تم نسخ النصتم نسخ العنوان
مباحث تتعلق بإثبات صفة اليد لله عز وجل وضواب... - ابن عثيمينالشيخ : ولهذا لم نتكلم عن مسألة اليد والظاهر أن المؤلف سوف يأتي بها لكن إذا تحبون نتكلم عليها ما في مانع.  يقبض الله الأرض يوم القيامة  وهذا القبض قبض ح...
العالم
طريقة البحث
مباحث تتعلق بإثبات صفة اليد لله عز وجل وضوابط فهمها
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ولهذا لم نتكلم عن مسألة اليد والظاهر أن المؤلف سوف يأتي بها لكن إذا تحبون نتكلم عليها ما في مانع. يقبض الله الأرض يوم القيامة وهذا القبض قبض حقيقي يقبضها عز وجل بيده ويطوي السماء بيمينه أي بيده اليمنى وهذا يشير أن لله سبحانه وتعالى يدين اثنتين وقد دل على ثبوت اليدين لله عز وجل الكتاب والسنة وإجماع السلف.
ففي كتاب الله عز وجل قال الله تعالى لإبليس : ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي فأضاف الخلق إليه وجعله باليد وهذا يدل على أن المراد باليد الذات وإنما المراد بها اليد الحقيقية وليست الذات وقال تعالى : وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان وقال الله تبارك وتعالى : تبارك الذي بيده الملك وقال تبارك وتعالى : أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهذه الآيات تدل على ثبوت اليد لله عز وجل ولكنها يد لا تماثلها أيدي المخلوقين لأنها يد عظيمة كما جاء في هذا الحديث أن الله يقبض بها الأرض ويطوي بها السماء وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما : ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الله إلا كخردلة في كف أحدكم وهذا يدل على عظمة هذه اليد وأن لا يمكن أن يتصور الإنسان عظمتها وقدرها والبحث فيها أي اليد وجوه، الوجه الأول هل هو حقيقية أو مجاز عن القدرة أو القوة مذهب السلف كما هو القاعدة الأصيلة أنها حقيقة لأن الأصل فبما أضاف الله لنفسه حقيقة ولكنها حقيقة منزهة عن التمثيل وعن التكييف لا أي تمثل بأيدي المخلوقين ولا تكيف بحيث يتصور الإنسان لها كيفية وإن لم توافق صفة أيدي المخلوقين المهم لا تكييف ولا تمثيل، وأما من قال أن المراد بها القدرة أو القوة فقوله باطل من عدة أوجه الوجه الأول إجماع السلف على خلاف هذا القول فإن قال قائل : أين اجماع السلف ؟ قلنا : إن الصحابة يتلون كتاب الله ويؤمنون بمقتضى اللغة العربية فإذا لم يرد عنهم نقل في مخالفة مقتضى اللغة العربية علمنا علم اليقين أنهم أرجوا النص على ظاهره إذا لا يمكن أن تأتي عن كل صحابي بأنه قال المراد باليد اليد الحقيقية لا يمكن لكن إذا كانوا يتلون الكتاب واليد في الكتاب بمقتضى اللسان العربي الذي نزل به القرآن هي اليد الحقيقية ولم يرد عنهم حرف واحد يدل على نقلها إلى المعنى الآخر علمنا أنهم متفقون على ذلك وهذا يجري في اليد وغيرها من الصفات، الوجه الثاني من الرد على القول بأنها القدرة أو النعمة : أن القدرة أو النعمة أو القوة لا يصح أن تثنى بالنسبة لله عز وجل بالنسبة لله لا يصح أن تثنى فما هما القدرتان ما هما القوتان ما هما النعمتان، قوة الله صفة واحدة لا تتجزأ ولا تتعدد وكذلك قدرته أما نعمته فقد قال تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوهها لا تنحصر في نعمتين، الوجه الثالث : أنه لو كان المراد باليد القوة ما صح أن يحتج إبليس بما احتج به لما أمره الله أن يسجد لآدم حين قال الله له : ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين لأنه صح أن يكون المراد باليد القدرة أو القوة لقال يا رب وأي فضل له على وقد خلقتني بقدرتك وقوتك أليس كذلك، هو كذلك حجة ذلك لإبليس أن يقول يا رب أي مزية لآدم فإنه خلق بقدرتك وأنا أيضا خلقت بقدرتك ولم يذهب يأتي بعلة أخرى قد تقبل وقد لا تقبل وهي غير مقبولة ، رابعا : أن هذه اليد جاءت على وجوه متعددة جاءت بلفظ الكف وجاءت بذكر الأصابع وجاءت بلفظ اليمين وكلتا يديه يمين فيمتنع مع هذا التنوع فيما جاءت عليه أن يكون المراد بها القوة أو القدرة، خامسا : أن تقول لهم لماذا فررتم عن تفسيرها بالبد الحقيقية إذا قالوا لأن اليد جارحة والله منزه عن الجوارح، تقول فصلوا لنا الجارحة هذه، الجارحة لم يرد نفيها ولا إثباتها بالنسبة لله عز وجل فماذا تريدون بالجارحة التي توصلتم بنفيها إلى نفي ما أثبت الله لنفسه، أتريدون بالجارحة أنه سبحانه وتعالى يكسب بها ويعمل بها ليكسب، أم تريدون بالجارحة يأخذ بها ويعمل بها إن أرادوا الله فباطل وإن أرادوا الثاني فهو حق وكونهم يتوصلون إلى نفي هذا الحق بنفي الجارحة هذا لا شك أنه من القول على الله بلا علم وإن قالوا بنفي عنه اليد لأننا لو أثبتنا له اليد الحقيقية شبهناه بالمخلوق الذي له يد حقيقية نقول أنتم صرفتم المعنى إلى القوة وللمخلوق قوة فوقعتم في مثل ما فررتم به وزدتم أنكم حرفتم النص عن ظاهره فجنيتم جنايتين، ولم تتخلصوا من التشبيه على قاعدتكم وإن قلتم القدرة قلنا للمخلوق قدرة أيضا أليس كذلك ؟ لا يقدرون على شيء مما كسبوا فللمخلوق قدرة فقد وقعتم في نظير ما فررتم منه، إن قلتم النعمة قلنا للمخلوق نعمة وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك إذا فمهما فروا فهو مدركون لأن قولهم باطل.
البحث الثاني : اليد وردت في القرآن على ثلاثة أوجه الإفراد والتثنية والجمع، قد يبدو للإنسان أن هذا تناقض ولكن لا تناقض في ذلك ولا يمكن أن يوجد تناقض بين كتاب الله عز وجل ولا بين كتاب الله وما صح عن رسول الله لا يمكن، ولا بين كتاب وما صح عن رسول الله وبين ما يقتضيه العقل الصريح فهذه ثلاثة أشياء لا تناقض بين الكتاب ولا بينه وبين السنة الصحيحة ولا بين الكتاب والسنة والعقل الصريح ونعني بالعقل الصريح السالم من الشبهات والشهوات يعني أنه عقل مبني على العلم فليس عنده شبهة ومبني على حسن القصد وإرادة الحق فليس عندهم شهوة أي إرادة غير الحق، إذا كان كذلك فلا تناقض بين الإفراد والتثنية والجمع التي وردت في اليد. كيف الجمع؟ أما المفرد فإنه مضاف والمفرد المضاف صالح للواحد والمتعدد ألم تر إلى قول الله : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها نعمة مضاف كم يشمل من نعمة ؟ ما لا نحصيها فالمفرد المضاف في اليد لا ينافي التعدد إذا سقط عنا ظن التناقض بالنسبة المفرد والتثنية والجمع، بقي عندنا التثنية والجمع نقول أما التثنية والجمع فإن قلنا أن أقل الجمع اثنان كما ذهب إليه بعض النحاة وكما هو موجود في آيات المواريث فإن أقل الجمع في آيات المواريث اثنان وكذلك في جمع صلاة الجماعة التي تحصل باثنين، إن قلنا أقل الجمع اثنان فلا إشكال لأنه يحمل الجمع على أقله فيكون كم؟ يكون اثنين فيطابق المثنى ولا إشكال في هذا وإن قلنا بالمشهور وهو أن أقل الجمع ثلاثة فحينئذ يكون عندنا عددان اثنان وثلاثة نحتاج إلى جمع بينهما قال أهل العلم : الجمع بينهما أن الجمع أي صيغة الجمع لا يراد بها معنى الجمع وإنما يراد بها التعظيم موافقة للضمير، ضمير الجمع وهو أيدينا فإننا ضمير جمع بالنسبة لإضافتها إلى الله لا يمكن المراد بها جمع التعدد فإذا كانت نا الدالة على الجمع للتعظيم كان الأنسب لفظا ومعنى أن يكون المضاف إليها بصيغة الجمع من أجل التناسب بين المضاف والمضاف إليه ويبين لك هذا أنه لو كان تعبير الآية مما عملت يدانا أنعاما لوجدت هناك تنافرا بين يدا المثنى والضمير لهذا كان المناسب لفظا ومعنى أن تصاغ يد بصيغة الجمع وبذلك يتبين أنه لا تعارض بين مجيء اليد بصيغة التثنية وصيغة الجمع وصيغة الإفراد ، طيب البحث الثالث : هذه اليد لا يلزم بل لا يجوز أن تكون كيد المخلوق ولكن ما ورد من الكتاب أو السنة في وصفها بما توصف به يد المخلوق فإنه يجب إثباته فهذه يد وصفت باليمين كما في الآية والسماوات مطويات بيمينه فهل توصف بالشمال كما أن المخلوق له يد يمين وشمال ؟ في هذا خلاف بين العلماء منهم من قال : يصح أن توصف بالشمال كما جاء في الصحيح ومنهم من قال : لا توصف الشمال وما جاء في الصحيح فهو شاذ أو وهم من الراوي ودليل ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام : وكلتا يديه يمين والحقيقة أن هذا اللفظ أو هذه الجملة لا تمنع من إثبات الشمال لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لما ذكر الشمال وقال : وكلتا يديه يمين لدفع توهم نقص في الشمال لماذا ؟ لأن المعروف في المخلوقات أن اليد الشمال فيها نقص عن اليد اليمين فإذا أثبتت الشمال فقد يتوهم واهم أن أنقص من اليمين فقال : بل كلتا يديه يمين أي أنهما لا تختلفان في الكمال فكلاهما كاملة، طيب وينبني على هذه المسألة أو هذه القاعدة هل توصف الكف وهو له أصابع وهل له أنامل ؟ الجواب لا يلزم من اثبات اليد أن يكون له كف أو أنامل أو أصابع لكن إذا ورد أن لله تعالى كفا وأن لله أنامل وأن له أصابع فالواجب إثباتها بدلالة العزم بأنه يلزم إثبات الكف إثبات الأنامل والأصابع أو بدلالة التضمن أو المطابقة أي بدلالة مستقلة عن دلالة اللزوم باليد. والثاني المتعين أن تقول أنه لولا جاءت النصوص بثبوت الكف وثبوت الأصابع وثبوت الأنامل ما أثبتناها من أجل ثبوت اليد لأن هذه صفات ليد المخلوق ولا يلزم في ثبوتها في يد المخلوق أن تثبت لله لكن إذا جاءت بها السنة وجب علينا قبولها وهل إذا أثبتنا الأصابع هل يلزم أن تكون خمسة في كل يد أو أقل أو أكثر ؟ نعم لا يلزم أن تكون خمسة ولا أن تكون أقل أو أكثر لكن الذي بلغنا خمسة أصابع عندما تحدث النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود : أن يجعل السماوات على أصبع والأرضين على أصبع فذكر خمسة لكن لا يلزم من عدم ذكر الخمسة أن لا تزيد فلهذا نقول نثبت ما ثبت من أصابع لله والباقي ننفيه أو نسكت عنه؟ نسكت عنه هذا مذهب أهل السنة والجماعة أن ما لم يرد اسكت عنه وما ورد أثبته هذا ما يتعلق بصفة اليد والمهم أن نؤمن أن لله تعالى يدا حقيقية يأخذ بها ويقبض وأنها لا تشبه أيدي المخلوقين أو بالأصح لا تماثل أيدي المخلوقين ولا يجوز أن نكيفها أما نفي التمثيل فلقوله تعالى : ليس كمثله شيء وهذا عام في جميع صفاته وأما نفي التكييف فلقوله تعالى : ولا تقف ما ليس لك به علم ولقوله : قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون هذا هو عقيدتنا فيما يتعلق بيد الله عز وجل، طيب وأظن البحث إن شاء الله متكامل في هذا.

Webiste