلم الذي يحمله والشريعة التي يتكلم بها، فإن العلماء إذا سقطوا من أعين الناس لم يبق لقولهم ميزان، ولم يثق الناس بقولهم، وحينئذ يذهب جزء من الشريعة على يد هذا العالم الذي أخطأ مرة واحدة ولا أحد معصوم من الخطأ، فيضيع بالتشهير به مصالح كثيرة، وهذا جناية عظيمة ليس على الشخص نفسه بل على الشخص وعلى ما يحمله من شريعة الله عز وجل كما هو معلوم.
وإذا كان هذا مع الأمير وشهَّرت به فأنت أسأت إليه شخصياً كما تسيء إلى سائر الناس إلى عامة الناس، وأسأت إلى الأمن مرة أخرى وذلك لأن حفَّاظ الأمن هم الأمراء ومن جعل لهم سلطة العقوبة والتنفيذ فإذا شهَّرت بهم قلت هيبتهم في نفوس الناس، وصاروا كعامة الناس لا أحد يهتم بهم لا بأوامرهم ولا بنواهيهم، وحينئذ يختل الأمن، ويحصل التمرد.
فكان الآن التشهير بالعلماء يستلزم التمرد على الشريعة التي يحملها هذا العالم ويتكلم بها هذا العالم.
والتشهير بالأمراء يستلزم التمرد عليهم وانقضاض البنية التي يبنى عليها المجتمع من الأمن ، وانفلات الأمر ، وهذه جناية عظيمة كبيرة .
ولهذا قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فمن هم أولو الأمر ؟
أولو الأمر طائفتان من الناس : العلماء هم أولو الأمر في شريعة الله وتبيينها للخلق .
والأمراء هم أولو الأمر في تنفيذ الشريعة وحفظ الأمن ، أوجب الله طاعة هؤلاء لأجل حفظ الشريعة وحفظ الأمن وانتظام الناس ، لأن الناس لو تمردوا عليهم وجعلوا أمر الأمير أو أمر العالم كأمر زيد وعبيد لم يكن لأمرهم سلطة على القلوب ولا على النفوس، وصاروا كعامة الناس إن قالوا فالإنسان بالخيار إن شاء قبل ما قالوا وإن شاء ردَّه وإن أمروا فالإنسان بالخيار إن شاء أطاع وإن شاء عصى، وإن نهوا فله الخيار إن شاء انتهى وإن شاء فعل، وهذه من كبرى المسائل، ولهذا قال : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ما قال : وليطع بعضكم بعضًا، قال : وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فخص ولاة الأمور نعم إذا أمروا بمعصية الله مثلا قالوا للناس : لا تصلوا مع الجماعة أو قالوا للناس : اشربوا الخمر افعلوا كذا من الأشياء المحرمة أو من الأشياء الواجبة وقالوا : اتركوها فهؤلاء لا يطاعون ولا سمع لهم ولا طاعة ، فإذا أمرونا بالمعصية قلنا : لا ، لكن لو فعلوا المعصية هل لهم أمر علينا ؟
الجواب : نعم ، لهم أمر علينا وإن فعلوا المعصية ، لو كانوا يعصون فلهم أمر علينا ولهم طاعة علينا ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بطاعة ولاة الأمور حتى وإن رأينا منهم ما نكره ، وأمر بطاعة ولاة الأمور حتى وإن ضربوا الظهر وأخذوا المال.
وكونهم يعصون الله معصيتهم عليهم ليس علينا منها شيء.
لكن إذا أمرونا مباشرة قال : افعل هذه المعصية أو اترك هذا الواجب قلنا: لا سمع ولا طاعة.
وما يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بأمر فقال بلال رضي الله عنه : " لا سمع ولا طاعة لأن عليك ثوبا جديدا أو ثوبين " ، فإن هذا لا أظنه يصح لأن عمر له من الهيبة ما لا يمكن لبلال أن يتكلم بمثل هذا أمام الناس، ثم إن بلالا رضي الله عنه له أو عنده من احترام عمر ما لا يمكن أن يتكلم بمثل هذا أمام الناس، ثم لو فرضت صحته مثل الشمس فلعلَّ بلالا قال ذلك لأن من الناس من انتقد عمر بهذا الفعل فأراد بلال أن يبين عمر رضي الله عنه السبب الذي جعله يكون عليه ثوبا جديدا أو ثوبين حتى يزول الإشكال الذي وقع في قلوب بعض الناس.
أما أن يعلن إنكاره أمام الملأ وعمر من؟ من هو عمر ومن بلال ؟ فهذا بعيد جدا ، ولكن إن صح فوجهه ما قلت: أنه لعله سمع من يتكلم بهذا الكلام فأراد أن يبرأ ساحته مما يتكلم الناس به.
على كل حال يجب علينا إزاء ما نسمع من الأخبار يجب علينا أمور ثلاثة مرتبة :
الأمر الأول ما هو يا إخوان، ما هوالأمر الأول ؟
الأمر الأول : التثبت .
والأمر الثاني : التأمل .
الأمر الأول : التثبت. ثم التأمل، هل لما صح عن هذا وجه ومبرر؟!
الأمر الثالث : المواجهة والنصيحة دون التشهير والإعلان ، ولاسيما إذا كان الإنسان من ولاة الأمور من عالم أو أمير أو نحو ذلك ، وبهذا نسلك سبيل السلف الصالح رضي الله عنهم ، ويحصل الخير الكثير ، وهذا لا يفوت شيئا ، يعني بدلا من أنك تنكر اليوم أنكر غدا أو بعد غد ، نحن لا نقول : لا تتحرك تحرك لكن بهدوء وخطوات ثابتة متزنة مبنية على المنقول والمعقول، وبهذا تتم الأمور وتصلح الأحوال.
نسأل الله تعالى أن يجمع قلوبنا على طاعته وتقواه، وأن يوحد كلمتنا في الحق إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، إن شاء الله، تقبل منا ومنكم .
الفتاوى المشابهة
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمين
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- وجوب التثبت عند سماع الإشاعات - ابن عثيمين
- النهي عن التشهير وبيان خطره - ابن عثيمين
- ما هو الموقف الصحيح للمسلم عند اختلاف العلما... - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمين
- أهمية التثبت في الأخبار - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمين
- واجبنا تجاه الأخبار المشاعة - ابن عثيمين
- نصيحة من فضيلة الشيخ في بيان ما يجب علينا فع... - ابن عثيمين