تم نسخ النصتم نسخ العنوان
وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد جميعا عن عب... - ابن عثيمينالقارئ : وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد جميعا عن عبد الرزاق قال بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس أنه ق...
العالم
طريقة البحث
وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد جميعا عن عبد الرزاق قال بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن بن عباس قال شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب قال فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء ومعه بلال فقال يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا فتلا هذه الآية حتى فرغ منها ثم قال حين فرغ منها أنتن على ذلك فقالت امرأة واحدة لم يجبه غيرها منهن نعم يا نبي الله لا يدرى حينئذ من هي قال فتصدقن فبسط بلال ثوبه ثم قال هلم فدى لكن أبي وأمي فجعلن يلقين الفتخ والخواتم في ثوب بلال
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد جميعا عن عبد الرزاق قال بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس أنه قال: شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب قال: فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء ومعه بلال فقال: يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً فتلا هذه الآية حتى فرغ منها ثم قال حين فرغ منها: أنتن على ذلك؟ فقالت امرأة واحدة -لم يجبه غيرها منهن- : نعم يا نبي الله لا يدرى حينئذ من هي قال فتصدقن فبسط بلال ثوبه ثم قال هلم فدى لكن أبي وأمي فجعلن يلقين الفتخ والخواتم في ثوب بلال

الشيخ : في هذا الحديث دليل على ما هو معروف ومشهور وهو أن صلاة العيدين قبل الخطبة، بخلاف الجمعة، الجمعة الخطبة فيها قبل، وفّرق العلماء رحمهم الله بين الجمعة والعيدين قالوا : إن خطبة الجمعة كانتا قبل الصّلاة، لأنها شرط لصحة الصّلاة، والشّرط يتقدّم على المشروط، أما خطبة العيد فإنها تابعةً للصلاة، وإذا كانت تابع فالتابع يكون بعد المتبوع، ثمّ إن خطبة العيد ليست كخطبة الجمعة أي أنها ليست خطبتين يجلس بينهما، وأكثر الأحاديث على أنهما خطبة واحدة.
ثم في هذا الحديث: دليل على إكرام الصحابة رضي الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه حين نزل واتجه إلى النّساء قاموا، كعادة الناس إذ مرّ بهم من يُعظّمونه، ولكنه جعل يجلّسهم يعني اجلسوا مكانكم، ثم تقدم إلى النساء ووعظهن .
وفي قوله: قال: فنزل نبي الله : إشارة إلى أنه كان يخطب على موضع عال، وهو كذلك، لكنه ليس المنبر الذي كان في المسجد، بل هو غيره، وإنما أخرِج المنبر أو كان يُخَرج به بعد ذلك، لكن في العيد لعله يضع حجراً أو ما أشبه ذلك يرتفع عليه.
وفيه أيضاً دليل على أن الإنسان ينبغي له إذا روى شيئاً ووجد ما يقوي روايته أن يذكر ذلك، وهو في قوله: كأني أنظر إليه وهذا شبيه بالمسلسل، والتّسلسل يعطي الحديث قوّة.
وفيه أيضاً: دليل على أنه ينبغي لخطيب العيد أن يذهب إلى النساء ليخطب بهن وهذا فيما سبق واضح، لكن في وقتنا الحاضر النساء يسمعن خطبة الرجال كما لو كان بينهن بواسطة مكبّرات الصوت، وبناءً على ذلك فالظاهر أنه لا حاجة بأن يذهب إليهن ويخطب فيهن، اللهم إلا أن يرى أنه يحتاج إلى الذهاب إليهن لعلّهنّ يسألن أو ما أشبه ذلك.
وفيه تقرير النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الآية : يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك قرّر النساء: هل هن على ذلك أو لا؟ فأجبن أنهن على ذلك على ألا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهن وأرجلهنّ ولا يعصينك في معروف فبايعهنّ واستغفر لهنّ الله قوله: ولا يعصينك في معروف هذا القيد ليس له مفهوم، يعني أن الرسول قد يأمر بغير المعروف، لكن هذا بيان للواقع، وأنه لا يأمر صلوات الله وسلامه عليه إلا بعروف، كقوله: يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم، ومعلوم أنه لا يدعو الناس إلا لما فيه خيرهم وحياتهم، فبايعهنّ واستغفر لهن الله إن الله غفورٌ رحيم، فقال لهنّ أنتنّ على ذلك.إلى آخره.
