تم نسخ النصتم نسخ العنوان
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال قال رس... - ابن عثيمينالشيخ : الدّليل: حديث حذيفة بن اليمان وهو صاحب السّرّ المشهور الذي أسرّ إليه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ببعض أسماء المنافقين يقول: " قال رسول الله صلى...
العالم
طريقة البحث
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافهما ، فإنها لهم في الدنيا ، ولكم في الآخرة ) . متفق عليه .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الدّليل: حديث حذيفة بن اليمان وهو صاحب السّرّ المشهور الذي أسرّ إليه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ببعض أسماء المنافقين يقول: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة ".
لا تشربوا: " لا " ناهية والدّليل أنّها ناهية وليست نافية حذف النّون علامة الجزم، نعم.
وقوله: في آنية الذّهب والفضّة أي أوعيتهما، ولا تأكلوا في صحافهما أي: صحاف الذّهب والفضّة، ثمّ إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كعادته غالبًا بيّن الحكمة فقال: فإنّها لهم في الدّنيا ولكم في الآخرة هذا التّعليل، يعني: أنّكم في هذه الدّنيا لا يبلغ بكم التّرف إلى أن تأكلوا وتشربوا في آنية الذّهب والفضّة، هذا لمن؟ هذا يتمتّع به الكفّار الذين يتمتّعون في هذه الدّنيا كما تتمتّع الأنعام والنّار مثوى لهم، أما أنتم فأجّلوا المسألة، أجّلوها إلى أن تأكلوا وتشربوا فيها أبد الآبدين وذلك في الآخرة إذا دخل المؤمنون الجنّة جعلني الله وإيّاكم منهم فإنّهم يأكلون في صحاف الذّهب والفضّة ويشربون أيضًا في قواريرها، قال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: جنّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنّتان من فضّة وآنيتهما وما فيهما فهذا الأكل والشّرب في هذه الأواني الثّمينة لا يكون للمؤمن هذا هو التّعليل المنطبق المطّرد، وأمّا تعليل بعض العلماء بأنّ هذا يوجب تضييق النّقدين على النّاس لأنّ النّقدين من الذّهب والفضّة، من الذّهب يسمّى؟
الطالب : دينارًا.

الشيخ : دينارًا، ومن الفضّة درهم، قالوا لو أنّها جعلت أواني لضاقت النّقود على النّاس، وبعضهم يقول لأنّنا لو جعلنا هذه الأواني لو استعملنا هذه الأواني لانكسرت قلوب الفقراء وهذا أيضًا تعليل عليل وسنبيّن إن شاء الله ذلك، ومنهم من قال إنّ فيه خيلاء وسرفًا وهذا أيضًا هذا منتقض.
طيب أما الأوّل فهو التّضييق فيقال يلزم على هذه العلّة أن نمنع لباس الذّهب والفضّة على الرّجال والنّساء، لأنّ ذلك إيش؟ يضيّق النّقدين على النّاس ولا سيما في بلاد ضعيفة الاقتصاد، ومعلوم أنّ الذّهب حلال للنّساء وأنّ الفضّة حلال للرّجال.
الذين يقولون إنّ في ذلك كسرًا لقلوب الفقراء نقول إذن حرّم كلّ ما ينتفع به قلب الفقير إذا رأيت سيّارة فخمة يركبها غنيّ أو أمير أو وزير قل هذه حرام، لأنّ الفقير يقول ليش هذا يركب على سيّارة ... زين وطيّبة وأنا ما عندي إلاّ مازدا متكسّرة ينكسر قلبه لا شكّ أليس كذلك؟ إذن حرّم على هؤلاء ركوب ذلك، البيوت أيضًا، رجل بيوته أعشاش والثاني قصور فخمة مشيدة حرّمها، أيضًا اللّباس رجل فقير لباسه مرقّع وآخر لباسه من أفخم اللّباس المباح نقول أيضًا حرّمه لأنّ هذا ينكسر به قلب الفقير و تقولون به.
بقي علينا السّرف والخيلاء، السّرف والخيلاء قد يكون في غير الأواني الذّهب والفضّة أشدّ، الأواني من الماس والجواهر النّفيسة التي هي أعلى من الذّهب والفضّة أشدّ خيلاء وأشدّ إسرافًا ومع ذلك لا تحرّمها لذاتها، والذّهب والفضّة محرّم لذاتها حتّى وإن كان فنجانًا وهذا الرّجل عنده ملايين الملايين لا يعدّ سرفًا ولا يهتمّ به نقول هذا حرام، إذن العلّة التي ذكرها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هي العلّة المطّردة التي لا تنتقض، مَن يستطيع أن يقول أنّ الذّهب والفضّة للكفّار في الآخرة؟ لا أحد يستطيع، أما في الدّنيا فيقول فهي لهم، لهم في الدّنيا ولكم في الآخرة، هذه هي العلّة العليلة.
سبب تحديث حذيفة بهذا الحديث أنّه كان في بيته أو في قصره فجاءه دهقان من الدّهاقين، نعم دعا بماء فجاء الدّهقان إليه بماء في إناء من فضّة فأخذ الإناء ورماه به، رمى الدّهقان به وقال للجماعة الذين عنده: " إني أخبركم أنّي قد نهيته أن يسقيني فيه لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: لا تشربوا في آنية الذّهب والفضّة ولا تأكلوا في صحافهما " وانتبهوا لقوله نهيته أن يسقيني فيه لأنّه سيترتّب عليه إن شاء الله مسألة تأتينا.
المهمّ أن حذيفة حدّث بهذا الحديث لهذا السّبب وربّما حدّث به في مكان آخر لا أدري لكن هذا الذي جاء في صحيح مسلم.

Webiste