تفصيل في مسألة أسباب التحريم بالرضاع و النسب و المصاهرة .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : أسباب التحريم ثلاثة: نسب ورضاع ومصاهرة، كلها مذكورة في القرآن حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت هذه كلها نسب وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة هذا رضاع وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم هذا مصاهرة، وقوله قبل هذه الآية ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء هو أيضا مصاهرة، فصارت أسباب التحريم ثلاثة: النسب والرضاع والمصاهرة، ولهذا جمع الله الرضاعة إلى النسب لأنها تشبهها، قال النبي صلى الله عليه وسلم الرضاعة تحرم ما تحرمه الولادة فإذا كانت تحرم ما تحرمه الولادة فلننظر حرمت عليكم أمهاتكم هذا من النسب، الأم من الرضاع تحرم أو لا؟ تحرم، بناتكم من النسب، البنت من الرضاع ؟ تحرم، أخواتكم من النسب، الأخوات من الرضاع؟ تحرم، عماتكم من النسب، العمات من الرضاع؟ تحرم، خالاتكم من النسب، الخالات من الرضاع؟ تحرم، بنات الأخ التي يكون الإنسان عمها، حرام من النسب فتحرم من الرضاع، بنات الأخت التي يكون الرجل خالهن تحرم من النسب فتحرم من الرضاعة، إذًا المحرمات بالنسب سبع والمحرمات بالرضاع سبع وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ، وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم كم هذه؟ هذه ثلاثة أمهات نسائكم، ربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم، الرابع في المصاهرة ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إذًا المصاهرة يحرم فيها أربعة، أربعة نسب، أربعة هم نسب، أمهات نسائكم، من أين؟
الطالب : مصاهرة.
الشيخ : لا، أمهات نسائكم الأمهات من أين؟ من النسب، وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن هذا أيضا واضح من النسب لأنه قال من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم هذه أيضا صريح واضح أنهم الأصلاب، إذًا المصاهرة لا يدخل فيها إلا النسب فقط، لا يدخل فيها الرضاعة، لأن الله قال أمهات نسائكم، فإذا قال قائل: النبي صلى الله عليه وسلم قال الرضاعة تحرم ما تحرمه الولادة، قلنا نعم هذا دليل على أن المحرمات بالصهر لا يدخل فيهن الرضاعة، لأنه قال ما تحرم الولادة ولم يقل ما تحرمه الولادة والصهر، لو قال ما تحرمه الولادة والصهر قلنا نعم أم الزوجة من الرضاع كأمها من النسب، لكن قال ما تحرمه الولادة، ولو سألت أي واحد لماذا حرمت عليك أم زوجتك؟ هل هو من الولادة؟ لقال لا، الولادة لابنتها ، والتحريم الآن بين الزوج وبين أم الزوجة، فالتحريم سببه المصاهرة ليس سببه الولادة، وحينئذٍ تكون المحرمات في الصهر خاصة بالنسب أي بنسب الزوجة أو الزوج، ويؤيد ذلك أنه قال حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم، والقول بأن قوله من أصلابكم احتراز من ابن التبني ضعيف، لأن أصل ابن التبني لما أبطل الإسلام التبني لم يصح أن يكون ابنا حتى يقال لا بد من قيد يخرجه، بل هو ليس بابن أصلي، فعلى هذا يكون قوله من أصلابكم بيان أن المصاهرة لا يؤثر فيها إلا النسب، الإبن من الصلب، وبناء على ذلك أم الزوجة من الرضاع لا تحرم على زوج ابنتها، وكذلك بنت الزوجة من الرضاع لا تحرم على زوجها، يعني لو كان له زوجة قد أرضعت ابنة قبل أن يتزوجها فإنها لا تحرم عليه هذه البنت لأنها أيش ؟ ليست من الربائب، الربائب هن بنات الزوجات من النسب خاصة، وهذا الذي قررناه هو ظاهر الحديث وهو ظاهر الآية الكريمة وهو مقتضى قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد أدلة واضحة على أن المصاهرة لا يجري فيها الرضاع إطلاقا، ولكن بقي أن يقال جمهور الأمة وجميع الأئمة على أن الرضاع يجري في المصاهرة كما يجري في النسب، كما يجري فيها النسب، فكيف نخالف هؤلاء الأئمة وأكثر الأمة؟ قلنا المرجع عند الإختلاف هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما خالفناهم في أن طلاق الحائض لا يقع وطلاق الموطوءة في طهر جامعها فيه لا يقع، مع أنه خلاف رأي الجمهور خلاف رأي الأئمة كلهم، فهذا مثله، لكن لو قال قائل: ما دام الخلاف بهذه القوة، نقول أم الزوجة من الرضاع ليست حراما على الزوج وعلى هذا فيجب عليها أن تحتجب عنه ولا يجوز أن يخلو بها ولا يكون محرما لها وتنتفي عليه جميع الأحكام التي تثبت لأم الزوجة من النسب، لكن لا ينبغي أن يتزوجها إلا عند الضرورة، وحينئذٍ نعمل بالقولين يعني نعمل بالإحتياط من وجهين، فلا يتزوجها مراعاة لمن؟ لرأي الجمهور، ولا تكشف له وجهها ولا يخلو بها ولا يسافر بها مراعاة لما هو ظاهر الكتاب والسنة، لو قيل بهذا لكان قولا جيدا، ولا غرابة في ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم أعمل سببين في حكم واحد كما سنذكر إن شاء الله بعد الأذان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعمل سببين يختلف حكمهما، فإن سودة بنت زمعة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم تنازع أخوها عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص في غلام، فقال سعد يا رسول الله إن هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص، عهد به إليّ، وقال عبد بن زمعة إنه أخي ولد على فراش أبي، أما سعد فاحتج بالشبه قال يا رسول الله انظر إلى شبهه، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم شبها بينا بعتبة، وأما عبد بن زمعة فاحتج بالفراش فقال النبي صلى الله عليه وسلم الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة لو كان الرسول عمل بالسبب الذي هو الفراش وحده لم يقل فاحتجبي يا سودة، ولو أنه عمل بالشبه وحده لم يقل الولد للفراش ويعطيه عبد بن زمعة، فدل هذا على أنه إذا اشتبه الأمر فلا بأس أن نعمل بالسببين من باب أيش؟ من باب الإحتياط نعم، تكلمنا في الدرس الماضي عن تحريم الرضاع وقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحرم من الرضاع ما يحرم أي والرضاعة تحرم ما تحرمه الولادة تقدم يا عبد الله شوي، على يمينك، الصف الأول أي نعم.
الطالب : مصاهرة.
الشيخ : لا، أمهات نسائكم الأمهات من أين؟ من النسب، وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن هذا أيضا واضح من النسب لأنه قال من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم هذه أيضا صريح واضح أنهم الأصلاب، إذًا المصاهرة لا يدخل فيها إلا النسب فقط، لا يدخل فيها الرضاعة، لأن الله قال أمهات نسائكم، فإذا قال قائل: النبي صلى الله عليه وسلم قال الرضاعة تحرم ما تحرمه الولادة، قلنا نعم هذا دليل على أن المحرمات بالصهر لا يدخل فيهن الرضاعة، لأنه قال ما تحرم الولادة ولم يقل ما تحرمه الولادة والصهر، لو قال ما تحرمه الولادة والصهر قلنا نعم أم الزوجة من الرضاع كأمها من النسب، لكن قال ما تحرمه الولادة، ولو سألت أي واحد لماذا حرمت عليك أم زوجتك؟ هل هو من الولادة؟ لقال لا، الولادة لابنتها ، والتحريم الآن بين الزوج وبين أم الزوجة، فالتحريم سببه المصاهرة ليس سببه الولادة، وحينئذٍ تكون المحرمات في الصهر خاصة بالنسب أي بنسب الزوجة أو الزوج، ويؤيد ذلك أنه قال حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم، والقول بأن قوله من أصلابكم احتراز من ابن التبني ضعيف، لأن أصل ابن التبني لما أبطل الإسلام التبني لم يصح أن يكون ابنا حتى يقال لا بد من قيد يخرجه، بل هو ليس بابن أصلي، فعلى هذا يكون قوله من أصلابكم بيان أن المصاهرة لا يؤثر فيها إلا النسب، الإبن من الصلب، وبناء على ذلك أم الزوجة من الرضاع لا تحرم على زوج ابنتها، وكذلك بنت الزوجة من الرضاع لا تحرم على زوجها، يعني لو كان له زوجة قد أرضعت ابنة قبل أن يتزوجها فإنها لا تحرم عليه هذه البنت لأنها أيش ؟ ليست من الربائب، الربائب هن بنات الزوجات من النسب خاصة، وهذا الذي قررناه هو ظاهر الحديث وهو ظاهر الآية الكريمة وهو مقتضى قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد أدلة واضحة على أن المصاهرة لا يجري فيها الرضاع إطلاقا، ولكن بقي أن يقال جمهور الأمة وجميع الأئمة على أن الرضاع يجري في المصاهرة كما يجري في النسب، كما يجري فيها النسب، فكيف نخالف هؤلاء الأئمة وأكثر الأمة؟ قلنا المرجع عند الإختلاف هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما خالفناهم في أن طلاق الحائض لا يقع وطلاق الموطوءة في طهر جامعها فيه لا يقع، مع أنه خلاف رأي الجمهور خلاف رأي الأئمة كلهم، فهذا مثله، لكن لو قال قائل: ما دام الخلاف بهذه القوة، نقول أم الزوجة من الرضاع ليست حراما على الزوج وعلى هذا فيجب عليها أن تحتجب عنه ولا يجوز أن يخلو بها ولا يكون محرما لها وتنتفي عليه جميع الأحكام التي تثبت لأم الزوجة من النسب، لكن لا ينبغي أن يتزوجها إلا عند الضرورة، وحينئذٍ نعمل بالقولين يعني نعمل بالإحتياط من وجهين، فلا يتزوجها مراعاة لمن؟ لرأي الجمهور، ولا تكشف له وجهها ولا يخلو بها ولا يسافر بها مراعاة لما هو ظاهر الكتاب والسنة، لو قيل بهذا لكان قولا جيدا، ولا غرابة في ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم أعمل سببين في حكم واحد كما سنذكر إن شاء الله بعد الأذان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعمل سببين يختلف حكمهما، فإن سودة بنت زمعة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم تنازع أخوها عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص في غلام، فقال سعد يا رسول الله إن هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص، عهد به إليّ، وقال عبد بن زمعة إنه أخي ولد على فراش أبي، أما سعد فاحتج بالشبه قال يا رسول الله انظر إلى شبهه، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم شبها بينا بعتبة، وأما عبد بن زمعة فاحتج بالفراش فقال النبي صلى الله عليه وسلم الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة لو كان الرسول عمل بالسبب الذي هو الفراش وحده لم يقل فاحتجبي يا سودة، ولو أنه عمل بالشبه وحده لم يقل الولد للفراش ويعطيه عبد بن زمعة، فدل هذا على أنه إذا اشتبه الأمر فلا بأس أن نعمل بالسببين من باب أيش؟ من باب الإحتياط نعم، تكلمنا في الدرس الماضي عن تحريم الرضاع وقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحرم من الرضاع ما يحرم أي والرضاعة تحرم ما تحرمه الولادة تقدم يا عبد الله شوي، على يمينك، الصف الأول أي نعم.
الفتاوى المشابهة
- زوجة الابن من الرضاعة ليست محرما للأب - ابن عثيمين
- ما هو الضابط في التحريم بسبب الرضاع؟ - ابن عثيمين
- أم الزوجة وأبو الزوج من الرضاع هل هو محرم ؟ - ابن عثيمين
- زوجة الابن من الرضاع ليست محرما - ابن عثيمين
- سؤال غير واضح عن الرضاع . - الالباني
- ما يحرم ويجوز من النسب والمصاهرة - ابن عثيمين
- ما الراجح في زوجة الابن من الرضاع هل هي محرم ؟ - ابن عثيمين
- التحريم بالرضاع - ابن باز
- مناقشة حول المحرمية بالنسب والرضاع . - ابن عثيمين
- هل زوجة ابن الرضاع تحرم على الأب من الرضاع ؟ - ابن عثيمين
- تفصيل في مسألة أسباب التحريم بالرضاع و النسب... - ابن عثيمين