وفيه أيضاً: فضيلة هذه المرأة التي قامت -وهي امرأة مجهولة لا يُدرى من هي- وقالت نعم يا نبي الله، ولم يعارض أحدٌ منهن، وفيه جواز فداء الغير بالأب والأم، لقوله صلى الله عليه وسلم : هلمّ فداً لكنّ أبي وأمي، ولكن هل هذا سائغ فيما إذا كان الأبوان حيّين، وكانا مسلمين؟ الظاهر لا، لا يجوز، لأنه إذا قال: فداك أبي وأمي وهما حيّان مسلمان معناه أنه قدّم غيرهما عليهما، وهذا نوع من العقوق، أما الرسول عليه الصلاة والسلام فمعلومٌ أن أبويه ماتا قبل أن يُبعَث، وأنهما ماتا على الكفر، فأبوه كافر مات قبل على الكفر وأمه كذلك، ودليل هذا في الصحيحين وغيره سأله رجل قال: أين أبي قال: في النار، فلمّا انصرف دعاه وقال له: أبي وأبوك في النار ، وأما أمه فكذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن ربّه أن يستغفر لأمه فأبى الله تعالى عليه، فاستأذنه أن يزور قبرها فأذِن له .
وفيه أيضاً دليل على حثّ النساء على الصّدقة، لأنه في غير هذا السّياق حثّهن النبي عليه الصلاة والسّلام على الصّدقة وقال: يا معشر النساء تصدّقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، قلن: بم يا رسول الله؟ قال إنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ثم قال: ما رأيت من ناقصات عقل ودين، ولعل المؤلف يسوقه على هذا.
وفي هذا الحديث دليل على جواز الذّهب المحلّق، لقوله : فجعلن يُلقين الفتخ، والخواتم في ثوب بلال ، وهذا إذا ثبت أن هذه الخواتم من الذهب، لأنها قد تكون من الفضة، لكن في أحاديث أخرى ما يدل على ذلك أنها من الذّهب، وبهذا يكون في ذلك دليل على جواز لبس الذّهب المحلّق، وقد حكاه بعض العلماء إجماعاً، وحكم شيخنا عبد العزيز بن باز، وفقه الله على شذوذ الأحاديث الواردة في النّهي عن لبس الذهب المحلّق، وقال: إنها أحاديث شاذّة لا عمل عليها، ومن العلماء من قال: إنها كانت قبل الإباحة، ومن العلماء من قال: إنها تُحمل على الضّيق وقلّة ذات اليد وأنه ينبغي في هذه الحال أن لا تلبس النساء الذّهب بل يصرفنه فيما دعت الحاجة إليه.
الفتَخ: عندنا في عرفنا هلي عبارة عن خوعة لها فص لكن العلماء قالوا أن الفتخ الخواتم الكبيرة.
وفيه دليل على أن صوت المرأة ليس بعورة، لأن هذه المرأة تكلّمت بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه بلال، ولم ينهها عن ذلك، وهذا هو الذي دلّ عليه القرآن حيث قال: فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، ولم يقل: لا تتكلمن بحضرة الرجال بل قال: فلا تخضعن بالقول، وعلى هذا فإذا خاطبت المرأة الرجل من غير أن تخضع بقولها فلا بأس، إلا إذا خُشِيت الفتنة فلا يجوز، كما لو قابل إنسان امرأة في السّوق وجعل يحدثها من غير حاجة فهذا لا يجوز، ولكل مقام مقال، وكل إنسان يخاطب بحسب حاله، امرأة أوقفت شخصاً تستفتيه في حكم مسألة من المسائل ليست كامرأة أوقفت شاباً لتواعده أن يخرج معها، بينهما فرق عظيم.

Webiste