شرح قوله ( والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد وآله وصحبه ).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : " قديمًا وحديثًا، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد وآله وصحبه " إلخ.
الصّلاة والسّلام على، هذه جملة خبريّة لكن معناها الدّعاء كأنّك تقول: اللهمّ صلّ وسلّم، فما هي الصّلاة على الرّسول؟ الصّلاة على الرّسول أحسن ما قيل فيها ما قاله أبو العالية الرّياحي رحمه الله: " إنّها ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى " عند الملائكة، يعني: ذكر الله عبده بالذّكرى الحسنة عند الملائكة، هذا ما اختاره كثير من العلماء ولا سيما المتأخّرون منهم، لكن في النفس من هذا شيء وهو أنّ أبا العالية رحمه الله من التّابعين ومثل هذا لا يقال بالرّأي، لأنّه من يقول إنّ الله يثني عليه؟ فيحتاج إلى دليل من السّنّة يتبيّن به الأمر ويتّضح، ولكن فسّره بعضهم قال أنّ الصّلاة من الله يعني الرّحمة وهذا ليس بصحيح أيضًا، لأنّ الله تعالى قال أيضًا في الكتاب العزيز: أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة والعطف يقتضي المغايرة وأنّ الرّحمة غير الصّلوات، وأيضًا الرّحمة يدعى بها لكلّ واحد، كلّ إنسان تقول: اللهمّ ارحمه لكن الصّلاة لا يدعى بها لكلّ واحد، بل فيها خلاف وتفصيل عند العلماء، إذن فالصّلاة لا نستطيع أن نجزم بأنّها ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى ولا نقول إنّها الرّحمة لفساد هذا المعنى، بل نقول: الصّلاة هي رحمة خاصّة فوق الرّحمة التي تكون لكلّ أحد ولا ندري ما هي، وحينئذ نسلم من الشّبهة، لكنّ القول بأنّها ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى اختاره كثير من المحقّقين رحمهم الله، أمّا السّلام فهو السّلامة من كلّ أذى، والرّسول عليه الصّلاة والسّلام بعد موته سالم، أمّا في حياته فنعم معرّض للأمراض معرّض للأذايا معرّض لكل ما يعرض للبشر، لكن بعد موته هو سالم من هذا، فما الفائدة من الدّعاء له بالسّلامة؟ نقول وراء الموت أهوال ما هي؟ أهوال يوم القيامة ولهذا كان دعاء الرّسل يوم القيامة عند الصّراط اللهمّ سلّم سلّم فهناك أهوال، ثمّ إنّه صلوات الله وسلامه عليه بموته سالم ممّا يعرض من الآفات الجسديّة للأحياء، لكن ألا يمكن أن يسلّط عليه من يأكل جسمه مثلًا؟ نعم يمكن وقد وقع هذا لكنّ الله حماه، فإنّه نزل إلى المدينة غريبان يريدان أن يأخذا جسده الشّريف عليه الصّلاة والسّلام، فنزلا في المسجد وصارا يحفران خندقًا من بعيد من أجل أن يصلا إلى الجسد الشّريف، فقيّض الله عزّ وجلّ السّلطان أو أحد الولاة في ذلك الوقت فرأى رؤية أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يقول: أنقذني من الأصغرين، والظاهر والله أعلم أنّ صورتهما كشفتا لهذا الرّائي عنها، فقدم المدينة فزعًا وأقام مأدبة عظيمة ودعا كلّ أهل المدينة مرّتين أو ثلاثًا ولم ير الرّجلين الذين وصفا له، فسأل فقال: أين أهل المدينة؟ فقالوا: كلّهم جاؤوا ما فيه أحد إلاّ رجلان اثنان في المسجد جاءا ومن حين مجيئيهما وهما معتكفان في المسجد، فدعا بهما فإذا هما الرّجلان اللّذان أخبر عنهما في المنام سبحان الله! حماية للجسد الشّريف من الأذى واطّلع على ما صنعا ثمّ أمر بهما فقتلا، وأمر بأن يحفر إلى الجبل من حول القبر الشّريف حفرة وصبّها بالرّصاص والنّحاس حتى لا يستطيع أحد أن يصل إلى جسد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهذا من حماية الله فإذا كان الله تعالى حمى أجساد الأنبياء أن تأكلها الأرض المسلّطة على كلّ جسد فهو سبحانه وتعالى يحمي الجسد الشّريف من شياطين الإنس.
