ما حكم شراء الشركات للغير بيتا أو سيارة ثم تقسط المبلغ لعدة سنوات مع زيادة السعر.؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : عفا الله عنكم يا شيخ، الآن يوجد بعض الشركات تقول لأي شخص: من أراد بيتاً أو سيارةً في أي مكان يأتي ويخبرنا بهذه السيارة أو بهذا البيت فنشتريه له، ثم نقسط عليه ثمن هذا البيت أقساطاً، وفي نفس الوقت لا يلزمونه بأخذ ما أراد شراءه إن هم شروه، فهو بالخيار، إن أراد أن يشتري أو أراد أن يرجع في كلامه، فما حكم هذا البيع؟ جزاكم الله خيرا؟
الشيخ : هذه المعاملة فشت في الناس كثيراً، وهي في الحقيقة من الناحية الشرعية غير جائزة، ومن الناحية الاقتصادية ضارّة:
أمّا من النّاحية الشّرعيّة فمن المعلوم أنك لو أتيتَ إليّ وقلت أريد أن أشتري السيارة الفلانية بخمسين ألف ريال، فأعطني خمسين ألف ريال، وأعطيك بعد سنة ستين ألف ريال، فهل هذه المسألة جائزة، أو غير جائزة؟
الطالب : غير جائزة.
الشيخ : غير جائزة ولا إشكال في ذلك.
شراء التّاجر أو الشّركة لهذه السيارة ليس إلاّ من أجل الوصول إلى هذه العشرة التي كانت في الأول غير جائزة والآن صارت بهذه الحيلة جائزة فلا يمكن هذا، المحرم محرم، ولا يزيد بالتحيّل عليه إلاّ قبحًا، فهذه بمنزلة أن أقول خذ خمسين ألف ريال واشترِ السيارة التي تريد، وبعد سنة أعطني ستين ألف ريال، لا فرق تماماً، إلاّ أنّ هذه الصّورة التي ذكرت أن يشتروها من المعرض ثم يبيعها عليك هي حيلة فقط، لولاك ما اشتراها، ولا فكَّر في شرائها، ولو يعلم أنّك ستتأخّر عن الشّراء إذا اشتراها ما اشتراها لك قطعاً، لو يعلم ما أعطاك إيّاها، ولهذا تجده يحتاط لنفسه، فيذهب ليستطلع البيت وينظر هل يساوي هذا البيتُ الثمنَ أم لا يساويه، والسيارة كذلك، فهو يحتاط احتياطاً تاماً، ثمّ إذا قُدّر أنه اشتراه وتراجعت أنت عنه كتبك في القائمة السّوداء، فلا يعاملك بعد هذا أبداً، ثم إن كلمة: إذا شاء ردّه وقبلنا، هذه كلمة كذرّ الرماد في العيون كما يقولون، لأنّك لا تفكّر أنّ هذا الرّجل الذي أراد هذه السّيّارة أو أراد هذا البيت أو هذه الأرض، واستعد للزيادة، لا تظن أنه يتراجع، فالرجل له غرض في هذا، ولا بد أن يشتري، ولو أنك أَحصيت من تراجع، ما وجدتَ واحداً في الألف، لذلك نرى أنّ هذه المعاملة حرام، وأنّها حيلة على الرّبا بِشراءٍ صوريّ ليس بمقصود.
وإذا كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يحرّم التورُّق، وغيره من العلماء، ورواية عن الإمام أحمد، والتورّق العين موجودة عند البائع، فهذا أخبث وأشد.
وإذا كان بنو إسرائيل لما حُرِّمت عليهم الشحوم قالوا: لا نأكل الشحم لكن نذيب الشحم، ونبيعه ونأكل ثمنه، أيهما أقرب للمحرم: هذه الحيلة، أو الحيلة التي ذكرت؟
الحيلة التي ذكرت أقرب، لأنها تصل إلى المحرم في أول درجة، هذه لا تصل إلى المحرّم إلا بعد ثلاث درجات، ومع ذلك قال الرّسول عليه الصلاة والسلام: قاتل الله اليهود، لَمَّا حُرِّمت عليهم الشحوم جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه ، فهذه والله حيلة على المحرم، وليس عندي إشكال في تحريمها، والإنسان الناصح لنفسه يبتعد عنها، وإن أفتاه الناس وأفتَوه، والعبرة بالمقاصد لا بالصّور، والتّاجر ما قصد من الربح إلا الربا، ولا قصد بشراء السيارة إلا الربا، نعم لو كانت السيارة عنده موجودة، وباعها عليك بأكثر من ثمنها حاضرًا، وأنت تريد السيارة نفسها، أو تريد أن تتكسّب بها، فتشتريها من هذه البلاد وتبيعها في البلاد الأخرى للتتكسب بها، فهذا ليس فيه إشكال، وجائز، فإن اشتريتها من عنده وهي عندَه، وتريد أن تبيعها وتأخذ ثمنها فهذه هي مسألة التورُّق، وفيها خلاف بين العلماء، وشيخ الإسلام ابن تيمية يرى أنها حرام، وهي رواية عن الإمام أحمد.
