نعم يقول إن الماء لا ينجسه شيء قارن بينه وبين الحديث الأول حيث قال إنه طهور لا ينجسه شيء، وعلى هذا فيكون معنى "إن الماء لا ينجسه شيء" هو معنى إنّ الماء طهور لا ينجّسه شيء لأنه إذا كان لا ينجّسه شيء فهو طهور إذ ليس عندنا إلاّ طهور و نجس كما سيتبين من الأحاديث.
قال: "إلاّ ما غلب على ريحه و طعمه ولونه" غلب: أي تغير الماء به، لأنه إذا تغير الماء به فقد غلب بإيش؟ بالريح بأن غلبت رائحة النجاسة وبانت من الماء، ولكن هل يشترط أن تكون هذه الغلبة ظاهرة لكل أحد أو يكفي إذا ظهرت ولو لبعض الناس إذا كان غير موسوس؟ الظاهر الثاني، إذا ظهرت ولو لبعض الناس بشرط ألاّ يكون موسوس لأنّ الموسوس يتوهّم ما لم يتغير متغيرا، لكن إذا ظهرت ولو لبعض الناس ثبت الحكم كما أن الناس إذا رأى واحد منهم الهلال في رمضان إيش؟ ثبت الحكم، كذلك هذا إذا وجدنا اثنين أحدهما شمّه ضعيف والآخر شمّه قويّ فقال الثّاني إنه تغير بنجاسة كفى، والحديث يقول: "إلاّ ما غلب على ريحه وطعمه" وهذا أيضا المذاق يختلف فيه الناس اختلافًا عظيمًا، من الناس من هو دقيق في مذاقه لو يتغير الشيء أدنى تغير لعلم به، ومن الناس من يكون مذاقه ضعيفًا لا يميز ولا يفرق إلاّ إذا كان الشّيء فرقه قويّ فالعبرة بإيش؟ بوسط الناس أو بأقوى الناس إذا لم يكن موسوسًا ولو ، أيضا إدراك اللون يختلف الناس فيه أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : من الناس من نظره قوي ومن الناس من نظره غير قويّ فإذا أثبت أحدهم أنه تغير بشرط ألاّ يكون ذا وسواس فإنه يحكم به، وهذا الحديث إذا نظرنا إليه وجدنا أنه لابد أن يتغير الماء بالأوصاف الثلاثة وهي الريح والطعم واللون، فهل هذا مراد؟ نستمع إلى المؤلف إيش يقول: " وللبيهقي: "الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه" " فبين في هذه الرواية إيش؟ أنّه إذا تغير أحد الأوصاف ثبت الحكم دليل ذلك قوله: "أو" وأو هنا للتّنويع بخلاف رواية ابن ماجه فإنه ذكره بالواو الدالة على الجمع، وعلى هذا فنقيّد رواية ابن ماجه برواية البيهقي ونقول: إذا تغير الريح أو الطعم أو اللون بالنّجاسة حكم بنجاسته.