المهمّ أنّ السّلام على الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وارد وإلاّ غير وارد؟
الطالب : وارد.
الشيخ : وارد في الدّنيا والآخرة، أمّا في حياته فوروده واضح، وأمّا بعد موته فبأيّ شيء تكون السّلامة؟ سلامة جسده من أن يعبث به، نعم.
وقوله: " على نبيّه ورسوله " هذا من باب عطف الصّفات المترادفة أو المتغايرة؟
الطالب : المتغايرة.
الشيخ : نعم؟
الطالب : المتغايرة.
الشيخ : المتغايرة نعم، وبدأ بوصف النّبوّة لأنّه سابق على وصف الرّسالة، فالرّسول عليه الصّلاة والسّلام نبّئ أوّلًا ثمّ أرسل ثانيًا، نبّئ بأوّل سورة العلق وأرسل بأوّل سورة المدثّر، فلهذا عطف المؤلّف رحمه الله وصف الرّسالة على وصف النّبوّة، فمن هو النّبيّ؟ النبي يقال: النّبيء ويقال: النّبيّ، فالنّبيء بالهمز من النّبأ أي: الخبر، وهل هو فعيل بمعنى فاعل أو فعيل بمعنى مفعول؟ كلاهما، فهو فعيل بمعنى فاعل لأنّه منبئ عن الله عزّ وجلّ، وبمعنى مفعول لأنّه منبّأ، أمّا على قراءة التّسهيل النّبيّ بالياء فهو إمّا مشتقّ من النّبأ لكن حذفت الهمزة تخفيفًا يعني: سهّلت الهمزة تخفيفًا، وإمّا من النّبوة وهي الشّيء المرتفع لرفعة مقام النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بما حباه الله به من الوحي، فإذا قال قائل: ألا يمكن أن يكون من هذا وهذا؟ أجيبوا يا جماعة؟
الطالب : بلى.
الشيخ : بلى، لأنّ لدينا قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يعلمها كلّ لفظ يحتمل معنيين على السّواء يعني في الدّلالة عليهما ولا منافاة بينهما فإنّه يحمل إيش؟ عليهما جميعًا، لأنّ تعدّد المعاني واتّحاد اللّفظ كثير في اللّغة العربيّة.
وقوله: " ورسوله " أي مرسله، إلى من؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، إلى الثّقلين الإنس والجنّ فالنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام مرسل إلى الإنس والجنّ، أرسله الله تعالى إلى الإنس والجنّ منذ بعث إلى يوم القيامة، ولا يخفى علينا ما في الإضافة إلى ضمير الله عزّ وجلّ في قوله: " نبيّه ورسوله " من التّشريف والتّكليف.
وقوله: " محمّدٍ " كيف نعربها؟ عطف بيان لأنّ البدل غالبًا يساوي المبدل منه في الدّلالة وعطف البيان يزيد بيان معرفة، وهنا زاد بيان معرفة وهو أنّه دلّ على الإسم العلم لرسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم محمّد وهو اسم مفعول لأنّه صلّى الله عليه وسلّم قد حمده ربّه سبحانه وتعالى وحمده الأوّلون والآخرون وسيظهر الحمد الكامل يوم القيامة كما قال عزّ وجلّ: عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا قال حسّان بن ثابت رضي الله عنه:
" وشقّ له من اسمه ليجلّه *** فذو العرش محمود وهذا محمّد "
نعم اسم محمّد في القرآن ورد كم مرّة؟
الطالب : أربعة.