ولو قال قائل: إنّ الربا الصريح أهون من المعاملة التي ذكرت، لم يكن قوله بعيداً عن الصواب، لأنّ هذه جمعت بين الحيلة والتّحايل على الله عز وجل وبين الربا، فمفسدة الربا موجودة، وهي الزيادة التي أخذها هذا التاجر، فنسأل الله الهداية.
الحقيقة أن الإنسان إذا رأى هذه المعاملات، ورأى معاملة البنوك، ورأى معاملة الميسر التي بدأت الآن تكثر كالتأمين وما أشبه ذلك، يخشى والله من العقوبة، فإذا كان بنو إسرائيل يعذَّبون بأقل من هذا، فإننا نخشى، لمـَّا حُرِّم عليهم صيد الحيتان يوم السبت ابتلاهم الله عز وجل، فصارت الحيتان تأتي يوم السبت شُرَّعاً على الماء، وغير يوم السبت لا يرون الحيتان، فتحيّلوا فنصبوا شبكًا يوم الجمعة، وأخذوا الحيتان يوم الأحد، وقالوا لم نصد يوم السبت، الصورة صحيح أنّهم ما صادوا، لكن في الحقيقة أنهم صادوا، فالعبرة يا إخواني بحقائق الأمور لا بصورها، فنحن نخشى من عقوبة تحلّ بنا بواسطة هذه الأمور، فلو كنّا نبيع ونشتري على حسب الشّرع، ومبتعدين عن الحِيَل، وخِداع رب العالمين لكان هذا أنفع لنا وأبرك لنا.
وأمّا من الناحية الاقتصاديّة، -يعني تبيّن لنا من النّاحية الشّرعيّة أنّها لا تجوز-، من النّاحية الاقتصاديّة فإنها الآن فتحت للفقراء باب التكالب على الدّيون لهذا السّبب، فصار يهون عليهم أن يشتري أحدهم السيارة بسبعين ألفاً، نعم لأنه سيذهب إلى التاجر ويأخذها بكل سهولة، لكن لو لم تكن هذه الطريقة لذهب ليشتري بعشرين ألف، بستة عشر ألف على قدر حاجته، وعلى قدر ما عنده، فهذه المعاملة أثقلت كواهل كثير من الناس، وجرَّأتهم على التَدَاين من النّاس، وإذا مات وُجِد عليه مئات الألوف، وكلّها بهذا السبب، لهذا فنحن نحذّر منها اقتصاديّاً وشرعيّاً ونقول: ومَن يستغنِ يُغْنِهِ الله ، ومَن تَرَكَ شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه .
السائل : ولكن الناس لا يدرون شيئاً عن هذا؟
الشيخ : والله يا أخي نحن لنا فتوى في هذا، كتبنا فيه فتوى.
السائل : المشكلة أن بعض هذه الشركات تدَّعي أن عندها لجنة شرعية، وأن هذه اللجنة الشرعية أفتت بجواز هذا يا شيخ.
الشيخ : على كلّ حال الذي يلزمنا نحن البيان، وقد بيَّنا الآن، فمن سمع هذا الكلام فإن اقتنع به ورأى أنّ الحيلة لا تجعل الحرام حلالا فليحمد الله على الهداية ويترك هذا، ومن لم يقتنع فلكلٍّ درجاتٌ مما عملوا.
