تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث : ( اللهم هذا قسمي فيما أملك ... ) . - ابن عثيمينالشيخ : في هذا الحديث من الفوائد: حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يقسم لنسائه ويعدل. وفيه أيضا أن المعاشرة التي تدوم هي المعاشرة المبنية على ال...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث : ( اللهم هذا قسمي فيما أملك ... ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : في هذا الحديث من الفوائد:
حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يقسم لنسائه ويعدل.
وفيه أيضا أن المعاشرة التي تدوم هي المعاشرة المبنية على العدل، لأن الإنسان إذا جار وظلم وأجنف فإنه سيكون رد فعل من المظلوم الذي جير عليه ويحصل بذلك النكد بين العائلة .
واختلف العلماء -رحمهم الله- هل القَسْم واجب على النبي صلى الله عليه وسلم أو هو تطوع منه ؟
فقال بعض العلماء: إنه واجب عليه لعموم الأدلة الدالة على وجوب القسم بين الزوجات، والأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم داخل في عموم خطابه. وقال بعض العلماء: لا يجب لقوله تعالى: ترجي من تشاء منهن وتؤي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ، نعم، فقالوا: إن الله خيّره، قال: ترجي وتؤي.
ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك يعني لا جناح أن ترجع الأولى التي عزلتها .
والذي يظهر أن الله خيره لكنه اختار عليه الصلاة والسلام الأكمل، وهو القَسْم ولهذا كان في مرض موته يتنقل بين زوجاته ويقول: أين أنا غدا أين أنا غدا؟ ، ولو كان النبي عليه الصلاة والسلام جعل القسم لنفسه غير واجب لاختار من يختار من نسائه بدون أن ينتظر يومها .
ولما علمت نساؤه أنه يريد عائشة أذن له أن يمرّض في بيت عائشة رضي الله عنهن، وجزاهن عنه وعنا خيرا.
فأذنَّ له فصار صلى الله عليه وسلم عند عائشة، ومات في يومها، يعني صادف أن موته في اليوم الذي هو يومها، وفي بيتها، وفي حَجرها، وآخر ما طعم النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا ريقها رضي الله عنها، لأن أخاها عبدالرحمن دخل والنبي صلى الله عليه وسلم في سياق الموت، وكان معه سواك، فمد النبي صلى الله عليه وسلم إليه بصره، إلى السواك قالت: فعرفت أنه يريد السواك، وكانت قد حضنته على صدرها، فقلت: آخذه لك يا رسول الله؟ فأشار برأسه، يعني: خذيه، فأخذته وقضمته يعني قطعت منه ما كان متلوثا من قبل حتى طيبته، ثم أعطته النبي صلى الله عليه وسلم فاستاك به، قالت : فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم تسوّك سواكا أحسن منه : وهذا من رحمة الله به عز وجل أن خرج من الدنيا وهو وعلى أكمل ما يكون من طيب الرائحة ، لأن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب فكانت عائشة رضي الله عنها تفتخر بنعمة الله عليها في هذه المناسبة، أن الرسول مات بين حاقنتها وذاقنتها، وهي مسندته إلى صدرها، ومات في يومها، وفي بيتها، وآخر ما طعم من الدنيا ريقها رضي الله عنها .
نعم ومن فوائد هذا الحديث: أن ما لا يملكه الإنسان لا يلام عليه ، من أين يؤخذ ؟
من قوله: فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ، ولكن ربما ينازعنا المنازع في أخذ هذه الفائدة ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أن الله لا يلومه، ولو كان غير مكلف به ما احتاج إلى الدعاء ، ولكننا نقول : إنه قال ذلك وإن كان محققا فإن المحقق قد يدعى لوجوده لتحقيقه وتثبيته، فها نحن الآن نقول: اللهم صل على محمد، والله يقول في كتابه: إن الله وملائكته يصلون على النبي ، إذن فالصلاة عليه محققة، سواء دعونا أم لم ندعو، ولكن هذا من باب زيادة التثبيت والتحقيق، فيكون قوله : لا تلمني فيما تملك ولا أملك مع أن الإنسان غير ملوم عليه من باب التحقيق، تحقيق ما أثبته الله عز وجل للعبد .
ومن فوائد هذا الحديث: أن المحبة لا يمكن للإنسان أن يتحكم فيها، لقوله: فيما تملك ولا أملك : يعني لا أملك أن أتحكم فيها وهي المحبة .
ومنها من فوائد الحديث: أن ما كان ناشئا عن المحبة من عدم العدل فإن الإنسان لا يلام عليه ، فمثلا : الإنسان إذا كان يحب إحدى الزوجتين أكثر من الأخرى فإنه لا شك أنه يرتاح للمحبوبة عنده أكثر من الأولى حتى في المخاطبة والمكالمة والمداعبة وغير ذلك ، أليس هكذا ؟
ولهذا تجد الأخرى التي يبغضها إذا تكلمت كأنما تضربه بالسهام ، والأخرى كأنما تلعقه العسل ، يرتاح للأولى ولا للثانية ؟
الطالب : للثانية.

الشيخ : للثانية ، هذا من الأشياء التي لا يملكها الإنسان ، ارتياحه لهذه المرأة التي يحبها أكثر هذا لا يمنع.
أما مسألة الجماع فقد عرفتم القول فيها وأن المذهب: لا يجب العدل بين النساء فيه حتى لو أن الإنسان تعمد ألا يجامع هذه في ليلتها، ثم جامع الأخرى فلا إثم عليه، ولكن الصحيح ما حرره ابن القيم -رحمه الله- : أن الجماع الذي بوسعه يجب عليه العدل فيه نعم .

Webiste