تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمينالشيخ : سبق الكلام على أول هذا الحديث، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:  لله  يعني الدين النصيحة لله ثم قال:  ولكتابه  يعني أيضًا من الدين النصيحة لكتا...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ... ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : سبق الكلام على أول هذا الحديث، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: لله يعني الدين النصيحة لله ثم قال: ولكتابه يعني أيضًا من الدين النصيحة لكتاب الله عز وجل، وهذا يشمل كتاب الله الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم والذي أنزل من قبل، والنصيحة لهذه الكتب تصديق أخبارها أي أن ما أخبرت به يجب أن يصدق، أما بالنسبة للقرآن فظاهر، لأن القرآن ولله الحمد نقل بالتواتر من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وإلى أن يرفعه الله عز وجل في آخر الزمان، يقرؤه الصغير عن الكبير، وأما الكتب السابقة فإنها قد حُرِّفت وغُيِّرت وبُدِّلت لكن ما صح منها فإنه يجب تصديق خبره واعتقاد صحة حكمه، ولكننا لسنا متعبدين بأحكام الكتب السابقة إلا بدليل من شرعنا، ومن النصيحة لكتاب الله أن يُدافع الإنسان عنه، يدافع من حرفه تحريفًا لفظيًّا أو تحريفًا معنويًّا، أو من زعم أن فيه نقصًا أو أن فيه زيادة، فالرافضة مثلًا يدَّعون أن القرآن فيه نقص وأن القرآن الذي نزل على محمد أكثر من هذا الموجود بين يد المسلمين فخالفوا بذلك إجماع المسلمين، والقرآن لله الحمد لم ينقص منه شيئًا، من زعم أنه قد نقص منه شيء فقد كذب قول الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ فالله عز وجل تكفل بحفظه، ومن ادعى أنه قد نقص حرفًا واحدًا اختزل منه فقد كذّب الله عز وجل فعليه أن يتوب ويرجع إلى الله من هذه الردة، ومن النصيحة لكتاب الله: أن ينشر الإنسان معناه بين المسلمين المعنى الصحيح الموافق لظاهره بحيث لا يكون فيه تحريف ولا تغيير، فإذا جلس مجلسًا فإن من الخير والنصيحة لكتاب الله أن يأتي بآية من كتاب الله عز وجل يبينها للناس ويوضح معناها، ولاسيما الآيات التي تكثر قراءتها بين المسلمين مثل الفاتحة، فإن الفاتحة كما نعلم جميعًا ركن من أركان الصلاة في كل ركعة للإمام والمأموم والمنفرد، فيحتاج الناس إلى معرفتها فإذا فسرها بين يدي الناس وبيّنها لهم فإن هذا من النصيحة لكتاب الله عز وجل، ومن النصيحة لكتاب الله: أن تؤمن بأن الله تعالى تكلم بهذا القرآن حقيقة وأنه كلامه عز وجل، الحرف والمعنى ليس الكلام الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف، بل إنه كلام الله لفظًا ومعنى تكلم به وتلقاه منه جبريل ثم نزل به إلى محمد عليه الصلاة والسلام، وقد قال الله تعالى: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وتأمل كيف قال: عَلَى قَلْبِكَ مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام يسمعه بأذنه لكن الأذن إذا لم يصل مسموعها إلى القلب فإنه لا يستقر في النفس فلا يستقر في النفس إلا ما وصل إلى القلب عن طريق الأذن أو عن طريق الرؤيا بالعين أو المس باليد أو الشم بالأنف أو الذوق بالفم، فالمهم القرار وهو القلب، ولهذا قال: عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ وعلى هذا فليس من النصيحة أن يقول القائل: إن هذا القرآن عبارة عن كلام الله وليس كلام الله أو أن يقول: إنه خلق من مخلوقات الله أو ما أشبه ذلك، بل من النصيحة أن تؤمن بأنه كلام الله حقًّا اللفظ والمعنى، ومن النصيحة لكتاب الله عز وجل أن أن يقوم الإنسان باحترامه، باحترام هذا القرآن العظيم، فمن ذلك أن لا يمس القرآن إلا وهو طاهر من الحدثين الأصغر والأكبر، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: لا يمس القرآن إلا طاهر أو من وراء حائل، لأن من مسه من وراء حائل فإنه لم يمسه في الواقع، وينبغي لا على سبيل الوجوب ألا يقرأ القرآن ولو عن ظهر قلب إلا متطهرًا، لأن هذا من احترام القرآن، ومن النصيحة لكتاب الله عز وجل ألا تضعه في موضع يمتهن فيه، يكون وضعه امتهانًا كمحل القاذورات وما أشبه ذلك، ولهذا يجب الحذر مما يصنعه بعض الصبيان إذا انتهوا من الدروس في مدارسهم ألقوا مقرراتهم التي من بينها المصحف أو الأجزاء من المصحف ألقوها في الطرقات أو في الزبالة أو ما أشبه ذلك والعياذ بالله، وأما وضع المصحف على الأرض الطاهرة الطيبة فإن هذا لا بأس به لا حرج، لأن هذا ليس فيه امتهان للقرآن ولا إهانة له، وهو يقع كثيرًا من الناس إذا كان يصلي ويقرأ بالمصحف وأراد السجود يضعه بين يديه، هذا لا يعد امتهانًا ولا إهانة للمصحف فلا بأس به، والله أعلم.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم ".

Webiste