الشيخ : أربع مرّات، ورد ذكره في القرآن أربع مرّات اسم محمّد، وورد ذكر أحمد مرّة واحدة، فما هي الحكمة أنّ الله ألهم عيسى أن يقول أحمد دون أن يقول محمّد؟ الحكمة لأنّ أحمد اسم تفضيل وهو اسم تفضيل مطلق، يعني: لم يذكر فيه المفضّل عليه فيكون أحمد الخلق على الإطلاق، وهل هو من اسم الفاعل أو اسم المفعول أو هما؟ هل المعنى أحمد أي أحمد النّاس لله؟ أو معنى أحمد أي أنّه أحمد من يحمده النّاس؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم كلاهما لا شك، وإنّما جاء بصيغة أحمد إقامة للحجّة على بني إسرائيل، حيث إنّ عيسى أقرّ بهذا الاسم أنّ محمّدًا أفضل الخلق لأنّه سمّاه إيش؟ أحمد.
طيب يقول: " وآله وصحبه " إلخ آله وصحبه هل هو باب عطف الخاصّ على العامّ أو العامّ على الخاصّ أم ماذا؟ هو من باب عطف العامّ على الخاصّ لأنّ جاء بعده: وعلى أتباعه، فهو من باب عطف العامّ على الخاصّ فمن هم آله؟ من المعلوم أنّه لا يصحّ أن يقول أنّ آله هم قرابته، لأنّنا إذا قلنا أنّ آله هم قرابته شمل ذلك أبا لهب وغيره من كفار قرابته عليه الصّلاة والسّلام وهذا غير مراد، ونحن لا نصلّي على آل الرّسول الذين ليسوا بمؤمنين، إذن ماذا نقول؟ نقول آله هم المؤمنون من قرابته، نعم وبهذا يندفع اعتراض الشّاعر في قوله:
" آل النّبيّ همُ أتباع ملّته *** من الأعاجم والسودان والعرب.
لو لم يكن آله إلاّ قرابته *** صلّى المصلّي على الطاغي أبي لهب "
ندفع هذا الإيراد بماذا؟ بأن نقول إنّ آله هم المؤمنون من قرابته، طيب: " وصحبه " صحبه أحسن ما نقول فيهم ما قال أهل المصطلح أنّهم كلّ من اجتمع بالنّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم مؤمنا به ومات على ذلك، نعم وهذا من خصائص الرّسول عليه الصّلاة والسّلام غير الرّسول لا بدّ للصّحبة من طول زمان يعني لو سمعت بواحد في مجلس من المجالس وتفرّقتما هل يقال أنّه صاحب لك؟ لا، لكن من خصائص الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أنّ الإنسان إذا اجتمع به لحظة واحدة مؤمنًا به فهو من أصحابه؟ لكن لا شكّ أنّ أصحابه يختلفون اختلافًا كبيرًا في الصّحبة والإيمان والتّقوى والعمل وغير ذلك، طيب هل آله هم صحبه؟
الطالب : نعم ...
الشيخ : الذين اجتمعوا به طيب لأنّ آل الرّسول الذين جاؤوا من بعده هم آل وليسوا بصحبه، لكن آله الذين كانوا بحياته من صحبه، ولهذا قلنا صحب من باب عطف العامّ على الخاصّ، هذا إذا لم ترد آل وحدها، فإن وردت آل وحدها فهي قطعًا أتباعه على دينه مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم حينما علّمهم الصّلاة عليه قولوا: اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد هذا المراد به جميع الأتباع.