الشيخ : هذه المعاملة فشت في الناس كثيراً، وهي في الحقيقة من الناحية الشرعية غير جائزة، ومن الناحية الاقتصادية ضارّة:
أمّا من النّاحية الشّرعيّة فمن المعلوم أنك لو أتيتَ إليّ وقلت أريد أن أشتري السيارة الفلانية بخمسين ألف ريال، فأعطني خمسين ألف ريال، وأعطيك بعد سنة ستين ألف ريال، فهل هذه المسألة جائزة، أو غير جائزة؟
الطالب : غير جائزة.
الشيخ : غير جائزة ولا إشكال في ذلك.
شراء التّاجر أو الشّركة لهذه السيارة ليس إلاّ من أجل الوصول إلى هذه العشرة التي كانت في الأول غير جائزة والآن صارت بهذه الحيلة جائزة فلا يمكن هذا، المحرم محرم، ولا يزيد بالتحيّل عليه إلاّ قبحًا، فهذه بمنزلة أن أقول خذ خمسين ألف ريال واشترِ السيارة التي تريد، وبعد سنة أعطني ستين ألف ريال، لا فرق تماماً، إلاّ أنّ هذه الصّورة التي ذكرت أن يشتروها من المعرض ثم يبيعها عليك هي حيلة فقط، لولاك ما اشتراها، ولا فكَّر في شرائها، ولو يعلم أنّك ستتأخّر عن الشّراء إذا اشتراها ما اشتراها لك قطعاً، لو يعلم ما أعطاك إيّاها، ولهذا تجده يحتاط لنفسه، فيذهب ليستطلع البيت وينظر هل يساوي هذا البيتُ الثمنَ أم لا يساويه، والسيارة كذلك، فهو يحتاط احتياطاً تاماً، ثمّ إذا قُدّر أنه اشتراه وتراجعت أنت عنه كتبك في القائمة السّوداء، فلا يعاملك بعد هذا أبداً، ثم إن كلمة: إذا شاء ردّه وقبلنا، هذه كلمة كذرّ الرماد في العيون كما يقولون، لأنّك لا تفكّر أنّ هذا الرّجل الذي أراد هذه السّيّارة أو أراد هذا البيت أو هذه الأرض، واستعد للزيادة، لا تظن أنه يتراجع، فالرجل له غرض في هذا، ولا بد أن يشتري، ولو أنك أَحصيت من تراجع، ما وجدتَ واحداً في الألف، لذلك نرى أنّ هذه المعاملة حرام، وأنّها حيلة على الرّبا بِشراءٍ صوريّ ليس بمقصود.
وإذا كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يحرّم التورُّق، وغيره من العلماء، ورواية عن الإمام أحمد، والتورّق العين موجودة عند البائع، فهذا أخبث وأشد.
وإذا كان بنو إسرائيل لما حُرِّمت عليهم الشحوم قالوا: لا نأكل الشحم لكن نذيب الشحم، ونبيعه ونأكل ثمنه، أيهما أقرب للمحرم: هذه الحيلة، أو الحيلة التي ذكرت؟
الحيلة التي ذكرت أقرب، لأنها تصل إلى المحرم في أول درجة، هذه لا تصل إلى المحرّم إلا بعد ثلاث درجات، ومع ذلك قال الرّسول عليه الصلاة والسلام: قاتل الله اليهود، لَمَّا حُرِّمت عليهم الشحوم جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه ، فهذه والله حيلة على المحرم، وليس عندي إشكال في تحريمها، والإنسان الناصح لنفسه يبتعد عنها، وإن أفتاه الناس وأفتَوه، والعبرة بالمقاصد لا بالصّور، والتّاجر ما قصد من الربح إلا الربا، ولا قصد بشراء السيارة إلا الربا، نعم لو كانت السيارة عنده موجودة، وباعها عليك بأكثر من ثمنها حاضرًا، وأنت تريد السيارة نفسها، أو تريد أن تتكسّب بها، فتشتريها من هذه البلاد وتبيعها في البلاد الأخرى للتتكسب بها، فهذا ليس فيه إشكال، وجائز، فإن اشتريتها من عنده وهي عندَه، وتريد أن تبيعها وتأخذ ثمنها فهذه هي مسألة التورُّق، وفيها خلاف بين العلماء، وشيخ الإسلام ابن تيمية يرى أنها حرام، وهي رواية عن الإمام أحمد.