الصّلاة والسّلام على، هذه جملة خبريّة لكن معناها الدّعاء كأنّك تقول: اللهمّ صلّ وسلّم، فما هي الصّلاة على الرّسول؟ الصّلاة على الرّسول أحسن ما قيل فيها ما قاله أبو العالية الرّياحي رحمه الله: " إنّها ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى " عند الملائكة، يعني: ذكر الله عبده بالذّكرى الحسنة عند الملائكة، هذا ما اختاره كثير من العلماء ولا سيما المتأخّرون منهم، لكن في النفس من هذا شيء وهو أنّ أبا العالية رحمه الله من التّابعين ومثل هذا لا يقال بالرّأي، لأنّه من يقول إنّ الله يثني عليه؟ فيحتاج إلى دليل من السّنّة يتبيّن به الأمر ويتّضح، ولكن فسّره بعضهم قال أنّ الصّلاة من الله يعني الرّحمة وهذا ليس بصحيح أيضًا، لأنّ الله تعالى قال أيضًا في الكتاب العزيز: أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة والعطف يقتضي المغايرة وأنّ الرّحمة غير الصّلوات، وأيضًا الرّحمة يدعى بها لكلّ واحد، كلّ إنسان تقول: اللهمّ ارحمه لكن الصّلاة لا يدعى بها لكلّ واحد، بل فيها خلاف وتفصيل عند العلماء، إذن فالصّلاة لا نستطيع أن نجزم بأنّها ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى ولا نقول إنّها الرّحمة لفساد هذا المعنى، بل نقول: الصّلاة هي رحمة خاصّة فوق الرّحمة التي تكون لكلّ أحد ولا ندري ما هي، وحينئذ نسلم من الشّبهة، لكنّ القول بأنّها ثناء الله على عبده في الملأ الأعلى اختاره كثير من المحقّقين رحمهم الله، أمّا السّلام فهو السّلامة من كلّ أذى، والرّسول عليه الصّلاة والسّلام بعد موته سالم، أمّا في حياته فنعم معرّض للأمراض معرّض للأذايا معرّض لكل ما يعرض للبشر، لكن بعد موته هو سالم من هذا، فما الفائدة من الدّعاء له بالسّلامة؟ نقول وراء الموت أهوال ما هي؟ أهوال يوم القيامة ولهذا كان دعاء الرّسل يوم القيامة عند الصّراط اللهمّ سلّم سلّم فهناك أهوال، ثمّ إنّه صلوات الله وسلامه عليه بموته سالم ممّا يعرض من الآفات الجسديّة للأحياء، لكن ألا يمكن أن يسلّط عليه من يأكل جسمه مثلًا؟ نعم يمكن وقد وقع هذا لكنّ الله حماه، فإنّه نزل إلى المدينة غريبان يريدان أن يأخذا جسده الشّريف عليه الصّلاة والسّلام، فنزلا في المسجد وصارا يحفران خندقًا من بعيد من أجل أن يصلا إلى الجسد الشّريف، فقيّض الله عزّ وجلّ السّلطان أو أحد الولاة في ذلك الوقت فرأى رؤية أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يقول: أنقذني من الأصغرين، والظاهر والله أعلم أنّ صورتهما كشفتا لهذا الرّائي عنها، فقدم المدينة فزعًا وأقام مأدبة عظيمة ودعا كلّ أهل المدينة مرّتين أو ثلاثًا ولم ير الرّجلين الذين وصفا له، فسأل فقال: أين أهل المدينة؟ فقالوا: كلّهم جاؤوا ما فيه أحد إلاّ رجلان اثنان في المسجد جاءا ومن حين مجيئيهما وهما معتكفان في المسجد، فدعا بهما فإذا هما الرّجلان اللّذان أخبر عنهما في المنام سبحان الله! حماية للجسد الشّريف من الأذى واطّلع على ما صنعا ثمّ أمر بهما فقتلا، وأمر بأن يحفر إلى الجبل من حول القبر الشّريف حفرة وصبّها بالرّصاص والنّحاس حتى لا يستطيع أحد أن يصل إلى جسد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهذا من حماية الله فإذا كان الله تعالى حمى أجساد الأنبياء أن تأكلها الأرض المسلّطة على كلّ جسد فهو سبحانه وتعالى يحمي الجسد الشّريف من شياطين الإنس.
المهمّ أنّ السّلام على الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وارد وإلاّ غير وارد؟
الطالب : وارد.
الشيخ : وارد في الدّنيا والآخرة، أمّا في حياته فوروده واضح، وأمّا بعد موته فبأيّ شيء تكون السّلامة؟ سلامة جسده من أن يعبث به، نعم.
وقوله: " على نبيّه ورسوله " هذا من باب عطف الصّفات المترادفة أو المتغايرة؟
الطالب : المتغايرة.
الشيخ : نعم؟
الطالب : المتغايرة.
الشيخ : المتغايرة نعم، وبدأ بوصف النّبوّة لأنّه سابق على وصف الرّسالة، فالرّسول عليه الصّلاة والسّلام نبّئ أوّلًا ثمّ أرسل ثانيًا، نبّئ بأوّل سورة العلق وأرسل بأوّل سورة المدثّر، فلهذا عطف المؤلّف رحمه الله وصف الرّسالة على وصف النّبوّة، فمن هو النّبيّ؟ النبي يقال: النّبيء ويقال: النّبيّ، فالنّبيء بالهمز من النّبأ أي: الخبر، وهل هو فعيل بمعنى فاعل أو فعيل بمعنى مفعول؟ كلاهما، فهو فعيل بمعنى فاعل لأنّه منبئ عن الله عزّ وجلّ، وبمعنى مفعول لأنّه منبّأ، أمّا على قراءة التّسهيل النّبيّ بالياء فهو إمّا مشتقّ من النّبأ لكن حذفت الهمزة تخفيفًا يعني: سهّلت الهمزة تخفيفًا، وإمّا من النّبوة وهي الشّيء المرتفع لرفعة مقام النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بما حباه الله به من الوحي، فإذا قال قائل: ألا يمكن أن يكون من هذا وهذا؟ أجيبوا يا جماعة؟
الطالب : بلى.
الشيخ : بلى، لأنّ لدينا قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يعلمها كلّ لفظ يحتمل معنيين على السّواء يعني في الدّلالة عليهما ولا منافاة بينهما فإنّه يحمل إيش؟ عليهما جميعًا، لأنّ تعدّد المعاني واتّحاد اللّفظ كثير في اللّغة العربيّة.
وقوله: " ورسوله " أي مرسله، إلى من؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، إلى الثّقلين الإنس والجنّ فالنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام مرسل إلى الإنس والجنّ، أرسله الله تعالى إلى الإنس والجنّ منذ بعث إلى يوم القيامة، ولا يخفى علينا ما في الإضافة إلى ضمير الله عزّ وجلّ في قوله: " نبيّه ورسوله " من التّشريف والتّكليف.
وقوله: " محمّدٍ " كيف نعربها؟ عطف بيان لأنّ البدل غالبًا يساوي المبدل منه في الدّلالة وعطف البيان يزيد بيان معرفة، وهنا زاد بيان معرفة وهو أنّه دلّ على الإسم العلم لرسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم محمّد وهو اسم مفعول لأنّه صلّى الله عليه وسلّم قد حمده ربّه سبحانه وتعالى وحمده الأوّلون والآخرون وسيظهر الحمد الكامل يوم القيامة كما قال عزّ وجلّ: عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا قال حسّان بن ثابت رضي الله عنه:
" وشقّ له من اسمه ليجلّه *** فذو العرش محمود وهذا محمّد "
نعم اسم محمّد في القرآن ورد كم مرّة؟
الطالب : أربعة.