ولو قال قائل: إنّ الربا الصريح أهون من المعاملة التي ذكرت، لم يكن قوله بعيداً عن الصواب، لأنّ هذه جمعت بين الحيلة والتّحايل على الله عز وجل وبين الربا، فمفسدة الربا موجودة، وهي الزيادة التي أخذها هذا التاجر، فنسأل الله الهداية.
الحقيقة أن الإنسان إذا رأى هذه المعاملات، ورأى معاملة البنوك، ورأى معاملة الميسر التي بدأت الآن تكثر كالتأمين وما أشبه ذلك، يخشى والله من العقوبة، فإذا كان بنو إسرائيل يعذَّبون بأقل من هذا، فإننا نخشى، لمـَّا حُرِّم عليهم صيد الحيتان يوم السبت ابتلاهم الله عز وجل، فصارت الحيتان تأتي يوم السبت شُرَّعاً على الماء، وغير يوم السبت لا يرون الحيتان، فتحيّلوا فنصبوا شبكًا يوم الجمعة، وأخذوا الحيتان يوم الأحد، وقالوا لم نصد يوم السبت، الصورة صحيح أنّهم ما صادوا، لكن في الحقيقة أنهم صادوا، فالعبرة يا إخواني بحقائق الأمور لا بصورها، فنحن نخشى من عقوبة تحلّ بنا بواسطة هذه الأمور، فلو كنّا نبيع ونشتري على حسب الشّرع، ومبتعدين عن الحِيَل، وخِداع رب العالمين لكان هذا أنفع لنا وأبرك لنا.
وأمّا من الناحية الاقتصاديّة، -يعني تبيّن لنا من النّاحية الشّرعيّة أنّها لا تجوز-، من النّاحية الاقتصاديّة فإنها الآن فتحت للفقراء باب التكالب على الدّيون لهذا السّبب، فصار يهون عليهم أن يشتري أحدهم السيارة بسبعين ألفاً، نعم لأنه سيذهب إلى التاجر ويأخذها بكل سهولة، لكن لو لم تكن هذه الطريقة لذهب ليشتري بعشرين ألف، بستة عشر ألف على قدر حاجته، وعلى قدر ما عنده، فهذه المعاملة أثقلت كواهل كثير من الناس، وجرَّأتهم على التَدَاين من النّاس، وإذا مات وُجِد عليه مئات الألوف، وكلّها بهذا السبب، لهذا فنحن نحذّر منها اقتصاديّاً وشرعيّاً ونقول: ومَن يستغنِ يُغْنِهِ الله ، ومَن تَرَكَ شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه .
السائل : ولكن الناس لا يدرون شيئاً عن هذا؟
الشيخ : والله يا أخي نحن لنا فتوى في هذا، كتبنا فيه فتوى.
السائل : المشكلة أن بعض هذه الشركات تدَّعي أن عندها لجنة شرعية، وأن هذه اللجنة الشرعية أفتت بجواز هذا يا شيخ.
الشيخ : على كلّ حال الذي يلزمنا نحن البيان، وقد بيَّنا الآن، فمن سمع هذا الكلام فإن اقتنع به ورأى أنّ الحيلة لا تجعل الحرام حلالا فليحمد الله على الهداية ويترك هذا، ومن لم يقتنع فلكلٍّ درجاتٌ مما عملوا.
الفتاوى المشابهة
- حكم شراء سيارة بأكثر من قيمتها - ابن عثيمين
- اتفق مع أخيه على الاستدانة من البنك ويعط... - اللجنة الدائمة
- إذا طلب شخص من آخر أن يدينه مبلغ من المال غا... - ابن عثيمين
- ما حكم من أراد شراء سيارة فذهب للبنك فأمره ب... - ابن عثيمين
- أنا محتاج جدا إلى شراء سيارة و لا أجد ما أشت... - ابن عثيمين
- ما حكم من اشترى سيارة لأجل أن يبيعها بزيادة... - ابن عثيمين
- أريد شراء سيارة من شركة الراجحي بالتقسيط ولي... - ابن عثيمين
- سائل يقول : بدأت المصارف المحلية مثل البنك ا... - ابن عثيمين
- مسألة التورق من التحايل على الحرام - ابن عثيمين
- ما حكم شراء سيارة وهو يريدها لشخص ثم يبيعها... - ابن عثيمين
- ما حكم شراء الشركات للغير بيتا أو سيارة ثم ت... - ابن عثيمين