الشيخ : أربع مرّات، ورد ذكره في القرآن أربع مرّات اسم محمّد، وورد ذكر أحمد مرّة واحدة، فما هي الحكمة أنّ الله ألهم عيسى أن يقول أحمد دون أن يقول محمّد؟ الحكمة لأنّ أحمد اسم تفضيل وهو اسم تفضيل مطلق، يعني: لم يذكر فيه المفضّل عليه فيكون أحمد الخلق على الإطلاق، وهل هو من اسم الفاعل أو اسم المفعول أو هما؟ هل المعنى أحمد أي أحمد النّاس لله؟ أو معنى أحمد أي أنّه أحمد من يحمده النّاس؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم كلاهما لا شك، وإنّما جاء بصيغة أحمد إقامة للحجّة على بني إسرائيل، حيث إنّ عيسى أقرّ بهذا الاسم أنّ محمّدًا أفضل الخلق لأنّه سمّاه إيش؟ أحمد.
طيب يقول: " وآله وصحبه " إلخ آله وصحبه هل هو باب عطف الخاصّ على العامّ أو العامّ على الخاصّ أم ماذا؟ هو من باب عطف العامّ على الخاصّ لأنّ جاء بعده: وعلى أتباعه، فهو من باب عطف العامّ على الخاصّ فمن هم آله؟ من المعلوم أنّه لا يصحّ أن يقول أنّ آله هم قرابته، لأنّنا إذا قلنا أنّ آله هم قرابته شمل ذلك أبا لهب وغيره من كفار قرابته عليه الصّلاة والسّلام وهذا غير مراد، ونحن لا نصلّي على آل الرّسول الذين ليسوا بمؤمنين، إذن ماذا نقول؟ نقول آله هم المؤمنون من قرابته، نعم وبهذا يندفع اعتراض الشّاعر في قوله:
" آل النّبيّ همُ أتباع ملّته *** من الأعاجم والسودان والعرب.
لو لم يكن آله إلاّ قرابته *** صلّى المصلّي على الطاغي أبي لهب "
ندفع هذا الإيراد بماذا؟ بأن نقول إنّ آله هم المؤمنون من قرابته، طيب: " وصحبه " صحبه أحسن ما نقول فيهم ما قال أهل المصطلح أنّهم كلّ من اجتمع بالنّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم مؤمنا به ومات على ذلك، نعم وهذا من خصائص الرّسول عليه الصّلاة والسّلام غير الرّسول لا بدّ للصّحبة من طول زمان يعني لو سمعت بواحد في مجلس من المجالس وتفرّقتما هل يقال أنّه صاحب لك؟ لا، لكن من خصائص الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أنّ الإنسان إذا اجتمع به لحظة واحدة مؤمنًا به فهو من أصحابه؟ لكن لا شكّ أنّ أصحابه يختلفون اختلافًا كبيرًا في الصّحبة والإيمان والتّقوى والعمل وغير ذلك، طيب هل آله هم صحبه؟
الطالب : نعم ...
الشيخ : الذين اجتمعوا به طيب لأنّ آل الرّسول الذين جاؤوا من بعده هم آل وليسوا بصحبه، لكن آله الذين كانوا بحياته من صحبه، ولهذا قلنا صحب من باب عطف العامّ على الخاصّ، هذا إذا لم ترد آل وحدها، فإن وردت آل وحدها فهي قطعًا أتباعه على دينه مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم حينما علّمهم الصّلاة عليه قولوا: اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد هذا المراد به جميع الأتباع.
الفتاوى المشابهة
- معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - ابن عثيمين
- حكم السلام على رسول الله بعد كل صلاة - ابن عثيمين
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم و... - ابن عثيمين
- قول المحاضر "صلى الله عليه وسلم وعليه السلام"... - الالباني
- هل الواجب في التشهد في الصلاة أن نقول : السلام... - الالباني
- شرح قول المصنف : وقوله : وحده لا شريك له. وأ... - ابن عثيمين
- آخر رسول قبل الرسول عليه السلام - اللجنة الدائمة
- فضل الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام - الفوزان
- ما هي صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسل... - ابن عثيمين
- شرح قوله ( والصلاة والسلام على نبيه ورسوله م... - ابن عثيمين